الـتاي تشي والهالة الروحية

يبلغ الإنسان المستوى الروحي الأعلى

بالتناغم بين الجسم والذهن والعاطفة

 

لقاء مع أفيديس سيروبيان

 

الهالة هي ظهورٌ لـتشي qi أو الطاقة الكونية؛ وهي تعكس نورنا وتفيض من الداخل، لتشعَّ في الخارج من خلال تشاكرا (مراكز الطاقة الحيوية) الجسم. وهي، مثل توقيعنا، تحمل ذاتيَّتنا الفريدة.

تقول جانيس داي، الاختصاصية في الريكي: "الطاقة هي الحب والنور والوعي. تنمِّي طاقتك الذاتية بتنمية الحبِّ وتوجيه الوعي داخليًّا."

أفيديس سيروبيان (21 عامًا) باحث في الهالة، يعلِّم الـتاي تشي كونغ، وهي رياضة صينية جسمية–روحية. تاي تعني بالصينية "المطلق"، وتشي تعني "الطاقة"، وكونغ السعي إلى الكمال من خلال الطاقة، وذلك عبر إحلال التوازن بين الـين (الطاقة السالبة) والـيانغ (الطاقة الموجبة)، ضمن تضادٍّ داخلي مع الذات هو المحرِّك للتطور.

اختاره أستاذه الأول، – مؤسِّس الـتاي تشي في لبنان ومؤسِّس نادي Armenian Black Belt Academy (ABBA) في لبنان، – العالِم غارو كابابجيان، من ضمن فريق صغير ليعلِّمه الـتاي تشي منذ عامه التاسع. رافقه إلى الصين، حيث التقى أساتذةً كبارًا أثَّروا في تأسيسه. كما تابع دراسته في النادي المذكور الذي يضم 36 فرعًا، موزعة بين لبنان وقبرص واليونان وفرنسا وكندا والولايات المتحدة والمكسيك وأرمينيا وسواها من البلدان. حاز على لقب بطولة لبنان في الـتاي تشي أربع مرات، إلى جوائز عديدة في مباريات عالمية؛ وقد صُنِّف الثامن في العالم والخامس في أوروبا.

يعمل أفيديس أربع عشرة ساعة يوميًّا، موزعًا نشاطه بين التعليم والمحاضرات والأبحاث والدراسة، متنقلاً بين النوادي والمعاهد والجامعات. لا يكل ولا يتعب، دائم النشاط والابتسامة. عندما تراه للوهلة الأولى لا تفرِّق بينه وبين سواه من أبناء جيله إلا بعمق نظرته المختزِنة معرفةً وإدراكًا وضوءًا. ذو ذكاء حاد، متواضع. ويتميز هذا الشاب بإنسانية رفيعة المستوى تحمل خبرة حياة مدهشة.

كيف ولماذا؟ ذلك ما حاولت معرفته من خلال مقابلته ومتابعة أحد دروسه في الـتاي تشي، وجلسة تصويره لهالة الأشخاص، ثم تحليلها.

ندى الحاج

***

 

ما هي العلاقة بين الـتاي تشي والهالة؟

في الـتاي تشي نعمل على العناصر المكوِّنة للهالة، من أثيرية وذهنية وعاطفية. وفيها تتبع الطاقةُ الفكرَ؛ والفكرُ يتبع اليد التي تقود الحركة؛ أما الدم في الجسم فهو أم الطاقة. الهدف من هذه الرياضة النابعة من الفلسفة الطاوية إحلال التناغم بين كنوز الإنسان، وهي: العنصر الجسدي أو الأثيري، والعنصران الذهني والعاطفي، بلوغًا إلى المستوى الروحي الأعلى. فيكتسب المرء، بالتالي، المناعة ضد الأمراض بتخلصه من الطاقة غير المتناغمة، ويتبادل عبر شفافيته الطاقة مع الكون، كأنه ينقِّي شرايينه المعنوية – وهي جزء من الكون – ويفتح قنواته بالكامل عليه، فتقوى هالتُه ويزداد نورها لمعانًا وحجمها اتساعًا، وتتناسق تموجاتُها في ما بينها.

ماذا يضيف إلى عملك علمُ النفس الذي تدرسه في الجامعة اللبنانية؟

عليَّ التنبُّه دومًا إلى التمييز بين الهلوسة والحالات البارابسيكولوجية؛ كما عليَّ أن أدرس في جدية مختلف الحالات النفسية وأمراضها كي أتطور في معرفة النفس البشرية، ولاسيما أن احتكاكي اليومي بتلاميذي وبسائر الأشخاص الذين يطلبون مني تصوير هالتهم وتحليلها يسمح لي بتكثيف رؤيتي الإنسانية والعلمية.

تلامذة

هل تقيم علاقات مميزة مع تلاميذك؟

أحاول ألا يتجاوز عدد التلاميذ في كلِّ صف من صفوفي أصابع اليدين، كي أركز على إعطائي الأفضل لهم؛ كما أحاول مساعدتهم على تطوير ذاتهم وتخطِّي مشكلاتهم النفسية والجسمية، من خلال منحهم الطاقة الملائمة، وفي الوقت نفسه الاستقلالية الذاتية في التقدم. لكني أبقى تلميذًا دائمًا، وأُغْني معهم تجربتي الإنسانية.

علامَ ترتكز آلة التصوير الخاصة (الآلة الوحيدة في لبنان) التي تلتقط بواسطتها صور الهالة؟

هذه الآلة التي اخترعها الأمريكي غير كوغينز في العام 1970 تنقل الشحنة الكهربائية إلى الجسم عبر الأنامل، حيث مكامن الطاقة، وتقيس الموجات عبر الذبذبات التي تتحول إلى ألوان. لكلِّ لون معنًى يساعدنا على تحليل شخصية صاحبه؛ وتتداخل ألوانٌ عديدة بأشكال مختلفة في الهالة نفسها، لتدلَّ على مستوى الصحة الجسمية والنفسية للشخص، وعلى مستوى تطوره الروحي.

صورة لأطراف الأنامل بجهاز تصوير كيرليان، والد الآلة التي اخترعها غير كوغينز

هل يمكن لك أن ترى الهالة من دون تلك الآلة؟

بالطبع! حتى إني أراها أفضل بعينيَّ المجردتين، من دون أن تحدَّني الآلة التي لا يمكن لها التقاط الحجم الكامل للهالة، بل تكتفي بالقسم الأعلى من الجسم إلى أعلى الرأس. إنما تساعد الآلة على تجسيد الهالة في صورة مميزة تقدِّمها لصاحبها فيحتفظ بها.

هل تتغير الهالة باستمرار؟

بالطبع، وفقًا لمزاج الشخص وتطوره والأحداث الطارئة عليه. لكن الأُطُر الأساسية للشخصية تحافظ على ثباتها إلى حدٍّ ما. لذا ننصح للأشخاص، في صورة عامة، بأن ينتظروا نحو ستة أشهر قبل التقاط صورة أخرى لهالتهم – إلا إذا كانوا يخضعون لعلاج نفسي، فيستطيعون أن يصوروا هالتهم كلَّ شهر. على كلٍّ منَّا أن ينمِّي هالته في سبيل تقوية مناعته وسلامه الروحي. كما أن تناسُق الحواس الخمس مع الإحساس بالهالة يخلق الحاسة السادسة؛ وفي معنى آخر، الحاسة السادسة هي وعي الهالة.

هالة شخص قبل ممارسة الـتشي كونغ

هالة الشخص نفسه بعد ممارسة الـتشي كونغ

تشاكرا شخص قبل ممارسة الـتشي كونغ

تشاكرا الشخص نفسه بعد ممارسة الـتشي كونغ

الانسجام مع الذات

هل الهالة التي تولد معنا ويتمتَّع بها الطفل أهم من تلك التي نحملها معنا خلال حياتنا؟

لكلِّ إنسان هالة كامنة فيه قبل ولادته، يحاول أن يجسِّدها وينمِّيها إبان حياته، كي يلتقي بها مجددًا ويتحد معها في انسجام مع ذاته في آخر حياته.

هل يفقد الإنسان الهالة بعد الموت؟

بعد الموت يفقد الجسم الهالة التي تعود إلى مصدرها، إلى النفس الكبرى، بعدما يختفي الجسم الأثيري الذي يظل موجودًا لبضعة أيام. علمًا أن معظم القديسين يحتفظون بهالتهم الدائمة بعد موتهم لاحتفاظهم بجسمهم الأثيري؛ وهنا تكمن قدرتهم الخارقة على الشفاء.

ماذا عن هالة الأشياء والكائنات الحية الأخرى؟

للجمادات هالة ثابتة؛ أما الحيوانات فتملك طاقة واحدة في هالتها، مرتبطة بالغريزة، وغير قابلة للتطور كهالة الإنسان. هالة الهرِّ مهمة، مثل هالة الكلب والحية مثلاً، مع اختلاف الهالات في ما بينها.

علامَ يدل التشابه بين هالات الأشخاص؟

يدل على التشابه في الطاقات والتقارب في الأرواح والشخصيات. لذا ينسجم أصحاب الهالات المتشابهة بعضهم مع البعض الآخر.

هل تخوِّلك رؤيةُ هالة الأشخاص رؤيةَ مستقبلهم؟

من الخطر التكلم على المستقبل، إلا كاحتمال مستند إلى الحوادث الماضية. في أية حال، من الأسهل رؤية الأحداث السلبية من رؤية الإيجابية المستقبلية. فالأولى تفرض ظهورها في شكل أقوى وأكثر تحديدًا.

هل تقيم مسافة بينك وبين الآخرين، أم أنك تتشرَّب هالاتهم وحالاتهم؟

بعض المسافة ضروريٌّ كي أحافظ على نظرة موضوعية حيال الآخرين في سبيل جلاء الرؤية. كما أني أساعد الغرباء أكثر من المقرَّبين الذين لا أستطيع أن أكون محايدًا معهم.

هالة وألوان

هل لنا بفكرة موجزة عن الألوان التي تشكِّل الهالات المختلفة؟

لنبدأ باللون الأحمر: فهو يعني قوة الإرادة، القيادة، الشغف، الرغبة، النشاط البدني، كثافة التجربة، الضغط، وأحيانًا الغضب. البرتقالي يعني الوحي، الخلق الفني، حبَّ التعبير، تحقيق الذات، الحسِّية، واللهو. والأصفر يعني الذكاء، قوة الاستيعاب والتحليل، الصفاء الذهني، التوقع، الليونة، الإشراق، العفوية، الحماسة، والابتهاج. والأخضر يعني القدرة على التنفيذ، الشفاء، التعليم، المثابرة، التطور، الازدهار، التوازن، الإعجاب بالنفس. والأزرق يعني الروحانية، التأمل، السلام، عمق الشعور، التواصل، الانسجام، النزاهة، الإخلاص.

تدرجات ألوان الهالة

واللون النيلي يعني طبيعة كونية، وعي للحقيقة، حدة الإدراك، معرفة غير محدودة، عمق في التفكير. والأبيض يدل، إذا كان صافيًا، على انسجام كليٍّ وروحانية عالية ورحابة وشمولية. والذهبي يعني المغفرة، الفرح، الفيض، الحرية، الإرادة الطيبة، القداسة. تلك عناوين عامة لشرح الهالة من خلال الألوان؛ إنما يختلف التحليل وفقًا لهالة كلِّ شخص، حتى لو تماثلتْ ألوانُ الهالات.

ماذا عن هالة الأشخاص الذين يحيون في أثناء الحروب تحت ضغط الخوف؟ هل يحافظون على تلك الألوان الجميلة؟

لا، تغيب تلك الألوان، لتتحول إلى رمادية، وتظهر الأمراض النفسجسمية psychosomatic التي تعكس الخلل في توازُن الهالة. لذا تساهم إعادةُ التوازن إلى الهالة في الشفاء الكلِّي. وهذا ما سيعتمده الطب مستقبلاً، فضلاً عن العلاجات الشفائية المعروفة.

عند هذه النقطة انتهى الحديث مع أفيديس سيروبيان.

الإحاطة بالألوان والطبيعة الحية والأشياء الجميلة والحيوانات الأليفة والناس الطيبين وكلِّ ما يساهم في شحن طاقاتنا إيجابيًّا وتنقية كياننا من السلبيات الخارجية، أو من التي نصنعها بفكرنا، فتتجسَّد ضدنا وتعدي سوانا، خطواتٌ أساسية في تفعيل النور الكامن فينا، ونحن منه آتون، وإليه عائدون.

*** *** ***

أجرى اللقاء: ندى الحاج

عن النهار، الأحد 27 تموز 2003

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود