دين الوطن العربي!
محسن السراوي
السواد
الأعظم يفتقد الحكمة وسديد الرأي! وأصحاب الرؤية العميقة الناجزة في
حلِّ كثير من مشكلاتنا منعزلون اختياريًا واضطراريًا، وأصحاب الهوى لهم
الريادة والسيادة، وحاملي الأبواق والمباخر يبيت الحليم في أمرهم
حيرانا، وكل أخرق أجوف الفكر يتصدى للأمور الجسام بلا حيلة حتى على
استيعاب خطورة ما هو بصدده، والناس فريقان مثلما عهدنا دومًا: نصيرٌ
بلا عقل أو به الأمر سواء، ومجافٍ بلا اتزان وقلما كان منهم المتزن؛
وهما يتصارعان ويتسارعان تسارع نجم إلى حتفه الحتمي بلا دليل ولا سياج
يحمي من التوهان، وجيران في غيبوبة لا يدركوا ماذا هم بأنفسهم فاعلون
ولا إلى أي أمر هم مستقبلون، وقومنا كلما أنذرهم نذير بأمر جلل قالوا
لا تخف عارض ويمر، ولكنه في الحقيقة يستمر ويخلف في النفوس النقية طعم
حقيقة هو المر. وهناك في الأفق ممران أحدهما إلى النجاة والسلامة
والآخر من عظم أمره لا نعلم له أمرًا قاطعًا يلوح بالخطر المحدق.
وبراعم وأغصان تنمو لتجد القطران سقياها فلا تثمر إلا النار والشر،
وراعي الحديقة لا يكترث بدعوى انشغاله بأشجار الصنوبر تارة وأشجار
الغرقد وتارة بشجيرات زينة لها جميع الاهتمام، وسنابل الأرض حزينة
باكية لها قرابة 600 سنة - لا أقول عام - تسأل كيف أغاثت ظلال البيوت
في روما ورعيان حقول منبتها من خيرها محرومة. وزرعها على استحياء
والدعوى قلة السحب أو قل الماء، وجار معزول في عزلة الملك لير يُقسَّم
ملكه أمام عينيه ولا حيلة له، فتلك الأيدي مكبلة بأغلال كثر، وآخر
متهور انعزالي بدعوى العرق والدين، ويليه حيران في أمرنا مذ عهد
النجاشي حرمناه البحر بلا حس ونلوم عليه إذ قد ربما يحرمنا بعض الماء.
بقي الهواء ولنا في ذلك الحمد والشكر لله لا دخل لهم فيه وإلا استحال
رمالاً بخواصها تمامًا، فأيدي أصحاب الرعاية خضراء يستحيل الذهب الأصفر
فيها ترابًا وتستحيل الحقول الغضة بفكرهم ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من
سدر قليل، وأخوة قارون ما زالت حاويات النهيب الشرقي تنوء بأصفار
أرصدتهم الجسام، وهم غالبًا من اللئام، والبعض يلوم وهناك اثنان يلومان
هي نفس أمارة بالإمارة لن تكون راضية إلا بالخراب لكن علاجهم بالفكر
والكتاب، ليس سيف عنترة كما أنشد إن في نصل سيفيه أدوية فعالة للرأس
الشاكية الصداع، وإن كان منهم يستحق الرمي في البرية للسباع. والسحاب
يسير والأرض تدور ولكن قدرنا شطر قانون نيوتيني ثان، الساكن يظل على
حاله إلا أن يحدث أمر يحرك سكونه...
دين بلا تعمق ودراية ما هو إلا بلاء كارثي وخطأ فادح قد يحيل للهاوية
ما دام تجاره باسم الشريعة أو الرب أو يهوا كثر ساعون للامتلاك
الدنيا...
*
الإسلام دين وثقافة وفكر إنساني وحكمة.
*** *** ***