رضابُكِ... واحتراقُ الغابة
معـاذ
اللحـام
1
كنتِ شريطًا بحريًّا يضطجعُ
أرضًا تعرض نهديها
للشَّمس الناظرةِ بحرارةٍ إلى جانبك المظلم، وباحتراقٍ
بانتظار استدارتكِ الأكثر بطئًا
وكنتُ بحرًا
يحاول في اندفاعٍ جديد
الوصولَ إلى لامبالاة ارتمائكِ
أتسلَّقكِ كنبات، وكنباتٍ أمتصكِ كنُسَغٍ
لأحيا
بعدما مكَّنتُ جذوري الأكثر عمقًا
حول أصابع قدميكِ كخواتمَ
ووَضَعَ ولهي بكِ مجسَّاته باطنَ ركبتيكِ
2
كلؤلؤتين على عنق البحر يهدِّدان اتِّزاني
شهيٌّ ومؤلم
مؤلمٌ وأكثر إيغالاً
وترتفعُ كسماءٍ غيرتي
كنَّا نتقاسمها
البحرُ وأنا
إلاَّ ما ظهر منها
كم
أُعجَبُ بالذهن المنفتح له!
ظننتُه عادلاً:
فبعدما وهبنيكِ الله
كمكافأة نهاية الصبر
اكتشفتُ، بكثيرٍ من الحبِّ، كم كان متحيزًا إليَّ
3
مرةً
أذكرُ نصف شمسٍ على حافة الماءِ
وأنتِ تتمشينَ
وتشيِّعُ خطوَكِ ملائكةٌ بلونٍ برونزيٍّ
كم كان هائلاً ترفُ ارتباكي
أمام بريق نحاسكِ
وكم كان مدهشًا
حضورُ البحر فيكِ
وكم كنتُ مدَّعيًا في غيرتي
عندما سمحتُ لهذا الوحش الهائل
أن يغويكِ بعينيه الرماديتين
4
ذات
احتراقٍ
كان دمي يطالبُ بحصَّته اليومية من اشتهائكِ العابرِ للأعصاب، كتيارٍ
وحده حضورُكِ
يزيل الفارقَ بين الدهشة والمتعة
بين حمَّى الهذيان وحكمة النبوة
بين رضابك واحتراق الغابة
ويدور الزمنُ في انتظار صوتكِ
عكس عقارب الساعة
فهل
الاحتراق هو حكمة الانتظار
أم الانتظار هو جوهر التجربة
التي تصقلكَ كسيفٍ
وتلمِّعكَ كحجرٍ كريم؟
5
كنتُ في انتظار حلمي بكِ
لينتشلني من يقظتي
عندما جلستُ مع بحارٍ فينيقي قديم أعلى الصخرة
حدَّثني:
–
عرفتُ نساءً كثيراتٍ على امتداد بحيرتي الحمراء
(كما كان يسمِّي المتوسط)
وذات غسقٍ
هنا بالذات
أطلَّت امرأةٌ
جميلةً كفرس البحر
شفافةً كفرس البحر
في اليوم الأول أعطتني قبلة
وفي اليوم الثاني
أعطتني قبلة
وهكذا حتى اليوم السابع
قبلة فقط
قلتُ لها: أريدكِ
قالت: اصبرْ حتى يكتملَ اخضرارُنا
في العاشر مجرد قبلة
– أريدكِ
– اصبرْ
بعد أسبوعين لمحتُها، فأدرتُ ظهري، ومشيتُ، فمشتْ
بعد يومين من ذلك
أتتْ وقالتْ:
– انتظرني أعلى الصخرة
وبعد قليل
أنا وهو
تطلَّعنا إلى البحرِ
وكمطرٍ في بحرٍ انهمرَ الصمت
6
لأمتلئ بكِ
أُفرَّغُ منكِ
فبعد اقترافكِ
برزتْ ملامحُ فلسفتي
التفريغ: الخلاصة!
وتبقى الكلمات، الكلماتُ تلتبسكِ
لأنتهيَ فيكِ
أنتهي منكِ
فكم يلزمني من بداياتٍ لأنتهي فيكِ
وكم من نهاية مغايرةٍ
توحي ببدءٍ جديد
كسهمٍ اخترقني حبكِ
فكم يلزمني من الحب
كي أطفئ حريق أصابعي
ولا
بدَّ من إعادة توزيعكِ، كلحنٍ
فالبكاء الخافت للموسيقى الزرقاء
مازال ينتظر الرعشة!
كم يلزمُ الوردَ منكِ ليعلن نفسه وردًا
كم يلزمني منكِ لكي أكون
أنتِ كينونتي
دمشق
***
*** ***