مختــارات
سـليمـان
عــواد
آه، لو تدركُ عيناكِ الخرنوبيَّتان الحزينتان
معنى الخشوع الشاعريِّ
في هيكل العبادة الصوفيَّة الصامتة
التي تسكبُ على الروح
فيضًا جليلاً من عطور الجراح المحترقة.
* * *
إن قلبي كتابٌ مضطربُ العبارات
ضبابيُّ المعنى والرؤى والصور
متناقضُ الخواطر والأفكار.
إن قلبي كتابُ حياتي الفوضويَّة المشعثة
كقصائد بوهيميَّة
يصوغها شاعرٌ من عالم التشرُّد والاضطراب.
* * *
أنت، أيها الفلاحُ أو العاملُ الفقير
الذي تعيشُ في غبار الفاقة وثلوج الحرمان
محرومًا من ضوء الشمس وعطر الحياة
أنت صانعُ الرفاهية وخالقُ الطمأنينة
في نفوس الآخرين.
مِن ساعِدكَ الجليل ودموعك الأليمة
تنطلق رياحُ النهضة المشرقة
التي ستقتلعُ الجذورَ المهترئة
في غابة الحياة المخيفة.
* * *
كالريف أنا
أمنح خيري في صمتٍ وسكون
كالريف
أحيا على أنوار الكواكب ونُبل الإنسان
مفكرًا بمغزى الشتاء الإنسانيِّ الكبير
الشتاء الأبديِّ الذي لا يريد أن ينتهي.
* * *
ما أقسى أن نكون وحيدين كالذئاب الجائعة
في بلاد الجهل والرمل والغبار!
ما أقسى التربةَ التي تدفنُ أزهارَ العبقريَّة
وهي في ذروة النضج والإشراق!
وما أقسى الوطنَ الذي يدفن
الطفلَ الملاكَ وهو في مَهدِه!
* * *
أنا نقطةُ الماء...
التي فيها كلُّ معاني البحر
وحبَّةُ القمح...
التي فيها كلُّ أسرار الحقل
وقطرةُ الندى...
التي فيها كلُّ أغاني القمر
وشعلةُ الحق...
التي فيها كلُّ ألغاز الطبيعة
وحفنةُ التراب...
التي فيها كلُّ مغزى الأرض
أنا لا شيء في الوجود...
وأنا كلُّ الوجود!
* * *
نفسي ظمأى
فأين ينابيعُ الفكر والثقافة النيِّرة
نفسي جائعة
فأين خبزُ المعرفة وخمرُ الأدب والفلسفة
وأمامي ماذا أجدُ في دروب الحياة؟
لا شيء
سوى الصقيع، الوحشية، الظلام.
* * *
1[1]
بعض الكتَّاب
يصوِّبون بنادقَهم
نحو البلابل الرومانسية
لأنهم يكرهون غناءَ البلابل الأخضر
ويحبون نعيقَ الغربان.
آه، يا بنادقَ الواقعيَّة المتوحِّشة
ماذا يكون مصيرُ الحدائق والبساتين
إذا انقرضت البلابلُ وسادت الغربان؟!
2
القمرُ يُشرق منذ آلاف السنين
فكم شاهَدَ من ناسٍ
وخَبِرَ من حضارات
وكم خبَّأ في صدرِه
من أسرارٍ وعِبَر؟!
القمرُ يُشرق...
أيَّتها الأمواجُ، أنت شاعرة
وأنا شاعر
لقد جمعتْنا الأيامُ لفترةٍ قصيرة
العالمُ كبيرٌ وواسع
ومع ذلك
فإنه لا يتَّسع لروح شاعر!
* * *
أحلمُ
بعضَ الأحيانِ بليالٍ
أقضيها متشردًا في الريف
أنامُ على البيادر
أشمُّ رائحةَ
السنابل
أملأ روحي بعبيرِ البرية
والنجومُ تُزهِرُ في قلبي
أغانيَ من أقحوان.
أحلمُ
أن يكونَ لي جناح
يطيرُ بقلبي حتى آخرِ العالم
وعندَ نهايةِ رحلتِه
أستقرُّ في كوخٍ
شاعريٍّ في مراعي القمر.
* * *
أغنية بوهيميَّة
تعالي،
يا حبيبتي، أُسندُ رأسيَ المتعب
على صدركِ الغضِّ الحنون
ليسري الخَدَرُ اللذيذُ في
جوارحي.
يا حبيبتي الساحرةُ كبحيرةِ فيروز
إن قلبي زورقٌ صغير
وقلبُكِ خليجٌ هادئٌ أمين
فدعيني أرسو بزورقي
في قلبكِ الكبيرِ الكبير.
* * *
عتــاب
أيقظي أعصابي، يا نسمةَ الصيف
يا أنفاسَ الثلج
ويا زفراتِ الحقولِ اليانعة
اسكبي في قلبي أهازيجَ الحصَّادين
وأغانيَ العصافيرِ في
المزارع
حيث السنابلُ الشقراء
تتماوجُ بحرًا من ذَهب
وادفقي في رأسي أغاريدَ
الرياح
فوقَ القمم المكسوَّةِ بالثلوج
وسطوعَ شمسِ النهارِ فوق السفوح.
*** *** ***