بـعــض الضـــد
داريـن
ناظـم
وللمقال:
لم يكن لاختصار الموج فيك أيُّ معنًى
ولم أُحتضَرْ قط لكنِّي تفرجتُ كثيرًا
فإنما تبدَّل شكلُ الصخر من غضبك!
أنت تسليتي الأثيرة
وكلَّما عدتَ أعودْ
يسلِّيني هذا الوجودْ!
وقال العالمُ:
أسمِّي نفسي عاريًا عن الصحة
لعلَّهم يتَّقون الكذبَ فيَّ
ولأن اللغةَ هي خبزُ رياءٍ
انحدارُنا في مزالقها إلى الأبجديَّةْ
مؤرِّخينَ
فَرَضَ الحكاياتِ على أبطالها
وكنَّا في زهوة الشباب طائشينَ
ثم استفقنا
لقد كبرنا!
صار زهوُنا قلقًا وحياتُنا مسرحيَّةْ
*
أيها القنديلُ، يا حارسَ ليلنا الخائنْ
أيها المعلَّقُ
المتأرجحُ
المُداهِنْ
انظر من مشنقتك الأزلية
كيف يتبدَّد النورُ في ظلماتها –
هذه الليلة
الغريبة
الجميلة
المقدسة
وحقِّ المباهي ببهائه
واسمُه النورُ
هو للظلمات توأمُ
لعلَّنا نتعلَّمُ
*
وقال العالمُ:
أسمِّي نفسي شهوةَ المستطاع أن يعزَّ
ولأن الحماسةَ هي وجهيَ المبهرجُ
أقول: دعوا المهرِّجين يأتون إليَّ
فأنا أبيع الأحذيةَ على قارعة الطريق
وأحيانًا أقايضُ الأقنعة
أما الطريق فلها سلطانٌ عليَّ
*
أيها القنديلُ، يا ذاهلاً في زحمة المدائنْ
أيها المتعالي
المتفرجُ
الساكنْ
انظر من أقاصيك
كيف يعرفُ النورُ في رحابتها حدَّهْ –
هذه الليلة
السارحة
الشاردة
المستبدَّةْ
وحقِّ المبتغى لأنه شغوفٌ بذاته
هو بالحالكات يحلمُ
لأننا نتألمُ
*
وقال العالمُ:
أسمِّي نفسي المشاعَ المحتكرَ
لأنِّي لك وعصيٌّ عليك
فأحيانًا عبثًا أنتظرُ
وأخرى – وإنْ تسهو – قد آتي إليك
ولأن العبثَ هو رَحِمي الأثيرة
أقذف بالأجنَّة في فراغٍ
ضاحكًا
تنسى الأمُّ مخاضَها
فلِمَ أتذكرُ؟!
*
أيها القنديلُ، يا مجدنا الماجنْ
أيها المحايدُ
القانطُ
الآسنْ
انظر من حيث انتبذتَ
كيف يشتري النورُ فيها ملاذًا –
هذه الليلة
الجريئة
العصيَّة
السافرة
بحقِّ الذي يحتسي نخبَنا فنسكرُ
واسمُه المجدُ
أحدُّنا ألاَّ يكون لنا حدُّ؟!
*
وقال العالمُ:
سيمضي وقتٌ طويلٌ قبل أن
تغيِّرَ الأرضُ وجهَها
وقتٌ طويلْ!
*
أيها القنديلُ، يا شاحبًا في زفرة المداخنْ
أيها الفاترُ
الباردُ
الساخنْ
انظر من سماءٍ بلا إجابةْ
كيف يؤاخي الضِّيْقُ في عتمتها الرحابةْ –
هذه الليلة
السريرة
المصغاء
العارفة
وحقِّ التي تتغيَّر حيثما نعبُرُ
واسمُها الأرضُ
وجهُها أن بعضَنا كلٌّ
وكلَّنا بعضُ
*
وقال العالمُ:
حسبتُني لا أضجرُ
حتى ضجرتُ
فابتكرتُ أشيائيَ كلَّها سلوى
يا قسوتي
هذا المرحُ
يتنشقُ طهرَ الجراح في الحكايات
في براءتها الأولى
والخطايا
ولا يكتملْ
*
أيها القنديلُ، يا مفلسًا دائنًا
أيها المذهولُ
المتيقنُ
الديِّنُ
انظر من قلبها
حيث قطنتَ
إلى قلبها حيث قنطتَ
كيف يخفُقُ بسحرها –
هذه الليلة
الشفوف
العصماء
الحميمة
وحقِّ الواثق لأنه حقٌّ
واسمُه الموتُ
ألا نحيا كلَّما أماتنا الصمتُ؟!
*
وقال العالمُ:
يا كبوتي
يا قديسةَ الزمن الجزيلْ
الذي بلاانتهائه يخطِّيني
يحضرني في حضرتكِ
مجدٌ مستحيلْ
وعارٍ ألبسُه إذ يعرِّيني
*
أيها القنديلُ، الكائنْ
أيها الحاضرُ
الغائبُ
المُباينْ
انظر من وجودك إلى الموجود
الذي فيها يخفي سرَّهْ –
هذه الليلة
الكتوم
الحلوة
المُرَّةْ
وحقِّ المدى وما أبدى وما حَجَبَ
والجوهرةِ الواحدةِ
التي ذاتُها لذاتها مطلبُ
هي الموسيقى إذا نطربُ
يا نشوتي!
*
وقال العالمُ:
وللهشاشة وجهٌ صُلْبٌ
قناعي
فلا يغرَّكم وجهي
أزليٌّ الكلفُ بالوداعِ
*
يا
قنديلُ، يا ترسنا الماكنْ
أيها المرفوعُ
المجرَّدُ
اللاَّدنْ
انظر من حيث حملتْ
كمالَها الذي لا يُصدُّ –
هذه الليلةُ
النفاذةُ
المقطَّرةُ
المحضُ
وحقِّ الذي مزجَ الأضدادَ وكانَها
وحفظ لها مكانَها
جميلٌ، هذا المساء، اعترافي
مخيفٌ
والليل قد أزف، فالنورُ تحقَّقْ
والصمتُ يصرخ بي:
أنا هو المطلقْ!
***
*** ***