دور المجتمع المدني في المواجهة

"مواطنون": شباب انطلقوا في عفوية لمساعدة النازحين

رلى معوض

حفزت الكارثةُ التي تسبب فيها العدوان الإسرائيلي العنيف على لبنان عددًا من التيارات والشباب على المساعدة الإنسانية التي تُشعِر هؤلاء بمقاومة العدوان من خلال المجتمع المدني الذي يكمل غالبًا العمل العسكري، كما أوضح لـالنهار زياد بوعقل وريَّا بدران من "مواطنون": زياد حضر إلى لبنان لتمضية الصيف ثم العودة إلى باريس ليكمل أطروحته في الفلسفة حول ابن رشد، وريَّا تعمل في "المؤسسة العربية للصورة"، وتقول: "لا نشعر بالخوف من الوضع الأمني، وأهلنا فخورون بما نقوم به."

ريَّا بدران وزياد بوعقل

"مواطنون" طلابٌ وشباب انطلقوا بمبادرة عفوية بدأت في المطبخ، فيما كانوا يحضرون بعض المأكولات لأخذها إلى عدد من النازحين في بعض المدارس.

"كانت الفكرة سريعة لأننا لم نكن نعرف عدد النازحين ولا كيفية تقسيم العمل. ولكن عندما انجلت الصورة، وجدنا أن الأولوية هي للذين لم يتوجهوا إلى المدارس، بل نزحوا إلى منازل مهجورة أو مواقف سيارات؛ هؤلاء الذين يصعب الوصول إليهم ولا تهتم بهم الهيئاتُ الاجتماعية أو الأحزاب أو التيارات وغيرها."

"بدأنا عشرة أشخاص، واليوم أصبحنا سبعين متطوعًا نهتم بنحو 3863 شخصًا في بيروت وبعض ضواحيها القريبة. نأخذ المساعدات من مقرِّ تجمُّعنا قبالة المدخل الرئيسي لحديقة الصنائع، وهو بناء لبناني قديم لأحد المحامين، عضو في التجمع؛ وقد فتح حسابًا خاصًّا لنا في أحد المصارف لجمع التبرعات. وهكذا انطلقنا بالمساعدة المالية، بالإضافة إلى هبات، كالأكل وأدوات التنظيف وبعض الأدوية وغيرها، وشكَّلنا فريقًا طبيًّا موازيًا للمساعدة مؤلفًا من عدد من طلاب كلية الطب وممرضات وعاملين في القطاع الصحي، وفريقًا آخر يهتم بالنشاطات الترفيهية والتربوية للأطفال، ومن ضمنها الألعاب والرسم ومسرح الدمى. وأول النشاطات كان الرسم، إذ عبَّر الأولاد عن مشاهداتهم في يوميات الحرب وتحدثوا عن مآسيهم وهول الكارثة والتهجير. وقد أخذت إحدى السيدات الرسوم ووزَّعتْها على المسافرين في مرفأ بيروت، لعل رسوم الأولاد تحفز الرأي العام العالمي وتُظهِر هول المجازر في لبنان، ويدفع الأولاد جزءًا كبيرًا من ثمنها."

كيف يبدأ نهار المساعدة؟

"التجمع يوميًّا الساعة الثامنة صباحًا في المركز في بيروت. نبدأ بتوزيع المناقيش أو اللحم بعجين أو ما هو متوافر من طعام الفطور والعصير على المنازل في الحمرا، الظريف، كليمنصو، رأس بيروت، الطريق الجديدة، وغيرها من المناطق. وكل يوم تسهل العملية أكثر فأكثر، لأننا بدأنا نتعرف إلى الأشخاص، وأصبح عددٌ لا يستهان به من الشباب النازحين يساعدوننا في التوزيع. ثم نعود إلى المركز لتحضير الوحدات الغذائية بعد فرز لوائح العائلات بحسب عدد أفرادها والرضَّع والأطفال والأولاد فيها. والوحدة تكون بحسب المتوافر من المواد الغذائية، وغالبًا ما تكون مؤلفة من الجبن والمعلبات والخبز والحليب للأطفال والمياه، وهي للغداء والعشاء. كذلك نؤمِّن بعض الحبوب وغيرها من المواد الغذائية للطبخ إذا توافرت إمكانيةُ الطهو في مكان السكن. ونحضر وحدات من مواد التنظيف والمواد الصحية الأساسية. ثم ننطلق بسياراتنا لتوزيع هذه الوحدات، ثم نعود لتحضير الجردة والحسابات. وحاليًّا نعتمد على المساعدات، كل يوم بيومه، في انتظار أن تتوسع المساعدات، فنتمكن من التنظيم المستمر."

"نحضر أيضًا لإنشاء موقع على الإنترنت يتضمن صور المتطوعين وأسماءهم وأسماء المتبرعين. وحاليًّا لدينا صفحة أنشأناها في سرعة[1]."

*** *** ***

عن النهار، الجمعة 28 تموز 2006