طائر الليل

قراءة في مذكَّرات أكرم أنطاكي ذاكرة الباطن

 

حسين سليمان*

 

لعلَّه يجدر بي أن أشكر في البداية موقع معابر الإلكتروني** الذي وجدتُ فيه الثَّراء الذي أنشده. ونحن، بالتأكيد، في أمسِّ الحاجة إلى موقع يحتوي على قراءات فلسفية أو قراءات نفسية، تمدُّ يدها بحياء إلى مبحث التصوف الذي تعرضه معابر، بدءًا من الشيخ الأكبر ابن عربي. أشكر، مرة أخرى، المجلة على أنها ضمَّتْ بين كتَّابها الكاتب والمترجم الملهم نهاد خياطة (مفكر صوفي خَبِرَ حالة الوصْل) الذي كتب عن التصوف، وكان أول من نَقَلَ إلى العربية مؤسِّس علم النفس التحليلي كارل غوستاف يونغ، بثراء وموسوعية لم تخبرهما اللغة العربية المعاصرة.

كتاب ذاكرة الباطن

لقد كان كتاب ذاكرة الباطن من بين الكتب والمقالات التي تطمح معابر إلى نشرها. لكن طريقة تعامُل الزمن – وجباته السريعة – لم تسمح لي في البداية أن أتأمل في مقدمة الكتاب التي اعتبرتُها مملَّة ومضيعة للوقت. وكان في ذهني أن أمحو ملفَّ الكتاب كلِّه من الكومبيوتر، لكني ذهبت شوطًا آخر أبعد، لأتصفَّح الفصل الأول وبعض الفصول المتقدمة، فكان ما كان أن أمسكتْني يَدُ المارد الذي يستلقي بين النصوص.

يعرض الكتاب بأسلوب جديد – لم أخبره من قبل – لطريقة كتابة المذكرات ولتداخُل الحوار المذهل، الذي اعتبرتُه، حتى الصفحات الأخيرة، نقصًا يتخلَّل النصوص. لكنني تراجعت عن هذا الرأي حين استوعبتُ القصد منه، فاعتبرتُه حوارًا ينشد طُرُقًا محدثة قد شظَّت الطرق المألوفة، ويلقي الضوء على حلب ودمشق وحمص، بل على سورية كلِّها تقريبًا. فمَن عاش فترة الخمسينيات والستينيات، فبالتأكيد سوف تصيبه شذرةٌ من الشَّذرات. والمكتبة العربية كانت في أمسِّ الحاجة إلى هذا النوع من الكتب التي تعرض أفكارًا تنطلق من حكمة وحُسْن استيعاب لصيرورة الحياة.

يبدأ الزمان وينفتح في صفحات الكتاب حوالى العام 1750، مؤرخًا لأجداد الكاتب الذين جاؤوا إلى حلب، مهاجرين من أنطاكية لسبب ديني وسياسي. ولأن حمولة الإلهام كانت فائضة، فلم يعرف أكرم أنطاكي كيف يبدأ. لكنْ، مع تتالي الصفحات، تنكشف للقارئ الجواهرُ التي سكنتْ في الوجدان.

وعلى الرغم من أن المنحى العام للكتاب هو تأريخ السياسة السورية من وجهة نظر الكاتب، إلا أنه يظل كتابًا أدبيًّا، بل على نحو رواية سيرة ذاتية، لم تأسرْها السياسةُ ولم يقلقها أسلوبُ السَّرد ولا الانغلاق في عالم المدارس الأدبية. ومن وراء النصوص تنجلي ثقافةٌ شاملة، زُرِعَتْ في نفس أكرم أنطاكي منذ نعومة أظفاره؛ وقد استخدمها أحسن استخدام. فهو يقدِّم للفصول بروائع لويس أراغون، وينظر إلى أحداث الشارع من خلال عيني عمِّه رزق الله أنطاكي، الوزير السابق والفاعل في سياسة البلد أيام الخمسينيات والستينيات. وإن الحرية هي المنشود الأول من وراء العمل كلِّه – حرية الفرد، وأهمية إشراك كافة الفعاليات في بناء وجدان الأمة. يصف جدَّه لطف الله أنطاكي كما يلي:

وأهم ما في هذه الحياة كان، بالنسبة له، النساء والمَيْسِر. فبدَّد من أجل النساء، وعلى موائد المَيْسِر، ما تحدَّر إليه من ثروة أهله... لم يكن يهمُّه شيء سوى الكيف... لم يكن جميلاً جدًّا، ولكنه كان جذابًا. وكانت صبايا حلب يعشقنه ويلاحقنه... في تلك الأيام أنشدتْ له المغنية الحلبية راحيل "قدُّك الميَّاس يا لطفي"... كانت الصبايا الحلبيات يحضرن صلاة صباح الأحد من أجل رؤيته وجَذْب نظره. أما هو فكان يتبختر أمامهنَّ في باحة الكنيسة، مع أصدقائه، كالديك الرومي، بشاربه المفتول وطقمه الأبيض وطربوشه الأحمر...

وقد توسَّل الكتاب النظرة الواقعية الخالية من المغالاة. لم يعتمد على التاريخ المكتوب الذي حوَّر الواقع. فها هو يصف يوسف العظمة وموقعة ميسلون، وكيف أنها جَرَتْ من دون تنظيم:

أما يوسف العظمة، وزير الدفاع آنذاك، فقد كان ابن عائلة محترمة، وعسكريًّا خرِّيج ألمانيا، ومع ساطع الحصري، من الجماعة التي كانت تفضِّل مقاومة الفرنسيين. وكان هذا ما فعل، فاستشهد في ميسلون...

لم يكن الشعب الذي أيَّد يوسف العظمة يعرف معنى القتال. تصوَّر أنهم ذهبوا معه لملاقاة الفرنسيين وكأنهم ذاهبون إلى سيران. بعضهم كان ذاهبًا إلى المعركة ومعه النرجيلة! وعندما بدأ الصِّدام، ووجد الناس أن القضية جَد، انفضُّوا عنه، وبقي يوسف العظمة – رحمه الله – وحيدًا...

فطريقة الراوي تعتمد على مذكرات جاءت على لسان أبيه وشقيقته، وعلى لسان المسنِّين من عائلته. فتحسب أن الرواية هي رواية جدَّة تقعد بجانب المدفأة أيام الشتاء كي تروي بحميمية ما كان أيام زمان. هل يغيِّر التاريخ المكتوب حقيقةً رأتْها العين؟ إنه يكشف لنا كثيرًا من الأمور التي حرَّفها التاريخ المكتوب لحفظ ماء الوجه. وهكذا يتغلغل في كشف تركيبة المجتمع السوري، طموح النفس وأحلامها آنذاك.

فبعد انتقال العائلة إلى دمشق، كان الفرنسيون قد انتهوا من تمرُّد جبل الدروز. ويصف الثوار حينذاك بأن أكثرهم كان من "الزعران والبلطجية". وهذا ليس تنظيرًا أو قسوة، بل واقع، لأنهم كانوا يقطعون الطُّرُق، ويخطفون الأولاد، ويطلبون "الخوَّة" من الأهالي. أو...

حين دخلتْ السينما دمشق، ذهبوا لمشاهدة الفيلم الصامت تاراس بولبا، و[رأوا] كيف قتل تاراس ابنه من أجل الوطن. فصرخ الجدُّ أمامهم حين نقلوا له قصة الفيلم:

-        (...) أخت الوطن! كيف يمكن لأب أن يقتل ابنه؟! هذا وحش وليس أبًا!

في داخل الجدِّ، كما في داخل معظم الناس آنذاك، كان ما يزال النقاء والحب الذي نكاد أن ننساه اليوم. وبالفعل، فلولا هذه التربية لما صرخ أمام أبنائه:

ملعون ذاك المفهوم أو تلك الفكرة، أو حتى ذلك الإله، إن كان يفترض ويؤدي إلى قتل الأب لابنه والأخ لأخيه أو الجار لجاره.

فالوطن هو الجار والأخ والابن، ولم يكن مجرَّد شعارات فارغة ترفعها الحكومات والأحزاب.

ويأتي الحديث عن أيام الاستقلال، وكيف كانت الكتلة الوطنية تقوم بمهماتها لتحرير البلد. لقد أضحى السيد لطف الله أنطاكي من أنصار الكتلة الوطنية، حيث يجتمع عددٌ من وجوهها البارزين في منزله كلَّ مساء ليلعبوا الشدَّة (الورق):

كانت غالبية وجوه البلد، أصدقاء جدِّك في تلك الأيام، من الكتلة الوطنية، ومن الفرمسون...

-        هل كان جدِّي ماسونيًّا؟

-        قال لنا مرة إنهم عرضوا عليه الانتساب فوافق، ثم تراجع في آخر لحظة، حيث صدمتْه طقوسهم... ولكنه بقي صديقًا لهم... فقد كان الكثيرون في حينه، كما قلت لك يا بابا، ماسونًا...

وأفكِّر اليوم بمرارة كم كانت مجلة آل كحَّالة [المضحك المبكي] راقية وجميلة، وكم كانت لاذعة في نقدها للجميع، وكم كانت، في الوقت نفسه، متسامحة وإنسانية...

فها هو الشيخ تاج يتحدَّى في أحد أعدادها كليمانصو قائلاً: "لماذا لا تستعبِرني؟! أنت رئيس وزراء، وأنا رئيس وزراء. أنت لديك سيارة، وأنا لديَّ اثنتان. أنت لديك منزل، وأنا لديَّ أربعة. أنت معاشك 5000 فرنك، وأنا دخلي أكبر بكثير. فلماذا لا تستعبِرني؟!

وها هو الداماد أحمد نامي واقف في حضرة المندوب السامي الفرنسي طالبًا وظيفة، وهذا الأخير يسأله: "ماذا تشتغلون حضرتكم؟" فيجيبه الداماد: "ملوك!"

وكانت المظاهرات في سبيل تحرير سورية تُبرِز شيوخًا من المسلمين وكهنةً من المسيحيين وحاخامات يهودًا، جميعهم متشابكو الأيدي:

فقد كان هذا الإخاء المذهبي هو التعبير الأمثل عن الوحدة الوطنية لأبناء الشعب السوري في تلك الأيام.

وتمر فترة الأحزاب واستقلال سورية:

وأسأل والدي عن الحنَّاوي، وهل كان فعلاً، كما يدَّعي بعضُهم، عميلاً للإنكليز، فيجيبني أنه... لم يكن حتى أهلاً لذلك. كان لا يفكر إلا في بطنه. إن افتقدتَه وجدتَه في المطعم الصحي!

وكانت فترة الانقلابات في سورية:

كانت تكفي بضعة عساكر وبضع مصفَّحات أو دبابات ليحتلُّوا مبنى الإذاعة، الذي كان واقعًا ما بين محطة القطار في الحجاز وسوق الحميدية، فينجح الانقلاب.

وقد أُرسِلَ السيد رزق الله أنطاكي إلى السعودية، ليطلب من حكومتها قرضًا لسورية:

أُدخِلتُ – على حدِّ قوله، وكان يتحدث، نقلاً عن والدي في جلسة عائلية وحميمة مغلقة – إلى قاعة كبيرة، حيث كان حاضرًا الملكُ سعود بن عبد العزيز وشقيقُه الأمير فيصل وعددٌ من أفراد الحاشية... وبعد التحية وتقديم الاحترامات، سألني جلالتُه:

-        ماذا تبغون؟ أجبته:

-        قرضًا لسورية بثلاثة ملايين دولار، يا طويل العمر. أجابني وهو يخاطب أيضًا حاشيته:

-        كيف تطلبون قرضًا جديدًا، وأنتم لم تسدِّدوا بعد القرض القديم؟ أي متى ستسدِّدون لنا القرض الأول؟ أجبته ضاحكًا:

-        لن نسدِّده، يا طويل العمر! فضحك الملك، وقد أعجبته الإجابة، وقال لي:

-        ألن تسدِّدوه حقًّا؟! هذا زين! والقرض الثاني، إنْ وافقنا على تسليفكم إياه، هل ستسدِّدونه أم لا؟ أجبته:

-        لن نسدِّده أيضًا، يا طويل العمر. فهذه من أفضالكم على سورية، والأفضال لا تُعاد، كما تعلمون. ضحك الملك وقال لي:

-        أنت زين! وافقنا على منحكم مبلغًا قدره ثلاثة ملايين دولار للحكومة السورية. هل أنت راضٍ؟ أجبته:

-        ليس بعدُ، يا طويل العمر. فضحك أيضًا وأجابني:

-        إنشاء الله، لن تغادرنا إلا وأنت راضٍ.

ثم تأتي سيطرة حزب البعث على الوضع من خلال استغلاله لاغتيال عدنان المالكي. ثم كيف بدأت الحريات تتقلَّص، وكيف راح يميل الكاتب مع شقيقته إلى النضال في صفوف الحزب الشيوعي لتحقيق الحرية والتقدُّم المزعومين:

وتستعيد ذاكرتي بعضًا من الصور الصاخبة للأحداث آنذاك... كتلك المظاهرة الصغيرة من الرعاع الذين تجمَّعوا في اليوم الأول للانقلاب أمام منزل السيد خالد العظم، الذي كان قد التجأ إلى السفارة التركية، التي كانت مستأجِرة الطابق السفلي من بنايته الواقعة في أعلى حي "أبو رمانة"، ليُسقِطوا ويشتموا ببذاءة سياسيًّا عجوزًا ومريضًا، كان ذات يوم أحد أكفأ وأشرف القادة السياسيين السوريين لفترة ما بعد الاستقلال.

ويخصِّص أكرم بعض الفصول في الحديث عن نضاله، مع شقيقته إكرام، في صفوف الحزب الشيوعي، الذي كان، في نظره، الحلَّ الوحيد لأزمة الإنسانية على ظهر هذا الكوكب. وعلى الرغم من أنه يدرك خطأه اليوم، حيث يورِد:

-        كنت ثورجيًّا، أجل. ولكن... كان غباؤنا أننا كنَّا ننظر إلى الثورة كمفهوم تقدمي...

-        أتُراكِ تلمِّحين إلى الجانب الرَّجْعي لمفهوم الثورة؟

-        فكِّر معي قليلاً في الأصل اللاتيني لكلمة revolution، حيث تعني كلمة revolutio الدوران في دائرة مغلقة. واستنتج ما تشاء من حَدَثٍ ومسار، قد يطول أو يقصر، لكنه معدوم الأفُق، ويعيدك، في المحصِّلة، إلى حيث انطلقت... أما من منطلق لغوي عربي، فالكلمة قد تكون تأنيثًا لكلمة "ثور"، تعبيرًا عمَّا يرافق حالها، كحال زوج البقرة، من هيجان وفقدان للتوازن في أثناء عملية الجماع!

ثم أصبحت الكلمة – لسخرية الأقدار – في العصور الحديثة، التي قلبتْ المفاهيم التقليدية رأسًا على عقب، رمزًا لـ"التقدمية المتطرِّفة"!

لقد تملَّى الشقيقان مفهوم الثورة وفشلها بعد طول نضال، ثم راحا ينقِّبان عن سبب الفشل، فلجآ إلى أساس الكلمة، لعلَّه يفسِّر المُحال الذي آلتْ إليه الأمور. وها هي ذي إكرام، الشقيقة الصغرى، تدلُّه على الدوران في دائرة مغلقة. إنها الثورة التي تدور في أفق مغلق، حيث لا ينفتح نورٌ ولا إشعاع. إنها، بالفعل، حالة ما، لا تدلُّ إلا على حوارية العقل مع صيرورة الزمان. وهو يحاول تفسير الذي جرى بطرق شتى، كي يلمس القناعة التي تريحه. إنها "مرة أخرى". فندخل في مغامرة اللغة والدلالة – والحديث عنها يطول.

ثم تأتي أحداث محاولة انقلاب سليم حاطوم الفاشلة، حين اعتقل في السويداء رئيس الدولة، نور الدين الأتاسي، وصلاح جديد كرهينتين:

حسب تقويم حزبنا الشيوعي آنذاك، تمَّ سَحْقُ هذا الانقلاب بفضل يقظة الشعب وقواه التقدمية و... الطبقة العاملة، بكتائبها المسلَّحة. فحينئذٍ كانت الحكومة السورية اليسارية قد شكَّلتْ، ضمن فولكلورها الثورجي، الكتائب العمالية المسلَّحة لحماية الثورة...

-        ولكن، في الحقيقة، لم تكن للشعب، ولا لقواه التقدمية، ولا للطبقة العاملة، أية علاقة بالموضوع. فقد... فشلتْ محاولة حاطوم الانقلابية على يد وزير الدفاع حافظ الأسد، الذي هدَّد بقصف السويداء إن لم يفرج الأول مباشرة عن نور الدين الأتاسي وصلاح جديد. فانهارت أعصاب حاطوم الذي فرَّ هاربًا إلى الأردن، حيث التجأ. ومن هناك، عبر الإذاعة الأردنية، شنَّ حملة إعلامية قاسية على "الحُكْم العَلَوي" في سورية!

لقد جاءت المذكرات كقراءة للتاريخ النفسي والسياسي للفرد والمجتمع. من وجهة نظر معينة، اعتمدتْ الذاكرة وعلى مذكرات تحت اليد، من رسائل وتعليقات على المجرى العام في سورية. إن ما تنشره يُعمَّم على الوضع العربي العام. فلقد سحرتْنا الشعارات ودفعتْنا العواطف إلى طريق غير مأمول، حيث كان هدفُنا تغذية ظرف النَّقص في ذواتنا، من دون الانتباه إلى أن نشيد الحياة هو التعاون الكلِّي وقبول الآخر. فالوطن للجميع، من يسار ويمين، بكلِّ ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. إنها محاولة لمراجعة الذات – وبكلمة أخرى، نمطٌ لتربية جديدة – تفتح عيون القراء على العالم الإنساني الذي بدَّدناه بأيدينا.

*** *** ***


* كاتب من سورية يقيم في أمريكا.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود