|
الوحي الديني
والمعرفة الفلسفية متوازيان يلتقيان في
نقطة الحقيقة من الوهم الاعتقاد
بأن الإيمان يمكن أن يكون ذا قوة أكبر إزاء
عقل ضعيف; إنه، على العكس، يقع في خطر كبير –
خطر التهافت إلى مجرد أسطورة أو خرافة. وعلى
النحو ذاته، فإن عقلاً لا يجد إزاءه إيمانًا
راشدًا يفتقد إلى الحافز على الاهتمام بجدة
الكينونة وجذريتها. وعليه [...] فإنني
أوجِّه نداءً قويًا إلى الإيمان والفلسفة لكي
يستعيدا الوحدة العميقة التي تجعلهما قادرين
على التناغم مع طبيعتيهما، في احترام
لاستقلاليتهما المتبادلة. إن بارهيسيا [=
الجرأة المجاهِرة] الإيمان يجب أن
تقابِلَها جسارةُ العقل. بهذه البلاغة
الصافية جاهر البابا يوحنا بولس الثاني، في
رسالته العامة "الإيمان والعقل"،
الصادرة في 14 أيلول 1998، بتكافل المعرفة
الفلسفية والوحي الديني وتكاملهما، مطالِبًا
بقيام شراكة حقيقية بين الكنيسة والفلسفة،
ومستحثًّا اللاهوتيين المسيحيين على الدخول،
كما يقول، "في حوار نقدي ومتطلِّب مع الفكر
الفلسفي المعاصر، كما مع التراث الفلسفي في
كلِّيته، أكان متفقًا مع كلام الله أم
معارِضًا له". نجد في هذه الشهادة
الحية، بصوت ثاني من انتهج طريق الاختصاص
الفلسفي في تاريخ الباباوات، حسمًا صحيحًا
لمسألة العلاقة المرجوَّة بين الوحي الديني
والقراءة الفلسفية للعقيدة الإيمانية.
إنهما، على صورة الطبيعتين في شخص يسوع
المسيح، متَّحدان بلا تمازج ولا انفصال ولا
انقسام. ولنا، من إنكيكيلكا
"الإيمان والعقل"، أن نستخلص حقيقتين
مهمتين على شيء من القساوة تجاه بعض المدارس
اللاهوتية المسيحية: الحقيقة الأولى هي التي
تؤكِّد على الإسهام الإيجابي الذي في إمكان
المعرفة العقلانية الفلسفية – بل ومن واجبها
– أن تعزِّز به المعرفة الإيمانية. ولا
تتردَّد Fides
et Ratio ["الإيمان
والعقل"] في أن تصف إنكار إدراك الحقائق
الإيمانية على العقل الفلسفي بأنه شطط خطير،
هو ما يسميه يوحنا بولس الثاني "المطبَّ
الإيمانوي". إن إحدى بوادر هذا
الانحراف الإيمانوي، يتابع البابا، هي "الببلوية"،
التي تجعل من قراءة الكتاب المقدس قراءة
حرفانية، أو من تأويله على نحو إقصائي للعقل،
الدربَ الأوحد لتلمُّس الحقيقة. إن ايمانويةً
تُقصِي العقل، يختم، تحمل في طياتها خطر
تحجيم الإيمان إلى مجرد أسطورة أو خرافة.* أما الحقيقة الثانية
في الرسالة فهي القائلة بأن المعرفة الفلسفية
مدعوة إلى تصويب مهمة اللاهوت العقائدي
المسيحي لإنقاذه من التقزُّم البرغمائي الذي
بدأ يعتري بعضه منذ مطلع القرن الماضي، أي من
ميل هذا البعض إلى إظهار حقائق الإيمان
المسيحي وكأنها مجرَّد قواعد سلوكية، أو من
فهمه هذه الحقائق على وجه وظيفي بحت، أو من
نزعته الاختزالية المفتقدة للحيوية النظرية
الضرورية؛ فيكتفي مثلاً بخريستولوجيا [دراسة
شخص المسيح ودوره الخلاصي] منطلقة "من تحت"،
أو بإكليسيولوجيا [العلم المختص بالكنيسة،
بوصفها أمَّة، في مظهرها الاجتماعي
والتشريعي] مصاغةً على مثال المجتمعات
المدنية. كذلك تشتمل رسالة "الإيمان
والعقل"، في ما تشتمل، على بيِّنتين لا
تقلان أهمية عن الحقيقتين السابقتين،
ولكنهما، هذه المرة، قاسيتان في حقِّ بعض
المدارس الفلسفية: البيِّنة الأولى هي أن
الفلسفة، إضافة إلى مهمتها الأولى كمتقصِّية
لبنية الكينونة في ذاتها وكمرجع نقدي فاصل
يُظهِر لمختلف ميادين المعرفة العلمية
أسُسَها وجذورَها، إنما هي، فوق كلِّ شيء،
حاملة لدعوة بدئية – دعوة البحث عن الحقيقة
والاقتناع بجدوى هذا البحث، أي الإيمان بوجود
حقيقة كلِّية نهائية، وبقدرة الإنسان على
استهدافها، وعلى المضيِّ إلى المعنى الأقصى
والنهائي للوجود. هذه الدعوة البدئية
هي ما يسميه البابا "البُعْد الحكماني
للفلسفة"، بُعْد تطلُّبها للحكمة وللمعنى
– وهو البُعْد الذي تفتقده – بل وقد تجاهر
برفضه – مدارس فلسفية كثيرة، كالعلموية
والوضعوية والتاريخوية والعدمية
والبرغمائوية، فتقع في ما يدعوه يوحنا بولس
الثاني "أزمة المعنى". أما البيِّنة
الثانية فهي أن الحقيقة النهائية هي، في
ماهيتها، حقيقة متعالية. لذا فإن الفلسفة
الحقة، في بُعْدها الحكماني، لا تستطيع أن
تَقصِر بحثها على جوانب الواقع الخاصة
والنسبية، أو أن تكتفي بالظواهر الآنية
والمعطيات التجريبية الحسية، لكي تبلغ ما هو
مطلق ونهائي. ما هو مطلق ونهائي – ما هو،
بكلمة، الحقيقة ذاتًا – يتعالى على التجريبي
والمحسوس والنسبي والخاص؛ وهذا ينطبق أيضًا
على المجال الروحي. فحتى إذا ما عبَّرتْ
تجربةٌ دينية ما عن جَوَّانية الإنسان
وروحانيَّته وأبانتْهما، يجب على التفكُّر
الفلسفي أن يصل إلى الجوهر الروحاني والأساس
الكينوني اللذين ارتكزتْ عليهما هذه التجربة.
بكلام آخر: إذا كانت الحقيقة متعالية على
التجربة فمن الضروري قيام فلسفة ذات بعد
ميتافيسي أصيل. "إذا كنتُ أشدِّد على
المكوِّنة الميتافيسية"، يقول يوحنا بولس
الثاني، "فلأنني مقتنع بأنها الطريق
المحتمة من أجل تخطِّي حال التأزُّم التي
تمتدُّ حاليًا إلى قطاعات واسعة في الفلسفة".
بفضل هذا الهمِّ الماورائي الأصيل، تبلغ
الفلسفة سنَّ رشدها، وتستردُّ تروُّعها
الأصيل أمام جِدَّة الكينونة وجذريتها،
وتكتشف، على مثال بارهيسيا الإيمان، أي
جرأته في المجاهرة بالله، جسارتها الخاصة في
المجازفة في سبيل الحقيقة. *** إن هذا الإطار النظري
الشائق للعلاقة التكاملية بين الدين
والفلسفة، كما فُرِشَ في رسالة "الإيمان
والعقل"، لم يكن في الماضي تحصيلاً حاصلاً.
وإذا ما قَصَرنا المراجعة التاريخية على
المسيحية – مع أن مسألة التوفيق بين العقل
والإيمان طُرِحَتْ، وبالظروف عينها تقريبًا،
في جميع الأديان – فإننا نجد، بادئ ذي بدء، في
أول موقف لمسيحي من الفلسفة، موقف بولس
الرسول، عدائية واضحة. فكلمة "فلسفة" لم
تَرِدْ في رسائله سوى مرة واحدة. يقول إلى أهل
قولوسي: "إياكم أن يخلبكم أحد بالفلسفة،
بذلك الغرور الباطل القائم على سُنَّة الناس
وأركان العالم، لا على المسيح." وقد تبعه
الآباء الرسوليون على المنوال ذاته. ولم
يُمَد أول جسر بين الفلسفة والمسيحية إلا مع
ارتداد بعض من الفلاسفة المسيحيين إلى
المسيحية ولجوئهم إلى العقل للردِّ على
مناوئيهم، واضعينه في خدمة دينهم الجديد.
هؤلاء هم من عُرِفوا بـ"الآباء المحامين عن
العقيدة"، من كاسيانوس إلى يوستينوس،
أشهرهم، الملقب بـ"الفيلسوف الشهيد".
وفي إثرهم طُرِحَ على آباء الكنيسة السؤال
الملحُّ التالي: هل يجوز الالتجاء إلى
الفلسفة لحماية العقيدة، أم يُكتفى بالوحي
وبشهادة الحياة؟ وقام بين الآباء تياران:
الأول رأى في الفلسفة ينبوع الضلالات؛ ومنه
ترتوليانوس، الذي أطلق صيحته الشهيرة: "أية
شركة تجمع بين الفيلسوف والمسيحي، بين تلميذ
الإغريق وتلميذ السماء، بين هادم الأشياء
وبانيها، بين سارق الحقيقة وحارسها؟" أما
التيار الثاني، الممثَّل بمعظم آباء
الكنيسة، فعمل على التوفيق بين الحقيقتين؛
ومنه يوستينوس القائل بأن الكلمة المتجسِّد
الفادي هو أيضًا "كلمة منوِّر" و"كلمة
زارع"، غرس بذور الحقيقة في عقول الفلاسفة
الوثنيين كما في أنبياء إسرائيل، فنوَّر
هؤلاء وأولئك، وجعلهم "مسيحيين قبل المسيح".
وهكذا فإن الفلسفة قادت الوثنيين إلى الله،
مثلما قاد الناموسُ العبرانيين. لا خطر إذًا على
المسيحية من الفلسفة مثلما أنه لا خطر عليها
من التوراة: كلتاهما شرارة من نور الكلمة،
وزرع من بذاره. أما كليمنضوس، ففسَّر قصة
زوجتَيْ إبرهيم الخليل، سارة، الحرة العاقر،
وهاجر، الخادمة الخَصِب، تفسيرًا مجازيًّا:
هاجر ترمز إلى الفلسفة، وسارة إلى الإيمان. من
هنا نشأت فكرة النظر إلى الفلسفة كالجارية
على أقدام اللاهوت. وتوسَّع يوحنا الدمشقي في
هذا الطرح، متصوِّرًا اللاهوت كمَلِكة
مستوية على عرشها، تحفُّ بها وصيفات الشرق،
أي العلوم البشرية، وفي مقدمتها الفلسفة. وقد
سيطرت هذه الفكرة طوال القرون الوسيطة،
وتبنَّاها الشيخ الملائكي، إمام الفلاسفة
المسيحيين، القديس توما الأكويني، واضعًا
طاقات الفلسفة في خدمة اللاهوت على الوجه
الأكمل. أفضى هذا التداخل بين
الفلسفة واللاهوت في العصور الوسيطة إلى سوء
فهم أدَّى بكثيرين إلى القول بأن المسيحية
ذاتها هي فلسفة؛ أي أن هناك ضربًا من الفلسفة
المسيحية يصهر العقل والوحي في واحد، لاسيما
بناءً على شعار أغسطينوس الشهير "آمِنْ كي
تفهم، وافهم كي تؤمن"، ومنذ تنصير الأكويني
للفلسفة الأرسطية واستخدام الكنيسة لها من
بعده لأغراض لاهوتية. إلا أن القديس توما نفسه
سيزيل هذا الالتباس وسيقدِّم الحلَّ الفَصْل
حول العلاقة الصحيحة بين العلم والإيمان، أو
بين الفلسفة والدين؛ وهو الحلُّ الذي تعتمده
الكنيسة بوضوح منذ البابا لاوون الثالث عشر
الذي أعاد نشر مؤلفات توما وأسَّس أكاديمية
على اسمه في العام1879، مطلِقًا بذلك تيار
التومائية الجديدة. يؤكد الحلُّ
التومائي، أول ما يؤكد، على حقوق العقل
واستقلاليته، وكذلك على حقوق الوحي
واستقلاليته، رغم وجود التوفيق والتحالف
بينهما: أي أن الفلسفة تبقى فلسفة، متميِّزة
في منهجها وموضوعها ونتائجها؛ واللاهوت يبقى
لاهوتًا، له منهجه ومواضيعه ونتائجه – على أن
يكونا بمثابة جناحين عظيمين، يحلِّق بهما
الإنسان ليرتقي إلى علياء الحقيقة. إذًا، ثمة نوعان
ممكنان من التلازُم بين الفلسفة واللاهوت في
المنظور المسيحي: إما الحياد وإما التناغم
والانسجام. في الباب الأول، يشتغل الفيلسوف
باستقلال تام عن أية عقيدة دينية – وهو
استقلال مشروع، كما رأينا؛ وهو إذا ما سار على
هَدْي منطقه السليم، يمكنه أن يحوز معارف
جليلة، يلتقي بها مع المسيحية من دون أن
يتعمَّد ذلك، كحقيقة وجود الله، ووحدانيته،
وكمالاته، وروحانية النفس وخلودها، والنظام
الخلقي – وهي نتائج كان العقل الفلسفي
الإغريقي قد بلغها على يد سقراط وأفلاطون
وأرسطو قبل المسيح بأجيال. أما في الباب
الثاني، فإن العقل، في مواجهته المطلوبة
لمجموعة الحقائق المُنزَلة التي هي خارج
مداره، كأسرار الثالوث الأقدس، وتجسُّد
الأقنوم الثاني، وفدائه للبشر بموته
وقيامته، وحياة النعمة، والفضائل الإلهية
المُفاضة، وأسرار الكنيسة، يتبصَّر أن هذه
الحقائق ليست ضدَّه، بل فوقه؛ أي أنها لا
تناقضه، لكنه عاجز، بقواه وحدها، عن الوصول
إليها. إذ ذاك تصبح هذه الحقائق موضوعًا
لمعرفة من نوع آخر، هي المعرفة اللاهوتية. هل يمكن أن تتهافت
العلاقة بين الفلسفة واللاهوت إلى موقف طلاق
وعداء؟ هل يمكن أن يقول المسيحي، مثلاً، على
غرار معاصر الأكويني وزميله في جامعة باريس،
سيجر البرابني Siger de Brabant،
أن هناك حقيقتين متناقضتين جوهرًا double
vérité: الأولى،
طبيعية، يكتشفها العقل، والثانية، فائقة
للطبيعة، يكشف عنها الوحي؛ وأنه، وان كان
ملتزمًا، كمسيحي، بالإيمان بالثانية، إلا
أنه، كفيلسوف، يفضِّل الأولى؟ لقد كان توما
الأكويني أول من هاجم هذه النظرية وقوَّضها
نهائيًّا. فكتب فلسفة وكتب لاهوتًا، وأقام
تعاونًا وانسجامًا بين الحكمة البشرية
المخلوقة والحكمة الإلهية الخلاَّقة، مع
التمييز الحاسم بينهما، فحفظ لكلٍّ حقوقها،
وصان مقامها. وعندما وضع كلَّ ثقل عقله في
خدمة إيمانه فإنما فعل بغية تقريب الأسرار
الإلهية من الفهم، ولكن بأدلة لاهوتية
محَّصها العقل على ضوء الوحي والتراث الآبائي.
وهكذا جسَّد خير تجسيد ذلك المقطع الرائع من
الدستور العقائدي Del
Filius
في المجمع الفاتيكاني الأول الذي يقول: ولكن، مع أن الإيمان
هو فوق العقل، فلا يمكن بتاتًا أن يكون هناك
خلاف حقيقي بين الإيمان والعقل، نظرًا إلى أن
الله هو ذاته مَن يوحي الأسرار ويهب الإيمان،
ومن يُنزِل على النفس البشرية نور العقل:
العقل لا يمكن أن يُنكِر ذاته، ولا الحق أن
ينكر الحق. إذًا، لا طلاق بين
الفلسفة واللاهوت. إلا أنه، في المقابل، لا
صَهْر ممكنًا لهما في بوتقة واحدة. الإيمان
والعقل هما، معًا وكلٌّ على حدة، دربان
ضروريان لقيادة البشر إلى الانشغاف بالحقيقة
وإلى الجسارة الفكرية والروحية في استكشاف
المعنى النهائي للوجود. الإيمان، في تعريفه
الأعمق، هو فعل الإدراك المباشر للكينونة
المستقلة؛ والعقل، في تعريفه الأعمق، هو فعل
التفكُّر المتراكم في هذه الكينونة. في الوحي
الإيماني، القلب كينونيًّا مفتوح؛ وفي
المعرفة العاقلة، البصيرة كينونيًّا متأهبة.
الحالتان تدلاننا إليه تعالى: فإما أن نراه،
إذا كنَّا أطهار القلوب، أو لا نراه، إذا كنا
غِلاظ البصائر. إنهما تسدِّداننا في اتجاهه:
فإما أن نتلهف إلى ملئه بحبٍّ وتطلُّع، أو نقع
في حالة من التسدُّد الذاتي هي، في المطاف
الأخير، تسدُّد ذاتي نحو اللاكينونة. الصراع
الأخير، في ذات كلٍّ منا، هو بين إنسان
الكينونة وإنسان اللاكينونة؛ والسلاحان
المتاحان، والواجبان للفوز بهذا الصراع، هما
العقل والإيمان. *** من مصادرات الهندسة
الإقليدية أن خطين متوازيين لا يلتقيان. أما
في الهندسة الإلهية فإن الوحي الديني
والمعرفة الفلسفية هما خطَّان متوازيان
يلتئمان في نقطة الحقيقة، على التقاطع
الخلاَّق للنعمة والحياة. *** *** *** * مع أننا في لا نعتقد مطلقًا
بترادف مصطلحَي "أسطورة" و"خرافة"
(من هنا أفردْنا للأسطورة في معابر
بابًا مستقلاً)، وبعيدًا عن الانحياز لأيِّ
دين بعينه، فقد حرصنا على نشر مقال الدكتور
الحاج الذي يعكس في مجمله موقف الكنيسة
الكاثوليكية الرومانية الحالي من الفلسفة،
تعريفًا لقرَّائنا بهذا الموقف الذي يعكس
تطورًا ملحوظًا عن مواقفها السابقة، من
جهة؛ واعتقادًا منَّا بإيجابية هذا الموقف
إجمالاً وانفتاحه بالقياس إلى المواقف
اللاهوتية والفقهية السائدة عمومًا في
عالمنا العربي التي تتخوف من الفلسفة
لاعتقادها بأنها تتعارض مع الإيمان أو
تلغيه، من جهة أخرى. وفي رأينا أن دينًا –
أيَّ دين – يستبعد كلاً من الفلسفة (العقل)
والأسطورة (الكوسمولوجيا والسرد الحكائي
الرمزي للخبرة الروحية) يختزل نفسه إلى
مجرَّد شريعة دنيوية خاوية من الروح؛ ما
يؤدِّي، بدوره، إلى اختزال الوظيفة
المعرفية للإنسان في العالم، المفتوحة
دومًا على المجهول، إلى مجرَّد دور
المفسِّر للمعلوم. (المحرَّر)
|
|
|