توقُ الغرق
دارين ناظم
كغيمة في سماءٍ صافية
مرَّ حزنكَ أبيضَ
على وجوهنا الزرقاء
فكيف بعد خيباتٍ كبيرةٍ
لم أركَ تكسر مهماز وهمكَ؟
وهمكَ الذي يشكِّلنا جميعًا.
*
في غيابكَ جدل البنفسج أنفاسه على عنقي
وطوقني
في غيابك صار لونًا
لا يمتهنه غيابٌ
حين يُغنَّى عليكَ
لأن من امتهن أشواق قلبك
يوم غبتَ
قطع أوتار أمومته
واعتزل مهدكَ
قال:
لن أكسر القلب الذي نامَ
لن أغني عليه ليرى في غفوته أحلامي
سأطلقه حرًّا في غيابه
من حضوري سأعتقه
سأدعه يذهب.
*
لا تخف
أجَّلتُكَ
ولكَ الألوانُ أجَّلتُ
فلم أمزج في العين تجلياتها
لم أترجم ما قلبه الضوء على شبكيتي
لم أمد يدي لأتلمس ما رأيت
لم أرَ
بل انتظرت
- ورائحة البنفسج تقطن تحت أظافري -
أن يطلق الكهف خفافيشه
في طريقٍ مسافتها الصدى
لعل ثديياتٍ يعشش النوم في أنيابها
تقلب لهفتي المنهوشة رأسًا على عقب
فأحتل أغصانًا صنعها الله من أجلي.
*
ولأن الطريق هي مسافةٌ
بين قلبٍ وقلب
استرجعنا جنونًا يعرِّجُ
على رغبة لا تسبحها إلا عاقِبتُها
وقاربًا لا يطفو
لأن خفتهُ تجعلهُ يغرقْ
فإن غرقَ
عرفَ امتلاءه
عرفَ عمقهُ
عَرَفَني
أنا الأنثى التي
خبأت أنوثتها إلى يوم آخر
وساعةٍ أُخرى
وصلَّتْ،
ساعةَ التجربةِ،
أن تسقطْ ولم تسقطْ.
*
يا ليتها سقطتْ
تلكَ التفاحةُ التي
تبرهن أن الأرض تجذبُ الأشياءَ
حتى نصدقَ أن الأرضَ تجذبها
حتى أُصدقَ أن
الثقلَ يسودُ على الخفةِ
وأن وجهي يُسقِطُ ماءهُ لأن
الأرضَ تجذبُ الأشياءْ.
*
لا تخف
أسلفتُ الأرض قبل أن أزرعكَ
لا تخفْ
نزعتُ عنها عشبها
عريتها في سريركَ
حضرتُ لمضجعكَ ستائرًا من غشاوةٍ
ثم قيدتُ روحي إلى شجرٍ
إذا خدشتَ حلمهُ اتقدَ زيتهُ
قلتُ:
لن أتغربَ عن جوعي
لن أشبعْ
لأن من أحبُ يتغذى على شحمِ قلبهِ
وأنا أصيحُ
يا من أُحِبُ لا تسأل
كيف أختَارُ مثلَكَ
ما لا يختاره إلا من هو مثلُكَ
وكيف أقرضني جسدي
لنقاءِ غيابك.
*** *** ***
