أذكر يومًا!
ونيس المنتصر
أذكر يومًا!
أذكر يومًا
أصابكَ البرد
وأنا المفقود في الصحراء
لم أشعر بذلك.
أذكر يومًا
انتظرتكَ وحيدًا
في طريق مقطوعة
لا يعبرها أحد غيري
التقينا بشغفي
جمعت فيه أشعتك
في كأسي المهمل
سمعت صوتك
الذي يختنق بحنجرتي
التقينا فيه لنفترق.
أنتظرك كل صباح
حتى تطل مع الشمس
فأنت تعرف جيدًا أني أفتقدك
وأنك ملح حياتي المرة.
أُحاول أن أبعث الابتسامة
لشفاهيَّ الجافة
وأُرتب ملامحي
التي تبعثرت.
أطرد الألم
المتبقيَّ في العروق.
موعد الانتظار انتهى
حين رأتك عيني
تعانق الرياح
وانهمرت منها مثل دمعة.
*
لا شيء يشبه ابتسامة أمي
سنوات مضت وأخرى
قادمة
وكل لحظة لا تجمعني بأمي
ليست إلا لحظات
لحطب يحترق في الغابة
فلا غصن ينبت في جسدي
إلا وأمي من زرعته
ولا أنمو
إلا إذا سقتني أمي
إن كنتُ العشبُ كانت هي الشجرة
الفرح المتبقي في قلب أمي
لا يتوقف في طريقهُ إلي
أُحْيي ذكرياتي
معك يا أمي
وأرثي ذكريات أخرى
أصبحت مجرد دخان
أرأيتموني
عندما ضربتني أشعة
وسقط ضوؤها
كانت أمي من أنقذني
بدموع قليلة
وعيون محترفة
أصير عظامًا
بين أسنان العابرين
أَعدِك يا أمي
أن لو لم يكن لي نبع غيرك
أنني سأكون فرحًا
وأكتفي بمياه نبعك
ولن أقلق الأحياء
دعينا نحمي أنفسنا من الغبار
ودعيهم يستريحون.
حين تحاصرني الجدران
تقلق أمي
أيُّها الرب ما ذنب أمي؟!
*
لن تأت
غيمةٌ تحاولُ أن
تتسلَّلُ إلى روحي
مع أنني كنتُ أنتظر مطرًا
حديقةً مهجورةً وأغصانًا
من طولِ البعدِ أورقَتْ حزنًا
أنسيت؟!
أنك كنت تطلُ بجلبابك
وتغمرني بالعشق
عندما مرَتْ سلحفاةٌ من جوراي
أدركْتُ أنك لن تأت!
لأن الليل لم يغادرُ شبَّاك غرفتي
الطيف الذي أتوهمه يؤرِّقني
أدركتُ أنك لن تأت!
لأن الكرسي الذي أقعد عليهِ يحسدني
وأوراق النخل تتلفَّتُ حولي
أدركتُ أنك لن تأت!
ألم تعلم؟!
أن هذا المُتشرد بين حقائب
الفراق وأرصفة الألم
ضاعَ في طريقِ الحبِ
أبحث عن كأس من شرابِ النسيانِ
حتى اشربه الآن
قبل أن يرمقني وهم
وقبل أن يطفئ القمر
ضوءه علي ويغادرني
إذًا هل ستأتي؟
نضع زجاجًا شفَّافًا
ونمارس هوايتنا في الحبِ
آهٍ لو يمتصُك الضوء ويعبرُني
آه لو تبلَّلُ جسدي بريقك
ستغار السماء من مطرك
ما أجملَ أن تكون ملئ ظلي
تلويحه بسيطة حتى آت أو تأتي!
*** *** ***
