|
جوهرُ
الإسلامِ جوهرُ المسيحية مسلمٌ
يقرأُ الإنجيل [...]
وقفَّينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الإنجيل
وجعلنا في قلوب الذين اتَّبعوه رأفة ورحمة
[...]. القرآن
الكريم،
سورة الحديد 27 إن
جوهر الإسلام هو جوهر المسيحية، وجوهر
المسيحية هو جوهر الإسلام، من حيث إن كليهما
ينهض على أساس تصحيح "الخطيئة الأصلية"
المتمثِّلة في "ابتعاد" الإنسان عن الله
– ذلك الابتعاد الذي نجم عن نشوء الوعي
والإرادة الواعية – وتوهُّمه "أنه يملك
ذاتًا غير ذات الله، وكيانًا غير كيانه،
وإرادة غير إرادته [...]"[1]. التوبة
طريق العودة إلى الله أما التصحيح فيكون
بالعودة إلى الله (التوبة metanoia)،
على الطريق الذي رَسَمَه الله ("الذبيحة"
أو "القربان" أو "الصَّلْب")، بحيث
يعود كحال آدم قبل أن يخطئ. إن هذا ما يسمى
أحيانًا بـ"الولادة الجديدة" أو "الفداء"
أو "الخلاص". وأما الطريق الذي رَسَمَه
الله من أجل الوصول إليه فهو، في الإسلام،
التقيُّد بشريعة الله: الائتمار بأوامره
والانتهاء عن نواهيه؛ وفي هذا: "إسلام"
المرء نفسه لله، من حيث إن الشريعة تعبير عن
إرادة الله. والطريق في المسيحية هو الاقتداء
بالمسيح بالسير على طريق الآلام (مخالفة
نوازع النفس والانتصار عليها من خلال ولادة
جديدة أو فداء)، لأن هذا هو طريق الخلاص. وأما
الفداء أو الخلاص (ونسميه في الإسلام "النجاة")
فهو "الولادة الجديدة" (الانتصار على
نوازع النفس) في كلتا الديانتين. هذه الولادة
الجديدة لا تتم إلا بعد أن يموت الإنسان–الحيوان
في كلِّ إنسان، ويولد منه الإنسان–الإنسان،
ثم الإنسان–الإله، كما يعبِّر نعيمه.[2] وقد
عبَّرتُ، إسلاميًّا، عن هذه الأسرار
المسيحية الثلاثة (وهي "التوبة" و"الذبيحة"
و"الفداء") بالقول: "الخلاص أو النجاة
أن يذبح المرء نفسَه من خلال قهره كلَّ شهوة
في غير طاعة الله، وبهذا "يصلب" نفسه، ثم
يولد ولادة جديدة (فداء أو خلاص)؛ بعبارة
أخرى، يتخلَّى عن إرادة نفسه ويضعها في إرادة
الله (يُسلم نفسه لله)." قال تعالى: "ومن
أحسن دينًا ممن أسلم وجهه [ذاته] لله وهو محسن [يتجاوز
الأوامر والنواهي، باعتبارها حدًّا أدنى
للارتقاء نوعيًّا، من خلال عبادة الله تعالى
عبادةً خالية من غرض: طمعًا في جنة أو خوفًا من
نار!]" (النساء 125). بهذا الصدد
يقول نعيمه: "[...] لبُّ رسالته [رسالة يسوع]
هو التضحية بالذات الإنسانية الموهومة بغية
الوصول إلى الذات الكونية التي لا وجود معها
لأيِّ ذات أخرى."[3]
وفي التجربة الصوفية ما يُشعِرُنا بهذا
التحوُّل. يقول أبو القاسم الجنيد في تعريفه
للتصوف: "هو أن يُميتَك الحقُّ عنك [عن نفسك]
ويحييك به."[4] من هنا نحن
أمام موت وحياة في علاقة جدلية يرتقي من
خلالها الإنسانُ إلى مستوى أعلى من شرطه
البشري الراهن المحكوم بالغرائز؛ وهذا
التعريف للتصوف، من حيث هو خبرة جَوَّانية،
يقترب منه تعريفي للحبِّ في غير مكان بأنه "موت
المحبُّ في نفسه [أو عن نفسه] وانبعاثه في
محبوبه". هذا الموت،
والانبعاث منه خَلقًا آخر، خَلقًا جديدًا،
كان في صُلْب تجربة سيدنا إبراهيم الخليل (ع)
عندما همَّ بذبح ابنه إسماعيل – أو فلنقل،
عندما همَّ بذبح نفسه، من حيث إن الابن ما هو
إلا امتداد لأبيه! – استجابة لأمر الله، أي إسلامًا
لإرادته تعالى. وهو أيضًا ما عاناه يوسف
الصديق (ع) عندما صدَّ عنه امرأة العزيز التي
راودتْه عن نفسه، بعد إذ "همَّتْ به وهمَّ
بها"، قائلاً: "معاذ الله! إنه ربي أحسن
مثواي إنه لا يُفلِح الظالمون" (يوسف 23).
استعان بالله على نفسه فنَصَرَه الله،
مصدِّقًا بذلك وعد الله للمؤمنين: "إن
تنصروا الله ينصركم ويثبِّت أقدامكم" (محمد
7). وهو نفس ما فعله السيد المسيح (ع) عندما
امتحنه الشيطان وعرض عليه أن يتوِّجه ملكًا
على العالم لقاء أن يسجد له، فكان أن انتهره
بقوله: "اذهب، يا شيطان!" (متى 4: 1-11). وهذا عندي
أهم من الصلب الخارجي، من حيث هو صلب لنوازع
النفس التي قلما تثبت على حال وتستسلم لإغراء
الملك والسيطرة والجاه؛ فهو "صَلْبٌ داخلي"،
على حين أن الموت الخارجي يجد له كثيرين
يتحدُّونه! وهو نفس ما
فعله سيدنا محمد (ص) عندما رفض أيضًا – وهو نفس
موقف السيد المسيح (ع) – ما عرضتْه عليه قريش
من تتويجه ملكًا عليهم، أو تزويجه من أجمل
نساء القوم، أو تطبيبه إن كان به مسٌّ، مجيبًا
عمَّه أبا طالب: "والله يا عمُّ، لو وضعوا
الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك
هذا الأمر ما تركته حتى يُظهِرَه الله أو أهلك
دونه!" هكذا أيضًا كان موقف الحلاج (ق) عندما
وقف أمام خشبة الإعدام، معلِنًا إسلامه لله
بقوله: "[...] وهؤلاء عبادُك قد اجتمعوا لقتلي
تعصُّبًا لدينك وتقرُّبًا إليك؛ فاغفر لهم.
فإنك لو كشفتَ لهم ما كشفتَ لي لَما فعلوا ما
فعلوا، ولو سترتَ عنِّي ما سترتَ عنهم لَما
ابتُليتُ بما ابتليت. فلكَ الحمد فيما تفعل،
ولكَ الحمد فيما تريد!"[5] وإنما يتحقق
جوهر الإسلام، أو جوهر المسيحية، عندما يقف
المرء، من أيِّ دين كان، أمام خيارين: أحدهما
الله والثاني الشيطان، فيختار الله دون
الشيطان: "ألا إن حزب الله هم المفلحون" (المجادلة
22). في مثل هذه المواقف الحاسمة يتعيَّن على
المؤمن أن يتذكر قوله تعالى: "ألم أعهد
إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم
عدوٌّ مبين، وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم" (يس
60-61). الصلب
والقيامة فيما يتعلق
بالصليب وما يرمز إليه يقول ميخائيل نعيمه[6]:
"[...] لقد تمَّتْ ليسوع الغلبةُ على يسوع.
ولكنها لم تتم إلا في آخر لحظات يسوع، وإلا
على الصليب رمز النصر – نصر الإنسان في طريقه
الطويل، الشائك، المضني، من الله وإليه. لقد
مات الإنسان الجاهل [الذي لا يعرف] من أين هو [منبثق]
وإلى أين هو [عائد]، وبقي الكائن الواعي أنه [هو]
من الأزل وإلى الأبد. مات يسوع ابن الإنسان
وبقي المسيح ابن الله أو روح الله."[7] على أن نعيمه
يؤكد أن السيد المسيح قام من القبر بعد الصلب،
لكن بجسد غير جسده الذي صُلِبَ فيه: "[...] ليس
من الصَّعب أبدًا على من انفتحت له أبواب
المعرفة كما انفتحت للمسيح أن يتصرف
بذُرَيْرات المادَّة على هواه، فيخلق منها
لنفسه جسدًا ساعة يشاء، ويمحو ذلك الجسد ساعة
يشاء. وليس يقلِّل من قيمة هذه العجيبة أن
يكون الجسد غير الذي عُلِّق على الصليب."[8] بينما يرى يونغ وجوب
فهم "القيامة" فهمًا رمزيًّا لا حسيًّا.
يقول إن "منطلق العقائد منطلق قديم archaic،
حافل بالرمزية الميثولوجية الفاعلة التي، إن
فهمناها حرفيًّا، دخلت في نزاع لا يُطاق مع
المعرفة. لكن، لو فهمنا، على سبيل المثال،
إبانة "إن المسيح قام من بين الأموات" لا
بالمعنى الحرفي، بل فهمًا رمزيًّا، لكانت هذه
الإبانة قابلة لتفسيرات متنوعة لا تتصادم مع
المعرفة، ولم توهِن معناها ولا المقصود منها.
والاعتراض بأن فهمنا لهذه الإبانة رمزيًّا
يضع حدًّا لأمل المسيحي بالخلود اعتراضٌ في
غير محلِّه، لأنه قبل زمن طويل من مجيء المسيح
كانت البشرية تؤمن بالحياة بعد الموت –
وبالتالي لم تكن بحاجة إلى حادثة "الفصح"
لكي تضمن لنفسها الخلود. إن خطر القضاء على
الميثولوجيا برمَّتها، إذا نحن فهمناها
فهمًا مفرطًا في حرفيَّته، على نحو ما
تعلِّمه الكنيسة، لهو اليوم أكبر من أيِّ وقت
مضى. ألم يحن الوقت لكي نفهم الميثولوجيا
المسيحية فهمًا رمزيًّا، ولو مرة واحدة،
بدلاً من القضاء عليها نهائيًّا؟"[9] بهذا الصدد
أيضًا يقول وليام كنغزلاند في خريستوس: دين
المستقبل: "أما فيما يتعلق برمزية
القيامة فإننا نفهم منها أنها لا تشير ولا
إشارة واحدة إلى قيامة فيزيائية من قبر أرضي.
إنها انتصار الإنسان النهائي على موت طبيعته
عن الحقائق الروحية. هذه الرمزية تنطبق على
الإنسان فردًا كما تنطبق على البشرية قاطبة.
هكذا نسمع صرخة القديس بولس المدوِّية: تنبَّه
أيها النائم، وقُمْ
من بين الأموات يُضِئْ
لك المسيح
[الذي في داخلك] (إفسس 5: 14)" يتابع
كنغزلاند: "من الواضح أن سياق النصِّ
برمَّته يبيِّن لنا أن المخاطَبين به هم
الأحياء، لا الموتى في القبور. وهو المبنى
المقصود من الموت في كلِّ أسفار العهد
الجديد، على الرغم من أنها تبدو غالبًا
وكأنها تشير إلى الموت الفيزيائي."[10] وفي مكان آخر
يقول كنغزلاند: "الإبانة القائلة بأن أحدهم
[المسيح] قد قام من بين لأموات وأصبح باكورة
الراقدين – إن هذه الإبانة ما كان ليعتبرها
"إنجيلاً" [بشارة] من كان في حوزتهم دين
حكمة الشرق القديم، دين حكمة الهند أو
الكلدان أو المصريين أو الغنوصيين أو
المُسارَرين البدئيين من الإغريق."[11]
ويقول أيضًا: "[...] فقيامة يسوع بجسده
الفيزيائي لا يمكن قبولها حقيقةً تاريخية،
حتى ولو كانت كذلك. فليس لها مع ذلك تلك
الأهمية التي تعلَّق عليها باعتبارها "باكورة
الراقدين"."[12] المسيح
الكوني يقول كنغزلاند: "لقد
علَّم بولس عقيدة "المسيح الكوني"، الذي
يجب أن يولد في كلِّ إنسان، حتى كما ظهر في شخص
يسوع الناصري؛ لكن هذا المسيح الكوني، أو
مبدأ المسيح، يجب أن نواحِدَه بـ"كلمة"[13]
Logos
القديس يوحنا؛ وهذه يجب أن نواحِدَها
بالإنسان الكوني الروحي الذي اشتمل عليه
سِفْر التكوين، الذي خُلِقَ على صورة الله [آدم
قبل الخطيئة، أو آدم قبل خلق حواء منه، أي
عندما كان "حوَّادَم"!]. لكن هذا الإنسان
الكوني يجب أن نواحِدَه بأنفسنا أيضًا –
عندما نفلح في تجريد أنفسنا من الفردية.
وحالما نعترف بأن خريستوس مبدأ كوني
شمولي – "النور الذي يضيء كلَّ إنسان يأتي
إلى العالم" – متميِّز تمامًا عن كلِّ
شخصية تاريخية خاصة قد يتجلِّى فيها هذا
المبدأ على درجة عالية، لا يعود يهمنا إن كان
اسمه خريستوس [المسيح] أو كرشنا أو أوزيريس أو
أي اسم وثني آخر للإله، ولا تعود تهمنا
الأحداث التقليدية التي يُعاد إنتاجُها أو
إحداثُها في حياته، على نحو قليل أو كثير من
الإحكام، في قصص الإنجيل – على سبيل المثال،
الولادة من عذراء، الصلب، القيامة، إلخ.
وعندئذٍ يصبح بوسع كلِّ دين أن يجد في هذا
المبدأ الأساسَ الروحيَّ الداخلي الصحيح
لأسفاره ومأثوراته التي تميْدَدَت [صارت
مادية] فيما بعد ولَحِقَها التحريف، وبعامة
سقطت في الدنيوية لمصلحة طبقة كهنوتية."[14] لتكن
مشيئتك في الصلاة
التي تُسمَّى في المسيحية "الصلاة
الربِّية" – وهي الصلاة التي علَّمها
السيد المسيح (ع) تلاميذه، ولازال المسيحيون
يردِّدونها إلى اليوم – في هذه الصلاة يقول (ع):
"[...] ليكن ما تشاء في الأرض كما في السماء."
(متى 6: 10) أي، أن مشيئة الله تعالى ليس لها ما
ينازعُها في السماء، بينما لا تنازِع هذه
المشيئة على الأرض سوى مشيئة الإنسان. ولذلك
يدعو (ع) الإنسان إلى الاعتراف والإقرار بوجوب
أن تحكم الأرضَ مشيئةُ الله وحدها، كما تحكم
السماء بدون منازع، أو دعوة الإنسان إلى أن
تندرج إرادتُه أو تندغم في إرادة الله –
بعبارة أخرى يدعوه إلى "الإسلام". وهذا
مؤدَّى قوله تعالى: "وهو الذي في السماء إله
وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم" (الزخرف
84). وهو أيضًا مؤدَّى قوله تعالى: "وله أسلم
مَن في السموات والأرض طوعًا أو كَرهًا" (آل
عمران 83). تُشعِرنا
هذه الآية أن الكائنات غير العاقلة "مسلمة"،
لا عن طواعية بل عن إكراه، لافتقارها إلى
الإرادة الحرة. غير أن الإنسان أيضًا، في كثير
من جوانب حياته الجسمانية والنفسانية، "مسلم
غصبًا عنه"، لأنه لا سيطرة له على أجهزته
الفسيولوجية والبسيكولوجية التي تعمل بمعزل
عنه – أي، بمعزل عن إرادته. ولذلك لم يبقَ فيه
سوى "إرادته" التي يتوهَّم بسببها أنه
يستطيع أن يخرج عن إرادة الله. والحقيقة أنه،
حتى في عصيانه، إنما يطيع الله تعالى! لكن لا
كما أنا أشاء بل كما أنت تشاء! في الليلة
التي أُسلِمَ فيها يسوع إلى أعدائه، راح يصلي
قائلاً: "يا أبتِ، إن أمكن الأمر،
فلتبتعِدْ عني هذه الكأس، ولكن لا كما أنا
أشاء بل كما أنت تشاء!" (متى 26: 39) في هذا
الموقف تتجلَّى حقيقة التسليم لقضاء الله
وقدره والامتثال المطلق لإرادته تعالى. أيُّ
ذروة للإسلام أعلى من هذه الذروة؟! لكن، ما
الذي حدث بعد ذلك؟ أنا، شخصيًّا، لا أهتم بما
حدث بعد ذلك: صُلِبَ يسوع أم لم يُصلَب. المهم
أنه "صَلَب" إرادته، أي حقَّق ذروة "إسلامه".
كلُّنا يعلم أن القرآن يؤكد أنه لم يُصلَب،
"بل رفعه الله إليه" (النساء 158)؛ بينما
يؤكد الإنجيليون أنه صُلِبَ ودُفِنَ وقام من
القبر في اليوم الثالث، وبقي مع تلاميذه
أربعين يومًا، وبعدها "ارتفع إلى السماء"
(أعمال الرسل 1: 3 و9). إن ما يعنينا
من الأمر أن القرآن والإنجيل كليهما متفقان
على أن السيد المسيح (ع) قد "ارتفع إلى
السماء". ولعل المراد بهذا – والله أعلم –
أنه عَبَر "نفق الموت" إلى حياة "عِنْدِية"
أو "لَدُنِّية"، أي أنه تحقَّق في
الألوهية. فالسيد المسيح (ع) هو، في المنظور
المسيحي، إله صار إنسانًا؛ ومن هذا المنظور،
لا بدَّ له أن يلقى نفس المصير الذي يلقاه
كلُّ إنسان فانٍ؛ ولذلك لا بدَّ من "موته"
أو "صَلْبه"! لكنه، في المنظور الإسلامي،
إنسان صار إلهًا. (أقول: هذا من منظور إسلامي
باطني، لأن عقيدة أهل الظاهر في الإسلام لا
تُجيز أن يقاسم الألوهةَ ألوهيِّتَها أيُّ
كائن آخر سواها!) وعلى هذا، كان من الطبيعي أن
ينفي القرآن عنه الصلب أو القتل (النساء 157). يقول نعيمه
إن البطولة التي حقَّقها يسوع في بستان
الجثمانية إنما هي في "تنازله" [إسلامه]
عن كيانه "بعد أن أدرك أنه يستمدُّ وجوده
وإرادته وذاته من وجود الله وإرادته وذاته":
"ذلك التنازل البطولي حقَّقه يسوع
مبدئيًّا في بستان الجثمانية عندما طلب من
أبيه أن "تعبر عنه" كأس الموت على الصليب
فلم يلبث أن استدرك بقوله: "ولكن لا كما
أريد أنا بل كما تريد أنت." وحقَّقها
نهائيًّا في آخر لحظاته على الصليب عندما هتف:
"لقد تمَّ كلُّ شيء. أبتاه! في يديك أدعُ
روحي"."[15] هل ثمة كلمة
واحدة تفيد معنى واحدًا مؤدَّاه أن المسيح قد
مات وعاش في نفس اللحظة؟ أو مات جسدًا وانبعث
روحًا؟ أو مات عن نفسه البشرية وانبعث روحًا
إلهيًّا؟ هل يمكن أن نعبِّر عن مثل هذه
المفاهيم أو المعاني، ولا سيما المعنى
الأخير، بدون استخدام اللغة الحسِّية؟ بسبب
انتفاء إمكانية التعبير عن المعاني الروحية
في لغة روحية نشأت ضرورة استخدام الرمز
للتعبير عما لا يُعبَّر عنه، بحيث يكون هذا
التعبير حجابًا يُسْدَل على المعنى فيما
يحاول تَجْلِيَتَه. يرى لوك بنوا، صاحب
كتاب الباطنية L’ésotérisme،
أن الرمز تعبير عن الأعلى بالأدنى؛ إذ يقيم
جسرًا بين الجسد والروح ويجعل من المعنى
العقلي شيئًا حسيًّا. ومن طبيعة الرمز
ازدواجية المعنى؛ بل هو قابل لأن يُفسَّر
تفسيرات كثيرة، كلُّها صحيح من وجهات نظر
مختلفة. وهو ينطوي على جملة من الأفكار على
نحو كلِّي غير قابل للاختزال. إذ هو تركيب
وكشف يمكن ترجمته إلى قيم متعارضة ومتكاملة.
والمعنى الحرفي نفسه صادر عن رمز أوَّلي
مَحَتْ صورتَه لاشعوريةُ العادة.[16] يقول قطب
الدين الشيرازي في شرحه على حكمة الإشراق
للسهروردي القتيل ما معناه أن باطن الرمز غير
مفهوم وهو المراد، وظاهر الرمز مفهوم ولكنه
غير مراد.[17]
أقول: من هنا ازدواجية المعنى؛ أي، أن الموت
هو ولادة في نفس الوقت، وأن الولادة هي أيضًا
موت في نفس الوقت، لأن "الموت والولادة
الثانية – يقول بنوا – لا يشكلان غير مرحلتين
متتامَّتين من نفسِ تغيُّر الحال الواحدة
منظورًا إليها من موقعين متعارضين."[18] أغلب الظن أن
الخلاف بين المسلمين والنصارى منشؤه التباسٌ
ناجم عن طبيعة الرمز الازدواجية. وإني لأذهب
– تبعًا لذلك – إلى أن من قال بأنه قُتِلَ أو
صُلِبَ لم يخطئ، ومن قال بأنه لم يُقتَل ولم
يُصلَب أيضًا لم يخطئ! على أن
نعيمه، خلافًا لعقيدة الكنيسة التي تقول بأن
المسيح ارتفع بالجسد، يذهب إلى أن "صعود"
المسيح إلى السماء في ذلك الجسد (الذي صُلِبَ
فيه) "أمر يتنافى وعظمة المسيح. إذ كيف
للمسيح الذي انعتق من كلِّ قيد أن يعود
فيتقيَّد بجسد من لحم ودم وبما للَّحم والدم
من متطلبات ونزوات؟ ومن ثَمَّ فما حاجة
المسيح إلى جسد كذلك الجسد في السماء؟
ألَعَلَّ "السماء" مقرٌّ محدود في بقعة
محدودة من الفضاء اللامتناهي؟ إنها، حتى في
نظر المسيح، "ملكوت الله"، حيث لا مجال
للأجساد الفانية ولا لنزوات اللحم والدم."[19] هل
خلَّص العالم أم أنه رَسَمَ له طريق الخلاص؟ يبدو أن
عقيدة صلب المسيح تكفيرًا عن "الخطيئة
الأصلية" – وهي العقيدة التي تعتمدها
الكنيسة رسميًا كإرث تحدَّر إليها من
اليهودية – آخذة في الانحسار. وفي هذا الصدد
يقول نعيمه: "وأما محبة يسوع للعالم فقد
تجلَّتْ في أسمى مظاهرها وأروعها عندما بذل
يسوع نفسه على الصليب، لا ليفتدي العالم من
الخطيئة، بل ليدلَّه على طريق الخلاص منها. إذ
لا بدَّ لطالب الخلاص من أن يبلغه بجهده الخاص.
وأيُّ قيمة لخلاص يأتيك دون عناء منك؟"[20] وفي مكان آخر
من من وحي المسيح يقول نعيمه بصدد قيامة
المسيح: "فهو في موته وفي قيامته كان
البشارة لي ولك ولكلِّ إنسان بأن في
استطاعتنا نحن كذلك أن نموت كما مات، وأن نقوم
كما قام، على أن نجاهد جهادَه في التغلُّب على
الغريزة، وفي التنازل عن إرادتنا لإرادة
الله، وعن ذاتنا لذاته كيما نفهم قول المسيح:
"أنا هو الطريق والحق والحياة"."[21] كذلك يشير
يونغ إلى أشخاص، استطاع من خلال عمله المهني
طبيبًا للأمراض النفسية أن يلتقي بهم، ليسوا
من المرضى، بل "يتمتَّعون بمستوى استثنائي
من القدرة والشجاعة والاستقامة، أشخاص رفضوا
حقائقنا الدينية التقليدية عن أسباب فيها
الصدق وفيها اللياقة، لا عن سوء طوية. كان
شعور كلٍّ من هؤلاء أن حقائقنا الدينية أضحت
فارغة على نحو أو آخر، إما لأنهم لا يستطيعون
التوفيق بين النظرات الدينية والحقائق
العلمية، وإما لأن المعتقدات المسيحية فقدت
سلطانها ومبرِّرها البسيكولوجي. فالناس لم
يعودوا يشعرون أن موت المسيح كان فداءً عنهم."[22] ولعل هذا يفسِّر
انتشار "الحركات التي تقوم على أساس اختبار
الإنسان لحياته الداخلية، بنفسه وفي نفسه، من
دون تدخُّل من سلطة خارجية كهنوتية أو
ميتافيزيائية، كالغنوصية والحكمة الإلهية Theosophy
والحكمة البشرية Anthroposophy – وهاتان الحركتان
الأخيرتان ما هما إلا الغنوصية في رداء
هندوسي – لأن الإنسان الحديث بات يمقت
المسلَّمات الدوغمائية إيمانًا له، كما يمقت
الأديان التي تأسَّست عليها. فهو لا يأخذ بها
إلا بمقدار ما تتفق مضامينُها مع خبرته
لأعماق حياته النفسية. يريد أن يعرف – أي أن
يختبر بنفسه."[23] ويبدو أن
جميع هذه الحركات تنهض على أساس أن الإنسان (الفرد)
هو مَن يصنع قَدَرَهُ، وهو مَن "يخلِّص"
نفسه بالخروج من "دورة التقمص"،
والالتحاق بالنرفانا،[24]
كما في الهندوسية والبوذية. نتيجة للانتصارات
العلمية التي أحرزها الإنسان الغربي على كلِّ
صعيد، زادت ثقتُه بنفسه زيادة كبيرة، وأحس
أنه بات أقدر على التحكم بالطبيعة من خلال وضع
يده على أسرارها ونواميسها، وشعر أنه أكثر
حرية وتحررًا من ذي قبل، وبالتالي أكثر حسًّا
بالمسؤولية عن نفسه وعن العالم. هذا الشعور
بالحرية، وهذا الحس بالمسؤولية، لم يعودا
يتلاءمان مع عقيدة تُعفيه من المسؤولية وتلقى
بأعبائها على كائن آخر – حتى ولو كان إلهًا أو
ابنًا لإله! ملكوت
السماء لقد علَّم
يسوع تلاميذه أن "ملكوت السماء فيكم" (لوقا
17: 21). يقول نعيمه: "فذلك الملكوت ليس "مُلكًا"
يسعى إليه الإنسان في مكان يدعى "السماء".
إنه كنز لا يثمَّن. وهو مخبَّأ في قلب كلِّ
إنسان. وعلى كلِّ إنسان أن يكتشفه بجهده الخاص.
إنه حالة من وعي الإنسان لنفسه وعيًا شاملاً
لا مجال فيه لأيِّ فاصل أو حاجز بينه وبين
ربِّه الذي منه وفيه كلُّ منظور وغير منظور في
الكون."[25]
ثم يؤكد نعيمه أن "الملكوت الذي بشَّر به
يسوع لم يكن مُلكًا عظيمًا وعزَّة وسلطانًا
في مكان يُدعى السماء، بل كان وعيًا حاضرًا
أبدًا وغير منقطع لوحدة الإنسان بالكون وربِّ
الكون. ومن شأن ذلك الوعي أن تنهار معه حدود
الزمان والمكان، وتتلاشى المخاوف، على
أصنافها، بتلاشي الشهوات التي تثيرها، وأن
يموت الموت بموت الحاجة إلى اللحم والعظم
والدمِّ المعرَّضة أبدًا للتحول الذي هو
الموت. فالوعي الشامل، الكامل، الدائم في غنى
عن هذه كلِّها. إنه كينونة لا غاية لها أبعد من
ذاتها. وهي لا يمكن أن تُقاس بأيٍّ من
المقاييس الكثيرة التي ابتدعها الناس لتيسير
حياتهم على الأرض. "تلك
الكينونة ليس في قواميس الناس ما يمكن أن
يعبِّر عنها. إنها أكثر بكثير من حاجة "غبطة"
أو "راحة" أو "هناء" أو "سعادة".
إنها الكلُّ المجزَّأ وقد الْتَأمَ في وحدة
لا يحصرها مكان، ولا بداية لها في الزمان ولا
نهاية."[26] إن حال ملكوت
السماء هو نفس حال "اليوغي" الذي، بدلاً
من أن يبدِّد الطاقة العظمى التي يحملها في
داخله في أشياء العالم الخارجي، يسعى إلى "تحويلها
إلى قدرة روحية وامتصاصها في الداخل، ثم
يجعلها تنزل عليه مثل ندى الإحسان الذي يجعل
منه كائنًا مولودًا من جديد، إذ يصبح سيِّد
أفعاله ورغائبه. يرقى إلى الـسامادهي [الوَجْد]
ويصبح جيفان موكتا، ناجيًا في هذه الحياة.
"كلُّ الطبيعة تصبح أنِيَّتَه [أو "أناه"]".
يشاهد الروح الذي يَسْري في كلِّ شيء. يشاهد
الـ"هو" في جَوَّانية نفسه."[27] في كتابه نداء
إلى الأحياء يبيِّن روجيه غارودي ماهية الـسامادهي
في اليوغا بقوله إنه "الإشراق الذي يحدث به
التقاء الكائن الفردي بالمطلق. وهذا الإشراق (ساتوري)
في البوذية يتيح بلوغ الـنرفانا – أعنى
إخماد الـ"أنا" بالانقطاع لا عن الرغبات
وحسب، وإنما عن كلِّ ما يكون خاضعًا للميراث
الدنيوي. هكذا يبلغ الإنسان الأبدية في
الحاضر المبدع. في الفعل المبدع، العامل على
إبراز ممكن جديد في العالم، في الشعر أو
الحبِّ أو التضحية، ينسى المرء ذاته ويكون
متحررًا من وعيه بذاته [الفردية] من أجل أن
يتطابق مع هذا الانبجاس المستمر للكائن
الجديد."[28] الحلاج
والمسيح في معرض
تبرئته للحلاج يقول عز الدين بن عبد السلام في
كتابه الموسوم بـحل الرموز، مبرِّرًا قول
"شهيد الصوفية": "أنا الحق!" يقول
العز: "فنادى لسانُ حاله: "يا حلاج، كيف
رأيت المحبة؟" قال: "رأيت حَبَّةً قد
نُصِبَتْ على فخِّ جمالية المحبوب، فطارت
إليها عصافير القلوب. فلما سقطوا ليلتقطوا،
انقلبتْ عليهم حَبَّة الفخ، فاختبطوا، فحدوا
إلى حقيقة تلك المحبة، فإذا هي نقطة باء
المحبة قد قلبتْها يدُ الفتنة، فانقلبت
المحبة محنة." "يا حلاج،
فأنت تحت رِقِّه تحترق، وبحبل عشقه تختنق.
فمتى تتفرغ من الخنق حتى تقول "أنا الحق"؟
فلو كان لك في البقائية، ما شربت بكأس
الأنيَّة." فقال: "يا قوم، لما أخذني
منِّي، وسلبني عنِّي، تلاشتْ أوصافُ حَدَثي
لما ظهر سلطانُ قِدَمه، فكان الحَدَثُ كأنْ
لم يكن، وبقي القِدَمُ لم يزل. ثم فَنِيَتْ
إنيَّتي في إنِّيته، وذهبت هويتي في هويته،
وتلاشت ناسوتيَّتي في لاهوتيَّته. ثم نظرتُ
منه إليه فلم أرَ إلا هو، وسمعتُ به منه فلم
أسمع إلا هو، ونطقتُ به إليه فلم أذكر إلا هو،
فعلمتُ أن ليس هو إلا هو، فقلت: "أنا هو."
ولئن قلت "أنا الحق" فما عدلت عن الحق،
لأني أنا الحق في محبَّته، وهو الحق في مملكته.
ولئن كان سُكري نَمَّ على سرِّي، فقد عربد
وجدي على وجودي، وجعل حدِّي محو حدودي." "ماذا قال
له الملأ الأعلى بعدما فارق الروح [أو فارقتْه
الروح!]؟ "يا حلاج، أنت شربت بين ندمان لا
يحتملون عربدتك، وقد صنعنا لك دعوة فيها "ما
تشتهي الأنفس وتلذ الأعين"، ففارِقْ
ووافِقْ؛ فثمَّ ندمان "يتنازعون فيها
كأسًا لا لغو فيها ولا تأثيم" – "وسقاهم
ربهم شرابًا طهورًا". سماعهم: "لا يسمعون
فيها لغوًا لا تأثيمًا إلا قليلاً سلامًا
سلامًا." مشاهدتهم: "وجوه يومئذٍ ناضرة
إلى ربها ناظرة."" ثم يختم
العزُّ كلامه عن نهاية الحلاج بما حكاه
القرآن عن نهاية المسيح: "وما قتلوه وما
صلبوه، ولكن غارَ عليه أحبابُه فغيَّبوه"!
أقول: من المؤكد أن الحلاج قد صُلِبَ وقُتِلَ
– وهذا ثابت تاريخيًّا. أفيكون نفيُ الصَّلْب
والقتل عنه مثل نفي الصلب والقتل عن المسيح؟
وما الذي صُلِبَ أو قُتِلَ منهما، إن كان
حقًّا أحدهما أو الآخر قد صُلِبَ أو ُقتِل؟! ***
*** *** [1]
ميخائيل نعيمه، من وحي المسيح، "المجموعة
الكاملة"، المجلد التاسع، دار العلم
للملايين، بيروت 1981؛ ص 283. [2]
من وحي المسيح،
ص 312. [3]
من وحي المسيح،
ص 295-296. [4]
شهاب الدين عمر السهروردي، عوارف المعارف،
بتحقيق عبد الحليم محمود ومحمود بن الشريف،
ج 1، دار المعارف، القاهرة، 1993؛ ص 140. [5]
كتاب أخبار الحلاج، بتحقيق ماسينيون
وكراوس، منشورات الجمل، كولونيا 1999؛ ص 12. [6]
الكلمات الواقعة بين الأقواس [...]
من تدخلي. [7]
من وحي المسيح،
ص 319-320. بهذا الصدد نشير إلى يونس (ع)
واستجابة الله – تعالى – له ونجاته من بطن
الحوت؛ وهي كالخروج من الرحم المظلمة أو
القيامة من ظلمة القبر: "وذا النون إذ ذهب
مغاضِبًا فظنَّ أنْ لن نقدر عليه فنادى في
الظُّلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنِّي
كنت من الظالمين، فاستجبنا له ونجَّيناه من
الغمِّ وكذلك نُنجي المؤمنين" (الأنبياء
87-88). [8]
من وحي المسيح،
ص 320. [9]
كارل غوستاف يونغ، التنقيب في أغوار
النفس، بترجمتي، المؤسسة الجامعية
للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 1996؛ ص 39-40. [10]
دين المستقبل،
بترجمتي، مخطوط، ص 119. [11]
المرجع نفسه، ص 22. [12]
المرجع نفسه، ص 22. [13]
يبدأ
إنجيل يوحنا هكذا: "في البدء كان الكلمة
والكلمة كان عند الله والكلمة هو الله. كان
في البدء عند الله. كلُّ شيء به كان وبغيره
لم يكن شيء مما كان. فيه كانت الحياة
والحياة نور الناس، والنور يضيء في
الظُّلمات ولم تدركه الظُّلمات." (يوحنا
1: 1-5) [14]
دين المستقبل،
ص 99 و122. [15]
من وحي المسيح،
ص 312-313. [16]
لوك بنوا، المذهب الباطني في ديانات
العالم، بترجمتي، المؤسسة الجامعية
للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت 1998؛ ص 25-26. [17]
عبد الرحمن بدوي، شخصيات قلقة في الإسلام،
سينا للنشر، القاهرة 1995؛ ص 175. [18]
المذهب الباطني،
ص 42. [19]
من وحي المسيح،
ص 320-321. [20]
نفس المرجع السابق، ص 292. [21]
نفس المرجع السابق، ص 321. [22]
كارل غوستاف يونغ، علم النفس التحليلي،
دار
الحوار، اللاذقية، طب1 1985؛ ص 276. [23]
نفس المرجع السابق، ص 248-249. [24]
النرفانا Nirvana
مصطلح سنسكريتي معناه: الانطفاء أو الفناء
أو الخمود. تريد به البوذية حالة المفارقة
أو الصعود التي يصل إليها الإنسان بعدما
ينفصل كليًّا عن عالم الظاهرات. والكلمة
نفسها مستعملة في الهندوسية، ويراد بها
الحالة الجديدة التي يجد فيها الـAtman
[= الروح، أو الألوهة في العالم] نفسه عندما
يعود إلى Brahman
[= المطلق]. عن: Les Dictionnaires Marabout,
« Les Religions ». [25]
من وحي المسيح،
ص 216. [26]
نفس المرجع السابق، ص 216-217. [27]
لوك بنوا، المذهب الباطني، ص 90. [28]
روجيه غارودي، نداء إلى الأحياء،
بترجمة ذوقان قرقوط، دار دمشق؛ ص 127.
|
|
|