بائعة الكبريت
دارين أحمد
بائعة الكبريت
أشعلُ عينًا وأنظرُ
ياه... أيتها الأحلام المتأرجحة في عري الموت
أيها الصمت الحيُّ في أشكال الحطام اليابسة
لو كنتُ مطرًا لما هطلتُ هنا
لو كنت ماء لسلت في الرمل وتركت هذا القعر.
ياه... أيتها الأيام المغلقة والحكايات الطافية على النوافذ
أيتها الغيوم المحترقة في الأعلى
لو كنتُ ظلاً لاختبأت تحت الشمس
لو كنتُ جمرًا لأزهرتُ حقل زنبق في البعيد
وخبوت هنا.
أشعل عينًا وأنظرُ
الثلج وجه الأرض
وأنا الفجوة العمياء أرتد مع كل صوت إلى كينونتي الأولى
ياه... أيتها الموسيقى المتحركة في جوف الأرض، في جوفي
أيها العتم في العين المغمضة
لو كنتُ جسدًا لملأت الفضاء
لو كنتُ روحًا لبكيتُ حتى ذاب هذا الوجه
وانكشفتُ عشبًا ووردًا حتى المدى.
إني المتحولة في أطياف البياض
أُخرج ظليَّ من قبعة الساحر
وأرتديه.
أنا الشامة على خدك أيتها الجميلة في نومها الطويل.
أشعل عينًا وأنظرُ
هل ترين آثارَ أقدامهم على كفي؟!
هل تنصتين للألم المحض فيها
مثل انكسارٍ في الوزن؟
هل تجمَّد قلبكِ هذا المساء؟
ولو كنتِ ثلجًا ألن يزرِب جلدك دافئًا ويبقى هذا الحجر الأبيض يحدق
حالمًا في الشمس؟
لو كنتِ صمتًا أما صرختِ وقد رأيتني أدفن في الصباح طفلي وأوقظ في
الليل أحلامه ثم أتوسد كفيَّ الملآى ولا أغفو؟!
لو كنتِ جمرًا أما أنضجتِ الرغيف وألصقته قمرًا ثمَّ انحنيت على
الأفواه المفتوحة تقبلين الفرح فيها؟!
والآن، الآن وكل شيء يخفت
ألا ينبض في هذا الخلاء قلبك
وفي صدري؟!
*
أوجِّه حياتي نحوك
أوجِّه حياتي نحوك
حياتي الرابضة مثل وحش جائع خلف الجبل،
مثل الجبل،
على نفسها
تمضغ يومًا فائتًا ثم تزأر للفتات الهشِّ أنْ اختفِ
هناك عطر في الأفق.
هنا السماء بيضاء سائلة
والنهر وجع
ألتفُّ... أنبسطُ... أمتدُ... أنفردُ...
ما كل هذا إلا فراغ أنتَ نقطته
تجولُ... تقولُ... تضحكُ...
يا هول الحواس في سرِّها
تَقبلُ... ترفضُ... تقدُّ
والموت قميصُ.
تجردتْ
تمايلتْ حتى اختفى البشر
أورقتْ والغيض في ألوانها فيض
كأنها نفسي وقد صارت سحابًا
كأني في مستحيلكَ المطرُ.
ايقظني من هذا المنام
القني في قلبك
التقطني؛
واقعٌ ميتٌ أناي
وكفك السحر.
*** *** ***