الصليب في الإسلام

 

محمود زيباوي

 

انشغلت وسائل الإعلام بظهور راهبات دير القديسة تقلا على شاشة قناة "الجزيرة" بعد خروجهن القسري من معلولا في شريط مصوَّر أكدن فيهن سلامتهنَّ. إثر هذا الظهور السريع، عرضت عدد من المواقع صورًا تظهر فيه الراهبات بصلبانهن "قبل الخطف"، وأخرى من دون هذه الصلبان "بعد الخطف". وكتب موقع "بانوراما الشرق الأوسط" معلِّقًا: "يزعم المسلحون أنهم نقلوا الراهبات للحفاظ على حياتهن وأنهن باستضافتهم، لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا يوجد على صدور الراهبات أي صليب ما دامت الراهبات ضيوفًا، والضيف يُكرم ويُعطى الحرية".

يعيد هذا السؤال إلى الذاكرة كتاب وضعه العلامة الدمشقي حبيب الزيات عنوانه الصليب في الإسلام، درس مذهبي تاريخي مقتبس من الأصول الإسلامية. صدر هذا البحث عام 1935 عن مطبعة القديس بولس في حريصا من ضمن سلسلة "وثائق لدرس تاريخ البطريركيات الملكية"، وقدمَّته مجلَّة المسرَّة يومذاك هدية لقرائها في ذلك العام. بعد سبعة عقود، أعادت "منشورات المكتبة البولسية" نشر هذا الكتاب، وافتتحت به سلسلة "مجموعة حبيب الزيات"، وحملت الطبعة الجديدة مقدمة قيمة ومجموعة من الفهارس العلمية وضعها الدكتور وسام كبكب. في هذه المقدمة، أشار المحقِّق إلى جرأة الزيات في

نقل الكلام كما ورد، حتى لو كان فيه إدانة للموقف الإسلامي من القضايا المطروحة،

وأشار إلى خطورة بعض هذه القضايا وحساسيتها، وقال في الختام:

أمَّا الخطورة ففي نوعية المعلومات التي أبرزها ودقَّة طرحها، إذ قد تعتبر، للوهلة الأولى، مسيئة لأجواء الحوار الإسلامي المسيحي، ولكنها إذ قُوِّمت بأن التاريخ عبرة تؤخذ منه الدروس الحلوة والمرَّة، فإنَّها تصبح إذ ذاك مادة يستفيد منها المسلمون للتحاشي عن أخطاء أسلافهم في التعامل مع المسيحيين، وتصبح حينها مؤلفات الزيات زادًا أساسيًا لإرساء الحوار المسيحي الإسلامي في الشرق على أسس عقلانية.

آلام المسيح، صفحة مزوقة من انجيل متى، مخطوط قبطي عربي يعود إلى عام 1249، مكبة المعهد الكاثوليكي، باريس.

في بحثه المثير، يبرز حبيب الزيات ما قيل في كتب التراث عن الصليب، في الشعر والأدب والتاريخ والمذاهب، وتعددية المواقف منه دينيًا ومدنيًا "بين رفع وخفض، وظهور وخفاء، وتشدُّد فيه وتسامح". يبدأ الباحث رحلته بالحديث عن "الصليب في اللغة"، وينقل عن لسان العرب: "الصليب ما يتَّخذه النصارى قِبلة، والجمع صلبان وصلب. وثوب مصلَّب فيه نقش كالصليب". و"صليب الصلبوت"، وهو الصليب الذي استلبه صلاح الدين "من الفرنج يوم حطين، وفيه من الذهب ما ينيف على عشرين رطلاً مرصعًا بالجواهر النفيسة، بحسب ابن كثير في البداية والنهاية، وهو الصليب الذي "تزعم النصارى أن عيسى عليه السلام صُلب عليه" كما يقول الذهبي في تاريخ الإسلام. والنصارى في أمهات كتب التاريخ والاخبار الإسلامية هم "أتباع الصلبان"، و"عباد الصليب"، و"عبدة الصلبان"، وقد حمل صلاح الدين الأيوبي ومن بعده الظاهر بيبرس لقب "قامع عبدة الصلبان".

في كتب الحديث المعتمدة، لا نجد في صحيح البخاري ذكرًا للصليب سوى في حديث يتيم يُعرف بـ"حديث كسر الصليب وقتل الخنزير"، ونصُّه:

لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكمًا، مقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد.

في النهاية في غريب الحديث والأثر، يذكر ابن الأثير الحديث الذي نهى فيه الرسول "عن الصلاة في الثوب المصلَّب"، أي "الذي فيه نقش أمثال صلبان". ومنه: "كان إذا رأى التصليب في موضع قضبه"، وحديث عائشة: "فاولتها عطافًا فرأت فيه تصليبًا، فقالت: نحِّيه عنِّي". وحديث أم سلمة: "إنها كانت تكره الثياب المصلَّبة". ونجد في لسان العرب، حديث عدي بن حاتم في المعنى نفسه، ونصُّه:

قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي: أَلْقِ هذا الوثَن عنك". وقد سمَّى الأعشى الصليب وثنًا في بيت من نظمه:

تطوف العفاة بأبوابه             كطوف النصارى ببيت الوثن.

مخطوط سرياني يعود إلى عام 1191، المكتبة الوطنية الفرنسية.

تعظيم الصليب

في الجانب المقابل، تحفل كتب الأدب والشعر بالروايات والأبيات التي تشهد لحضور الصليب في عبادات المسيحيين. في مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، يخبرنا شهاب الدين العمري أن جرير دخل في يوم عيد دير سمعان، ورأى "النساء والصبيان يقبِّلون الصُلُب ويسجدون لها"، فقال:

رأيتُ بدير سمعان صــــلــــيــبا               تقبِّله السوادن والظباء
تعظِّمه القسوس وتحتويــــــــــه              فترشفه ويخنقها البكاء
فقلت لهم مهٍ هل غير عود                تملَّكه اعوجاج واستواء

وفي تزيين الأسواق في أخبار العشاق، يروي داود الأنطاكي حكاية عن الوليد بن يزيد الذي عشق نصرانية

وراسلها فأبت عليه، فكاد أن يطيش عقله، فتنكر يوم عيد للنصارى، وبايع صاحب بستان تتنزَّه فيه بنات النصارى فأدخله، فلما رأته قالت للبواب: من هذا؟ قال لها: مصاب. فجعلت تمازحه حتى اشتفى بالنظر إليها، فقيل: أتدرين من هذا؟ قالت لا، قالوا لها هو الخليفة، فأجابت حينئذ وتزوج بها. وقال فيها:

أضحى فؤادك يا وليد عميـــــــــــــــــدًا                  صبًا قديمًا للحسان صيودا
من حب واضحة العوارض طفلة           برزت لنا نحو الكنيسة عيدا
ما زلت أرمقها بعيني وامــــــــــــــــــق                   حتى بصرت بها تقبل عودا
عود الصليب فويح نفسي مـــــــن           رأى منكم صليبًا مثله معبودا
فسألت ربي أن أكون مكانـــــــــــه           وأكون في لهب الجحيم وقودا

يتجلَّى تعظيم النصارى للصليب في قول أبي نواس في غلام من النصارى:

قد رضينَا بســـــــــــــــلامٍ            أو كلامٍ من قريبِ
فبروحِ القُدس عيسى             وبتعظيمِ الصليب
قفْ إذا جِئْتَ إلينـــــا              ثمَّ سلِّم يا حَبيبي

كما يتجلَّى في مناظرة شهيرة بين مسلم ونصراني، تحدَّث عنها البيروني في الآثار الباقية، وتُعرف باسم مناظرة بين الهاشمي والكندي.

من المفارقات الغريبة، يحضر الصليب بقوة في كتابات خلعاء الشعراء الذين قصدوا الأدرية طلبًا للنزهة وشرب الصهباء، ويُعرف نتاج هؤلاء الشعراء بأدب الديارات. قال عبد الله بن العباس بن الفضل بن الربيع في وصف دير قوطا، بالبردان، على شاطئ دجلة:

أقمت بالدير حتى صار لي وطنًا           من أجله ولبست المسح والصلبا
وصار شماسه لي صاحبًا وأخًا             وصار قسيسه لي والدًا وأبــــــــــــــــــا

وقال الكندي المنبجي في حديثه عن دير مَرمَاعُوث، على شاطئ الفرات:

ولقد سلكت مع النصارى كل ما            سلكوه غير القول بالثالوث
بتناوُل القربان والتكفير للصـــــــــ            لبان والتمسيح بالطيبوث
ورجَوتُ عفوَ الله متكلاً على               خير الأنام نبيه المبعوث

لبس النصارى الصلبان في أعناقهم في ديار الإسلام، والشواهد الأدبية في ذلك كثيرة. في زمن الأمويين، اشتهر الأخطل بسلسلة ذهب في عنقه يتدلَّى منها صليب، وعُرف بـ "ذو الصليب". ونقل أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني:

لقد كان الأخطل يجيء وعليه جبة خز وحرز خز، في عنقه سلسلة ذهب فيها صليب ذهب، تنفض لحيته خمرًا، حتى يدخل على عبد الملك بن مروان بغير إذن.

مخطوط سرياني من القرن السابع عشر، مكتبة الفاتيكان.

صلب المسح وإنزاله عن الصليب، منمنمتان من مخطوط عربي يعود إلى عام 1684، متحف والترز للفنون، بالتيمور.

وفي زمن العباسيين، هام عبد الله بن العباس بن الفضل بجارية نصرانية، وقال فيها:

يتثنى بحسن جيد غــــــــــــــــــــــــــــــزال                  وصليت مفضض آبنوسي
كم لثمت الصليب في الجيد منها           كهلال مكلل بشمـــــــــــــــوس

وقال عبد الله المعتز في "ظبي" هام به:

وشرب كأسٍ في مجلس بهجٍ               لم أر همًا به ولم يرني
من كف ظبي مقرطق غنجٍ                 يعذرني من عليه يعذلني
تلوحُ صلبانه بلبتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــهِ           كنور خيرية على غصن

وقال مدرك بن علي الشيباني في عشق عمرو بن يوحنَّا:

يا ليتني كنت له صليبًا           أكون معه أبدًا قريـــــــــــــــــبا
أبصر حسنًا وأشم طيبًا           لا واشيًا أخشى ولا رقيبا

وقال الخالدي في وصف دير سعيد، غرب الموصل:

سَعِدَت صُحْبتي بدير سعيد                 يوم عيدٍ في حسْنه ألفُ عيد
كم فتاة مثل المهاة ســـــــــــلَبْنا             ها صليبًا من بين نَحر وجِيد

في قصور الخلافة، زيَّنت الفتيات والجواري نحورهنَّ بصلبان الذهب، ولم تثر هذه الزينة نقمة كبار الخلفاء كما يبدو. في تاريخ الرسل والملوك، يروي الطبري:

دخل المهدي بعض دوره يومًا فإذا جارية له نصرانية، وإذا جيبها واسع وقد انكشف عما بين ثدييها، وإذا صليب من ذهب معلَّق في ذلك الموضع؛ فاستحسنه، فمد يده إليه فجذبه، فأخذه، فولولت على الصليب، فقال المهدي في ذلك: يوم نازعتها الصليب. فقالت: ويح نفسي أما تحل الصليبا.

وفي الأغاني، يروي الأصفهاني حكاية تقول إن المأمون شوهد في يوم من أيام الشعانين وسط عشرين وصيفة من الروميات، "قد تزينَّ بالديباج الرومي، وعلقن في أعناقهن صلبان الذهب، وفي أيديهن الخوص والزيتون". في الأغاني، أيضًا وأيضًا، قيل إن عبد الله سبط الفضل بن الربيع، وزير الأمين، هام بجارية نصرانية رآها في بعض أعياد النصارى

فكان لا يفارق البيع في أعيادهم شغفًا بها، فخرج في عيد مار سرجيس، فظفر بها في بستان إلى جانب البيعة، وقد كان قبل ذلك يراسلها ويعرفها حبه لها، فلا تقدر على مواصلته ولا على لقائه إلا على الطريق، فلما ظفر بها التوت عليه وأبت بعض الإباء، ثم ظهرت له وجلست معه، وأكلوا وشربوا، وأقام معها ومع نسوة كن معها أسبوعًا، ثم انصرفت في يوم خميس. فقال فيها:

كم لثمت الصليب في الجيد منها           كهلال مكلل بشموس

وصف العديد من الكتاب والأدباء احتفالات المسيحيين بعيد الشعانين، ورفعهم الصلبان في هذه الاحتفالات. تغنَّى الثرواني بدير الحريق بالحيرة، وقال: "خرجنا في شعانين النصارى وشيَّعنا صليب الجاثليق". وقيل عن زبيدة بنت جعفر المنصور، زوجة ابن عمِّها الرشيد ووالدة الأمين، إنها تشارك في صنع "أعلام الشعانين وصلبانًا من ذهب وفضَّة". وقيل إن المأمون نزل الدير الأعلى بالموصل يوم عيد الشعانين، فجلس "في موضع منه حسن مشرف على دجلة والصحراء والبساتين"، وشاهد رهبانه وقسانه "وحولهم فتيانهم بأيديهم المجامر، قد تقلدوا الصلبان وتوشحوا بالمناديل المنقوشة"، فاستحسنه، "ثم أمر بإخراج من معه من وصائفه المزنرات، فأخرج إليه عشرون وصيفة كأنهم البدور، عليهن الديباج، وفي أعناقهن صلبان الذهب، بأيديهن الخوص والزيتون".

حجب الصليب

في الجهة المعاكسة، يعرض حبيب الزيات في بحثه طائفة من الشواهد التي تنقل صورة مغايرة تمامًا لهذا الواقع، وتبرز هذه الصورة بنوع خاص في باب "قول المسلمين إنَّ الصليب أحقُّ بالاطراح والمقت"، وباب "كسر الصلبان وإحراقها".

في حديثه عن العهود التي عُقدت في زمن الفتوحات، يشير الباحث إلى ذكر مسألة ظهور الصليب في عهد واحد فقط، وهو العهد الذي أعطاه عياض بن غنم لأهل الرقة يوم دخلها، ونصُّه كما برواية البلاذري في فتوح البلدان:

أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم لا تخرب ولا تسكن إذا أعطوا الجزية التي عليهم ولم يحدثوا مغيلة، وعلى أن لا يحدثوا كنيسة ولا بيعة، ولا يظهروا ناقوسًا ولا باعوثًا ولا صليبًا.

في زمن الخلافة العباسية، اشتهر المتوكِّل بفرضه شروطا بالغة القسوة على أهل الذمَّة، منها منع النصارى "من إظهار في شعانينهم صليبًا، وأن يستعملوه في الطريق"، كما نقل ابن الأثير في الكامل في التاريخ. وفي دار الخلافة الفاطمية، أمر الحاكم بأمر الله "ألا يظهر صليب ولا تقع عليه عين، ولا يُضرب بناقوس".

يتوقف الزيات أمام أبرز المحن التي تعرَّض لها المسيحيون على مر العهود الإسلامية. في عهد الأمويين، كان أبرز أعداء الصليب عبد الملك بن مروان وشقيقه عبد العزيز بن مروان، حاكم مصر. وفي زمن الفاطميين، كان الحاكم بأمر الله أكثر الحكام المسلمين تشدُّدًا في هذا الشأن. بحسب رواية المقريزي، في سنة 988، منع الحاكم النصارى

من تزيين كنائسهم، وحملهم الخوص على ما كانت عادتهم، وقبض على عدة ممن وجد معه شيئًا من ذلك، وأمر بالقبض على ما هو محبس على الكنائس من الأملاك، وأدخلها في الديوان، وكتب لسائر الأعمال بذلك، وأحرقت عدة من صلبانهم على باب الجامع العتيق والشرطة.

وفي عام 1003، عاد الحاكم وأمر بهدم عدد من الكنائس،

وألزم النصارى لبس السواد وشدِّ الزنار، وقبض على الأملاك التي كانت محبسة على الكنائس والأديرة وجعلها في ديوان السلطان، وأحرق عدَّة كثيرة من الصلبان، ومنع النصارى من إظهار زينة الكنائس في عيد الشعانين، وتشدد عليهم وضرب جماعة منهم.

وفي عام 1007، تمَّ إحراق "عدة صلبان على باب الجامع بمصر".

بلغت هذه السياسة العدائية ذروتها في زمن حملات الفرنجة، وهو الزمن الذي راجت فيه تعابير "أتباع الصلبان"، و"عبَّاد الصليب"، و"عبدة الصلبان"، وفيه حمل صلاح الدين الأيوبي ثم الظاهر بيبرس لقب "قامع عبدة الصلبان". تجلَّى هذا الموقف العدائي الحاد في كتابات فقهية عديدة، كما في العديد من نصوص القسم والحلف. بدت هذه الكتابات في القرن العشرين وكأنها جزء من ماض بعيد، وبات الحديث عنها من المحرَّمات، وها هي اليوم تعود بقوة إلى الواجهة، وكأنها الخزانة الفكرية التي يستند إليها ما يُعرف بالإسلام السلفي الراديكالي الذي يحتل اليوم الواجهة.

هنا وهناك، نشهد أحداثًا تماثل في فظاعتها ما عرفه عالمنا في القرون الماضية، ومشهد ظهور راهبات معلولا مجرَّدات من صلبانهنَّ يماثل في دلالته مشهد تحطيم الصليب الذي يعلو كنيسة الرقَّة، كما نقلته وسائل الإعلام المحلية والعالمية. هذان المشهدان ما هما إلا من هذه الحوادث التي تشهد على خروج شياطين الماضي وسيطرتها على الصورة الراهنة بكل حذافيرها.

*** *** ***

النهار، 21 كانون الأول 2013

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني