|
نـبـضُ الـكَـوْن
أيُّها الموت، آنَ لك أن تصغي: أهدر جفوني لأراني، قبل أن تراني لك. * مثقل بمكين الحجر، ومع ذلك يدير حُجَّة الهواء! * ملكوت يتَنادَه بشريعة الغياب – من شدة صَمَمٍ يجتبينا لا نجفل لمشتكاه. * أيُّها الضرير، قل لي: كيف نستبرئ من طعون لا تستضير. * تراتيل وتهاليل تثيرها الفراغات، مسالك وتدابير صرفة لا شأن لها بحلولك، يا أيها المستنير. * قدومك يتلوك، خطوك يقتفيك، حيث لا ظل إلا ظنك. * ثياب النور تُضني مَن يغشاها. * قمم تسوِّر صخرًا سحيقًا، و نسور لا تقاوم المستحيل. * كلُّ معنًى لا يستكين نشور. * نتناوب على ترتيب جسدٍ يتهايل لترهيب نَفْسٍ تتهاول. * عندما التاجَ بنفيس السهو تناهى عن الأجل المقدس. * حينما استبرقَ الحكيم انهارت على راحتيه خدائعُ المكان لينساح كشريان دم تعاقد مع القلب بقيامة عهد فريد. * سمِّه السرَّ، لأسميك السراج الحافل بمسراه. * القمر لا يقوى على القهر دون تأنيب قدير يفشي الوميض. * لأوازيك بعصاي الضريرة، قُدْني، أيُّها الأعمى، لينابيع فيوضي. * قنديلٌ خالٍ من الليل أسجيه على أصابعي فيفور الظعن. * أهيلوني! ها قد... زُوِّدتُ به. * رتِّقْ حروفي، زاوِلْ مبتغى نفاذك – كلِّي إصغاءٌ لحدوثي. * أعنِّي، يا خفاء التجنِّي، على مراودة محنة التجلِّي. * كلُّ الملائك تستنير، كلُّ الكواكب تستضيء – عدانا: بظلامة النظر نبدأ منتهانا. * للفراغ حيِّزٌ حكيم تجيِّره حروفٌ تجور، حيث المعنى لا يُستدَلُّ عليه. * عناية الحياة عناء لِمَنْ لا يشقى لمعرفته. * معضلة المعرفة تَعاظُم الدليل دون يقين. * لتصلوا... تفارَروا بلا مبتغى يدين غبن المنحنى، بلا غبار يهدي الهوالك. * الغاية لا توصِل، بل تؤصِّل. * حنكة الوردة عطرها الغرير. مَن غيرها يصف مدى حكمته؟ * مسيرة الحياة لا تعتد بالتيه المجرَّب، بل تعدوه بمسرَّاتها الجائرة. * شظف الظمأ لا يبرِّر عُتْهَ الطواف حول سرايا السَّراب. * الهواء مُريد فريد لنهج لا يتأوَّل. * أقِلْني تجريحَ أذى الناي. * حينما أجثو، أجزع من تعطُّفي. * لو الغابة استقرت في سؤال: كيف لهم غايات كلِّ هذا العذاب؟! * اللوتس، وهو يتنهد، يتشابه وأريجَ مطر يرتهي. * عندما يصادق الهنودُ الحمر الأيِّل والغيم والنهر يوقنون أنهم يتعرون من نصل بارودنا بجرأة نِسْغ ضال. * ضد الفأس، تفتِّق الجذورُ مساراتِ الجذوع نحو أعالي المفر. * كلُّ المراعي تحفل بخراف تُجازي مهارةَ العشب بصمتٍ يتفهَّم مغزى الينبوع. * أول الجسد حدوثٌ تتوالى؛ آخر الجسد حدوسٌ لا تتدارى. * مغتشةً بماضٍ مات، مختضَّةً بحاضر يُحتَضَر، مرسَلةً لمستقبل يرتعد، أجدُّ الخطو نحوي. * يفور... ليفوز بي. * ما إن أغادر عيني حتى تفيض الظلمةُ ضدي، لأجابهني وحدي. * خسارتك الوحيدة أنك لا تتأسَّى لك. * أصابع البيانو تتفاوت في رنينها و أصابعكم تتناوب دومًا على ذات الرنين. * للضحكة هوجة البحر، للدمعة هجرة الموج. * لا أندم، لئلا أستذكي منتدى الألم. * أطفو حالما أستتب. * لهب يخون الهواء... ليحتمي به. * قداسة النبيذ تتحقق في دَهْسِ عنب حر. * كلما واريتُ مغتواي تماهى بمبتغاي. * للطفلة أشرعةٌ عسيرةٌ لا تأتمر لغير غيِّها. ليتني لم أخاصم عنف مراميها. * لي قلب شغوف بهدر الجبال: كلما رآها تبتعد عنه، راح يتسق بظلالها المديدة. * أحببت روحًا طليقة بما يكفي لتتنمَّر ضد مأواي. ومع ذلك، أسهمت بانسراح عراها لئلا تستبد بحرية عراي. * كلُّ قبلة تشيع لا سيد لها. * ليس لنا... كلُّ إثم لا يستغفر ضحاياه، لا يهتم بتناول قداس نواياه، لا يُديم رَدْمَ خطاياه، لا يرانا في مستقر المذبح نراه. * لا شأن لنا بمرمى خطًى لا ترانا. * احتملت طويلاً عبءَ الضجيج، عربدةَ حديد العربات، حتى كاد صدري يتهتك بمنتهاه، وما احتملت أبدًا هولَ صهوك الثاقبِ طاقةَ قلبي آنَ يرسي لك هديرَ ثناياه. * إياك أن تباعد فتونَ أصابعك عن فراغات تنتشي بمجونها الراحل بين غوادر أصابعي. * تتضرع الشهوات كلُّها حتى تقترب لتستعلم لَسْعَ منتواها. * كيفما كنت أحبك! لا تستثرْني بتفاسيرك ولا بِلَغْوِك الفريد، بل استنزلْ... لعناقِ أقدارٍ تفريك. * تكدرتُ حينما تذكرت كم هو مهذار ومحتال هذا الشعر! * وأنا أنهل من جفاء احتمالك لا أعرف لماذا تنتابني عذريةٌ لا تقاوم! * لئلا أنهي هذا النص بدا المطر الكسير يكسو صمت الكون. * قليل من التفاسير لن تضير سدنتكم. هكذا، أخرج للشرفة وأدع المطر يكسوني، لكونه رسول السماء الوحيد الذي يحدوني بحريره وملاسته وكفايته ليباسي. لذا أدعوه دومًا لمراوغة موهبة تستدعي الظن به. * لا أتحدى الليل – رأفةً بي على الأقل. أدعوه لمجايلتي، محاكمتي إن شاء، منابذتي إن لم يشأ. لكوني أخافه، أهادن آهاتِه، أعصاه، أستبقُ معصيتَه، لأبدو له. * ما يغريني فيك قدرةُ عطرك على التغاوي بما يغريك. * اعتدت أن أحتضن الأشجار منذ وقت قديم بالفعل: كنت أضمها بكلتا يدي، أتنسَّم نِسغَها حتى الموت... لأورق مثلها، لا أدعها تبتعد عني، بل أبالغ في ضمِّها، كأني، في سكرة الخلق، أنتشي بخضرة قلب لا يدركني. * طفلي يوسف باح لي بخوفه من الله، فبحت له بخوفي منه، دون أن أستدرجه لمعناي. * القش لا يعلم الحقل، إنما بقدرة القمح يتعلم منه. * أقسى الكلام قتلُ الآخر بتحريمٍ ينتهك حريته؛ وأقسى الفعل تجريمُه بإلغاء كلامه. * أحب الخريف، لا لكونه يعرِّي الطبيعة، بل لكونه يكتشف مذاقًا آخر لها. * كلَّ صباح أنهض من سرير الحلم لأشتعل بسريرة الوهم. * للرملة قدرةٌ على تفسير البحر كلِّه لو تحصَّلتْ على حرية بوح الموج. * بجَلَد عميق كأنها الكهنوت تتوتر العنكبوت وهي تقيس الفراغات بوكر الضحية؛ لا تكترث بعالمنا الضحل، بل تواكب مهنتها على مَهَلِ مُكْرٍ يرتويها. * عبَّاد الشمس لا يستدير نحو الشمس كما نتوهم، لكنه يستنير به، ليوحي لنا وللشمس بكونه يوافي الأمر. * أوان الحب: قابلية القلب، غامضةً، كأنها بلا مسعى غير كسره. * أجَلُّ ما أجني من صمتي صدى هذا الكوكب الصارخ ضدي. * وحيٌ بخيل يتنزَّه بما يكفي لأجيِّر حدوثي بصريح حبري الأكيد. * وجعٌ كفيلٌ برنين كبدي كلما رأيت طفلاً يبكي. * قتيل يراهم يجفلون لمرآه! ليغادر عنفهم الجلف، يظل يرتاد هواءً آخر لم يعتادوه. * مشكل الشعر: قدرته على التلاشي قبل أن تراه عينُ المعنى الذي تخافه. * الملح تعبير المادة عن مدى صبرها على البحر. * غاندي العاري من وقته لا يقل عن كلِّ ذبيح اكتشف مدى حرية شعب يتسع لقتله. * العشب طريح الريح – كلنا يعرف ذلك؛ لكن ما لا نعرف عنه أنه مَن يستنهض كلَّ هذا الفعل. * للشكِّ قميص داثر: أول الخطو يتقمَّصه، وآخرُه يستبيه. * أفيق كلَّ ليلة لأرى الليل. * لامني الموتُ عندما استهمتُ به، لازَمني وأغمدني في عطيرِ كفن، راح يستبسل بي كلما رامني أفيض بي. * مذ استكفيتُ بمهارة الفيوض واستنرت بموازين القوى لم أعد أصغي لأحد. لست شاردةً ولا حصيفةً بسراياكم لأقدَّ من لوازمي غية النزوع. يكفيني ما يستأمر بي! * تُنبِتُ الأرضُ سلاحَها العاري، ونصوغ سلاحَنا الضاري؛ هي تواكب نبضَ الكون، ونحن نتكاسر بما تبقى منَّا. * للعنكبوت قدرةٌ تستهوي الزوايا، أقلها تشكيل البيت بحرير ساهٍ عن هندسةٍ لا تساوم تشريف الزوايا. * الشرنقة، قبل أن تهشِّم مأوى الحب، تسأل أجنحةً عمياء تلتذُّ بجثمان ضارٍ إلى "كيف؟" * الثعالب ذوات الفراء تخفي الثلجَ عنَّا والجوعَ عنها لئلا نهتم بمصيرنا الجائر ولئلا نلج خفاءَ عداها. * أحب فيك جُرْمَك وقتلاك وسكينةَ هولك – كأنك حليف موتي الصعب! بلا محلَّفين ولا قضاة ولا منصة، وحدك المتهم البريء الطليق الفريد، ولا غيرك أحد متهم إلاي! * تنظيم طاغٍ يقسرنا على السكون والالتجاء إلى مكاسر النفس – لماذا؟! * البئر لا يتجمَّل بعذب الماء وقعر الطين. تراب لا يهتم بصيرورة هبوط الدلاء. البئر يدرِّسنا معنى الحفر لمغتوى تدريسنا. * آه، العاشق رحيق المحبة وعطر القُبَل. * للروح إشراقةٌ يتقنها القلب، تشريفٌ يتقد ويعلو بنا، لنعدو كلِّية هذا الأفق. *** *** *** [*] شاعرة وكاتبة من البحرين. والنص من كتاب لها بعنوان أسمى الأحوال.
|
|
|