نسوةٌ مرحاتٌ يضفنَ السُّعال إلى
قهوة العاشق
فتح
الله بوعزة
منذ نهرين ونيفٍ، يأتي الغرباء إليَّ
من العثرات البعيدة
من حَرَجٍ بَائتٍ ومعابر مجدولةٍ يأتون
ومن غَسَقٍ نَيِّئٍ
مدبرٍ
لا يطيق التَّحَايا
من ولهٍ مارجٍ يأتون إليَّ جحافلَ موتى
ينزلقونَ إلى معطَفي
لا يلتفتون إلى بَدَدٍ عالٍ بالجوار
أنا الظل المارد/البارد/اللافح/المرتَدُّ إلى طهره
وأنا الماء الأرجوانيُّ المفتون بغزوته الأولى، وبواكير السَّبايا
لا أَذكر من دعاني حين تهاوى الطِّين الأسود
وامتزجت أعتابي بألواح مَن ذابوا في الطِّين الأسود
لا أذكر خوخَ من كان يهمي، جواري، بلا سببٍ
حينما هَتَكَت نسوةٌ أعطاف المدينة
واختلعت مدنٌ أعطاف مدائنَ أخرى
وانهمرَ الخوخ ثانيةً
صاح الغرباء سلامًا!
لا أَذكر كيف امتلأت، في يديَّ
سنابل عشَّاقي عن آخرها
واعتلت نخلةٌ قامتي كي تطلَّ على مطرٍ
مطبقٍ بأظافره الدَّكناء
على أعطاف مدائن تهتكها نسوةٌ
لا أذكر كيف تناثرن في العثرات القديمة
مثل سنابل عشَّاقي!
أنا الماء الأرجواني المفتون بغزوته الأولى وبواكير السَّبايا
أذكر أنَّ الريح وهت مني، وانحنت أسلاب الطِّين على كتفي
حجرًا بعد آخر عادت قوافل خلاَّني
وأشرت إليهم: هذا مأواي
في رقَّتي عنفوان الوقت!
خذوا أثرًا
وخذوا بللاً
تجدوا رقَّتي في نوايا الحجر!
صاح الغرباء: قبالة بابك بابان
حجَّابٌ كثرٌ
وطواحين مصفوفةٌ
ومعابر شتَّى
قبالة بابكَ قشٌّ
وأردَان سابلةٍ
ومكائد مضمرةٌ
وهزيمٌ، وتوابيت منقوعةٌ في عراءٍ هلامي
قبالة بابكَ صلصالٌ أملس
لا يدركه الحرف الغامض/الفاضح/ المرتدُّ إلى طهره
من أين نمرُّ إليكَ؟
حوالينا دخانٌ كثيفٌ يرشح بالدَّم
أدراجٌ صدئت
لغطٌ موغلٌ في الدوار
ومأواكَ لا يشبه أوجاعنا!
نذكر من دعاكَ مساء تهاوى الطِّين الأسود
نذكر من ذاب في الطِّين الأسود
مطبقًا بأصابعه الجرداء
على رغوة نسوةٍ مرحاتٍ
يضفنَ السُّعال إلى قهوة العاشق!
قهوة العاشق دمه في الطَّريق إلى بابكَ
لا يذوب ولا يحيا
يودع نصفه كفِّي
يودع ريحه نصفك
وقبيل انصرافكَ/قبلَ انصرافي
يلملم ريش صحابته
وبقايا الشَّهيق على كفَّينا!
قهوة العاشق سهوه
ودم العاشق قهوة المعشوق
خذوا أثرًا
وخذوا بللاً
من نوايا الحمام على باب المشتَى
تجدوا دمه
وبقايا السُّعال على بابي!
من دم العاشق نصعد السلَّم الخلفيَّ إليكَ
ومن دمه نغزل حيرة المعشوق
نشدُّ البراري إلى بعضها
بخيوطٍ حريريَّةٍ تتفتَّت بين يديكَ سريعًا
ونكمل رتق مساربها
بأصابع ملفوفةٍ في دم العاشق
حجرًا بعد آخر يأتي خلاَّنكَ المشَّاءون/المغرَقون
من العثرات البعيدة
من حكيٍ طارئٍ وبياتٍ قديمٍ
من رغوة نسوةٍ مرحاتٍ
يضفنََ السُّعال إلى دهشة العاشق
من أين نمرُّ إلى بابكَ
أيها المفتون بغزوته الأولى وبواكير السَّبايا؟
***
*** ***