|
القولُ
الوَصْلُ إلى العِرفَان رسموا
للشعرِ خرائطَ... ألا قبِّحتْ مناهجُهُمْ! ألم
يروا سيلَه كيف بدا، وفي القلبِ دائبًا
نَهْجُه؟! –
ع.ك. أيها
المنهج، أيها المنهج، ماذا تريد مني؟! إنك
لتعلم أنِّي أكلتُ من اللاوعي. –
غاستون باشلار اعلموا
– أُيِّدْتُ وإياكم – أن العرفانَ قولٌ
مبنيٌّ على الشعور، أو على ما ينطقُ به أهلُ
الحُظوةِ: هو النفس * وأن الشعورَ وترٌ
مشدودٌ في الجسدِ الواحدِ بين الروحِ والبدن
* وإنه يأتي بعرفانِه إذا طالَ الوتَرُ – حين
يراهُ في القلبِ صاحبُه – انتباهًا لصوتِه
المصقول، ومن حيثُ لا يدري إلا العارفُ
بكلِّيتِه، السائلُ في جهلِه، حين شعورُه
يشرقُ لذاتِه، إذا دخلَ الوترُ حسَّه،
وصَفَتِ النفسُ لصمتِها؛ فإنْ قالتْ،
أخبرَتِ القولَ من لَدُنِّ عُودِها المنشود. واعلموا أن قولَه لغةٌ:
خرجتْ من الوصفِ بالصورِ إلى ورائها * هناكَ
في تَداني مُخيِّلةٍ تثورُ في الجسد، وفي
وحشِها تجيشُ أبدًا، لا أمَدْ * تنبعثُ رسمًا
سيَّالاً في فراغ، وصوتًا عاريًا في سرائرَ
الشعور * علَّه شعرٌ حين يلهو – على حافةِ
جرحٍ، أو على حدٍّ من السؤال * أو عقلٌ هو حين
يرى وصلَه السائرَ في كَبِدْ، ثم كيف روحُه
تنثالُ في كلِّ الجسدْ. كذا فإن العرفانَ وزنٌ
للعقلِ، ودخولٌ بحبلِ صوتٍ يمتدُّ في فراغ *
ولا يأتِ إلا بمسِّه إن بدا لقلبٍ صَمَتْ *
وسواءٌ جاء باكيًا أم فرِحا، هو ميلٌ للجسدْ *
أو كان شعرًا أم نثرًا، هو فيضٌ إلى مَن
يُدانيه قَلَبْ * أو نداءٌ على جرحٍ دَما، وفي
جوفِ قلْبٍ نَكَتْ * إن سُئلتُ: "كيف يأتي
العرفانُ وزنًا؟" قلتُ: بعينِ الوضوحِ إلى
حدِّ الغيابِ – والوضوحُ طمأنينةُ الجاهلِ
إذا رأى قرَّةَ غَمْضِه فيه، فدَخَلْ * وإن
عجِبوا: "فما العرفانُ إذن يا فتى؟" قلتُ:
هو قلبُ النقضِ ذاتُه * فإنْ قلَبتَ الشيءَ
على حدِّه، فعلَّه قد أجاءَ من نفسِه ضدَّه،
بل قلْ: أتى إلى نفسِه إذا قَلَبْ. كلُّ نقدٍ هندسةٌ وبناء –
والعرفانُ هدمٌ، أو سيلٌ سَرى على قلبٍ
جَهِلْ * هو قولٌ لذاتِه وقَبْ، وإنْ أتى
فيضًا، وصوتُه وَثَبْ * وإذ قلتُ: قولٌ على
الشعورِ بدا، فقد جاء سيلاً في النفسِ، فيها
الشعرُ سنا، وكان وقفًا على بُدٍّ في العقلِ،
مدَّ منه صُلبًا، واتزانًا للقلبِ وَدَقْ. العارفون بالعلمِ تساءلوا:
"أشعرٌ هذا الذي سالَ كالمعرفةِ، أم معرفةٌ
كفَّتْ عن السؤال؟!" ضحكَ الشعراءُ، وقالوا:
"قد رأينا الشعرَ صوتًا مستغرقًا في الشعور"
* قلتُ: بأنثاي! إن العرفانَ مدٌّ منه أو صدى،
إنباءٌ به أو له * أهلُ الجهلِ قالوا: "الشعرُ
نقشٌ، والعرفانُ رسول" * لجمعِهم قلتُ:
خبِّروا الأطيافَ عنِّي إذن: "ما عسى
لراءٍ مسَّ دنياكم، ولم تُدانيه سماءْ!"
هنا في القلبِ قالَ: أحيا، عاريًا في سيلِ
ضوءٍ، أو على حرفِ ماءْ * ألا رُبَّ
رامٍ رامَ منكم، إليهِ دنا، وبكى ما
بي من عُواءْ. ***
*** ***
|
|
|