|
أزمة
العلم أم أزمة الإنسان؟ سأحاول،
في هذا المقال، أن أوجز، بقدر المستطاع، ما
بحثتُ فيه في خصوص الحوار العقلي الصريح،
ساعيًا إلى معالجة الموضوع من خلال النقاط
التالية: 1.
العلم
المتَّجه إلى معرفة العالمَين (الوجودين)
الخارجي والداخلي 2.
النتائج
الحاصلة عن وجود نمطَي العقل التقني 3.
التاريخ
ونمطا العقل 4.
مركزية
الأنا الفردية والأنا التجمعية 5.
مفهوم
السيادة 6.
السلب
والإيجاب أولاً:
العلم أ. معرفة
الوجود الخارجي لما كان الإنسان كائنًا
يبحث عن حقيقة المعرفة ويسعى إلى الكشف عن
الكمون القائم في عمق الطبيعة والكون فقد
تدرَّجتْ عمليةُ المعرفة العلمية من مجرد
تلمُّس الحقيقة عبر الإدراك الحسِّي إلى معرفة
المبادئ والقوانين التي، على أساسها، توجد
الطبيعة، تحيا وتتحرك، تنمو وتتطور، وإلى
معرفة المبادئ العقلية التي تعتمد المنطق
الصاعد الخاص بأحكامه وقضاياه المتصلة،
المُحْكَمة من حيث ترابطُ حلقاتها،
والمتجاوزة للانفعال. وبالفعل، ندرك أن العلم
قد تقدم كثيرًا في مضمار المعرفة. ب. معرفة
الوجود الداخلي تساءل الإنسان، منذ فجر
وجوده، عن حقيقة التفكير أو سرِّه، عن
جوهر العقل وطبيعة النفس، وعن المقولات
المتعلقة بنظرية المعرفة. وبالإضافة إلى هذا
التساؤل الأساسي، سعى الإنسانُ إلى معرفة
القضايا والأحكام المرتبطة بظاهرات الوجود
النفسية، كالنوم، واليقظة، والحلم، والنوم
من دون حلم، والانتباه، والاهتمام،
والعاطفة، والشعور، والإحساس، والتصور،
والتخيل، والتذكر، إلخ، كما والقضايا
والأحكام المتصلة بالعقل المنطقي الذي يصعد
مستويات الحياة الداخلية، والسلسلة
المتماسكة في إحكام العائدة للعقل المنعتق من
انفعالات مركزية الأنا، ذلك العقل الذي يحيا
مطمئنًّا في توازُن أو تكامُل وحدة الهوية
النفسية. وفي هذا المجال – يجب أن نعترف – لم
تُحرز المعرفةُ الإنسانية لباطن الحقيقة إلا
النزر اليسير. لما كان الإنسان يحيا وسط
وجود مادي متحرك ودينامي، يتطلب منه التناغمَ
معه والعمل وفقًا لمقتضياته، فقد وجَّه عقله
إلى حلِّ مشكلاته الوثيقة الصلة بوجوده
الخارجي وبالأمور الضرورية المتمثلة
بالحاجات الملحة المتعلقة بمعيشته، الأمر
الذي أدى إلى معالجة العالم الخارجي بالعقل
العملي. يشير التاريخ الإنساني إلى
أن العقل العملي قد تطور إلى عقل منطقي
وعلمي يبحث عن القوانين والمبادئ التي
تُمِده بالقدرة على تطوير معرفته إلى مستويات
أعلى تزداد تعقيدًا على الدوام. أستطيع الآن، وقد ألمعت
إلماعًا وجيزًا إلى موضوع المعرفة المتطورة
تطورًا دائمًا، أن أصنِّفها في نمطين للعقل: 1.
النمط
الأول هو العقل العلمي النظري
المجرد الذي يعتمده العلماء النظريون
لمعرفة القوانين والمبادئ التي بموجبها يوجد
العالم ويحيا ويتحرك. وفي هذه المعرفة
العلمية، يبذل العقل جهدًا كبيرًا لحلِّ
الرموز التي تصله على نحو شفرة كونية ولصياغة
الفرضيات التي تصبح نظريات، تتحول بدورها من
جديد إلى فرضيات، لتعود إلى نظريات تخضع
للتجربة والاختبار، وذلك لكي يتابع العقلُ
العلمي مسيرته التطورية إلى المزيد من
المعرفة على نحو يقين أو احتمال يقين أو حقيقة
تهيِّئ للقاعدة المناسبة لتقدم علميٍّ متطور
على الدوام. 2.
النمط
الثاني: يشير هذا النمط إلى العقل
التقني، وأعني العقل الذي يحوِّل العلم
النظري إلى تطبيقه عبر تقنية تخدم الإنسان
الذي يستعملها ويستفيد منها في عالم الواقع.
والحق أن هذه التقنية تنشعب إلى طريقين
مختلفين أو متناقضين: أ.
الطريق
الأول هو التقنية الناعمة
التي تُمِد الإنسانَ بكلِّ ما يحتاجه من
فوائد ومنافع نتيجة تطوير أدوات المعرفة،
النظرية والتطبيقية، وذلك لتحسين معيشته
تحسينًا يؤدي إلى ازدهار الحياة الإنسانية
وتوطيد السعادة والرفاه. وأذكر، على سبيل
المثال، الطائرة المدنية والجرار الزراعي. ب.
الطريق
الثاني: يشير هذا الطريق إلى
التقنية العدوانية التي تؤدي إلى تدمير
العالم وتوريط البشرية في مأزق مأساوي تسوده
الأزماتُ التي تضع حدًّا للسعادة والطمأنينة
والأمان، فتسيطر الكراهية وأنواع التعصب
العرقي والعقائدي، وتهيمنُ الانفعالات
المرضية التي تختلق "شعائر" لا تمت إلى
الحقيقة بصلة. وأذكر، على سبيل المثال،
الطائرة الحربية والدبابة. ثانيًا:
النتائج الحاصلة عن نمطَي العقل تشير الدراسات المعمقة
للنتائج الحاصلة عن العقل التقني العدواني
إلى استبعاد العقل المنطقي والعلمي عن نطاق
مقولة "المعرفة من أجل المعرفة" أو
المعرفة من أجل ازدهار الحياة البشرية وتوطيد
السعادة والأمان والطمأنينة والمحبة. وفي
الوقت ذاته، تشير إلى سيطرة العقل المتدني،
أي العقل التحتي، المنفعل بإشراطاته
العديدة الناجمة عن عدم معرفة الغاية الأسمى
لمعنى وجود الإنسان وقيمته. يمكن لي، في هذا السياق، أن
أؤكد عدم وجود مستوى للعقل يدعى "العقل
التحتي" أو "العقل المتدني". إذ إن ذكر
هذا المصطلح يشير إلى غياب العقل، وأقصد
العقل الذي يُخفق في تحقيق عقلانيته، أي
مبادئه التي يستنبطها من ذاته على نحو
معلومات مكنونة في صُلب تكوينه. ولقد أشار بعض
العلماء والباحثين إلى أن العقل يستمد مبادئه
من معرفة جوهرية كامنة فيه على نحو وجود
بالقوة، أو يستمدها، كما يذكر بعضُهم
الآخر، من تفاعله مع المبادئ أو القوانين
المكنونة في الطبيعة والكون. لذا كانت
الأزمات المأساوية نتاج التقنية العدوانية
الناتجة، بدورها، عن سيطرة العقل التحتي أو
المتدني على هذه التقنية المرعبة وعن إخضاع
هذه التقنية العدوانية للعقل المنفعل
بمركزية الأنا. ثالثًا:
التاريخ ونمطا العقل عندما تأملتُ ما جاء في بحوث
بعض المنظورات الاجتماعية والتاريخية
والسياسية المصطبِغة بلون فلسفي بعينه،
أدركتُ أن التاريخ الإنساني ينقسم إلى قسمين: 1.
قسم يشير
إلى تاريخ المعرفة والحكمة والوعي: هو
التاريخ الذي يتجلَّى فيه العقل المنطقي أو
العقلُ العارفُ الذي يبحث في المبادئ،
فيحلِّل الأحداث بوعي ومحبة، ويسعى إلى تحقيق
مكنونات معلوماته على مستوى الطبيعة والكون،
وذلك في سبيل تحقيق المجتمع الفاضل، القائم
على المعرفة والوعي والحرية والسعادة
والاعتراف بالآخر والقبول به، لتأسيس هذه
المعرفة المختبَرة في العقل العلمي النظري،
المتطور إلى معرفة أسمى، وذلك في سبيل بلوغ
المستوى الذي يؤكد على وجود إنسانية أسمى.
ومن جانبي، جعلت من هذا التاريخ طريقي إلى
المعرفة. 2.
تاريخ
العقل المتدني، أي العقل التحتي
الذي ساد فيه، ولا يزال يسود، الظلامُ الذي
خيَّم، ولازال يخيِّم، على الفكر والمعرفة،
وسيطر فيه الجهلُ الذي أدى إلى الشر، وهيمنت
فيه الإشراطات والانفعالات والعقائد التي
انحرفت عن جوهر مبدئها، فانتهت إلى صراع
الإنسان مع نفسه، وإلى صراعه مع المجتمع،
وإلى صراع المجتمع مع ذاته المنقسمة إلى فئات
متنازعة ومتنافسة، وإلى صراع المجتمعات
بعضها مع بعض، الأمر الذي أدى إلى نشوب الحروب
وسفك الدماء وإلقاء الجنس البشري في أحضان
التعاسة والبؤس والحرمان من نِعَم الوجود ومن
الاستفادة من نتائج التقدم العلمي التقني "الناعم"،
الأمر الذي جعل هيغل يتحدث عن السِّلم بوصفه
"هدنة بين حربين" وجعل هيراقليطس يتحدث
عن الحرب بوصفها العلَّة الأولى والرئيسة
لكلِّ شيء. في ضوء ما تقدم، علمت أن
الأزمات بأنواعها إنْ هي إلا حصيلة العقل
المتدني الذي يسعى إلى تطوير التقنية
العدوانية واستغلالها، هادفًا إلى السيطرة
والتدمير باسم ألف ألف ادِّعاء زائف للحرية
والمثال والعقيدة إلخ. رابعًا:
المركزية الأرضية: مركزية الأنا الفردية
والأنا التجمعية تشير دراسة تاريخ العلم
والفكر الإنساني إلى سيادة الفرضية التي أصرت
على مركزية الأرض، وأعني بها تلك الفرضية
التي زعمت أن الأرض تحتل مركز النظام الشمسي.
لقد ظلت هذه الفرضية سائدة بعد إعلان أرسطو
وبطليموس لها. وعلى الرغم من معارضة
إراتوسثينس لها، فإن العقل المتدني اتخذ منها
عقيدةً تسوِّغ له الدفاعَ عن وجوده المحدود.
ولقد تقبَّل العقل المنفعل بهذه المركزية
محدوديةَ هذه الفرضية، إلى حدِّ أنه رفض كلَّ
ما يناقضها أو ينتقص من شأنها، وذلك لأسباب
عقائدية معيَّنة، فحارب هذا العقلُ المنفعل
كلَّ خروج عن نطاقها. والحق أن هذه الفرضية لم
تجعل من الأرض مركزًا للنظام الشمسي فحسب، بل
جعلت الوجود، في أبعاده ومستوياته
اللاَّمحدودة، عوالمَ تدور حول هذه المركزية.
ويؤسفني هنا أن أقول: إن هذه الفرضية التي لم
تنطوِ على حقيقة عقلية وتحليل منطقيٍّ متماسك
في أحكامه أدت إلى إخضاع العوالم الأخرى
العديدة إخضاعًا يؤكد العقيدة الضمنية لوجود
الأرض بوصفها الحقيقة الوحيدة الممكنة. والحق
أن هذه الفرضية أدت، بصورة أو بأخرى، إلى
سيادة العقل التحتي وانفعاله بمركزية وجوده
وإلى تفضيل هذه المركزية على سائر الوجودات
والعوالم. عندما تأملت مضمون هذه
الفرضية أو مضامينها والسبب أو الأسباب التي
دعت إلى الأخذ بها واعتناقها على نحو عقيدة
ثابتة، أدركتُ أن خطرها يبلغ الحدَّ الذي
بلغتْه مركزية الأنا الفردية ومركزية الأنا
التجمعية. تشير مركزية الأنا الفردية
إلى اعتبار الأنا مركزًا للوجود والمحل
اللائق بامتياز لتحقيق هذا الوجود. ومع ذلك،
تشير هذه المركزية إلى هلع أو خوف أو قلق أو
شكٍّ يسيطر على هذه المركزية: فنتيجة لهذا
الخوف من اللاَّوجود أو من النهاية المفجعة
التي تنتظر الأنا بعد أمد معيَّن، حسبما
تزعم، تسعى هذه الأنا إلى الحفاظ على ذاتها
بسُبُل وطُرُق عديدة على نحو اعتقاد بأنها
تركن إلى السلامة والطمأنينة عِبْرَ هذه
المحافظة التي تنتهي إلى إعلان شأن الأنا–نية.
وعندئذٍ، تسعى هذه الأنانية إلى فرض سيطرتها
على الآخرين وإلى احتكار كلِّ ما يمكن له أن
يوطد مركزيتها، أو تدافع عن ذاتها وتقاوم
قانون الطبيعة والكون، الأمر الذي يعني سيطرة
العنف الذي يَحْرِف كلَّ تقدم علميٍّ
يدعو إلى الطمأنينة الحقيقية لصالحها على
نحوٍ ندعوه آلية الدفاع والمقاومة التي
تنتهي إلى الهجوم. وفي هذه الحالة، يتحول
العلم، في مفهومه المعرفي، إلى أداة خطيرة،
هي تقنية عدوانية، تخدم المصلحة الأنانية
لمركزية الفرد. يتفاقم وضعُ مركزية الأنا
الفردية عندما تطرح ذاتها على مستوى المجتمع
– وهذا لأن مركزية الأنا تدرك أن وجودها
الفردي معرَّض لخطر الزوال ولا يُعَد كافيًا
للحفاظ على ذاتها. ولهذا السبب، تسعى إلى
إحداث تكتل أو تجمع – وليس اجتماعًا – مع
مركزيات الأنوات الأخرى للحفاظ على وجودها
عِبْرَ ما دعوتُه آلية الدفاع والمقاومة.
ولما كان التجمع لا يتصل، من قريب أو بعيد،
بمفهوم اجتماعية الإنسان، فإنه يؤدي إلى
تشكيل فئوي، أدعوه تجمعًا، لكي تطمئن
الأنانية إلى محافظتها على سلامتها نتيجة
لتكتلها مع الأنا–نيات الأخرى. وفي هذه
الحالة، تتشكل الفئات بأنواعها والتجمعات
التي تسعى إلى الحفاظ على وجودها الزائف. ولما
كانت الأنا التجمعية مجرد تصلُّب لمركزية
الأنا الفردية وتأكيد على أفضليتها مقابل
مركزية الأنوات الأخرى، فإن الأمر يستدعي
النزاع والصراع على نحو ما دعوتُه آلية
الدفاع والمقاومة. وعندئذٍ، ينحرف العلم، في
خيره الكلِّي، إلى تقنية عدوانية ونزاعية
تستدعي التطرف والعنف في أبعاده ومعالمه
العديدة. خامسًا:
مفهوم السيادة يعتقد بعضهم أن الإنسان هو
سيد الطبيعة المادية والكائنات. ولما كان
الإنسان يعتقد بأنه الحلقة الأخيرة لسيرورة
التطور أو لعملية الظهور على مسرح الوجود
الأرضي، فقد نصَّب نفسه سيدًا قادرًا على
الانتفاع من كلِّ ما يهبه عالم الطبيعة
والحيوان والنبات والاستفادة منه، الأمر
الذي أدى إلى تسخير الطبيعة واستنزاف ثرواتها
واستغلال المخلوقات الأخرى. ولما كانت مركزية
الأنا تسعى إلى الحفاظ على ذاتها بشتى
الوسائل، فقد أساء الإنسان فهم هذه السيادة
وهذه المركزية. ولما كانت المركزية تشير، في
حقيقة جوهرها، إلى تركيز الوجود في كائن هو
الإنسان، فإن "السيادة" تشير، بدورها،
إلى معرفة هذه المركزية المؤدية إلى معرفة
الوجود، وإلى تطويرها إلى مستويات أعلى في
سلَّم المعرفة، وإلى دراسة الممالك التحتية
وفهم حقيقة وجودها ومساعدتها ومحبتها، وإلى
دراسة الطبيعة وفهم قوانينها التي هي
قوانينه، وذلك لكي يزداد الإنسانُ معرفةً
وحكمة. هكذا تشير السيادة
الحقيقية إلى الامتياز بالمعرفة والعلم
والحكمة والوعي. وعلى غير ذلك، لا تتصل هذه
السيادة الحقيقية، من قريب أو بعيد، بالتسلط
أو السيطرة أو تسخير الطبيعة واستغلالها أو
استغلال الكائنات لصالح مركزية الأنا. وعلى
المستوى الإنساني، يُعَد الإنسانُ الواعي
"سيدًا" في حقل معرفته، تمامًا كما يُعَد
الجاهلُ "عبدًا" في حقل عدم المعرفة. وفي هذا المنظور، يصبح كل
إنسان واعٍ وعارف سيدًا لكلِّ إنسان، ليكون
جميعُ الناس "سادة" في نطاق علومهم
ومعارفهم. لذا فإن السيادة دليل على العلم
الذي يختبره الإنسان وهو يدرس الطبيعة والكون
اللذين يصبحان، بدورهما، "سيدين"
لكونهما يُمِدَّان الإنسانَ بالمعرفة. وفي
هذا السياق، تتصالح مركزيةُ الأنا مع الطبيعة
والكائنات، وتتوافق غاياتُ الإنسان وتنسجم
معها انسجامًا يؤكد سيادة المعرفة التي
ترفع الوجود المادي والوجود الإنساني إلى
المستوى العلمي المختبَر نتيجة لتفاعل
الإنسان مع الطبيعة والكون. أما وقد بلغتُ بتفكيري هذا
المدى، يؤسفني أن أقول: إن الإنسان الذي اعتمد
مركزية الأنا الفردية والتجمعية، فأساء فهم
السيادة، جاعلاً منها مفهومًا تسلطيًّا
وتحكميًّا واستغلاليًّا للطبيعة، سعى إلى
مدِّ هذه المركزية الأنا–نية والسيادة
الزائفة وبسطها على الإنسان. فعلى مستوى
الأنا المركزية، تسيطر الفردية العدوانية،
وعلى مستوى المركزية التجمعية، تتشنج
النزاعات العدوانية، حتى لو كان التجمع
محققًّا على مستوى الفئة الصغيرة أو الكبيرة.
وهكذا تستدعي سيادةُ الأنا الزائفة على
الإنسان، على المستوى الفردي أو التجمعي،
العنفَ الذي يرتكس إلى التقنية العدوانية
لمجرد الاعتقاد بالحفاظ على الذات الفردية
والذات التجمعية. سادسًا:
السلب والإيجاب لما كانت مركزية الأنا
الفردية والأنا التجمعية قد حَرَفَتْ
إيجابية العلم إلى سلبيته، فإنها قد حَرَفَتِ
العلمَ من تقنيته الناعمة والمفيدة إلى
تقنيته العدوانية المدمرة. ولما كانت السلبية
تشير إلى تجريد العلم من إيجابيته المتمثلة
بمقولات القيم والمفاهيم السامية التي يتميز
بها، فإن مركزية الأنا الفردية والتجمعية
تسعى إلى التسلح بهذه السلبية التي تجعلها
تعتقد اعتقادًا مغلوطًا بأنها العملية
الوحيدة الصالحة للحفاظ على وجودها الأنا–ني. وهكذا يبين لنا أن العقل
المتدني أو التحتي، الذي هو خروجٌ على مبادئ
العقل العملي والمنطقي والعلمي، مسؤول عن
تبنِّي التقنية العدوانية لأنها، كما يزعم،
السبيل الوحيد للحفاظ على مركزية الأنا
الفردية ومركزية الأنا التجمعية. ***
*** ***
|
|
|