مـسـرانـا
فوزية
السندي
الوجوه الظليلة بالبهتان، تحلقت لتعمر ميقاتنا،
انحنينا على أهبة الصبر، لتحري أمر هذا السلوان المجرب،
داهينا براهيننا اللئيمة بالهباء الأعمى وتجاريبه الصعبة، لعل نحر الورد يكفي
لتهريب عطر جائر يخذل عنف المسارات، دفاعًا عن ترنيمة شعر تلاشت، وهي تريق عته
الحرائق، نحو حدائق نبض مهمومة بانهمار مواضينا،
دون أن نمهل ما دار بنا، لم ندار ما أدلهم.
هل حسنًا ما فعلنا؟
إذ تداركنا ما انهدر من تعازيم ملولة،
من تعاليم قويمة شرختها التعاويذ الجريئة على فضح أسرارنا،
إذ تباطأنا في عدِّ انكسارات تكاثرت على رخيم أعمارنا،
إذ اعتدنا نبش أحلام جهورة تكدَّرت بصدورنا
أحلام تناوبت مرارًا على خلع سحائب النوم المرِّ عنا.
هل تأكدنا،
بما يكفي الرجم الذي اندفع لتشريف عدالة تعصِّت
مصائر تعاقدت عدوانًا،
حدوس اكتست بملامح خربت أعذارنا...
أي منتهى رحيم تردم... دوننا؟
كم ذللتنا المواعيد السحيقة بارتجاف الخجل
كم ذوبتنا انتحالات الوقت الفارد
منصاته للصعب الميؤوس
كم أدركتنا هفو آمالنا، وما تعاقد منها
لغير استحالات المفر المضني،
لم نسأم قط من دلال الخطو،
وهو يستنزل بأقدام قصفتها الأرصفة
وهو يتداول صهب منتواها
ضد حنين العصف المبكر.
كنا بلا موعد،
كشفتين مفعمتين بسراب الرضاب
كعينين دامعتين بمحو النظر
كيدين مبتعدتين عن أتون حرق الأصابع
نرتجي غمر أعمارنا بالمديد من الدواهي
الملامة على الأمل.
بلا حنكة أو خبرة،
راهنا الآتي المدلل،
عله يسعف الأجيج الحافل بمحونا،
كدنا نقتفي أهازيج العواصف
نرتوي بأرامل الدمع
ننثر جدائلنا المرامة على أكتافنا للمآتم المسيجة بموتانا
نخلع أعطافنا لهبات البرد
نعرج على صحائفنا الكسولة بالمزيد من قنوطنا المعلم
كنا بلا سراج يتهجى حشرجة أسرانا
بلا ملكوت يتدانى من عصف أهوائنا
كالمصائب الجليلة بسيئات المنتوى
تدحرجنا... شلوًا... شلوًا،
فالمقابر كانت معبدة بأكثر من جثة
المسالخ ممهدة بأرذل الفؤوس
أعناقنا مهيأة لنحر الوريد
أجسادنا مدرجة على الخشب البارد
كل شيء تمادى بنا
مذ منحنا قوانا السهية لكل سؤال تساهى عنا.
نعرف،
كم تخلفنا عن الركب المسيج بالنباح،
عن صريخ الملمات المفوهة ببريق المنصات
كم تمادينا بنحول أيادينا المرممة بمصائر شنيعة
لم نتخل عنا،
خلنا البيت الواهم، الطريد، ملاذًا لخرائب خوفنا
ساومنا العتيق من أعراف وتقاسيم
تهتكت بالفاتر مما تبقى
ليتنا عرفنا كم هو البحر غريق بنا،
كم هو الحب منتهب فاجر،
لا يتأسى لأقدار لم تعد تصغي لنا.
كم هو الغفو الأنيس ترجمانًا لهفوات
تغترف شهقة الهجر،
كم أشرعة الطوفان وزلزلة المكان المكابر،
حرام أن نخذل مناديل تلاشت لوعر الفراق،
قلوبًا تعاضدت ضد الدرس.
للأسف الأخير،
تأخرنا كثيرًا،
بأقل مما تكسر على راحتينا
بأكثر مما اكتسى به مسرانا.
***
*** ***