ثنائية حياة وموت

 

محمد حسن (تموز)

 

لم أكن لأفهم أين يتشكَّل مدار تلك الغيوم الآتية من الشرق، تسبح وتنير تعصف ولا تهدأ. جموعٌ تتوهم العيش ولا تعرف إلاَّ كيف تترقب الفاجعة، لا تلمح سوى الأمس وغدها في باطن الغيب المسجَّى بالخوف. حيث لن تجد سوى الكذب يطير في الهواء تتلقفه الألسن وتلعقه عقولٌ تداوت بداءٍ هو اختصار العدم المتخفي بستار الحياة اليومية وتفاصيلها المُبهرجة.

مُريحٌ هو العدم، مؤلمٌ هو الانحدارُ إليه، حيث لا تلمح في مستقر الهاوية سوى سوداوية جنتهم وبياض جحيمهم!

حلق أيُها اللاشيء حول أسرَّة شرقنا، داوه بالفراغ وأترك من نثراتك أفقًا للأفق ينفتحُ فيه السؤال ويبتعدُ حيث لا جواب، وعد إلى أولئك الدمى التي تتزيَّا بالقيء، اضربهم بصاعقتك وانفهم إلى مكانٍ تعريِّهم فيه وتمحي لوثة ألسنتهم، حمقى نسجوا من ألسنتهم التي استطالت قبورًا لأجسادهم، وسقفوا عقولهم بأقفال السلطة والأنا المنتفخة، وتباهوا على الملأ كيف أنهم وضعوا على أعينهم غِشاء العمى.

مسكينةٌ هي الطبيعة مازالت تنتظر عرسها الجماعي في اندماج المحبة بالفهم لتطلق بشارة الحرية.

***

أهطل أيها المطر،
داوني أنا الغريب
دع نيران محبتي تحرقني وحيدًا
وأنت تطفئني وترسم أساريري
حيثُ لا صوت سوى الريح
ولا ضوء سوى الصاعقة.

***

سأهيمُ خلف الريح وأضيءُ
وأقولُ كيف أني عشقت العاصفة
وأغويت الفصول،
ألبستُ الشتاء أكمام ورودي الهاربة
وأسرجتْ ريحي أغصان الخيول،
ها أنا أزرع الحقول
وقبل الحصاد أجيءُ.

***

حيثُ نولد لا يتناسلُ من الجفون في الصباحات الرمادية إلاَّ الموت المتسرب من شقوق الجدران والنوافذ والأصابع، لا خبز ليومنا إلاَّ الفجيعة ولا قانون سوى الخطيئة. حيث نعيش أصبح الباطل فرضُ والدماء أرضُ، لا سماء سوى الهاوية التي تتكدس فيها رؤوس وأيدٍ مقطوعة.

ليس من تغيُّر يُذكر في تاريخنا سوى بتطور فعل القتل وتمدده بأشكال واستطالات الفؤوس التي تكسر الأعناق والأحلام، والمعاول التي تتفنن بحفر القبور ورسم أشكالها العبثية وتزيينها إمَّا بسيرةٍ ذاتية عطرة أو دعاء الأخذ بالثأر.

***

أحجموا أحجموا!
علَّكم تشتمون عطرًا من رحيقها
أحجموا أحجموا
علكم في ظلمة دهركم تبصرونها
أحجموا أحجموا
علكم تُلفحوا بشمس حنينها
ويسري إحساسها في عروقكم المسدودة.
تلك البذرة المُغيَّبة

غطيتموها بالموت والنسيان
بالجهل بالهذيان.
تعمقوا وانظروا داخلكم
علكم تجدون في ذاتكم
شمعةً لحلكة ليلكم،
فيضيء وتضيئون!

***

أن تكون مستبصرًا هو أن ترى كل شيء حسن.

*** *** ***

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني