المفردة من "القهر الإيديولوجي" إلى فضاء الحرية

 

جهاد الترك

 

ثمة عالم فسيح، شاسع الأطراف، متعدِّد الاحتمالات في النص الشعري الحديث والأكثر حداثة. اللغة، في سياق هذا التصور، لا تعود تعبِّر عن المعاني المتداولة التي ترتديها، بحكم العادة، هذه المفردة أو تلك. وبالمثل، لا تعود المفردة الواحدة ملكًا لنفسها فقط. أو أنها صنيعة نفسها فقط. أو أنها وجدت، في الأساس، لتقتطع لنفسها ضربًا من الاستقلالية الجامدة من جسد اللغة لتشكل بمفردها كينونة بمنأى عن غيرها. على النقيض من ذلك، تنحو المفردة في النص الشعري الحديث منحى آخر مختلفًا يكمن في نسيجها الداخلي.

ولعله يستقر عميقًا في طبيعة تكوينها في إطار الرؤية التي تشتمل عليها هذه النصوص إزاء الإنسان والعالم والكون. صحيح أن المفردة هي حلقة الوصل بين اللغة والعالم في أشكاله الافتراضية والمتحولة على ايقاع الحقائق المتساقطة كأوراق الخريف في القرن الحادي والعشرين، غير أنها، في الوقت عينه، حلقة وصل أكثر أهمية بين اللغة نفسها، من جهة، وقدرة هذه الأخيرة على إعادة اختراع العالم من جديد وانتقاله من صورة إلى أخرى. المفردة ذات الكينونة المغلقة، كما يزعم كثيرون، ثابتة في مكانها الأزلي. عاجزة بالمطلق عن الإيحاء بمفردة أخرى، في المشهد الشعري، تستكمل بها تحفزًا كامنًا فيها للخروج من جسدها الضئيل إلى آخر أكثر رحابة. في المقابل، تبدو المفردة المتوثبة بغريزة التوسع والانتشار والتدفق، أكثر قدرة على اكتشاف العالم في توثبه المتسارع من تحول إلى آخر.

المفردة المغلقة على نفسها إلى حد الاختناق هي كالأيديولوجيا المقفلة التي بدل أن تنفتح على العالم لتشاركه تحولاته، تتوسع في داخلها الضيق. كلما ازداد ذلك، ازداد هذا الحيِّز الداخلي ضيقًا إلى الحدِّ الذي تقدم فيه هذه المفردة الأيديولوجيا على أن تأكل نفسها بنفسها، لأنها تقضم بالتدريج مساحة الحرية فيها حتى لا يبقى منها شيء. غالبًا ما تؤدي المفردة في النص الشعري الحديث والأكثر حداثة هذه المهمة. ما أن تبلغ المفردة طريقًا مسدودة حتى تخرج عن جسدها على الفور. تنزع عن وجهها قناعًا استنفد أغراضه بالكامل؛ تخترع مفردة أخرى. تبعث فيها الحياة. تدفعها إلى الأمام على درب المشهد الشعري المتحول. ثم تنسلخ عنه لأن لا كينونة جامدة أو معلبة لها. حلقة في سلسلة لا نهاية لها لأن لا نهاية للعالم في أشكاله المتبدلة. صحيح أن المفردة في نصوص كهذه قصيرة العمر سريعة العبور كالظلال إذا جاز التعبير، غير أنها، في الوقت نفسه، سريعة الحركة من حال إلى أخرى لأن لا كينونة خاصة بها تخشى عليها من الزوال. ومع ذلك، لا يبدو أن النص الشعري الحديث يحرق الكلمات أو يستهلكها أو يلتهمها كما يُخيِّل لبعضهم. بل يستخدمها على النحو الأمثل من أجل أن تبقى اللغة على قيد الحياة، من أجل أن تبقى الرؤية الشعرية على قيد الحياة، تمامًا كالريح الهوجاء التي تقتلع غابة بأكلمها ثم تنثر لقاحاتها في تربة أخرى. اللغة هي الغابة المرتقبة في أرض مرتقبة.

ثلاثة نماذج لنصوص جديدة، في هذا السياق هي: كتاب الشظايا للشاعر المغربي محمد الأشعري عن "دار النهضة العربية"، 2011؛ أهب أصابعي لخواتم النور للشاعرة السورية آسيا خليل، عن "منشورات الغاوون" 2010؛ لحن عسكري لأغنية عاطفية للشاعر المغربي عبد السلام المساوي، عن "دار النهضة العربية". 2011.

عبد السلام المساوي

خمسة وعشرون نصًا تنطوي عليها هذه المجموعة لحن عسكري لأغنية عاطفية. تراوح بين الطول والقصر، وإن بدا أن صاحبها أكثر ميلاً إلى المسهب منها لاعتبارات متعددة، من بينها: أنه يحتفظ لنفسه بهامش واسع يترقب من خلاله الدلالات القريبة والبعيدة للصورة الشعرية من دون أن يبدو مضطرًا إلى تعقبها في مجال اللغة والرؤية. ولعلَّه ينحو هذا المنحى في سائر النصوص من دون استثناء يُذكر على هذا الصعيد. يُخيَّل إليه على الأرجح، أن المسافة التي قطعها من أجل أن يصل إلى حيث يصل لإعادة تشكيل المعنى وصوغه في مشهد مغاير، أمر من شأنه أن يفتح الصورة على مصراعيها. ولذلك، فهو لا يتكبَّد، في هذا السياق، مغبَّة الذهاب بالمفردة الواحدة أبعد قليلاً أو كثيرًا في متاهة الكتابة الشعرية. ومع ذلك، فهو يحمل الدلالة الشعرية إلى أمكنة في الذاكرة تبعث في نفسه الطمأنينة بأنه قطع في هذا السبيل الشوط الأكبر. غير أنه، من ناحية أخرى، يبدي تململاً، على الأغلب، هو أقرب إلى إلحاح داخلي عميق على أن الصورة تحتمل، في طبيعتها، منظومة واسعة من الافتراضات. يفعل ذلك، أحيانًا قليلة، ويحجم عن ذلك أحيانًا كثيرة. وهذا عائد، بالدرجة الأولى، إلى مزاج خاص حيال الكيفية التي يقلِّب من خلالها مكونات المعنى وإمكان الصورة وقدرتها على الانسلاخ بعضها عن بعضها الآخر. وهذ تقنية تتطلب، قبل أي شيء آخر، حذرًا شديدًا من الهيئة التي ترتديها المفردة. تبدو هذه الأخيرة، في الأغلب الأعم، مضلِّلة إلى حد كبير. بمعنى أنها توحي لصاحبها بأنها قد استنفدت احتمالاتها وبلغت نهاية الطريق على هذا الصعيد. كما توحي أيضًا بأن أي محاولة لاستكشافها في بنيتها الداخلية أمر لا جدوى منه باعتبار أنها اصطدمت بالجدار الأخير للمعنى أو أنها توشك على ذلك.

هذه، على الأرجح، من الضلالات التي يستخدمها المعنى الشعري من أجل أن يعوق صاحبه عن الاستمرار في الكتابة. وقد تنطلي هذه الأكذوبة وهذه الضلالة على صاحبها فتوهمه بأنه قد بذل المستحيل من أجل أن يستخرج من الصورة احتمالاتها الغامضة. قد يُعزى تململ المساوي وإحساسه بالضيق أحيانًا إلى هذا السبب بالتحديد. نراه يقدم، على الفورة على إطالة النص لمقاربة الصورة من زوايا مختلفة كثيرة ومتعددة. من هنا، لا شيء يشير، في نصوص الكتاب، إلى اطمئنانه الكامل أو اكتفائه الكامل بالمشاهد التي تفرج عنها صوره. ثمة ما يحمله، في هذه المجال، على بذل جهد أكبر وأناة أطول ليتوغل على نحو أعمق في الجغرافيا المعقدة للمفردة، ومن ثم في المتاهات الغامضة للمشاهد التي يعيد نسجها بالمفردات وايحاءاتها. ولعلَّ هذه الميزة، على وجه التحديد، هي التي تضفي على فضائه الشعري أبعادًا شاسعة ليصبح بمقدوره أن يتسلل إلى ذاكرته على نحو أفعل وأكثر شفافية واقترابًا من المتاهة الشعرية. يكاد لا يخلو نص في الكتاب من هذا النزوع الحقيقي إلى تجاوز المفردة الواحدة والمشهد الواحد والصورة الواحدة إلى احتمالات تتراءى له في أفق ضبابي كثيف. ومع ذلك، يدنو المساوي من هذا الأفق الغامض بما يستحوذ عليه من تقنيات يمكن الاعتداد بها في في تكوين الصورة الشعرية.

مختارات من المجموعة

من كتاب المساوي نقتبس...

الشاعر

كان يخرج عاريًا من رماد الأجنحة
ويسحب اللغة من موتها
إلى شعلة تتبدى
في أفق بعيد...
ليس له خوذة
تحميه من لسعة الحرب
ولا مهرة
تركض في طريق النجاة...
كان يغفر لليل كفره بالشمس
ويولم للنقيق نبيذ النشيد
كان يفتح أزرار التعب
كلما داهمه شجو قادم
من شبابة بعيدة
يغري النور الذابل بالعودة إلى تويجه المندهش
والبطل الشارد إلى حبكة الأسطورة؟!

يكفيك ليل
ما يزال بعيني لوزك
وغابة سحيقة من الانتظار
كأنني أودعك كل يوم
إلى سفر مبهم
كأن الأيام التي تمر
بعيدًا عن عمرنا
أوراق بيضاء
في مفكرة مهملة
وأنت عزف مسترسل
على كمان الروح
عذبتني الرموز

***

آسيا خليل

تنطوي هذه النصوص، وعددها اثنان وعشرون، على نموذج آخر وثيق الصلة بالكيفية التي يعبِّر من خلالها الشعراء الجدد، ومعظمهم من الجيل الأحدث، عن رؤيتهم الذاتية إلى الإنسان والأشياء والعالم. بغض النظر عن مواهبهم في لعبة الكتابة التي تراوح بين أحدهم والآخر وإحداهن والأخرى. وقد تغدو هذه المراوحة بين نص وآخر وشاعر وآخر، متباينة أشد التباين في ما قد تؤول إليه المشاهد الشعرية من التماعات متفردة تهز الذاكرة هزًا عميقًا، أو تترنح في منتصف الطريق أو بدايته فتصطدم بجدار الكلمات. ومع ذلك، يجتهد أصحاب هذه النصوص المتوافرة على مسارح الرؤية الشعرية، في لملمة الكم الأوفر من احتمالات المفردة وإعادة تشكيل المشهد الشعري على نحو يبعث على التأمل في نسيجه الداخلي. من هذه النماذج، نصوص آسيا خليل في مجموعتها الأولى أهب أصابعي لخواتم النور، وهي تدلي فيها بدلوها أسوة بآخرين ممن باتوا يرون أن للغة دينامية أكثر رهافة وإيحاء ودهشة في قدرتها على إعادة اختراع نفسها بنفسها. ولعل المقصود بهذا التصور أن لا مفردة قائمة بذاتها ولذاتها. على النقيض من ذلك، فإن السر الكامن خلف بقائها وتألقها وصمودها أيضًا في أي نص من النصوص، إنما يكمن في انفتاحها التلقائي على مفردة ثانية وثالثة على نحو لا يتوقف. قد يُشار إلى هذه المقدرة بكونها عبقرية كامنة في عمق المفردة. ما أن يُفسح لها في المجال لتتزحزح من مكانها حتى تبدو عبقرية بالفعل، لأنها تحيل المفردات جميعًا منظومة متقاطعة من العناصر التي تكون الصورة الشعرية.

آسيا خليل في مجموعتها الجديدة تنحاز، بشكل أو بآخر، إلى هذا التصور مدفوعة بذلك بغريزة متحركة في تعقب الأشياء وظلالها في فضائها الشعري تعبيرًا عن رغبة في إعادة تركيب العالم وأشيائه من جديد. المفردة لديها تذهب مسرعة إلى حيث تلتقط مفردة أخرى، ليس للانصهار بها أو الالتحام بها أو الاكتمال بها إذا جاز التعبير. بل لتستكشف فيها إمكانات في التعبير لم تعد تستحوذ عليها. المفردة، في سياق هذه النصوص، حمالة أوجه ومعانٍ وايحاءات يتعذر عليها بلوغها ما لم تنتقل من بؤرتها الضيقة إلى أخرى أكثر رحابة وانكشافًا على متاهة الصورة الشعرية. تستدعي هذه النصوص قراءة من هذا القبيل لموقع المفردة الواحدة في جغرافيا النص. على هذا الأساس المفترض من الاستخدام المتحول للمفردة في سياق المشهد الشعري، تصبح نصوص هذه المجموعة ضربًا تجريبيًا، على الأغلب، تلقى فيه المفردات، بشكل أولي، ثم يجري بعد ذلك رصدها ومتابعتها وهي تبحث عن ذاتها الاحتمالية في مفردات أخرى غير واضحة المعالم ولعلها مجهولة المعالم. إن مشاهد شعرية، من هذا القبيل، تبدو مثيرة لجدال من نمط غير تقليدي، إذا صح القول. تبدو المفردة، في هذا السياق ذات حضور ايحائي على نحو يتجاوز كثيرًا حضورها في ما تشير إليه في معناها الظاهري. يتحول الايحاء، في هذا الإطار الشكل المتجدد، أو المرتقب للمفردة، أو الافتراضي المحتمل في أي حال من الأحوال. المفردة ليست بذاتها بل بما توحي به وتشير إليه في الفضاء الشعري الشامل.

من نصوص الكتاب

من مجموعة آسيا خليل نختار...

ثمة موسيقى تنهمر

داخل قطار يقلني إلى المتاهة
داخل القطار الذي
يشد الدروب من أشجارها
جارًا صوتي الأخضر بسمة صوته
أقرأ كتاب ذهني.
القطار وجه العزلة.
ثمة شاب أنامله رياح
برشاقة بجعة تراقص خصر المياه
صوته المرشوش بماء الزهر
تسلل إلى شرودي
يهدهد المساء في طنبوره.
الشاب الذي رمش لي
يمسحُ عن صوتي الدخان
لم يلمحني ندية الأجنحة
ساهية عن نول الأفق التعب على ركبتي
أتهيأ للتحليق
فيما مذهولاً كنت
منهمكًا
في تقشير زجاج النافذة
تسدل الهدير على أذنيك
والموسيقى التي في جوارك تترقق
رئة القطار امتلأت ضبابًا.
بينما راكلة باب القطار خارجة
كانت ثمة موسيقى
تنهمر على أفق
فاغر فاه.

***

محمد الأشعري

نموذج آخر مختلف يقاربه محمد الأشعري في مجموعته الجديدة كتاب الشظايا. منظومة متشعبة من النصوص لا يفرِّق بين أحدها والآخر، عنوان محدد، أو فاصل أو ما يشبه هذا أو ذاك. ولعل المشاهد التي تنطوي عليها هذا النصوص تدور في فلك رؤية شعرية متجانسة في ما يؤول إليه الأشعري في اختبار معانيه ودلالاتها وظلالها كذلك في إعادة تشكيل صورة العالم من حوله. يلجأ، في الأغلب الأعم إلى استخدام الأشياء وتفاصيلها خصوصًا تلك التي توقظ في نفسه ايحاء مرده إلى الأمكنة على وجه التحديد. ثم يعمد بعد ذلك إلى استكشافها من الداخل. وهو يفعل ذلك، على الأغلب، من منطلق أن هذه المروحة الواسعة مما تقع عليه العين، تشكل في حقيقة الأمر، نمطًا من المواد الصلبة أو الأولية التي تغلف الذاكرة وتستوطن فيها. يذهب مباشرة إلى هذه الأشياء التي تظلل أفق الرؤية، من الداخل والخارج من أجل أن يستثير ذاكرته ويحثها حثًا قويًا على إعادة تذكر ما فاته منها. والأهم أنه يوقظ فيها ما يعتبره هو أحاسيس ومشاهد منكفئة على ذاتها ينبغي إعادة الاعتبار إليها. يصبح، في هذا الإطار، شريكًا فاعلاً ليس في اكتشافها من جديد فحسب، بل في إعادة تمثيل طبيعتها والخوض في خصائصها تمهيدًا لضمها إلى مقتنيات الذاكرة. ولعله أيضًا ينضم هو إلى ذاكرتها بعد أن استفاقت هذه الأخيرة من غفوتها الثقيلة. لا تمايز حادًا بين الذاكرتين. بل انصياع إحداهما للأخرى باعتبار أن كلاً منهما يشكل في الإطار البانورامي للمشهد الشعري، ذاكرة للأخرى.

يخرج الأشعري باعتماده هذه التقنية في التعبير من ذاته إلى الذوات الأخرى الكامنة في الأشياء وتفاصيلها. وكأنه يستبعد، في هذا المنحى، أسبقية ذاته ليشرع في اشتباك حيوي مع الذوات الأخرى. لا يبدو أنه يصل إلى نهاية محددة أو يقترب من شيء من هذا القبيل. من الملاحظ، في هذا المجال، أن انفتاح الذاكرتين إحداهما على الأخرى، يبقى مشرعًا في فضاء النصوص على دلالات متنوعة لا يقصد بها، على الأرجح، التوصل إلى صيغة أو تسوية تجمع بين الاثنتين في بوتقة واحدة. يعمد الشاعر إلى أن يبقي مسافة متراوحة بينهما ليضفي على كل منهما نمطًا من الاستقلالية في الشخصية والتعبير. ولربما يفعل ذلك انطلاقاً من قناعة قد تفيد بأن الدمج بينهما يلغي إحداهما لحساب الأخرى. أو يقلل من شأن إحداهما ليعزز من شأن الثانية. والنتيجة الأقرب إلى هذا التصور أنه يستخدم إحداهما ليستفز الأخرى. وكلما حصل ذلك باتت صوره الشعرية منفتحة على سلسلة واسعة من الاحتمالات المتوافرة في كلتيهما. والأرجح أنه لا يتقدم من أي منهما بأدوات لغوية صارمة. أي أنه لا يسعى، على الأغلب، إلى محاولة تعرية المفردة الواحدة من أقنعتها التي اكتسبتها بفعل العادة. لا يفعل شيئًا من هذا القبيل. ولا يمتحن قدراته في هذا المضمار. يكتفي بمتابعة المشهد الشعري في ايحاءاته وتنويعاته المتأتية بالدرجة الأولى من تلك العلائق القائمة بين المفردة وتجلياتها في مفردة أخرى. واحدة تستدعي أخرى في مشاهد شعرية منضبطة على ايقاع لا يرحل بعيدًا جدًا في دلالات المعنى. وفي الوقت عينه لا يقف عند التخوم القريبة من الصورة وظلالها.

نصوص من كتاب المساوي

نقتبس من المجموعة...

استعيد من البحر
قطعة سقطت من أمتعتي
عندما لفظني الموج
من مركب كسرته الريح
أتأمل القطعة ذاهلاً
إنها تشبه جرة مثلومة
أو حجرًا محفورًا
أو قنينة غطتها الطحالب
كيف عرفت أنها لي
لماذا لا تكون من عصور سحيقة
أو شيئًا نبذه المصطافون
أو تركته امرأة.

كم سيمر من الوقت
على هذه الأحجار الدقيقة
التي ترصع حواشي البحر
مفعمة بعبير الطحالب
قبل أن تنهض ذات فجر
وتحمل أثقالها
والكائنات التي تسكن في شغافها
وتمضي إلى مدينة أخرى
أو إلى بحر آخر
أو تغير جلدها
فتصبح أحجار جبل
أو أحجار حقل منسي.

غريب هذا الصقر
يقف على شجرة ميتة
ويتأمل التربة الحمراء
ممتدة من الأودية
إلى السفوح الخجولة
مستكينة
قانعة بنصيبها من الأفق
ما الذي يحاول اصطياده في هذا الصمت
ما الذي يدور في رأسه
وهو يرى شاحنة
نتأرجح على ظهرها
كبحارة منهكين.

*** *** ***

المستقبل، الأربعاء 16 آذار 2011، العدد 3941، ثقافة وفنون، صفحة 20

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود