مذكِّرة الضابط

 

ليف تولستوي

 

ومن شكّك أحد هؤلاء الصغار المؤمنين بي فأجدر له لوُعُلَّق في عنقه حجر الرحى، وزجَّ في لجَّة البحر. الويلٌ للعالم من الشكوك! فإنها لا بدَّ أن تقع الشكوك، ولكن ويلٌ لذلك الإنسان الذي تقع الشكوك عن يده!
إنجيل متَّى: 18، 6-7

 

في جميع ثكنات الجنود هناك ما يسمَّى "مذكِّرة الجندي" معلَّقة على الجدار، ألَّفها الجنرال دراغوميروفي. هذه المذكِّرة عبارة عن مجموعة من الأقوال العسكرية الشعبية الهجومية الغبية المتصنِّعة، والممزوجة مع اقتباسات تجديفية من الكتاب المقدَّس. يتم إيراد آيات من الكتاب المقدَّس لتأكيد أنَّ على الجنود أن يقتلوا أعداءهم، ويفترسوهم بأسنانهم: «إذا انكسرت الحربة فاضرب بكعب البندقية، وإذا خذلك كعب البندقية فاضرب بقبضتيك، وإذا أعطبت القبضتان انهش بأسنانك». أما في ختام المذكِّرة فيُقال إنَّ الله هو جنرال الجنود: «الله جنرالكم».

ما من شيء يبرهن بجلاء أكثر من هذه "المذكِّرة" الدرجة المرعبة من الجهل والخضوع العبودي والوحشية التي بلغها الروس في وقتنا الراهن. منذ أن ظهر هذا التجديف المخيف، وتمَّ تعليقه في كافة ثكنات الجنود، وهذا منذ زمنٍ بعيد جدًا، لم يعبِّر أي آمر، أو أي قسٍّ، ممن يفترض أن يهمهم، بصورة مباشرة، تحريف معاني نصوص الكتاب المقدَّس، عن إدانته لهذا المؤلَّف المثير للاشمئزاز، وهو لا يزال يُطبع بملايين النسخ، ويُقرأ من قِبل ملايين الجنود الذين يعتبرون هذا المؤلف دليل عملهم.

هذه المذكِّرة تزعجني منذ زمنٍ بعيد، والآن، إذ أخشى أنني قد لا أجد الوقت للقيام بهذا قبل موتي، كتبتُ نداءً موجَّهًا إلى الجنود، حاولتُ فيه تذكيرهم بأنهم، كبشر وكمسيحيين، لديهم أمام الله التزامات مختلفة كليًا عن تلك المعروضة في هذه المذكرة. أعتقد أن تذكيرًا كهذا ضروري ليس للجنود فقط، وإنما هو ضروري أكثر للضباط (أقصد بكلمة "ضابط" في القيادة العسكرية، من الملازم إلى الجنرال) الذين يلتحقون بالخدمة، أو يبقون فيها، دونما إرغام مثل الجنود، وإنما بشكل طوعي.

أعتقد أنَّ هذا التذكير ضروريًا بشكل خاص في وقتنا الراهن. إذ إن الأمر كان على ما يرام قبل 100 أو 50 سنة، عندما كانت الحرب تعدُّ شرطًا لا بدَّ منه لحياة الشعوب، عندما كان ذلك الشعب الذي تُخاض الحرب ضدَّه يعتبر همجيًا أو كافرًا أو شريرًا، وعندما لم يكن يخطر في بال العسكر بأنهم ضروريين من أجل سحق وقمع شعبهم. كان حسنًا حينذاك السير ثلاثًا ثلاثًا، مرتدين بزَّات عسكرية مموهة ومخيطة بخيوط من قصب، والمهاميز تصلصل، أو تخطَّر المرء قدَّام الفوج، متخيلاً نفسه بطلاً مستعدًا للتضحية بحياته دفاعًا عن وطنه، وإن لم يفعل حتى الآن. ولكن الآن، حيث العلاقات الدولية المكثَّفة - التجارية، الاجتماعية، العلمية، الفنية- قرَّبت بين الشعوب إلى درجة أنَّ أية حرب بين الشعوب الأوروبية تُعدُّ شكلاً من أشكال الخلاف العائلي، وتخرق أقدس الروابط بين البشر، حيث مئات الجمعيات في العالم، وآلاف المقالات في الصحف العامة وليس الاختصاصية فقط، توضِّح، باستمرار وبشتى الطرق، جنون العسكرة، وإمكانية، وحتى ضرورة، القضاء على الحروب؛ الآن حيث - وهذا هو الأهم - يحدث أكثر فأكثر للعسكر أن يحاربوا، ليس ضد أعداء الخارج للدفاع في مواجهة الغزاة المهاجمين، أو لأجل زيادة مجد وجبروت وطنهم، وإنما ضدَّ العمال أو الفلاحين العزَّل - التخطُّر على حصان في بزَّةٍ رسمية مزينة بالقصب، والتبختر الغندور أمام الفوج، لم يعد يعتبر تفاخرًا فارغًا ومغفورًا له كما كان في السابق، وإنما بات شيئًا مختلفًا كليًا.

في الماضي، حتى في عهد نيكولاي الأول، لم يكن يخطر لأحد أنَّ القوات المسلحة ضرورية، على الأغلب، من أجل إطلاق النار على السكَّان العزَّل. أما الآن، ففي العواصم والمناطق الصناعية هناك قوات متموضعة بشكل دائم بهدف أن تكون مستعدة لتفريق تجمعات العمال، ونادرًا ما يمرُّ شهر دون سَوق القوات من الثكنات، مع رصاص حقيقي، ووضعها في مكان مخفي لتكون مستعدة لإطلاق النار على الناس في أية لحظة. لم يعد استخدام القوات المسلحة ضدَّ الشعب ظاهرة عادية فحسب، بل يتم تشكيل القوات المسلحة مسبقًا لتكون جاهزة لاستخدامٍ من هذا النوع. ولا تخفي الحكومة أنَّ نشر المجندين على الأقسام يتم، بشكل مقصود، بحيث لا يُفرَز الجنود أبدًا إلى المناطق التي جاؤوا منها. ويتم هذا لكي لا يضطر الجندي إلى إطلاق النار على أهله.

الإمبراطور الجرماني قال، ويقول، بصراحة، عند كل تجنيد للمجندين (خطاب 23 أيار 1901)، إنَّ الجنود الذين يؤدون له اليمين هم ملكه بالجسد والروح، وإنَّ لديهم عدو واحد - هو عدوه، وإنَّ هذا العدو هم الإشتراكيون (أي: العمال) الذين على الجنود أن يطلقوا عليهم النار إذا ما أمرهم بذلك، ولو كانوا أشقاءهم وآباءهم. عدا عن أنَّ القوات المسلحة، في الأزمنة القديمة، إذا كانت تُستخدم ضد الناس والشعب، فالذين كانت تستخدم ضدهم كانوا، أو على الأقل كانوا يعتبرون، مجرمين مستعدين لقتل وتدمير السكان المدنيين. لذا، ومن أجل المصلحة العامة، عُدَّ القضاء عليهم ضروريًا. أما الآن، فالكل يعلم أنَّ معظم الذين تُرسَل القوات المسلحة ضدهم هم أناسٌ ودعاء وكادحون، يريدون فقط الانتفاع من ثمار عملهم دون موانع. وبالتالي، فالاستخدام الرئيسي والدائم للقوات المسلحة، في وقتنا الراهن، لم يعد يكمن في دفاعٍ متخيَّلٍ ضد الكفار، أو أعداء الخارج عمومًا، ولا ضدَّ أعداء الداخل المتمردين المجرمين، بل يكمن في قتل الإخوة العزَّل غير المجرمين على الإطلاق، بل هم أناسٌ متواضعون وكادحون، يريديون فقط ألا يؤخذ منهم ما كسبوه بعرق جبينهم. وبالتالي، فالخدمة العسكرية في وقتنا الراهن، حيث تكمن مهمتها الرئيسية في التهديد بالقتل، وعن طريق القتل الإبقاء على البشر المستعبَدين ضمن الظروف الجائرة التي يعيشونها الآن - لم تعد عملاً غير فاضل فحسب، بل باتت عملاً شنيعًا. ولهذا لا بدَّ للضباط الذين يخدمون الآن أن يفكِّروا فيمن يخدمونه، وأن يتساءلوا ما إذا كان ما يفعلونه حسنًا أم سيئًا؟ أعلم أنَّ هناك الكثير من الضباط، وخاصةً في المناصب العليا، يحاولون عن طريق مختلف المبررات: الأرثوذكسية السلافية، الاستبداد، وحدة الدولة، حتمية الحرب الدائمة، ضرورة الاستقرار، بطلان الهذيانات الاشتراكية، الخ، أن يثبتوا لأنفسهم أنَّ علمهم عمل عقلاني ومفيد، وليس فيه أي شيء غير أخلاقي. وهم أنفسهم لا يصدِّقون ما يقولون في أعماقهم، وكلما كانوا أشدَّ ذكاءً وأكبر سنًا كلما قلَّ تصديقهم لذلك.

أذكر كيف أذهلني بفرح صديقي وزميلي، وهو شخص محب للرفعة كثيرًا، كرَّس كل حياته للخدمة العسكرية، وبلغ أعلى المناصب والاستحقاقات (جنرال - ياور، جنرال مدفعية)، عندما أخبرني بأنه أحرق كل ملاحظاته عن الحروب التي شارك فيها لأن وجهة نظره إلى العمل العسكري قد تغيَّرت، وبات يعتبر كل الحروب عملاً أحمقًا لا ينبغي التشجيع عليه عند ممارسته بل، على العكس، التشهير به.

الكثير من الضباط يفكرون على هذا المنوال مع أنهم لا يقولون هذا ما داموا في الخدمة. وفي الحقيقة، لا ينبغي لأي ضابط حصيف أن يفكِّر على نحو مغاير. إذ يكفي وحسب التفكير، بدءًا من أدنى المراتب إلى أقدمها وصولاً إلى قائد فيلق، في ماهية عمل الضباط جميعهم. منذ بداية خدمتهم حتى نهايتها - وأنا أتحدث عن ضباط الجبهة العاملين - يكمن عملهم، باستثناء الفترات القصيرة التي يذهبون فيها إلى الحرب ويمارسون القتل، في بلوغ هدفين: تعليم الجنود إتقان قتل البشر بأفضل السبل، وتعليم الخضوع الذي بموجبه ينفِّذون كل ما تأمرهم به القيادة بشكل آلي ودون نقاش.

قيل في القِدَم: «اجلد اثنين تعلِّم واحدًا»، وهكذا كانوا يفعلون. ورغم أنَّ نسبة الذين يتم إخضاعهم أقل الآن لكنَّ المبدأ هو ذاته. لا يمكن إيصال البشر إلى الحالة، ليست الحيوانية بل الآلية، التي يفعلون بموجبها أكثر الأعمال مناقضةً لطبيعة الإنسان ولعقيدتهم الدينية، وبالتحديد القتل تبعًا لأوامر أي رئيس كان، من دون أي يُمارَس بحقِّ هؤلاء الناس، بالإضافة إلى الأكاذيب الماكرة، أقسى أشكال العنف، وهو ما يُصنَع.

منذ مدة قريبة، في وسائل الإعلام الفرنسية، أثار ضجة إثبات الصحفيين للآلام المبرحة التي يتعرَّض لها الجنود في كتائب التأديب على جزيرة أوليرون، التي تبعد ست ساعات عن باريس. حيث يتم تقييد أيدي الجنود إلى أرجلهم من الخلف وإلقائهم على الأرض، ثم توضع صواميل في إبهام اليد المقيدة من الخلف، وتُشدُّ بحيث تسبب أية حركة ألمًا هائلاً، أو يُعلَّقون رأسًا على عقب، وهلمّ جرّا.

عندما نرى الوحوش المدرَّبة تنفِّذ حركات مناقضة لطبائعها: كلاب تسير على قدميها الأماميتين، أو فيلة تدحرج البراميل، أو نمور تلعب مع سباع... الخ، نعلم أن هذا كله قد تمَّ بلوغه عبر عذابات الجوع والسوط والحديد المحمَّى. ونعلم الشيء ذاته عندما نرى أناسًا في بزَّات عسكرية مع أسلحتهم يتجمَّدون دون حركة، أو يقومون بالحركة نفسها معًا: يركضون، يقفزون، يطلقون النار، يصرخون... الخ، ويقومون عمومًا بتلك العروض والاستعراضات الجميلة التي يتفاخر ويزهو بها الأباطرة والملوك فيما بينهم. لا يمكن استئصال كل ما هو إنساني من الإنسان، وإيصاله إلى حالة الآلة، دون تعذيبه، وليس التعذيب البسيط بل أشد الأشكال دقة وقسوة، تعذيبه والكذب عليه في الآن ذاته. هذا هو كل ما تفعلونه: أنتم الضباط. ففيما عدا الحالات الاستثنائية التي تذهبون فيها إلى الحرب، تكمن خدمتكم كلها في هذا، من أعلى الرتب إلى أدناها.

يأتيكم، منقولاً من أقصى الأرض، فتى، وقد لُقِّن أنَّ اليمين، الكاذب، الذي يُحرِّمه الكتاب المقدَّس، والذي أدَّاه، يقيِّده دون رجعة، مثل ديكٍ موضوعٍ ضمن دائرة مرسومة على الأرض، يعتقد أنَّ الدائرة تقيِّده. يأتيكم باستسلامٍ مطلق، وبأمل بأنكم، أنتم الأكبر سنًا، أكثر ثقافةً وذكاءً منه، وبأنكم سوف تعلِّمونه كل ما هو جيِّد. وأنتم، بدلاً من تحريره من الخرافات التي جلبها معه، تغرسون فيه خرافات جديدة هي الأكثر سخفًا وقسوةً وضررًا، عن قدسية العَلَم، وعن القيمة الإلهية تقريبًا للقيصر، وعن وجوب طاعة القيادة في كل شيء طاعةً عمياء. وعندما توصلونه، عن طريق أساليب تخدير الناس المبتكرة في عملكم، إلى حالٍ أدنى من حال الحيوان، تلك التي يكون فيها مستعدًا لقتل كل من يُؤمَر بقتله، بما فيهم إخوانه العزَّل، فإنكم تأخذونه إلى القيادة باعتزاز، وتتلقَّون على ذلك الشكر والمكافآت.

أن يصبح المرء ذاته قاتلاً لهو أمر مرعب لكنَّ إيصال إخوته الذين يثقون به إلى أن يصبح قاتلاً بأساليب خبيثة وعنيفة، لهي الجريمة الأشدُّ هولاً. وإنكم ترتكبونها، وفي هذا تكمن خدمتكم كلها. لذا، ليس غريبًا أن يزدهر في أوساطكم، أكثر من أي وسط آخر، كل ما يُميت الضمير: التدخين، لعب الورق، السُّكْر، الفحشاء، وحالات انتحار أكثر من أي مكان آخر.

«... لا بدَّ أن تأتي العثرات [إلى العالم]، لكن ويلٌ لذلك الإنسان التي تأتي به العثرات».

غالباً ما تقولون إنكم تؤدُّون الخدمة لأنه، إذا لم تفعلوا، فسوف ينهار النظام القائم، وتحدث الفتن وشتى أنواع الكوارث. ولكن، أولاً، ليس صحيحًا أنكم معنيون بالنظام القائم بل أنتم معنيون بمصالحكم فقط. ثانيًا، حتى لو أنَّ امتناعكم عن أداء الخدمة العسكرية سوف يؤدِّي إلى انهيار النظام القائم فهذا لا يبرهن مطلقًا على وجوب استمراركم بالقيام بعمل سيئ، بل يبرهن على أنَّ النظام الذي قد ينهار بسبب امتناعكم يجب أن يُباد. فلو كانت هناك أفضل المؤسسات: المستشفيات، المدارس، دور العجزة، والتي تعتاش على إيرادات بيوت الدعارة، فكل النفع الذي تجلبه مؤسسات الإحسان هذه لن يكون قادرًا أبدًا على الإبقاء على وضع المرأة التي ترجو التخلُّص من مهنتها المشينة. إذ سوف تقول المرأة: «لا ذنب لي في كونكم أنشأتم مؤسساتكم هذه على الفحشاء. لا أريد أن أبقى عاهرة، ولا تعنيني مؤسساتكم». وهو ما يجب أن يقوله كل عسكري إذا ما قيل له عن ضرورة الحفاظ على النظام القائم، القائم على استعداده للقتل. يجب على العسكري أن يقول: «أقيموا نظامًا عامًا بطريقة، بحيث لا يحتاج إلى القتل ولن أخرقه. فقط لا أريد أن أكون قاتلاً».

وأيضًا يقول كثيرون منكم: «لقد تمَّت تربيتي على هذا النحو. إنني مقيَّد إلى وضعي، وأعجز عن الخروج منه». ولكن حتى هذا غير صحيح. يمكنكم دائمًا الخروج من وضعكم، وإذا كنتم لا تخروجون منه ففقط لأنكم تُفضِّلون أن تعيشوا وتتصرَّفوا بما يناقض وجدانكم على أن تُحرَموا من بعض المنافع الدنيوية التي تقدِّمها لكم خدمتكم الشائنة. فقط انسَ أنك ضابط، وتذكَّر أنَّك إنسان، والمخرج من وضعك سوف يُفتح لك فورًا الآن. وهذا المخرج، الأفضل والأشرف، يكمن في أن تجمع الوحدة التي تقودها، فتقف أمامها وتطلب العفو من الجنود على كل الشرور التي فعلتها بهم، كاذبًا عليهم، والكفَّ عن أن تكون عسكريًا. هذا التصرُّف يبدو جريئًا ويتطلَّب شجاعة كبيرة، غير أنَّ هذا التصرُّف يتطلب شجاعة أقلَّ بكثير من الذهاب إلى الحرب أو الدعوة إلى المبارزة بسبب إهانة الشرف العسكري، وهو ما أنت مستعد كعسكري القيام به، وإنك تفعل. لكنك، إذا لم تكن قادرًا على القيام بذلك، إذا فهمت إجرامية الخدمة العسكرية، يمكنك دائمًا تركها، وتُفضِّل عليها عملاً آخر، وإن كان إيراده أقل. أما إذا لم تكن قادرًا على القيام بذلك، فإنَّ حلَّ مسألة استمرارك في الخدمة أو عدم استمرارك فيها سوف يؤجَّل إلى أن تواجه حشدًا من الفلاحين أو العمَّال، ويُعطى لك الأمر بإطلاق النار عليهم، وهو سرعان ما سيحدث. وحينذاك، إذا ما بقي فيك أي شيء إنساني فسيتوجب عليك رفض الطاعة، وبنتيجة ذلك ترك الخدمة.

أعلم أنَّ هناك الكثير من الضباط الجهلة والمخدَّرين إلى درجة أنهم لا يرون ضرورة، لا هذا المخرج ولا ذاك ولا مخرج ثالث، ويواصلون الخدمة بهدوء، وهم مستعدون في ظلِّ الظروف الراهنة لإطلاق النار على إخوانهم، وحتى يفتخرون بذلك. لكن - لحسن الحظ - الرأي العام يدين هؤلاء الناس أكثر فأكثر، وعددهم يغدو أقل فأقل. وهكذا، في وقتنا الراهن، حيث أصبحت مهمة الجيوش المتمثِّلة في قتل الأخوة جلية للعيان، لم يعد يجوز للضباط ليس فقط مواصلة التقاليد القديمة في التظاهر بالشجاعة القتالية المغترَّة بنفسها، بل لم يعد جائزًا، دون إدراك ذلِّهم وشَينهم الإنساني، مواصلة العمل الإجرامي في تعليم بسطاء الناس، الذين يثقون بهم، القتل، وأن يستعدوا بأنفسهم للمشاركة في قتل السكَّان العزَّل.

هذا ما يجب أن يدركه ويتذكَّره كل ضابط ذي فكر وضمير من ضباط زماننا.

غاسبرا

7 كانون الأول 1901

ترجمة: هڤال يوسف

*** *** ***

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود