بلاد لامرئية... العتبات
العمياء
أحمد اسكندر سليمان
-1-
ستنهار الرسالة
التي تكاثر رواتها كالذباب
ستنهار ويرتفع البرج البابلي القديم
لن يدرك رعاة السرد
مآرب
ا
ل
ذ
ر
و
ة
ستنهار البلاد التالية
وينشغل الرواة بالبحث عن حجر الزاوية
سنرى مساردا تشق صدر الكلام
وتفلح الهواء الكتيم
سنرى ولن
يحدث
أن
ن
ر
و
ى
-2-
في مرحلة تالية
قد تجد البشرية في حالتها العليا
بأنها ليست بحاجة لتجديد النسل عن طريق التزاوج والولادة بل عن طريق
الاستنساخ لمن يستحقون الاستمرار.
سيكون الجنس للمتعة
ولتوليد الحالات التي تنتج قصائد خالصة
وستصبح مشاعر الأمومة والأبوة مشاعر رثة ومبتذلة
وسيصبح الأبناء الذين لا آباء لهم
أبناء للكون والحرية.
ستتهاوى العقائد والقوميات
وسيكون على الجنس البشري انتخاب مفرداته بصرامة
بعد كل تلك البشاعات المتداولة والرائجة
وستكون الإبادة الشاملة
كما لو أنك تقلم
الحديقة.
نعم
يعيش الأبديون بيننا
وليسوا من يشار إليهم في الأوقات الخمسة
أو في تحية الصباح
المخادعة.
-3-
أشير إلى فرق
بين ثقافة الحاجة وثقافة التذوق
حين تحتكر قلة الثروة تسود ثقافة الحاجة ويكون الأمر أشبه بسوق القطعان
إلى المذابح والحروب
هنا يصبح تداول الأنصال
كتداول العملة المحلية
واللوحات الرديئة.
ليس هذا ممكنًا في ثقافة التذوق والإشباع
حيث القدرة على الاختيار من قوس الحياة الشاسعة
حيث يتقن العاشق القبلة
وتتقن الوردة
نشر
ا
ل
ع
ط
ر.
-4-
يختلف الأبناء عنا
ولا يشبهنا أحفادنا أبدًا
اعتقد بأننا سنكون أعداء
للموجة التالية من أبناء العائلة
لكنه الموت لا يمنحنا ذلك الشرف
أن تكون عدوًا لدمك حين تلزمك الفضيلة
بأداء الواجب وتنقية السلالة
من أدرانها.
هذا هذيان
لا هذه ترهات
لا يمكن أن تتبادر إلا إلى
عقل متواطئ
مع الله.
-5-
يومًا ما
ويبدو مرئيًا
سوف تنتهي الهويات والعقائد والدول ولن يكون هناك غير سوق عالمي مفتوح
تتصارع فيه الشركات والمصارف على مساحاته.
يومًا ما
ستكون الأوطان والعقائد والجماعات وجودًا افتراضيًا في المتاحف وعلى
الشبكة العنكبوتية
ليس أكثر.
يومًا ما
لن يبقى شيء يقاتل الحمقى من أجله
كما يفعلون
الآن.
-6-
قبل أن تتآكل ذاكرتي
قبل أن يحدث هذا تمامًا وبفعل آلية المحو التي يعمل عليها عقلي، هذا
المنهك الآن إلى حد الانهيار
أعود وأقول
لا ينهك الحقيقي نفسه بحمولة زائفة
ولا يمكن للزائف أن يصبح حقيقيًا بحمولة حقيقية
ذلك الجهد المضاعف يسمى عملاً
وليس هوية.
لهذا
يبدو الأبناء بالتبني
أشد ضراوة بالانتماء إلى الهوية
الأبناء الطبيعيون لا يفعلون هذا، فهم
يحملونها، وتتدفق في سلوكهم
بسلاسة مياه
الينابيع.
يحدث هذا
في فضاء العقائد المهيمنة
ويحدث في فضاء الأوطان العظمى
التي تمنح الكثير
لأبنائها.
يحدث هذا
حين لا يعترف الغزاة بهوية أخرى
وحين لا يعترفون بالحوار
بل بالطاعة.
وحين
تصير الأرض المفتوحة
هبة أو وقفًا
لطريقة.
-7-
تتآكل الهويات
بفعل الحت المعرفي المتواصل
وبفعل الحرية
وبفعل
ا
ل
ت
ج
ا
و
ر
تتآكل
بفعل الاندماج في العالم
والجريان مع
ما
ي
ت
د
ف
ق
يؤلمني
أنك لم تصبح سوريًا
بعد ألف عام من وجودك على أرضها
يؤلمني بأنك لست هنا
بل هناك، كي
تؤلمني
هنا.
-8-
هل تعلم
بأن ملامحك بعد أن تكتمل
تصير كتابًا مفتوحًا
لقراء الإشارات.
هذا
إن لم تكن
من شعب يمحى
أو ينقرض بفعل حمولة زائدة
تجعل المسافة أبعد
بينه وبين
الذين
ي
ع
ب
ر
و
ن
لا تنظر
في المرآة
لن تقرأ شيئًا مختلفًا
بعد عبورك الافتراضي المحموم
تلك العتبة.
-9-
كشيء من السحر
قد أعود إلى ممارسة هواية قديمة بقراءة بعض الوجوه
التي تستفزني، وتثير مخيلتي.
تعلمت هذا
من الشعور المتواصل بالنوايا المظلمة
في محيط عدواني، و
محاولة درء الخطر
بالقراءة.
كان هذا مجديًا دائمًا
كقراءة دوستويفسكي وكافكا
وهيرمان هيسه
وجويس
وكتاب
ا
ل
ا
م
و
ا
ت
*** *** ***
(الأعمال الفنية المرفقة هي للشاعر أيضًا)