|
هـل تـرانـي هـل ترانـي هل تعتقد هل حقًّا تعتقد بل هل تراني طلعَ الصبح أتى الفجرُ
وطلعَ الصبح لا أسمع سوى
مواءً ولا أسمع سوى
المآذن خوفًا من برودة
البلاط أرسم لكَ
فِراشًا أعيد بعض
الشجيرات وبعض الأعشاب
الملتوية أعيد على مسمعكَ
اسمي هل تراني بل هل تعتقد ما أجملكَ ما أحلاكَ ما ما صورةٌ لكَ صورةٌ لي وخريفٌ يمرُّ
سريعًا كما المُهر. كـلِّـي أنـتْ كل شيء ماعدا ألبستي شرشفي خزانتي وبابي المصدوعُ
جنبُهُ كل شيءٍ أي شيءٍ ما من شيءٍ إلا
أنتْ لكنْ اتركْ لي
ستائري المرسومة عليها
ورود المطبوعة عليها
ورود اتركْ إحدى
النافذتين خذْ واحدة لأنها
لا تفتح لكن اتركِ
الأخرى فهي لا تغلق أي شيءٍ ما من شيءٍ أنتَ وكلِّي
أنتْ دفتر هواتفي محبرتي ومروحتي الجديدة
(ابتاعها لي أخي) حَرٌّ أموتُ من الحَرِّ أنتَ أنا وأنا أنتْ بروحي أنتَ حرُّ
وأموتُ أموتُ من الحرِّ. مـارقٌ في مقهى ما عند رصيفٍ ما خلف إحدى
الشاخصات رأيتكَ لكنني تجاهلتُ
رؤيتي ولقد تجاهلتكَ وتجاهلتُني وتجاهلتُ ما
تجاهلتْ وعندما عدتُ من
نفس الشارع لم أجدني لم تكن هناكَ لم تعد هناكَ لكنني لم أكن
هناكْ ولم أعد في أيِّ
مكان أتى مارقٌ رمى
ورقةً بلَّلها الماء صارَ الماءُ
أخضرَ صارَ أزرقَ أسودَ صارت الورقةُ
ورقةً بيضاءَ مبلَّلة لا اسم عليها لا كلام لا عنوانْ صارَ الذي مرقَ
كأنه لم يمرق. أرقـص أرقص وتقول توقفْ نزل المطرُ ويدي
مرفوعة أريد أن أرحل أخاف الليل أخاف الأشباحَ
في الليل أريد أن أجلس في غرفتي أنير الأضواء أرتب أوراقي وأسافرُ شجرًا أن لا أرفع
الستائر وإذا طلبتَني لا
أجيبكَ جاء الصبح الرقص يُبهِجني يجعل الخريفَ
زبدةً والفراقَ ورقة يجعل المنتظرَ
لا ينتظرُ صبيٌّ ابتسمَ –
حسبتُه أنت البحرُ ثارَ –
حسبتُه أنت أمي بكت –
حسبتُها أنت رافقْني لا تهربْ اجلسْ بقربي كرسيٌّ يسعُ
اثنين فلا ترحلْ خذ بيدي ارقص. Calle de la Luna 9 ليس البارحة ليس الآن وليس
البارحة أقف لا أدري أيَّ
مناخٍ أي خيالٍ ينفتح لا أدري أنَّ
الآتي يكون، يومًا، خلاصًا لهذا الدهر القديم جميلاً لهذا
الليل امنحني لحظةً امنحني سببًا جحرًا لأكونه بردًا سماءً كلمةً فأفهم أود أن أفهم كم مشتاقٌ أنا
وأود أن أفهم لن
عبثٌ لن
وحدةٌ في هذا البُعد القاتل الحادِّ على
جنبهِ المساميرُ في
صدري هل سأحتمل عودتي.
هل أحتملُ هذا الفقد مجددًا، ومجددًا أسقطُ
كرسيًّا متربصًا في المقاهي ليس كافيًا،
أحيانًا وقبل الغفوة، أن نستيقظ هكذا فجأة،
أن تبدأ الصدفة هكذا فجأةً. وليس كافيًا حينما
يكون العتبُ مأوى، البردُ مأوى، والدمعُ طيرٌ
خانقٌ حقًّا لست أدري
كيف لا ندرك أحيانًا، كيف ننظر في أنفسنا فلا
نرى سوى الفراغ – الفراغ التام – كيف أنَّ
قرونًا من البحث، من الخشب والمطر، من
الكلمات والشعر، من الطوابق والزغاريد، لم
تجد غرفةً مشرقةً للحنين كم أنَّ الوقت
يمضي كم أنه يصير
سفرجلاً حامضًا فوق اللسان وكيف نقول
نهايتُنا اقتربت وكأنها أبدًا
كانت بعيدة وكأنها لم تكن
فاقتربت وكأنها الخيلُ
الرائحُ أو البلادُ التي
لن تأتي الحياة
تصبح أكثر سخونةً وجرأةً هنا. على الإنسان أن
يكون إما خانعًا وإما رقبةً تُجَرُّ إلى
المقصلة نرى وحدتنا في
الغربة. لا ندرك كم من هواء نظيفٍ يدخلنا، كم
من فكرة مشرقةٍ لن تخافَ الإشراق، لن تخافَ
السطوع. ليس المنفى سوى الوطن الضيق، الوطن
القاتل لحظة فقط فأفهم
كل شيء ليس عصيًّا وليست الحياة
بأكثر من لحظةٍ وليست عصيةً أريدُ أن أفهم عيني في عينك عيناكَ تقول وعيناي تقول أسمعُ ونرحل فقط متر من هذا
العالم الواسع متر مربع يحملُ
حديثًا تواصُلاً ونرحل في الكونغو أو في دارفور في دمشق في پاكستان في الصحارى
الكبرى أو عند Calle de la Luna 9 Piso 4-2a أي مكان في هذا
العالم الضيق في هذا الانبساط
الكبير في الخندق الذي
نحن فيه ويكبر مرَّ وقتٌ طويلٌ
– أطول من الخوخ الأحمر، من البرتقال العالقِ
على الشجر، من التوت المحمَّص تضاءلتْ دمشق.
شهرٌ واحدٌ فقط، وصارت نصفَ حجمها، وربعَ
همِّها. لم تعد دمشق ساحةَ الأمويين، وليست
مائدةً مفتوحةً للاعتقال. صارت مأساةً تحت
المخدةِ تثغو، غيمةً تطيرُ في ضوء القمر توقفَ عن صلاتهِ
وناداني لأحضِّرَ العشاء. قلت له: "أبي...
الوقت مبكرٌ بعد... قليلاً وأقوم." قالَ: "أعودُ
إلى الصلاة، وتعودُ إلى الهوادة." مالَ عن
سريره محنيَّ الظهر، حزينًا كان يحب الحقولَ
لأنها بيتُهُ. لم يكن يطيق البيتَ. لم يكن
بيتَهُ، كانَ بيت أمي. والبيتُ ضيقٌ. ضيقٌ
لأنه لا يهواه ولأنهُ ليس بيتَهُ. الحقلُ كان
حلمَهُ. يقولُ: "في يومٍ ما أشتري قطعة أرضٍ
أزرعها بنفسي... بعض الخس... آكل خسًّا ودبسًا...
أذكر، في صغري، كانوا يجلبون الثلج من جبل
الشيخ، يضعونه في أكياسٍ من الخيش ويأتون به
على ظهور الحمير، يسكبون عليه دبسًا ونأكله...
كانَ جنةً" ويضحك. وكلما
سمعتُه يضحكُ كنت أبكي أبحث عن مسافة،
عن فراغ ضمن هذا الضجيج، عن سلَّم أعلِّق عليه
فكرةً، ولو واحدة. مؤلمٌ حينما نراقبُ
كلماتِنا، حينما نخافها ونخاف جرأتنا أي بُعدٍ
للأسئلة، أي بُعدٍ للحكايات. ما أزالُ أنبشُ
وهمًا. في كلِّ طريقٍ أنبشُ آخرَ، أتبعُه
كأنهُ خلاصٌ، كأنهُ خلاصي. 02/07/2006 *** *** ***
|
|
|