|
النظرة الإيكولوجية إلى العالم٭
تشكل النظرة إلى العالم، كما يرى ديلتاي Dilthey، منظورًا شاملاً حول الحياة يضم بداخله ما نعرفه عن العالم، وكيف نقيمه انفعاليًا، وكيف نستجيب له إراديًا[1]. مما يعني أن المفهوم يشمل عناصر تجربتنا المعرفية والقيمية وما يرافقها من ممارسات ومواقف تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين سواء كانوا آخرين أعضاء في المجتمع البشري أو آخرين من غير البشر. وتهيمن النظرة إلى العالم على عصر محدد وتنسجم مع روح أو طابع ذلك العصر، مما يعني أن التحولات التي تخضع لها تحدث في سياق اتساع أفق التجربة البشرية واستدماجها لأبعاد جديدة في المعرفة والقيم والأهداف. ففي كل مرحلة ثقافية أو حضارية تفترض النظرة إلى العالم مقدمًا كل العلوم الجزئية بوصفها كنوزًا وثروات من الحقيقة الموضوعية، وهي بقدر ما تستهدف الوفاء على قدر الإمكان بمطلبنا في الوصول إلى معرفة كاملة وموحدة شاملة كل شيء ومدركة لكل شيء – تنظر إلى العلوم الجزئية كلها على أنها أساسها الذي تقوم عليه[2]. إن العالم world، كما نفهمه هنا، لا يعني حصريًا ذلك الخارج الذي يحيط بنا ويحيل إلى جملة الأشياء الموجودة، بل هو ذلك الكيان الشامل الذي نحيا ضمنه ونربط أنفسنا به بطريقة ذات معنى باعتبارنا كائنات حية منتجة للمعنى والتاريخ. أي إنه البيئة الأوسع ذات الصلة بنا معرفيًا وعمليًا وانفعاليًا، أو العالم الذي نحيا فيه (العالم بالمعنى الهسرلي Lebenswell) والذي يختلف تصورنا له تبعًا للثقافة أو العصر موضع الاعتبار. فنتحدث عن عالم العصور القديمة أو الوسطى أو عالم الإسكيمو، وثمة العالم الحديث (والمعاصر) الذي شهد بروز المشكلات البيئية وتحولها إلى أزمة شاملة. النقد الإيكولوجي للنظرة الحديثة إلى العالم إن الفهم الفلسفي للأزمة البيئية يتطلب وضعها في سياق النظرة إلى العالم التي حدثت وتفاقمت في إطارها، أي بالتحديد في سياق النظرة الحديثة إلى العالم the modern worldview التي نشأت وهيمنت في الغرب الأوروبي وامتدت تأثيراتها إلى بقية أنحاء العالم. ثمة أربعة افتراضات أساسية تشكل قوام النظرة الغربية إلى العالم: 1. يختلف البشر أساسيًا عن المخلوقات الأخرى على الأرض ولهم عليها سيادة كاملة. 2. البشر سادة مصيرهم الخاص، فيمكنهم اختيار أهدافهم وتعلم القيام بما هو ضروري لإنجازها. 3. العالم/الطبيعة ضخم وواسع، ولذلك فهو يؤمن فرصًا غير محدودة للبشر. 4. إن تاريخ البشرية هو تاريخ التقدم، فلكل مشكلة ثمة حل، ولذلك لا ينبغي للتقدم أن يتوقف[3]. لنلاحظ أن المركزية البشرية التي تُعلي من شأن البشر على باقي الطبيعة تنضح من هذه الافتراضات وتتحول إلى ثنائية تضع الإنسان في جهة، والأرض ومخلوقاتها في جهة أخرى، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن مصدر هذه الثنائية التي طبعت الدور الحضاري الغربي الحديث من تاريخ البشرية. لهذا الغرض نتوجه إلى اللحظة الفلسفية التأسيسية للعصور الحديثة، أي إلى ديكارت والقسمة الثنائية التي أقامها بين جوهرين: الأنا المفكر والمادة الممتدة، والتي فرَّخت ثنائيات أخرى وضعت الأنا مقابل العالم، والإنسان مقابل الطبيعة، والذات مقابل الموضوع. إن إثبات الأنا لوجوده كجوهر مفكر يتقوَّم بذاته وحسب، عنى أيضًا فصلاً واستقلالاً له عن العالم – عالم الامتداد الذي أُقصي إلى مرتبة آخرٍ موجودٍ في الخارج هناك. وكانت تلك بذرة الخروج الثاني للإنسان على الطبيعة، بعد ذلك الخروج الأول الذي دفعته إليه قواه البيولوجية التي اكتسبها بفعل التطور وتمثلت بامتلاكه دماغًا فعالاً. فإذا كان الخروج الأول بيولوجي تطوري، فإن الخروج الثاني ثقافي واعٍ وينبني على إرادة ذات تراكمت معارفها ووصلت إلى مستوى من النضج يتيح لها تأسيس مشروعية جديدة لوجودها كذات مفكرة لا تستند في وجودها على أي جوهر آخر. هكذا، في مقابل الأنا الصاعد والذات البارزة، هبط العالم/الموضوع إلى مرتبة امتداد جامد فاقدٍ للتلقائية والحيوية وأشبه ما يكون بآلة ضخمة هائلة. وتحولت أسرار الطبيعة وأرواحها إلى قوانين وقوى ما على الأنا، كذات عارفة، إلا أن تتوجه لمعرفتها وحيازتها وامتلاكها والتصرف بها بما يؤول بنا كبشر إلى أن نصبح سادة ومسخِّرين للطبيعة. لنقرأ هذا المقطع لديكارت Descartes من مقالة عن المنهج: بدلاً من الفلسفة النظرية التي تعلم في المدارس فإنه يمكن أن نجد عوضًا عنها فلسفة عملية إذا عرفنا بموجبها ما للنار والماء والهواء والكواكب والسماوات وكل الأجرام التي تحيط بنا من قوة... فإننا نستطيع استعمالها بنفس الطريقة في كل المنافع التي تصلح لها، وبذلك نستطيع أن نجعل أنفسنا سادة ومسخِّرين للطبيعة[4]. وأول شروط هذه المعرفة/السيادة امتلاك المنهج الذي يضمن اليقين، ويكون أساسًا صلبًا تستند إليه الذات في حركاتها اللاحقة. وأول خطوات المنهج هي التحليل. ولما كان الموضوع (العالم/الطبيعة) آلة ضخمة معقدة، فيمكن فهمها بتفكيكها إلى أجزائها الأصغر فالأصغر والإنكباب على كل جزء بالبحث والتمحيص. وبهذا الشكل يتم تفكيك الكل إلى أجزاء ويعاد تركيب خصائصه من خصائص أجزائه. وهذا يعني أن الكل (العالم/الطبيعة/الموضوع) هو تجمّع من الأجزاء المتراصفة وليس كلية عضوية تزخر بالحياة كما كان شأنها في العصور الوسطى. ومن جهة ثانية، وفي المرحلة التأسيسية التي نتحدث عنها، كانت الروح العلمية الجديدة تبزغ وتتلاقى مع الأفكار الديكارتية. فقد ترافق تأسيس المنهج العلمي التجريبي مع خطاب الخير البشري والسلطة على الطبيعة لدى أعلام هذا المنهج وخصوصًا بيكون Bacon، فالهدف من اكتساب المعرفة هو خير النوع البشري: المعرفة هي السلطة وينبغي علينا التدخل في الطبيعة والتلاعب بها بواسطة التحكم التجريبي، وبما يقود إلى اختراع تكنولوجيا جديدة[5]. يتطلب ذلك لغة جديدة اعتبر غاليليو Galileo أنها الرياضيات لأن كتاب الطبيعة مكتوب بلغة الرياضيات، وإن حروف أبجديته هي المثلثات والدوائر والأشكال الهندسية الأخرى[6]. ولأن الرياضيات كانت حتى ذلك الحين، وإلى حين بعده، علم الكمّ، فقد استُبعد الجانب الكيفي للظواهر الطبيعية أو جرى تكميمه، وكان لا مفر بالتالي من أن يأخذ العلم والوصف العلمي للطبيعة الطابع الكمي مع ما يحمله هذا الأمر من موقف اختزالي أعرج يرجع الظواهر الطبيعية إلى مؤشرات أو قيم كمية يعدها كافية للتعبير عن جوهر هذه الظواهر. وجاء اختراع الحساب التفاضلي/التكاملي Calculus منسجمًا مع هذا الموقف، وخطوة مهمة في تعزيز التحليل والنزعة الاختزالية reductionism المرتبطة به. فكما يجري تقسيم الظواهر المعقدة إلى أجزاء، كذلك يتم في هذا الحساب تقسيم الكائنات الهندسية/الرياضية إلى أجزاء متناهية في الصغر (تفاضلات)، ثم يتم تجميعها وفق قواعد معينة (أي مُكاملتها رياضيًا) بحيث نحصل على الخاصية الهندسية المطلوبة (الطول، الحجم، المساحة...) ولما كانت الكائنات الهندسية/الرياضية تمثل الظواهر الطبيعية، وهذا التمثيل يتم عبر أدوات رياضية وسيطة (كالهندسة التحليلية الديكارتية...) فقد غدا الحساب التفاضلي التكاملي أداة رائسة في الوصف العلمي للطبيعة، وخصوصًا في ميدان الفيزياء. استخدم نيوتن Newton، بل وابتكر بالتوازي مع لايبنتز Leibniz، هذه الأداة في صوغ معادلات الحركة ووضع أسس ما يعرف بالميكانيك النيوتوني الذي تبلورت على أثره النظرة الميكانيكية إلى العالم، وبلغ معه خطاب التحكم والسيطرة أوجه في الاستعارة التي قدمها لابلاس Laplace عن الكائن العبقري الذي يستطيع التنبؤ، وبالتالي التحكم، بالسياق الكوني للأحداث إذا ما عرف مواضع كل الذرات، أي الأجزاء الصغيرة النهائية فيه والقوى المؤثرة فيها[7]. كانت هذه الصورة أو الاستعارة ذروة العلم الكلاسيكي والنظرة إلى العالم التي يقبع في نواتها والتي وصفت بالكلاسيكية أو الميكانيكية أو الحديثة واكتملت في القرن التاسع عشر. يقدم إرفين لازلو Ervin Laszlo ملخصًا لهذه النظرة وسماتها في الحقول المختلفة وذلك كما يلي: تُمفهم العلوم الكلاسيكية الطبيعةَ كآلة عملاقة مركبة من أجزاء معقدة يمكن استبدالها أو التلاعب بها. كما أن النظرة المرافقة لها ذاتية ترى الأشياء مفصولة عن بيئاتها، وترى البشر أفرادًا مفصولين عن بعضهم بعضًا وعن بيئاتهم. وعلى مستوى المادة، ترى الأشياء كيانات متميزة قابلة للعزل والقياس. أما في تطبيقاتها على الحياة اليومية، فتمجد النظرة الحديثة تراكم البضائع المادية وتشجع الجوع إلى السلطة وروح التنافس من أجل الفوز. كما ترى أن النمو في النطاق المادي هو هدف وذروة التقدم الاقتصادي الاجتماعي، وقد استحثت على نحو متعاظم استخدام الطاقات والمواد الخام والموارد وبالتالي ساهمت في تعاظم إنتاج النفايات بكامل أنواعها. واتسمت النظرة الحديثة بأنها أوروبية التمركز، تعد المجتمعات الغربية المصنعة وأسلوب حياتها نماذج التقدم والتنمية. وإضافة إلى ذلك فهي متمركزة بشريًا أي ترى الكائنات الإنسانية أسيادًا ومتحكمين في الطبيعة لخدمة أغراضهم الخاصة. وعند كانت النظرة الكلاسيكية تطبق في العلوم الاجتماعية، آلت الأفكار المهيمنة إلى أن تصبح: الصراع من أجل البقاء ومنفعة الفرد، وفي أحسن الأحوال، فكرة التزامن التلقائي بين الخير الفردي والخير الاجتماعي. بل وحتى في المجال الطبي، نُظر إلى الجسد الإنساني كآلة بحاجة متكررة إلى الإصلاح بالمعالجات والتدخلات اللاشخصية، أي بواسطة العقاقير، ونُظر إلى مشكلات العقل مفصولة عن مشكلات الجسم[8]. إلى جانب النقد الإيكولوجي للنظرة الحديثة إلى العالم خضع أساس هذه النظرة، أي العلم الكلاسيكي ونواته الفيزياء النيوتونية، لتطورات مقلقلة زعزعت أسس هذا العلم طوال القرن العشرين. فما هي هذه التحولات؟ بمجيء النظرية النسبية والنظرية الكمومية، بعد سلسلة متدرجة من التطورات العلمية التي بدأت تلقي ظلال الشك حول شمولية الفيزياء النيوتونية وتبين محدوديتها، بدا واضحًا أن تغييرات في المبادئ الأساسية للفيزياء قد حصلت وأن الإطار المتصلب للميكانيك التقليدي قد تهشم على مرحلتين: الأولى بدأت مع اكتشاف النظرية النسبية واتضاح أن مفاهيم أساسية كالمكان والزمان يجب أن تتغير لتنسجم مع نتائج التجارب الجديدة، والثانية بدأت مع مناقشة مفهوم المادة التي نجمت عن التجارب حول بنية الذرة في سياق النظرية الكمومية[9]. كان لهذه التطورات وقع مزلزل لدى العلماء عبر عنه أنشتاين بقوله إن المرء يشعر وكأن الأرض انسحبت من تحته دون أن يُرى موضع يمكن أن يبني عليه المرء أساسًا ثابتًا[10]. حصلت هذه التطورات العلمية في بداية القرن العشرين، أما في أواخره فقد تبلورت نظرية المنظومات الديناميكية dynamical systems theory بما هي لغة جديدة تنطق بها الفروع العلمية المختلفة وتشكل أبجدية جديدة يمكن بواستطها قراءة، بل ربما كتابة، نص الطبيعة من جديد. ويعبر التعريف العام لنظرية المنظومات الديناميكية عن أهم سماتها فهي: دراسة عابرة للمناهج للتنظيم المجرد للظواهر بشكل مستقل عن مادتها أو نمطها أو مقياس حدوثها الزماني والمكاني. وهي تتقصى المبادئ المشتركة لكل الكيانات المعقدة، وكذلك النماذج الرياضية التي يمكن استخدامها في الوصف. تشدد النظرية على أن المنظومات الواقعية مفتوحة على بيئاتها ومتفاعلة معها، وأنها يمكن أن تكتسب خصائص كيفية جديدة بواسطة الانبثاق المتولد عن التطور المستمر. وبدلاً من اختزال كيان معين (كالجسم البشري، مثلاً)، إلى خصائص أجزائه أو عناصره (الأعضاء والخلايا مثلاً)، تركز نظرية المنظومات على ترتيب وتنظيم الأجزاء والعلاقات فيما بينها مما يربطهم في كلية واحدة. ويعيِّن ويحدِّد هذا التنظيمُ المجرد منظومةً ما، وهو مستقل عن مادة العناصر (الجزيئات، الخلايا، الترانستورات، أفراد البشر،..) ولذلك فإن مفاهيم ومبادئ التنظيم ذاتها تستبطن الفروع العلمية المختلفة (الفيزياء، البيولوجيا، التكنولوجيا، السوسيولوجيا...) وتقدم أساسًا لوحدتها[11]. إن نظرية المنظومات، إذ تجعل نقطة انطلاقها المنظومة وتنظر إلى الأشياء كمنظومات، تتضمن طرائقية جديدة تعطي الأولوية للنظر في خصائص الكل (المنظومة) بما هي ناتج العلاقات الترتيبية والتنظيمية للعناصر (الأجزاء). وهذا يعني أن العلاقات هي موضع تركيز في النظرية ومن هنا لقاؤها مع علم الإيكولوجيا. لكن العلاقات ضمن المنظومات أبعد ما تكون عن البساطة، لأنها تتسم بالتعقيد الذي لا يمكن فهمه أو حل خيوطه بالطريقة التحليلية[12] التي تقوم بتبسيط المعقد عبر تقسيمه إلى مكونات أصغر (كما تنص على ذلك قاعدة التحليل الديكارتية)، وبالتالي لا تستطيع الأدوات والأساليب الرياضية الموروثة من غاليليو وديكارت ونيوتن وصف هذا التعقيد وبالتالي فهم طبيعة المنظومات وتحولاتها[13]. لذلك، تطلب الأمر تطوير أدوات ومفاهيم جديدة تتوافق مع النظرة المنظوماتية الكلية. وقد مثلت نظرية التعقيد complexity theory هذا التطور من خلال المفاهيم والأدوات والنظريات التي تقدمها. إن خصائص المنظومة المعقدة، بما هي كلية، تتمثل في اللااستقرار instability واللاتوازن nonequilbrium واللاخطية nonlinearity والشواش chaos، وهذه الخصائص لا يمكن تمثيلها بمجرد قياس أو وزن أو حساب مقادير ومؤشرات كمية، فهي خصائص علائقية بين عدد كبير من المتحولات (العناصر) وتحتاج بالتالي إلى التخطيط والنمذجة بحيث نصل إلى صورة ديناميكية للمنظومة بأكملها[14]. إن كلاً من النقد الإيكولوجي للنظرة الحديثة إلى العالم والتحولات العلمية التي زعزعت أسسها العلمية يدفعان بنا للتطلع إلى نظرة جديدة سوف ندعوها النظرة الإيكولوجية إلى العالم وهي مركب من: النظرة الإيكولوجية إلى الطبيعة، والنظرة في العلاقة بين الإنسان والطبيعة والعالم، والنظرة في العلاقة بين المجتمع والطبيعة. النظرة الإيكولوجية إلى الطبيعة تتعدد معاني الطبيعة Nature ودلالاتها إلى حد كبير، لكننا نقصد هنا بالطبيعة الجوار المحيط بالإنسان أو البيئة الطبيعية التي يعيش وسطها وتكون علاقته بها متعددة المستويات. وهي بهذا المعنى موضوع للمعرفة البشرية من أولى مراحلها حتى آخر أشواطها، أي العلم المعاصر. وكذلك هي ميدان يمارس فيه الإنسان أعماله المختلفة. وقد نقصد بالطبيعة أيضًا النطاق الإيكولوجي الشامل، أي الكرة الأرضية ومنظوماتها الإيكولوجية. فما الدور الذي تؤديه الطبيعة في النظرة الإيكولوجية إلى العالم؟ يمكننا تبين أهمية هذا الدور بملاحظة أن رؤية الطبيعة في عصر معطى تتوقف على الخيال المهيمن على ذلك العصر والذي بدوره يتوقف على حشد من الضوابط: درجة تطور العلوم والتقانات، التنظيم الاجتماعي، الفن، الدين،... الخ. ومتى تشكلت صورة الطبيعة فإنها تفعل في كل مجالات المعرفة[15]. عندما هيمن الخيال السحري الأسطوري نُظر إلى الطبيعة على أنها مليئة بالأرواح والآلهة، وعندما هيمن الخيال الديني نظر إلى الطبيعة على أنها علامة على الخلق الإلهي، وينطبق التحليل ذاته على الطبيعة – الآلة التي نشأت بالتوافق مع هيمنة الخيال الآلي للعلم الكلاسيكي. ولأن صورة الطبيعة تفعل في كل مجالات المعرفة فهي تؤدي دورًا رئيسيًا في تشكيل النظرة إلى العالم في عصر معين، فما هو الخيال المهيمن على عصرنا، وأية نظرة إلى الطبيعة تتوافق مع هذا الخيال؟ يتشكل الخيال المهيمن على عصرنا من التحولات في بنية العلم، كما عبرت عنها نظرية المنظومات والرياضيات المرتبطة بها، ومن المناخ الذي نشرته الإيكولوجيا التي ترتبط بهما على نحو وثيق. ولذلك سوف تتطلع إلى نظرة إيكولوجية للطبيعة في ضوء الحقائق المرتبطة بهذين المجالين. تتسم النظرة الإيكولوجية إلى الطبيعة بأربع سمات رئيسية. تتمثل السمة الأولى بأن المنظومات الطبيعية Natural systems كليات ذات خصائص غير قابلة للاختزال. فمن جهة كونها كليات هي تختلف عن أكوام الأشياء التي لا يجمع بينها سوى اشتراكها في حيز مكاني ممتد. ويحدد الاعتماد المتبادل بين أجزائها البنية العلائقية التي تجعل الأجزاء تنتظم فيما بينها وفق نماذج معينة تجعل خصائصها تتبع بنية العلاقات بين الأجزاء وليست مجرد مجموع حسابي لخصائص الأجزاء[16]. وتنطبق هذه الخاصية على أصغر المنظومات حجمًا كالذرات والجزيئات وهي الكيانات التي تتشكل منها المادة، وكذلك على منظومات أكبر كالمنظومات الإيكولوجية. مثلاً، إن ذرة الهدروجين لا تستمد خصائصها الفيزيائية والكيميائية من مجموع خصائص الألكترونات والبروتونات وسائر الجسيمات الصِغْرية الأخرى، لأن هذه مشتركة بين جميع العناصر الكيميائية، إنما الذي يختلف هو النموذج الذي تتشكل وفقه الروابط بين هذه الجسيمات ويحدد بالتالي أن هذه هي ذرة هيدروجين وليس ذرة يورانيوم. الأمر ذاته ينطبق على الماء. إن خصائص الماء ليست مجموع خصائص الهيدروجين والأوكسجين اللذين يتركب منهما. فالأوكسجين ذرة نشيطة ولها الدور الأساسي في عملية الاشتعال، بينما الماء له خاصية الإطفاء[17]. كذلك فإن المنظومات الإيكولوجية (كالغابة، مثلًا) لا يمكن اختزال خصائصها إلى مجموع خصائص التربة والكائنات الحية، من نبات وحيوان، والينابيع أو البحيرات التي قد توجد فيها؛ بل إن خصائصها، كقدرتها على تأمين غذاء الأحياء ضمنها، لا تتحدد بوجود هذه العناصر، بل بالعلاقات بينها التي تتخذ شكل الاعتماد المتبادل من خلال شبكات وسلاسل الغذاء التي تنظم دخل وخرج المادة (الغذاء والطاقة) ضمن المنظومة[18]. وبالارتباط مع البنية العلائقية والاعتماد المتبادل، فإن الخاصية الثانية للمنظومات الطبيعية تتمثل في أنها تستطيع المحافظة على نفسها في بيئة متغيرة[19]. وبتعبير آخر، تستطيع أن تحفظ وتصون العلاقات بين أجزائها بما يؤمن استمرارها ككلية ثابتة نسبيًا عبر الزمن. يعبر عن هذه الخاصية على المستوى المادي بالاستقرار stability، كاستقرار ذرات العناصر الكيميائية المعروفة (من الهليوم إلى اليورانيوم) واستقرار الجزيئات والمركبات المتشكلة من هذه العناصر، كالماء والزيت والرمل... الخ[20]. أما في المنظومات الإيكولوجية فيعبر عن هذه الخاصية بمفهوم الاستدامة sustainability، أي قدرة هذه المنظومات على الاستمرار عبر الزمن بواسطة تدوير recycling المواد الغذائية وحفظ تنوعها الحيوي في حالة توازن واستخدام الشمس كمصدر طاقة مستدام[21]. لكنْ، إذا كانت المنظومات الطبيعية تمتلك مثل هذه البنية "المحافظة" فمن يأتي هذا التنوع الهائل الذي نراه في عالم الطبيعة؟ بمعنى آخر، لماذا توجد عناصر كيميائية كثيرة، كالهيدروجين والاوكسجين والآزوت... الخ، ومركبات معقدة كالسيليكات والأملاح، وليس مجرد حساء من الجسيمات الأولية؟ ولماذا توجد منظومة إيكولوجية، كالأرض مثلًا، صالحة للحياة ومنظومات أخرى غير صالحة للحياة، كالقمر أو المريخ؟ يجيب عن هذا السؤال خاصية الخلق الذاتي self-creation التي تتسم بها المنظومات الطبيعية في سياق استجابتها للخاصية نفسها لدى المنظومات الأخرى. يحدث الخلق الذاتي عندما لا تستطيع المنظومة موازنة التأثيرات والضغوط عليها من المنظومات الأخرى اعتمادًا على البنية العلائقية الموجودة[22]. يؤدي هذا الوضع إلى دخول المنظومة في مرحلة من اللاستقرار تؤدي بدورها إلى بروز الاضطراب في بنية المنظومة وتطوره إلى شواش، ونقول في هذه الحالة إن المنظومة دخلت في مرحلة التحول الطوري، أي الانتقال من طور إلى طور، الذي يقود إما إلى انحلال المنظومة (أي تخرب نموذج العلاقات الرابطة ضمنها) أو إلى إعادة تنظيم جديدة.[23] وبذلك، يعد "الخلق الذاتي شرطًا مسبقًا للتطور في عالم الطبيعة"[24]، وعليه فإننا يمكن أن نصف التطور بأنه تشكيلٌ للعلاقات أو نمذجةُ علاقات. يتضح لنا مما سبق أن المنظومات الطبيعية لا توجد في عزلة عن بعضها بعضًا، فهل ثمة هيئة أو تراتبية ما تنظمها؟ يجيب عن هذا التساؤل الخاصية الرابعة وفحواها أن المنظومات الطبيعية أوساط رابطة في إطار هرمية الطبيعة[25]. فما الذي يعنيه ذلك؟ إن التطور، بما هو تشكيل للعلاقات، أي تشكيل للمنظومات، ينحو باتجاه تراكب المنظومات في بنية متعددة المستويات ومستمرة تتخلل مجالات ما تحت العضوي (مستوى المادة) والعضوي (مستوى الحياة) وما فوق العضوي (المستوى الاجتماعي). ويَؤُول التنظيم إلى أن يشبه هرمًا يكون في أسفله كثير من المنظومات البسيطة نسبيًا، وفي القمة المنظومات المعقدة، وبينهما تأخذ المنظومات الطبيعية أوضاعًا متوسطة تربط المستويات الأدنى والأعلى منها[26]. إنها كليات نسبة إلى أجزائها، وأجزاء نسبة إلى الكليات الأعلى منها. لا تحمل كلمات "أعلى" و"أدنى" الواردة هنا، أي معنى قيمي، أي يجب ألا نسقط البنية التراتبية عند البشر (طبقيًا أو فئويًا) على هرمية الطبيعة، لأن الروابط بين المنظومات في هذه الهرمية ليست تراصفًا أو تسلسلاً خطيًا عموديًا، بل تتخذ نموذجًا شبكيًا لاخطيًا. أي إن هرمية الطبيعة تعني أن المنظومة بحد ذاتها هي شبكة علاقات وهذه الشبكة ككل ترتبط مع المنظومات/الشبكات الأخرى وفق نموذج شبكي أيضًا. أي إننا أمام مخطط لمنظومات/شبكات تعشِّش ضمن بعضها بعضًا. مثلاً، إن شبكة الحياة the web of life، بما هي نموذج الترابط ضمن النطاق الحيوي، تعشش ضمن النطاق الإيكولوجي (أي الكرة الأرضية) وتدخل في علاقات شبكية مع النطاقات الثلاثة الأخرى، النطاق الجوي والنطاق المائي واليابسة. فليس ثمة توضع خطي عمودي لهذه النطاقات بل شبكات ضمن شبكات[27]. الإنسان والطبيعة والعالم بعد أن توضحت الطبيعة بوصفها منظومات إيكولوجية متعاششة، أي منظومات تعد العلاقات المحدد الأساسي لها، سوف ننتقل للتفكير في العلاقة بين الإنسان والطبيعة. وقبل المضيّ في ذلك، علينا أن نحدد الدرب الذي سوف نسير عليه. لقد اعتمدنا العلم، علم الإيكولوجيا وعلم المنظومات، في النظر إلى الطبيعة، فهل نستمر على هذا الدرب، أي ندرس الإنسان بوساطة العلم ومن ثم ننتقل لدراسة العلاقة بين الإنسان والطبيعة، أم نختار دربًا آخر؟ العلم، كما يقول هيدجر Heidegger، لا يفكر، فماهيته تكمن في البحث وليس في التفكير[28]. ويتأسس كل علم على تصميم لمجال محدد ويكون مُلْزَمًا بالتخصص باعتباره ضرورة جوهرية للعلم بما هو بحث[29]. هذا يعني أن النظر في العلاقة بين الإنسان والطبيعة اعتمادًا على البحث العلمي يستلزم البحث في مجال الطبيعة، كما يفعل علم الإيكولوجيا مثلاً، ثم البحث في الإنسان، كما تفعل العلوم والدراسات الإنسانية التي "تقتطع" جوانب من الإنسان وتنكب عليها، ومن ثم إقامة جسور بين المجالين، كما وجدناها في الدراسات الإيكولوجية – الإنسانية التي استعرضنا أمثلة عنها في الفصل السابق. لكننا إذا اتبعنا هذا الدرب سوف نظل أمام بحوث جزئية، أي أمام اختزال للعلاقة أو تفتيت لها بدلًا من التفكير فيها. فهذه الدراسات لا تتناول، بل لا تستطيع أن تتناول، كلية الإنسان، بما هو موجود، في علاقته بالطبيعة. وبالتالي فإن العبور على أي جسر من الجسور بين المجالين سوف يؤدي بنا إلى منطقة على الضفة الأخرى ليست هي ذات المنطقة التي يؤدي إليها جسر آخر. فما السبيل إلى العبور إلى منطقة محددة على الضفة الأخرى، منطقة حيث يتفتح فهم فلسفي للعلاقة بين الإنسان والطبيعة؟ كيف نعَبْر من العلم إلى الفكر؟ يرى هيدجر أن علاقة العلم بالفكر لا تكون أصيلة وخصبة إلا إذا صارت الهوة التي تفصل العلوم عن الفكر واضحة، وتبيّن لنا أنه ليس بوسعنا أن نقيم قنطرة عليها. ليس هناك قنطرة تقود من العلوم إلى الفكر، ليس هناك إلا الطفرة، وليست الضفة الأخرى هي فقط ما نعثر عليه حيث تحملنا هذه الطفرة، بل هي منطقة جديدة بكاملها[30]. تبدو هذه الهوة مسوغة طالما أننا نتعلم التفكير بقدر ما نوجه اهتمامنا نحو ما هو كائن من أجل العناية به[31]. أي إن التفكير لا يحصل بمعزل عن الاهتمام والعناية بموضوع التفكير، وهذا ما لا يتصف به العلم بما هو بحث، بحثٌ موضوعي يتسم بالصرامة والبرود. كيف إذن نعبر هذه الهوة؟ كيف نَطْفُر من العلم إلى الفكر؟ نحن أمام لحظة اختيار،اختيار درب، لا بل قفزة، كي نَعْبُر. وسنتخذ نقطة انطلاق لنا التساؤل حول الطابع الأنطولوجي للعلاقة بين الإنسان والطبيعة. نحن بذلك نطرح سؤالاً أساسيًا، أي سؤالاً فلسفيًا، ولكن قبل ذلك سوف نسأل أيضًا هل للعلاقات بما هي كذلك طابع أنطولوجي؟ تحمل العلاقة معاني عديدة في الفكر الفلسفي: ثمة المعنى العام بما هي ارتباط بين موضوعين أو أكثر من موضوعات الفكر ويدركها العقل بفعل واحد لا ينقسم، كعلاقة التشابه أو التباين أو المعية أو العلية أو الغائية أو التضايف. وثمة المعنى الخاص للعلاقة وهو التناسب بين الأشياء أو المقياس المشترك بينها[32]. أمّا العلاقة بمعنى الإضافة فهي إحدى المقولات عند أرسطو وكانط، واللافت في هذا المعنى أن الإضافة/العلاقة تلحق بجميع المقولات الأخرى، فهي تعرض للجوهر أو الكم أو الكيف أو الأين أو الزمان أو الوضع أو الفعل أوالانفعال[33]. وللعلاقة في المنطق الرياضي ونظرية المجموعات أهمية خاصة فهي تُصنَّف إلى انعكاسية وتناظرية ومتعدية ودالِّية... الخ[34]. وثمة أيضًا علاقات داخلية وخارجية تتبع التمييز بين الخاصيات الضرورية والعرضية[35]. والعلاقة/الإضافة إذ تلحق بالمقولات الأخرى فذلك يتم من خلال الرابطة بين الموضوع والمحمول المعبر عنها بفعل الكينونة أو الوجود (is)[36]. لنلاحظ مما سبق أن الطابع المعرفي للعلاقة هو الأبرز، في حين أننا قليلًا ما نلتقي بالطابع الأنطولوجي. في هذا الإطار سيكون حدسنا هو التالي: إن الشيء/الكائن/الموجود هو جملة علاقات، فليس ثمة شيء في عزلة "أنطولوجية". وإن كون الشيء هو نشوء للعلاقات، والفساد، كمقابل للكون، هو انحلال أو اختفاء أو تلاشي للعلاقات. وإن وجود الموجود، على الصعيد الأنطولوجي، هو وجود للعلاقات. فهل يعني ذلك أننا أمام سديم أو شبكة غامضة من العلاقات تختفي معها الأشياء (الموجودات، الهويات، الذوات)؟ سوف تختفي الأشياء كما عهدنا أن نعرفها، أي كهويات أو ذوات أو جواهر متقوِّمة بذاتها، وبدلًا من ذلك سوف تتقوم بالعلاقات. وسوف تتحدد الهويات بأن العلاقات مقوم ضروري لها، بما يعني أن الهويات الأخرى محدِّدِة لهوية الذات. وبالتالي فإن العلاقة كما نفهمها هي بنيان أساسي لوجود الموجودات، بما يعني أن كل موجود هو موجود بالاشتراك أو موجود – في – علاقة. من هذه النقطة سوف نبدأ عبورنا نحو فهم العلاقة بين الإنسان، بما هو موجود، والطبيعة. أي إننا سوف نفكر في أنطولوجيا العلاقة بين الموجود البشري والطبيعة. ولما كان العالم هو الأفق الذي تنتسج فيه علاقة الموجود البشري بالموجودات الأخرى، والطبيعة من ضمنها، لذلك سوف يكون الوجود – في – العالم Being –in – the – world، مدخلنا إلى هذا التفكير. *** *** *** ٭ من كتاب: من البيئة إلى الفلسفة، تأليف معين رومية، معابر للنشر، دمشق، 2011. [1] Audi, Robert (ed), The Cambridge Dictionary of Philosophy, Cambridge University Press, Cambridge, 1998, entry: Dilthey. [2] إدموند هسرل، الفلسفة علما دقيقا، ترجمة محمود رجب، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2002، ص85. [3] Devall , Bill , and Sessions , George , Deep Ecology, Gibbs Smith Publisher, Salt Lake City, 1985, p. 42. [4] رينيه ديكارت، مقال عن المنهج، ترجمة محمود الخضيري، مكتبة الأسرة، القاهرة، 2000، ص 168. [5] The Cambridge Dictionary of Philosophy, op. cit., entry: Bacon [6] A Dictionary of Philosophy, op. cit., entry: Galilei. [7] A Dictionary of philosophy, op. cit, entry: Laplace. [8] Laszlo, Ervin, The Systems View of The World, Hampton Press Inc., Broadway, 4th ed., 2002, pp. 10-13. [9] انظر: فيرنر هايزنبرغ، فيزياء وفلسفة: ثورة في الفيزياء الحديثة، ترجمة أدهم السمان، مؤسسة الرسالة، ط 2، دمشق، 1988، ص 230. [10] وردت لدى: فريتجوف كابرا، الطاوية والفيزياء الحديثة، ترجمة حنا عبود، دار طلاس للدراسات والنشر، دمشق، 1998، ص 55. [11] The Cambridge Dictionary of Philosophy, op. cit., entry: system theory, pp. 784 –85. [12] "لقد تخلى التحليل عنا"، هذه هي العبارة التي عبر بها عالم الرياضيات الشهير أولر عن عدم قدرة الرياضيات الديكارتية والنيوتونية على تحليل التعقيد. انظر: إيان ستيوارت، من يلعب النرد: الرياضيات الجديدة للظواهر العشوائية [الشواشية]، ترجمة بسام أحمد المغربي، دار طلاس، 1994، ص 74. [13] حول نظرية التعقيد انظر دراستنا: معين رومية، مدخل إلى نظرية التعقيد والشواش، مجلة المعرفة، العدد 478، تموز 2002، ص 219-31. [14] المرجع نفسه. [15] نيكولسكو، مرجع سابق، ص 71 – 72. [16] Laszlo, op. cit., pp. 25-26. [17] Laszlo, op. cit., pp. 27 - 28. [18] Nebel, Environmental Science: The Way The World Work, op. cit., p. 35. [19] Laszlo., op. cit., p. 30. [20] Laszlo, op. cit., p. 33. [21] Nebel, Environmental Science: The Way The World Work, op cit., p. 10. [22] Laszlo, op cit., p. 39. [23] رومية، مرجع سابق، ص 228، 229. [24] Laszlo, op. cit., p. 39. [25] Ibid., p. 53. [26] Ibid. [27] Capra, Fritjof, The Web of Life, Anchor Books, New York, 1996, pp. 34, 35. [28] مارتن هيدجر، التقنية – الحقيقة - الوجود، ترجمة محمد سبيلا وعبد الهادي مفتاح، المركز الثقافي العربي، 1995، ص 192، 141. [29] المرجع نفسه، ص 149. [30] هيدجر، التقنية – الحقيقة - الوجود، مرجع سابق، ص 192. [31] المرجع نفسه، ص 187. [32] جميل صليبا، جميل، المعجم الفلسفي، ج2، الشركة العالمية للكتاب، بيروت، 1994، مادة: العلاقة. [33] صليبا، مرجع سابق، ج 2، مادة: الإضافة. [34] The Cambridge Dictionary of Philosophy, op. cit., entry: relation. [35] A Dictionary of Philosophy, op. cit., entry: relations, external/internal. [36] عبد الرحمن بدوي، المنطق الصوري والرياضي، وكالة المطبوعات، ط 5، الكويت، 1981، ص127. |
|
|