|
همْسُ حرِّيةٍ ينادي الضَّوء في غَفْلَةِ العُمْر منذُ
لامَسَني الماءُ وأنا أُبْصِرُك لم
أعثرْ عليكَ ولم تَرَني إلاَّ
في غَفْلَةِ العُمْرِ وانحناءِ الله. * رِقَّة مَسَاكِبُ
الوَرْدِ تَنْجَلِي بخورًا بخفَّةِ
سُنبلةٍ حطَّتْ على كتفي فهزمَتْها
بالرِّقَّةِ ولانَتْ حتَّى اختفتْ. * عيونُ الفجر قصورٌ
في الهواء تتوبُ
فيها الملائكةُ الضَّالَّة تعبثُ
فيها أرواحُ الخاطئينَ الجَّهَلَة تلفحُها
الرياحُ الآخذة. قصورٌ
في الهواء تَغْسِلُها
براءةُ الفجرِ بعيونٍ واسعةٍ كالضمير تثنيها
الصلواتُ عن الحريق تحتمي
بها الطيورُ من القتل. قصورٌ
في الهواء ترتعدُ
خوفًا وتكبرُ وتكبر. *** سِحْر عبثًا
تفتِّشُ عنِّي مخبأي
ضاعَ منِّي ونوري
يتلاعبُ بظلِّه. *** نكادُ نختفي يُرجِعُنا
السَّاحرُ إلينا وأستيقظُ
على ركبتيك. * نقطةُ اللاَّعوْدة وجهُكَ
سَراب التقِطْهُ
قَبْلَ أن يهوي عيناكَ
خيطُ أزَل عانِقْ
أحلامَكَ بِشَغَفِ الموت. العالَم
يسقطُ من كبوةِ الألَم افرِدْ
جناحَيْكَ بِوَداعَةِ الجفنِ ونَمْ
مِنْ هَوْلِ الفَزَع. تملَّكْ
ما تنتَزِعُهُ ما
ينتشلُكَ من غيبوبتِكَ ما
يخطفُكَ وأنتَ في المستحيل. ما
يفيضُ عن الفائض نقطةُ
اللاَّعوْدة هي
لك هي
أنت. من
قلبِ الحُلُم من
غيمةِ أنا وماء سَلَبَتْني
الشَّمسُ زادي من
ضفَّةٍ إلى ضفَّةٍ تمدَّدتُ وِسْعَ حَدَقَةِ
الله. عينٌ
عليكَ من قَلْبِ الحُلُم ولا
تسألْ لِمَ أنتَ هنا. *** معجزة أؤمنُ
بأنَّ المطرَ السَّاكِنَ في الغيمِ لا ينهمرُ
صُدفةً بأنَّ
الصُّدفةَ السَّاكِنَةَ في الغَيْبِ تختارُ
بيوتَها وأنَّ
بيوتَ الجَّمْرِ لا تخشى دَوَالِيَ اللَّهب. أؤمنُ
بأنَّ القُبلةَ الشريدةَ تنزلُ كالصَّاعقةِ
مُمْتَطِيَةً النِّعمة ترسمُ
طريقَها مغمضةً كمعجزة. أؤمنُ
بانخطافِ الثواني بجنونِ
الحبِّ المخلِّص. *** غابةُ الضَّوء في
ليلِ الأقمارِ السوداء تجتاحُني
أسرابُ الطيورِ كشوقٍ مسحور. جميعُ
مَنْ في القبور بُعِثوا. مِن
كلِّ حيٍّ أستمدُّ نسْغي من
كلِّ صوتٍ، من كلِّ ظل. من
شوكِ الصَّحراءِ وصَمْتِ البَيْلَسَانِ
تُنَوِّرُ أغنيتي. في
وحدتي تُذْهِلُني رؤيتي يُذْهِلُني
حبِّي. *** همْسُ حرِّية ينادي
الضوء أيتها
الحريةُ المجرَّدة الفاقدةُ
البصرَ المزروعةُ
في الخلايا المنثورةُ
في الذرَّات المشتاقةُ
للرِّيح المفتقدةُ
الماءَ الممتزجةُ
بالنار الرُمْحُها
منطلقٌ من القلب المكتفيةُ
بذاتها المنتشيةُ
بالحياة هل
أنتِ سرابٌ أم صوتٌ صارخٌ في البرِّية يا
مختزلةَ المعانيَ والأزمان؟ من
قال إن جليدَكِ لا يحرقُ الأبدان وإن
جناحيكِ لا يُسْكِران يا
خاطفةَ الأنفاس؟ من
رَحِمِ الولادةِ إلى رَحِمِ السَّماء أيتها
الشَّاسِعَةُ شُسُوعَ الله وسِّعي
حَدَقاتِنا لتسكُني فيها قبِّلي
جباهَنا لتباركيها وانفُخي
فينا بعضَ مستحيلِك لنطير أيتها
المتفجرةُ الينابيع! همساتُك
الصارخةُ في الظُّلمةِ تنادي الضَّوء كثيرةٌ
أنتِ من
فيضِكِ تُشعلينَ البراكين لا
حدودَ لكِ لا عبور. *** وَحْشَةُ القلب كَمَنْ
تَخونُه خُطاه في صحراءِ ذاتِه ذَوَتْ
يَداي في عتمةِ سماءٍ خاوية. طويتُ
عمري قفزتُ
منه إلى فراغٍ أكبر. عددتُ
أسراريَ واحدًا واحدًا وذنوبيَ
واحدًا واحدًا: لا
شيء يستجدي الرأفة لا
شيء سوى وحشة القلب. من
مملكةِ الخيالِ إلى عَرْشِ الأرض كلماتٌ
تأسُرُ الأعناق أطلِقوا
سَراحَ الأصوات ولا
تعوِّقوا حركةَ الأرواح. في
بَدْرٍ ما سيكتمِلُ العُمْر والبَصَرُ
في الدائرة يستوي. *** أدعوكِ روحًا نارًا
ماءً ماذا
أقولُ للروحِ الهائمةِ في حُصْنِ الخوفِ؟ تلك
المولودةِ حرةً، السائرةِ نحو الموتِ حرةً،
قابضةً على بَرْقِ اللَّحَظاتِ حرَّة. ترابٌ
يتحولُ ذراتٍ من ذهبٍ تُضيء العينين، قبل أنْ
يغمرَها الثلجُ ويخطفَ البؤبؤ. كلُّنا
خاطفون. لا
يرى المخطوفُ وَهْجَ انخطافِه أو يَعي فقدانَ
نفسِه. أما الخاطفُ فيتحولُ جلاَّدًا أو "إلهًا". ماذا
أقولُ لها – تلك المخطوفةِ على مَتْنِ
الريحِ، المنسوجةِ من حبٍّ ونورٍ – ولا أعرفُ
لغةً سوى وشوشات النسيم. كيف
أفتحُ لها نافذةَ الأفقِ وجناحاها ينبسطانِ
مبلَّلَيْنِ بالمطر؟ أدعوكِ
روحًا، أدعوكِ نارًا، أدعوكِ ماء. انبثقي من
عتمتِك، أسفِري عن ضيائك، أيتها المنعتقةُ من
العَدَم! كانتْ
لي روحٌ تضيقُ بسمائها؛ صارتْ لي أرواحٌ
لسماوات. عتيقةٌ
الروحُ في خَوابي الزَّمن، جليلةٌ، رهيفةٌ،
دائريةٌ في تجوالها، صامتةٌ في احتضانها
اللقاءَ الأخيرَ لتُصغي كاملةً إلى نبضاتِ
المطلق. *** *** ***
|
|
|