إيثاكي

 

قسطنطينوس كافافيس

 

في المرفأ

 

شابًّا، في الثامنةِ والعشرين، على مَتْنِ سفينةٍ من تينوس،

بلغَ إيميس ذلكَ المرفأ السوريَّ،

وفي نيَّته أن يتعلَّمَ صناعةَ العطور.

لكنه مَرِضَ في أثناء الرِّحلة. وما إن حطَّ على اليابسة

حتى مات. ودُفِنَ ههنا في قبرٍ بائس.

قبل مماتِه بسُوَيْعاتٍ هَمَسَ شيئًا

عن "الدار"، وعن "والدَيْن طاعنين في السِّن".

لكن مَن كانَ هؤلاء – لم يدرِ أحد،

ولا أحدَ يعلمُ موطِنَهُ في ذلك العالمِ الهيلِّيني الواسع.

وهذا أفضل. إذ بينما

يرقدُ ميتًا في هذا المرفأ،

سيأملُ والداهُ دومًا أنه حي.

[80، 1918]

***

 

شاهدةُ ضريحِ أنطيوخوس، ملكِ كوماجيني

 

بعد أن عادتْ، حزينةً، من جنازةِ شقيقِها،

أرادتْ شقيقةُ أنطيوخوس، ملكِ كوماجيني –

الرجلِ الذي كان في حياتِه عفيفًا، سَمْحًا،

وافرَ العلم – نَصْبَ شاهدةٍ لضريحه.

السوفسطائيُّ الإفسُسيُّ كاليستراتوس –

الذي كان كثيرًا ما ينزلُ في دُوَيْلَةِ كوماجيني،

ضيفًا، مُرَحَّبًا به مِرارًا،

على البيتِ المَلَكيِّ –

كَتَبَها، مستأنِسًا بالحاشيةِ السورية،

وبَعَثَ بها إلى السيدة العجوز.

 

"لننشدْ، أيها الكوماجينيون، عن جدارةٍ،

مجدَ أنطيوخوس، الملكِ الصالح.

كان حاكمًا للبلدِ حصيفًا.

كان عَدْلاً، حكيمًا، باسلاً.

وامتازَ، إلى ذلك، بتلك الصِّفة الفُضلى: إغريقي –

ليس للبشرِ صفةٌ أشرفُ منها؛

أما ما يفوقُ ذلك فلا يمتازُ به إلا الآلهة."

[109، 1923]

***

 

إيثاكي

 

وأنتَ منطلقٌ في رحلتكَ إلى إيثاكي،

تَمَنَّ أن يكونَ الدربُ طويلاً،

مليئًا بالمغامراتِ، حافلاً بالمعارف.

آكِلو لحومِ البشرِ والمَرَدَةُ ذوو العينِ الواحدةِ،

وبوسيذون الغاضب – لا تخشاهم؛

فلن تجدْ أمثال أولئك على دربكَ أبدًا

ما أبقيتَ فكرَك عاليًا، ومادامتْ عاطفةٌ خالصةٌ

تمسُّ روحكَ وجسمكَ.

آكلو لحومِ البشرِ والمَرَدَةُ ذوو العينِ الواحدة

وبوسيذون الهائج – لن تصادفْهم

إذا لم تحملْهم في دخيلةِ نفسِكَ،

إذا لم تَنْصِبْهم نفسُكَ أمامَك.

 

تمنَّ أن يكونَ الدربُ طويلاً.

عساها تكونُ عديدةً الأصباحُ الصيفيةُ

وأنتَ تدخلُ – بأيِّ امتنان، بأيِّ فرح –

موانئ تُبصرُها للمرة الأولى؛

عساكَ تتوقفُ في أسواقِ تجارةٍ فينيقيةٍ،

فتقتني أجْوَدَ البضائعِ،

أصدافًا ومرجانًا، كَهْرَمَانًا وأبَنوسًا،

وعطورًا شهية من شتى الصنوف،

مُكثِرًا ما استطعتَ مِن شَهِيِّ العطور؛

عساك تزورُ مدنًا مصريةً عديدةً

فتتعلَّم وتتعلَّم من العلماء.

 

ولتكنْ إيثاكي دومًا في بالك.

إن بلوغكَ إياها هو غايتُك.

لكنْ لا تتعجَّلْ في سَفَرِكَ إطلاقًا.

فالأفضلُ أن يدومَ أعوامًا طوالاً؛

فترسوَ في الجزيرةِ وقد صِرْتَ شيخًا،

غنيًّا بكلِّ ما فُزْتَ به على الدرب،

غير منتظِرٍ أن تعطيكَ إيثاكي الثراءَ.

 

لقد أعطتْكَ إيثاكي الرحلةَ الرائعة.

فلولاها ما كنتَ لِتزمعَ على السفر.

لكن لم يعدْ لديها ما تعطيك.

 

وإذا ما وجدتَ إيثاكي فقيرةً، فهي ما خدعتْكَ.

فمادمتَ غدوتَ من الحكمة، وكَنَزْتَ من الخبرة،

فلا بدَّ أنك ستفهم عندئذٍ معنى الإيثاكات.

[31، 1911]

*** *** ***

ترجمها عن اليونانية: ديمتري أفييرينوس

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود