|
علم نفس الأعماق
أغنية بلا
كلمات إن عدم نطق الطفل الصغير للكلام لا يعني أنه لا يتلقفه: فإذا كانت الدقائقُ التي تتضمنها اللغةُ ما تزال تفوته إلا أنه يلتقط معناها بفضل حدسه المباشر للشخص الذي يكلِّمه، أيًّا كان اللسان الذي يستعمله هذا الشخص لمخاطبته. إنه يفهم الألسُن كونه يفهم لغةَ العلاقة الوجدانية بشخصه ويفهم علاقات الحياة أو الموت المحيطة به. وأحسب أن الأمر يتم بصورة رئيسية على هذا النحو: يدرك الطفل العلاقات التي تعضد الحياة أو التي تعوقها، العلاقات التي تُخِلُّ بالتناغم أو تكون تناغُمية. ولكن كيف لأصوات من نحو الابتسام أن يسجِّلها الوليد؟ لقد نُطِقَ بهذه الكلمة في أذنه للمرة الأولى عندما كشَّر قسرًا وهو يخرج من الرحم. إننا جميعًا نكشِّر على هذا النحو الذي يكون للوالد بمثابة اللغة، بما أن هذا الأخير يقول حينئذٍ، وصوتُه يترجم عن اللذة التي تجتاحه: "آه! يا للبسمة الجميلة!" وحسب المرء بعدئذٍ أن يطلب: "بسمة أخرى أيضًا"، حتى يبتسم الطفل من جديد، الأمر الذي يبرهن أن صوتًا قد تَقاطَع مع إحساس داخلي. إن واحدهما ينادي الآخر. والواقع أن الآخر (الوالد) يستدرُّ حنانَه الواحدُ، هذا الواحد، هذا الوليدُ الذي تحرِّك تكشيرةٌ منه الوالدَ الذي ألبس انفعالَه كلمةَ "بسمة".
يتبادرُ
إلى ذهني، وأنا أعالج موضوعًا من هذا النوع،
أن أتساءل إنْ كان الإنسانُ كائنًا مَرِحًا
وبهيجًا أم حزينًا وكئيبًا، كائنًا
انبساطيًّا أم انطوائيًّا، كائنًا ظاهريًّا
أم باطنيًّا، كائنًا ضاحكًا أم باكيًا،
كائنًا متهكمًا أم متعاطفًا، كائنًا ساخرًا
أم متسامحًا، كائنًا كارهًا أم مُحِبًّا،
كائنًا اجتماعيًّا أم تجمعيًّا، كائنًا
متساميًا أم منحطًّا، كائنًا هازئًا أم
متفهمًا، كائنًا ساديًّا أم رحيمًا، كائنًا
فانيًا أم خالدًا، كائنًا أنانيًّا أم مضحيًا، كائنًا عارفًا أم
جاهلاً، كائنًا
عظيمًا أم تافهًا، كائنًا راقصًا ومغنيًا أم
رصينًا وصامتًا، كائنًا متكبرًا أم متواضعًا، كائنًا طامعًا أم
طامحًا، إلخ.
|
|
|