ترانيم الروح
قصائد مختارة

محمد طوّالو

(1)

دومًا هناك شيء ناقص
لا يكتمل
إلا بعد فوات الأوان.

دومًا هناك صوتٌ لا يأتي
مصيره أن يستقل الهواء المهاجر
ويجلس في برج الصدى.

أيتها الروح الصارخة في وجه الاحتمالات
الكثيرة
اخرجي من قمقم التعدد الساذج
واستوطني جزيرة دافئة
بعيدة عن كل شيء.

(2)

لهذا الضباب صوتٌ
أيها الرماد تخلَّ عن الأنين
اصرخ أيها الليل
تفتح عنقودًا على ثديٍ يحاول ألا يجف.

هنا واحدٌ وهناك لا أحد
يقابلهما أشلاءٌ
وفي الحقل فزاعةٌ جامدة.
أيتها الروح لا تأفلي
ففي الحقل لابد أن ترجع الحياة.

للأصوات المكسرة صدى لا يبتعد
يبقى أنينًا في انتظار الحياة
للساعد المتعب
نبضٌ يدقُّ في الأرض
للحمامة طريقٌ - مهما ابتعدت -
منه ستعود.

(3)

وأنا على مفترق الطرق
أسألُ في سرِّي
من أنا.

هذه خطاي
وهذه الطريق ليست لي.

هذا اسمي
وهذه شجرة التوت الكبيرة
وذاك القنديل
اضأته حين ادركت أني هنا.

إني هنا ولست هناك.
حيث تنحني الطريق
التوي كي آخذ انحناءاتها
لكن اسمي
يعيد لي خطاي المتعثرة.

هنا وليس في سرِّي
سوى ما يعيد للحجارة
لونها
ربما دمعًا
ربما دمًا
ربما لاشيء.

(4)
صوتٌ

يقترب نحوي ببطء
لا شمسَ تحجبه
ولا عطور
كبحر تعانق أمواجه الهواء
السابح فيها
يقترب كدجى
لا يمل أو يتعب
من النهوض.

(5)
همسٌ

شيءٌ يدفع الأفق
إلى كفي الصغير
لأقبض على السحاب
الناهض من سرائره الواسعة
لأصير شعلة
تنمو كزيتونة أو نخلة
في سقف السماء.

(6)
موسيقى

صوتك الآتي
مع المطر
يمزق الحزن
كورقة يبللها الدمع
المتناثر فوق هذا البياض الواسع
يقول أحلامًا
يقتل حزنًا
ويرسخ في الجوف الفارغ
أغنية.

(7)

- "الجسر لا ينتهي
أين الضفة؟"
- "تعال نجتزه، لا تخف
كن كالنهر
يشق الطريق ويتعمق
كن كالصقر
لا ينتظر أحدًا، على جناحيه يتكئ.
إنه الجسر
متأرجح لا يرحم الخائف أبدًا
على الضفة توجد أرض خصبة
وماءٌ وفير
تعال نجتزه
لا تخف من المجهول"
- "لستُ خائفًا، بل قلقًا من المجهول.
أولئك الأمراء جعلوني أشك حتى بملابسي"
- "تعرى ... انزع هذه الثياب
وتعال إلى الضفة المقابلة"
- "سآتي..."
وبدأت الطريق
جسرٌ لا ينام
وواد سحيق
وضفةٌ مجهولة
وعدة أيام...

*** *** ***