دول وطنية ديمقراطية جديدة في عصر العولمة
إميل جعبري
استغرق
نشوء الدولة الوطنية الحديثة
فترة زمنية طويلة استمرت ما يقارب القرون الأربعة مترافقة مع عصر
النهضة والإصلاح في أوروبا، أي مع نشوء الرأسمالية وصعودها منذ نهاية
القرن الخامس عشر حتى نهايات القرن التاسع عشر، إذا اعتمدنا تصنيف
المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي، أي منذ بدايات تشكل البورجوازية
الحديثة مع تحول الورش الحرفية إلى مصانع صغيرة وانطلاق الإصلاح الديني
في أوروبا وبدء الاحتجاج على سلطة الكنيسة والمباشرة في جمع الضرائب
واحتكارها وإعادة استخدامها حتى قيام الثورة الفرنسية وتجلي كيان
الدولة الحديثة القائمة على تنظيرات العقد الاجتماعي المختلفة، ونستطيع
القول إنها كذلك مراحل عصر التنوير تلك الحقبة التي شهدت ظهور النزعة
الإنسانية التي تفهم العالم من حيث الاعتراف بأن البشر هم أساس المعرفة
والعمل وأنهم ذوو قيمة وكرامة وإرادة حرة، إنها فترة وعي الذات
الإنسانية أي وعي الفرد لذاته ككائن تاريخي اجتماعي في علاقة تفاعلية
ثلاثية الأبعاد، البعد الأول علاقته بذاته والثاني علاقته بالمجتمع
والثالث علاقته بالكون مع كل ما تكتنفه هذه العملية من أسئلة عن الهوية
والحرية والوجود، ومن أزمات متتالية متراكبة على الصعيدين الفردي
والاجتماعي.
كانت الدولة الديمقراطية الحديثة الجواب الأهم عن سؤال الإنسان الفرد
في علاقته بالمجتمع الذي توصلت إليه المجتمعات الصناعية ككيان تطور حتى
أخذ أشكاله الأرقى في بعض دول أوروبا وأمريكا وبعض الدول الآسيوية التي
هي الدول الأغنى والأقوى والأكثر تقدمًا في مجال الحريات وحقوق الإنسان
في نسختها الحديثة حتى اليوم. احتلت ذروة المراحل الحديثة من هذه
الحقبة، أي مراحل نضج الدولة الحديثة وقوتها، مرحلةُ ما بعد
الامبريالية والتي يصفها باحثون (ارنست ماندل، فريدريك جيمسون..)*
مرحلة الرأسمالية المتأخرة بتحولها إلى قوة عابرة للحدود القومية من
خلال حمايتها للشركات متعددة الجنسية وتداخلها وتفاعلها معها وتحكمت
بتجاور غريب بين أشكال شديدة الاختلاف من أطوار التطور حتى يمكن القول
إن الأرض باتت تحمل على ظهرها ثلاث حقب مختلفة من حيث درجة التطور
المعرفي والإنساني والاقتصادي: حقبة العصور الوسطى حيث بقاع من الكرة
الأرضية لاتزال ترزح تحت واقع شديد التخلف يعاني الناس فيها أشد درجات
الفقر والأمية وتحكمهم أنظمة قبلية وفق أعراف وتقاليد شديدة القدم،
وحقبة العصر الحديث ما قبل تشكيل الدولة الديمقراطية الحديثة حيث عدد
كبير من بلدان العالم تدور في الفلك الاقتصادي والاستهلاكي للدول
الصناعية الرأسمالية الكبرى وتعيش حالة تبعية لها وتستخدم منتجات
التكنولوجيا الحديثة وتشكل بحد ذاتها مصدرًا للمواد الأولية والطاقة
والعمالة للدول الصناعية لكنها لم تحقق ما حققته بلدان الحقبة الثالثة
من انتقال إلى حكم الدولة الديمقراطية الحديثة دولة فصل السلطات ودولة
الحريات والمواطنة والقانون، دولة عصر الفضاء والتكنولوجيا والاتصالات
الحديثة، عصر العولمة.
يمكن تسمية تجاور هذه الحقب الثلاث مع بعضها بعضًا الحقبة ما بعد
الحداثية كما يسميها الفيلسوف جان فرانسوا ليوتار**،
وهي الحقبة التي تحولت فيها حركة العالم مما تقدمه سردياته الكبرى من
مقولات عن المعرفة بوصفها تقدمًا نحو التنوير والحرية العالميين، إلى
مرحلة تحول المعرفة إلى سلعة تنافسية أضحت كما يرى ليوتار نفسه أساس
القوة عند الشعوب والمجتمعات التي تملك أفضل تكنولوجيا وأفضل أنظمة
اتصالات وتسليح، وتملك بالتالي وتمارس قسرًا وإرغامًا للعالم على السير
كما تقتضيه قوانينها الداخلية. هذه النظرة التشاؤمية للحالة العالمية
كما هي عليه الآن فرضتها وقائع الحروب والويلات والتشرذم والأزمات التي
يعيشها الإنسان المعاصر، لكن رؤية نقدية لهذا التحليل تقدم أفكارًا أقل
تشاؤمًا بوضعها كل ما يحدث ضمن سياق صراع تطوري أدى رغم جميع سلبيات
حقبة ما بعد الحداثة إلى وصول مجتمعات جديدة إلى حالة الدولة الوطنية
الديمقراطية.
وبالنظر إلى حالة الدول التابعة التي لم تصل إلى بناء الدولة
الديمقراطية، حتى الآن، في حين حازت الأمم الصناعية أعلى درجات القوة،
هل سيتيح عصر العولمة لهذه الدول التحول إلى دول ديمقراطية رغم أنها لم
تمر بمراحل التطور الطبيعي التي اجتازتها دول أوروبا وشمال أمريكا؟
ما هي العوامل التي يمكن أن تحل مكان التطور الطبيعي وتنقل هذه الدول
إلى عصر الحداثة بما يحمله من سرديات عن العقل والحرية والكرامة
والعدالة والحقوق تشكلت عبر الصراع والنضال والتطور؟
إذا كانت نتائج الصراع الطبقي والتحولات الاجتماعية في عصر التنوير
والنهضة والإصلاح أوصلت البورجوازية الوطنية من خلال تشكلها وصراعها مع
الطبقات والشرائح السائدة من نبلاء وإقطاعيين إلى مرحلة بناء الدولة
الحديثة، إذا شئنا الاعتماد على السردية الماركسية (المادية التاريخية)
وتطويراتها في تفسير التاريخ وتغييره والتي لا تزال الأشمل والأعمق إلى
جانب العملية النقدية التي طالتها، فإن قوى التغيير (البروليتاريا
وحلفاءها) لم تعد في وضع يتيح لها القيام بحمل هذا المشروع من دون توفر
شروط كافية لإنجاز هيكلها السياسي بدءًا من العامل الفردي موضع سؤال
الهوية الفردية وصولاً إلى البنى السياسية الفوقية داخل الهوية
الاجتماعية.
فما هي القوى التي ستنجز التحول إلى الدولة الوطنية الديمقراطية القوية
في عصر العولمة؟؟ لا تختبئ الإجابة بعيدًا بل في التاريخ القريب:
قامت الشركات الرأسمالية العالمية بنقل أجزاء كبيرة من مصانعها إلى
خارج بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان وتركزت المصانع الجديدة
مع البنى التحتية الأخرى المرافقة لعملية الإنتاج في الصين والهند
وكوريا ودول أمريكا اللاتينية وجنوب شرق آسيا وتركيا وإيران ثم بعض دول
المشرق العربي وأفريقيا بدرجات أقل، وتوصلت بعض هذه الدول بمستويات
شديدة التفاوت إلى السير في طريق بناء الدولة الوطنية الديمقراطية
تبعًا لخصوصيات كل بلد وفي علاقة تفاعل وصراع مع الدول الصناعية الأم
(أو دول المراكز) التي تحتاج إلى حد من الاستقرار النسبي المضبوط في
الدول التابعة (أو دول الأطراف )، وبالتالي فإن البنية السياسية
الوطنية في بعض هذه الدول تمكنت من خلال خوضها لعملية صراع لا تزال
قائمة داخليًا وخارجيًا من تجاوز مرحلة الاستعمار والديكتاتوريات
التابعة والأنظمة الشمولية والبدء في ولوج عصر الدولة الديمقراطية من
أبواب تحكمت بسعتها عوامل داخلية وخارجية، الداخلية يلخصها وجود حامل
سياسي بجميع شروطه الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والتنظيمية خليته
الأولى هي الذات الفردية ثم أشكال التنظيم التالية المختلفة.
والخارجية تتبع صراع المصالح العالمية وتدخلاتها والخصوصيات الجغرافية
لكل بلد حيث تختلف قراءة الأخطار الناجمة عن تفاعلات التغيير في بلد
محاذ عن تلك المتعلقة ببلدان ما وراء المحيطات.
أسئلة الهوية وقوى التغيير
عند الحديث عن التغيير في بلدان المشرق تبرز أسئلة الهوية، هوية القوى
الحاملة للتحول أو صاحبة مشروع التحول، هوية الأفراد والجماعات، فهل هي
هوية منجزة محددة مولودة، أم أنها لا تزال مشاريع هويات مشظاة مجهضة؟
الذات الفردية التي تزداد أسئلة الهوية التي تخصها تعقيدًا هي ذات ما
بعد حداثية في جميع أنحاء الأرض التي طالتها أنظمة الاتصالات الحديثة
ولكن هذه الذات الما بعد حداثية ليست واحدة على الإطلاق تبعًا لعوامل
عدة أبرزها العامل المعرفي بما فيه الجانب الديني في علاقته بأسئلة
الذات والوجود والحرية من جهة وموقعها في عملية الإنتاج من جهة ثانية،
إذ إن الثورة المعرفية والمعلوماتية التي رافقت ثورة الاتصالات أدت إلى
ولادة ذات متعددة تنشطر بين هويات سابقة لا تزال فاعلة وهويات جديدة
متغيرة التأثير.
وإذا شئنا الانتقال بالفكرة إلى الجانب العملي نتساءل هل يمكن للأفراد
الذين يستهلكون المنتجات التكنولوجية الحديثة ويحافظون في الوقت ذاته
على تفكير ديني محافظ الميل إلى الانخراط في جماعات وطنية ديمقراطية
تنشد التغيير باتجاه فضاءات للحرية أكثر اتساعًا، أي هل يكفي الاستهلاك
وحده ليشكل دافعًا للتغيير، كما يفعل الإنتاج الذي يخلق شروطًا تغييرية
كما أثبت التاريخ؟
هل يمكن لمجتمع تحرر من الاستعمار القديم ليقع تحت احتلالات جديدة
ممثلة بحكومات تابعة واستعمار جديد ولم يتحرر بعد من الفضاء الديني،
الذي قوضته في الدول الصناعية أفكار الحداثة وانطلقت على أنقاضه، أن
يلد قوى قادرة على حمل مشروع التطور الوطني الديمقراطي وإيصاله إلى
مراحل الإنجاز؟
لا شك أنه لا يمكن تقديم إجابة متسرعة لا بالنفي ولا بالإيجاب ذلك أن
التاريخ المعاصر يحمل أمثلة ذات دلالات متفاوتة حد التناقض كما أسلفنا،
غير أن التعقيد الذي يغلف أسئلة الهوية ينبع من تداخل الفضاءات الثلاث
ما قبل الحداثي والحداثي وما بعد الحداثي في آن واحد في الدول التابعة.
بالنسبة للعامل الفردي يمكن اختصار أسئلة الهوية المرتكزة على الذات
بالإشارة إلى تغيرات معرفية وجودية بدءًا من الكوجيتو الديكارتي أنا
أفكر إذًا أنا موجود الذي تعرض لنقلتين أساسيتين الأولى أنا أفكر وأعمل
وأتفاعل مع التاريخ وهي ذات حداثية قادرة على الاجتماع والتغيير ثم
النقلة الثانية ما بعد الحداثية التي أنضجتها وأطلقتها حالة القلق
والخوف من العدم مع التطور الكبير في مجالات العلوم والاتصالات من جهة
وتصاعد حالة التسليع والتشييء من جهة ثانية لتطال كل شيء بما في ذلك
الإنسان والأفكار مترافقة مع الحروب والدمار والويلات. هذه الانتقالات
في تفاعل الانسان مع ذاته انعكست على نشاطه السياسي وفاعليته
التغييرية.
وفي الحديث عن الذات المعولمة في البلدان المتخلفة لا بد من التأكيد
على الدور السلبي الذي لا تزال تلعبه الطغم الاقتصادية في دول المراكز
من خلال حمايتها لأنظمة الحكم (شركائها التابعين الصغار) في هذه
البلدان أو دعمها لتنظيمات سياسية دينية ومساهمتها في إجهاض المحاولات
الثورية لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية، وبالتالي تعميق الشرخ على
المستوى الفردي في ممارسة الحرية وفهمها والنضال من أجلها بهدف الحفاظ
على زبون شديد الاستهلاك ضعيف المنافسة. وبالتالي هناك عملية مثلثة
الأركان تمامًا على مستوى الذات والمجتمع والتاريخ كما يصفها يورغن
هابرماس في كتابه الخطاب الفلسفي للحداثة تحاول عرقلة عملية
التحول، فإلى أي مدى تنجح في محاولاتها هذه.
أجوبة التاريخ
بالانتقال إلى إجابات التاريخ فإنها لا تظهر جزءًا من رأسها فقط بل
ينوء الواقع بشكلين لجسد التاريخ واحد ثقيل قاتم داخلي بطيء الحركة
وآخر مكسر شفاف يمرق كالسهم بين وقائع الزمن الحاضر ويشظيها.
الأول وبالتحديد في منطقة الشرق العربي (شمال أفريقيا وشرق المتوسط
والجزيرة العربية والعراق) حيث لا تزال آثار عصر انحطاط الدولة
الإسلامية والاحتلال العثماني والاستعمار الحديث تعيق اكتمال نشوء
الدولة الوطنية الديمقراطية رغم المحاولات النهضوية بأبعادها المختلفة
ومحاولات حركات التحرر العربية بإشكالاتها العديدة سيما فيما يخص
المسألة الديمقراطية وقضايا الحريات وحقوق الإنسان التي تخترق الفضاءين
الحداثي وما بعده بتقمصها الشكل الثاني لجسد التاريخ المعاصر محدثة
خلخلة كبرى وفارقًا في طروحات العدالة والمساواة بعد أن دُفعت إلى
المقدمة مصحوبة بالطروحات ما بعد الحداثية التي ادعى بعضها (فوكوياما)
نهاية التاريخ ووصوله إلى محطته الأخيرة بتحقيقه النموذج الديمقراطي
الليبرالي الموجه للسوق في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي مقولات جرى
تفنيدها على المستوى النظري أولًا من قبل مفكرين ما بعد حداثيين (جان
بودريار مثلًا)، وعلى المستوى الواقعي ثانيًا حيث قضايا التفاوت الطبقي
واللامساواة وحقوق الإنسان والفقر والأمراض والحروب والنضال المستمر
والثورات الجديدة والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية
المستمرة.
إذًا يمكن القول إن التاريخ الذي لا يزال يسير بسردياته الحداثية
الكبرى (العقلانية، العدالة، الحرية، الحتمية...) إلى غايته قد تشظى مع
انبثاق السرديات المضادة ما بعد الحداثية (الرعب، التشتت، العدمية،
اللاحتمية...) أو أنه بات متعددًا، أي إنه في علاقته بالسمات الحضارية
والجغرافية يحتمل كل الأشكال السابقة إما صرفة كل على حدة أو متداخلة.
ومن "جانبنا" حتى الآن نرجح أن السيرورة التاريخية في أمريكا اللاتينية
والهند والصين وتركيا وإيران والباكستان وشرق آسيا وأفريقيا ودول
البلقان في أوروبا.. إلخ لا تزال تتصاعد بتداخل الآليتين في عملية
معقدة كما هي حال التاريخ، وقد بدأت طلائعها تبدو في العالم العربي من
خلال الانتفاضات التي بدأت في تونس ولا تزال مستمرة إنما ببطء شديد
وعبر مخاض عسير سنشير له في ما يلي بثنائية العطالة والمقاومة.
فالعطالة هي القوة الهائلة التي تمتلكها الرأسمالية المتأخرة العابرة
للقارات والتي تسعى إلى تحويل كل شيء في الحياة من مواد وأفكار وحيوات
إلى سلع قابلة للاستهلاك الرأسمالي والحيلولة دون انتقال المزيد من
المجتمعات إلى الوضع المنافس الذي لا يمكن أن يتحقق من دون إنجاز
الدولة الوطنية الديمقراطية القوية ومشروع إنجاز هذه الدولة قائم
أساسًا على فكرة المقاومة، مقاومة الهيمنة ومقاومة التبعية ومقاومة
التسليع ومقاومة منع التغيير وهي كلها أشكال للظلم وهدر الكرامة
الإنسانية والاعتداء على الحرية تبقى قائمة حتى في دول العالم الصناعي
المتطور لكنها تجد هنالك حلولًا عبر عمليات مقاومة حديثة تجد تعابيرًا
لها من خلال تطوير وإيجاد قوانين جديدة متناسبة مع التغيرات ما بعد
الحداثية المتسارعة، أما في الدول المتخلفة فإنها تبقى متفاقمة ما لم
تنجز الدولة الوطنية الديمقراطية.
وانطلاق عملية المقاومة في البلدان التابعة كحالة اجتماعية سياسية
مشروع وطني كبير بحد ذاته تكمن مقوماته الأساسية بشكل جنيني في بنية
المجتمع وتنطلق شرارته من الاحتكاك الحتمي بين القوى المتداخلة للعطالة
والمقاومة، فلا تستطيع قوى الرأسمالية المتأخرة أن لا تتطور بحكم
بنيتها وخضوعها لقوانين التطور المتسارع مهما اختلفت أشكال وتعبيرات
علاقات الإنتاج والقوى المنتجة، كما لا تقبل السماح للتطور بأن يقلب
المعادلة القائمة بين حكام ومحكومين (ولا نقول مالكين وغير مالكين لأن
أحد حلول التناقض كان السماح بملكية جزئية للمحكومين)، كذلك لا يمكن أن
تتوقف عملية المقاومة ومن ثم التغيير عن الحدوث كما ثبت تاريخيًا إلا
أن تسارع أو تباطؤ واتجاهات ومسارات هذه العملية هي ما يجب البحث فيه
وفق رؤى جديدة تجمع ما بين الطروحات الحداثية وما بعد الحداثية لابتكار
آليات وأساليب فعالة للمقاومة. ذلك أن الحامل الاجتماعي الأساسي أي
القوة التي ستقوم بفعل المقاومة والتغيير هي القوى الشبابية التي
تتفاعل مع أعاصير ما بعد الحداثة لكن هذه القوى كانت مشتتة ومغرَّبة عن
عملية التغيير بفعل نجاح قوة العطالة في تحييدها إلى حين وقد تكون
بدايات فاعليتها في مسارات موازية لحركة التاريخ باتجاه الحرية قد باتت
قريبة لكنها كذلك تبقى مشروطة بإنتاج بنى ونخب فكرية وسياسية ذات رؤى
مقاومة على درجات عالية من الجدة والابتكار أخذت إرهاصاتها بالبيان
ليبزغ عهد دول وطنية ديمقراطية جديدة في عصر العولمة.
*** *** ***