|
أوهام التغيير والثورة الوحيدة
عندما ننظر من حولنا اليوم، سواء في محيطنا القريب أم في العالم عمومًا، نلاحظ أنّ معظم الناس ليسوا راضين عن الواقع الذي يبدو بعيدًا كل البعد عمّا يريدونه أو كانوا يحلمون به أو كما ينبغي أن يكون عليه؛ فالعالم اليوم، كما كان دائمًا ربما، يفتقر إلى العدل والأمن والسلم والتسامح، ويسوده العنف والاستغلال والظلم والأنانية والجشع، على المستويات الفردية والجماعية على حدٍّ سواء. ويرى معظم هؤلاء أنه لا بدّ من تحسينه وتغييره وصولاً إلى عالم أفضل – العالم المأمول أو المرام أو اللازم. ويعتقد أي فرد منهم، وخاصة المتعلمين والسياسيين والمثقفين والمصلحين، بأنّ لديه من الأفكار والرؤى والمشاريع والبرامج اللازمة والكافية لجعل العالم مكانًا أفضل للعيش، ويجد في نفسه القدرة، إن لم يتدخل الآخرون لإعاقته، على فعل شيء، أو ربما أشياء كثيرة، لجعل العالم أفضل، بل لتغيير العالم برمّته، بل حتى أنّ بعضهم يعتقد بأنه قادر على تحويل هذا "الجحيم" إلى جنة عدن لو أنّ زمام الأمور كانت في يده، ولو أنّ الجميع أصبحوا رهن إشارته. (لقد ناقش الكاتب الروسي دوستوييفسكي هذا الوهم بصورة رائعة في روايته الأبله وذلك في الحديث الذي جرى بين الأمير ميشكين وإيبوليت الشاب الثوري المسلول). لذا نجد دائمًا من يقول: "لا بدّ من عمل شيء!"، وهذا الشيء هو غالبًا ما يعتقده هذا الشخص، ويجب القيام به دائمًا هناك حيث الآخرون الذين هم سبب البلاء وعلّة الخراب. ومن النادر جدًا (اليوم يصبح أقلّ ندرة بفضل ارتقاء الوعي الإنساني) العثور على أحد يدرك وجوده "في العالم" وليس "خارج العالم"، ويدرك أنه شريك في، ومسؤول عن، كل هذا الخراب بطريقة أو بأخرى، وأقلّ من هؤلاء هم الذين يدركون (أقصد يدركون حقًا) أنّ فاقد الشيء لا يعطيه، وأنّ الأعمى عاجز عن قيادة العميان، وأنّ الغارق في ظلمة الجهل ليس قادرًا على تنوير الآخرين. سنحاول، في هذه المقالة، طرح مقاربة أخرى (وإن لم تعد جديدة بفضل التطور المذهل في العلوم في نصف القرن الأخير) للعالم والواقع، ولإرادة التغيير ولفعل التغيير ذاته، ومحاولة استكشاف المعايير والقيم للتمييز بين الأفراد القادرين حقًا على العمل من أجل تحسين الواقع وتغييره، وبين الذين يتوهمون في أنفسهم الصلاح في الوقت الذي هم فيه جزء من فساد العالم، وإن لم يكونوا يدركون ذلك، وكذلك للتمييز بين العارف والجاهل، بين المتنور والمظلم، بين المبصر والأعمى، بين المحسن والمسيء. (يعترض بعض الناس على هذا الطرح لكونه يمايز بين الناس، وفي الحقيقة التمييز هنا بين مستويات وعي، لذا لا وجود لأية فاشية هنا، مع الإشارة إلى أنّ التطرف الديمقراطي القائل إن الناس يتمتعون بمستويات وعي متساوية خاطئ تمامًا من وجهة نظري، فالناس يتمتعون بمستويات وعي متفاوتة، بغضّ النظر عن المورثات والظروف الاجتماعية... الخ، والواقع يؤيد ذلك). تقوم هذه المناقشة على حقيقة أنّ الواقع ليس شيئًا قائمًا بذاته، وبالتالي ليس مستقلاً عن أفعال البشر، أفرادًا أو جماعات، والعلاقات القائمة في ما بينهم، وما ينتجونه من أفكار وبُنى ونُظُم، وأنّ العالم عبارة عن نسيج مترابط ومتشابك ومعقّد من السيرورات والتفاعلات والبنى اللامتناهية، مما يعني نفي وجود أي إنسان خارج العالم، أو معزول عنه، وهذا لا يعني أنّ الإنسان كائن في العالم فحسب، بل يعني أنه هو العالم، جزئيًا باعتبار فرديته وكليًا بحكم كينونته ووجوده، الأمر الذي يرتّب على كل إنسان مسؤولية مباشرة عن مصير العالم والأرض والحياة عمومًا، والحضارة الإنسانية بصورة خاصة. وهذا الإدراك كفيل بدفع الإنسان إلى النظر في نفسه قبل البحث عن المجرمين والمسيئين والمفسدين، والتنطّع لمحاكمتهم وإدانتهم، أو تعليمهم وتنويرهم وقيادتهم، لتكون الخطوة الأولى نحو إدراك المسؤولية الفردية تجاه الوجود والحياة والعالم والواقع، أو لنقل الخطوة الأولى لانعتاق الإنسان من إسار المؤثّرات الميكانيكية للذاكرة والتقليد، والماضي بكل "حقائقه" وأحكامه وقيمه ومطلقاته. لذا دعونها نعود إلى المسألة الرئيسة في مقالتنا هذه، وهي: هل هناك إمكانية لتغيير هذا الواقع "السيئ" إلى واقع أفضل؟ بادئ ذي بدء دعونا نقوم بتفكيك هذا السؤال قبل مناقشته: منذ البداية نلاحظ أنّ السؤال يعبّر عن رفض للواقع، ومحاولة للهرب منه نحو واقع افتراضي متخيّل مأمول يُعتقد بوجوده: إما في عصر ذهبي غابر ينبغي استعادته، وهذه هي الأصولية، وإما في المستقبل الذي ينبغي أن تسير البشرية إليه، وهذه أيضًا نظرة لاهوتية نابعة عن افتراض قدَرَي، أو عقيدة دينية تعود إلى فكرة المخلّص المنتظر. في الحالتين يتمّ إلغاء الحاضر، الذي هو الواقع بالمناسبة، لصالح أمنيات (ولا تخلو أية عقيدة من التمنّي والرجاء) نابعة عن الرغبة أو الهوى أو اليأس. كما أنّ السؤال يتجاهل حقيقة أنّ الواقع ليس شيئًا ما جامدًا وساكنًا، إذ الواقع في تغيّر دائم، في كل لحظة وآنة وفي كل مكان، لذا يستحيل الإمساك به، فوحده الشيء الساكن أو الميت يمكن الإمساك به، في حين أنّ الواقع يُعاش فحسب، وفي اللحظة التي يتمّ فيها نقل الواقع من حاضره ليغدو موضوعًا للفكر يفقد واقعيته، ويتحول إلى مجموعة من الأفكار والصور والانطباعات والأحكام التي يُعاد تحويرها وتشويهها لكي تتناسب مع المنظومة الفكرية للمفكّر، أو مع المنظومة العقائدية لصاحب العقيدة، وبالتالي تصبح عبارة "إدراك الواقع" زعمًا مضلّلاً تمامًا لأننا لا نكون قد قبضنا على الواقع، وإنما على ما كان واقعًا قبل قليل وقد أصبح ماضيًا الآن، أي أصبح ذكرى، صورة، فكرة، انطباع، حيث إن الحياة لا تتوقف منتظرةً منا إدراكها وفهمها، ناهيكم عن تغييرها، فهذا باستحالة إيقاف الزمن. وبالتالي، فإنّ أي فعل موجّه لتحسين الواقع، إنطلاقًا من هذه السكونية، أي حين يضع المرء نفسه خارج العالم ويفصل بين ذاته وبين العالم كموضوع، يصبح من قبيل الإضافة إلى الماضي، أي يصبح سببًا لمفاقمة الصراع بين "ما هو كائن" وبين "ما ينبغي أن يكون"، وهذا الصراع هو الذي يجعل الواقع أسوأ، وليس أفضل على الإطلاق. كما أنّ السائل، عندما يطرح المسألة بهذه الطريقة، يضع نفسه خارج العالم، وهذا مستحيل وجودًا ولكنه ممكن فكريًا، لذا فالسؤال من عمل الفكر القادر على فصل نفسه عن الواقع لأنه، أصلاً، لا ينتمي إليه، إذ الفكر ينتمي إلى الماضي بينما الواقع هو الحاضر الحيّ، الآن وهنا. وبالتالي، فالإنسان الواعي حقًا (أي: الفطِن أو النبيه) لن يقدم على طرح هذا السؤال لأنه يدرك أنه هو الواقع، وأنّ الواقع من صنعه هو، وأنه انعكاس لوعيه، وأنه إذا كانت كل هذه الحروب والنزاعات والمظالم البشعة تفتك بالبشر فلأنّ البشر على هذا النحو، ولأنّ المنظومة البشرية قد بنيت لتفرز كل ذلك في آليةٍ يبدو الفكاك من براثنها أشبه بالمستحيل، الأمر الذي يوصلنا إلى السؤال الأزلي: فما العمل إذًا؟ ومرة أخرى، قبل التنطع للإجابة عن هذا السؤال، والانخراط في العمل، لا بدّ أن يكون المرء قادرًا على فهم ما يجري في العالم حقًا، ومن أجل فهم كهذا يحتاج إلى عقلٍ صافٍ وقلبٍ نقيٍّ لكي يكون قادرًا على رؤية العالم على ما هو عليه، لا من خلال ما تعكسه عقائده وانتماءاته ورغباته وأهواؤه، لأنّ هذه "الموشورات" تشوّه رؤية الإنسان، وتجعله عاجزًا عن الفهم، وبالتالي عاجزًا عن إعطاء جواب سليم (أي: بريء، بمعنى الطهارة لا السذاجة) لسؤال: ما العمل؟ لكن، ورغم ذلك، نجد أنّ هؤلاء المُصْلحين تحديدًا يستخدمون كلمة "يجب" أكثر من غيرهم، وذلك لأنّ المنطلق الأساسي لرغبتهم وإرادتهم العاملة على "تحسين" الواقع إنما يكمن في دافعهم إلى السلطة (إرادة السطان بتعبير نيتشه) وإن بصورة لاشعورية، فعندما يرغب أحدهم في تغيير العالم ليغدو حسبما يرغب ويريد، أو بما يتناسب مع عقيدته وإيدويولوجيته (هو العالم الأفضل حسب اعتقاده)، فهو في الحقيقة يريد فرض نموذجه على الآخرين، وهذه هي السلطة بمعناها الحقيقي، الأمر الذي يقود إلى أنّ الذين يدّعون أنهم يناضلون في سبيل الله أو الشعب أو الوطن... الخ، بغضّ النظر عن حسن النوايا أو سوءها، إنما يسعون، من حيث يشعرون أو لا يشعرون، إلى فرض وتعزيز سلطة "الأنا"، الفردية أو الجماعية، وبالتالي فإنّ ما يحتاج إلى التغيير حقًا إنما هو إرادة التغيير هذه؛ فهذا أولى بتحرير الإنسان من الأوهام، وأقدر على تحقيق التغيير المنشود لأنه، في هذه الحالة، سوف يدرك أنّ الإرادة التي تحضّه على التغيير هي التي تخلق الصراع أصلاً. فالعارف الحقّ، وهو ليس المتعلّم حصرًا، لن يفكّر في تغيير الواقع لأنه يدرك حيويته المتغيرة باستمرار، ولن يطرح على نفسه سؤال: ما العمل، النابع من رغبة في التدخّل بهدف تحقيق إرادة السلطان التي تدفعه إلى هذا السؤال، أو للهرب من مواجهة الواقع على ما هو عليه. ولعلنا، في هذا السياق، نلاحظ أنّ معظم دعاة الإصلاح يعملون على بناء تنظيمات ووضع مشاريع وبرامج وخطط تخصّ الآخرين، ويجهلون، أو يتجاهلون، حقيقة أنّ غرورهم وأنانيتهم وجشعهم وعنفهم هو سبب البلاء وعلة الخراب. يعاني البشر من البؤس واليأس بسبب رداءة العالم حيث تفتك الحروب والمجاعات والأمراض والكوارث بالناس، فيندفعون إلى البحث عن حلول حاملين معهم ترساناتهم المكوَّنة من الرفض وعدم الرضا والرغبة في ما هو أفضل، منقادين بعقولهم المشروطة والمقيَّدة، بأفكارهم وعقائدهم وقناعاتهم وانتماءاتهم، بحكوماتهم وأحزابهم وجيوشهم وبرلمانتهم. ومع ذلك يبقى السؤال: لماذا يزداد الوضع سوءًا إذًا رغم الفتوحات المذهلة في مختلف مجالات العلم؟ ولماذا كلما ازدادت كشوفات البشر لقوانين الطبيعة ازداد البشر عمىً لحقيقة ومعنى حياتهم ووجودهم، وازدادوا عجزًا عن السيطرة على مصائرهم، وعن القدرة على العيش في عدالة وأمن وسلام؟ يكمن الجواب في مشروطية العقل وتقليديته؛ فالعقل المشروط هو الأداة التي يستخدمها البشر في البحث عن الحلول، وهو الذي يستهدي به البشر في أنشطتهم وأفعالهم وأفكارهم، دون أن يدركوا أنّ هذا "العقل" هو أسّ المشكلات كلها، لذا نرى أنّ محاولات الإصلاح غالبًا ما تفاقم المشكلات بدلاً من حلّها لتصبح تلك المحاولات جزءًا من المشكلة التي تصبو إلى حلها. إنّ بؤس العالم حقيقة نتلمّسها كل لحظة، وليس في مقدور أحد إنكار ذلك مها بلغ من التفاؤل لكنّ دعاة التغيير والإصلاح يعمدون إلى تحليل المشكلات وتشخيص الأمراض ووضع الحلول بطرق وآليات هي جزء من البنيان الفاسد ذاته، والعقلية البائسة ذاتها، وبالتالي تخلق المزيد من الفوضى دون أن نرى تحسنًا يُذكر، بل نرى المزيد من الفوضى والعنف. الإنسان عاجز عن تحقيق التغيير الذي يطمح إليه ما لم يحرِّر عقله من إشراطاته وقيوده، وهذا يعني التحرر من الدوافع والرغبات والأمنيات، ومن البؤس الذي يدفع الإنسان إلى العمل من أجل تغيير الواقع. فالعقل الحرّ وحده قادر على رؤية المشكلات في براءة، لذا فهو متحرر من التقليد والأجوبة الجاهزة، وهذا ما يجعله صافيًا، مرهف الحساسية، شديد اليقظة والانتباه. إنه، باختصار، عقل خلاّق ومبدع، لا ينتمي إلى فوضى "المحيط"، وعطالة الرائج، بل يسمو فوق هذا كله، ويتعالى عليه، ويتجاوزه. إنه عقل بسيط، متطهّر من أوهام الماضي وأهواء التمنّي، لذا فإنّ ثورته الحقيقية على الواقع تكمن في نكرانه لهذا الواقع عبر إدراكه، ويكمن التغيير الفعلي في هذا النكران، في هذا الرفض الواعي. فهو في يقظة دائمة، منتبه دائمًا إلى الفخاخ التي ينصبها لنفسه، بوعي أو دون وعي، قادر على مراقبة وفهم سيروراته النفسية الداخلية، وبذلك فقط يتحرر من إشراطاته ويغدو عقلاً "ذكيًا". وهذا الذكاء هو ليس البراعة أو المهارة أو الخبرة، بل هو يقظة وفطنة وكينونة دائمة في الحاضر: هذه هي معجزة الإدراك. الإنسان سجن ذاته. هو الذي يستعبد نفسه ويكبّل عقله، ولا يمكن لأحد، أو لشيء، أن يحرِّره إن هو لم يحرر ذاته بذاته، ولن يُقدم على ذلك ما لم يدرك بأنه هو، وفقط هو، سجن ذاته وسجّانها وسجينها. هذا الإدراك هو الحرية الحقّة، وفي محيط الحرية اللامشروطة هذه يغدو أي عمل يقوم به الإنسان ذا طبيعة ثورية لأنه يكون متناغمًا مع حقيقة كينونته، وناتجًا عن إدراكه لطبائع الأشياء وتعالقاتها ودينامياتها، لا عن "أنيته" الشخصية و"إرادته" الخاصة، أو عن رغباته وأفكاره الشخصية. هذا الإنسان الحرّ لن يعمد إلى البحث عن مهرب من الواقع، بل سيعيشه بكليّته، ولن يجعل من الحياة مشكلة فلا يوقع نفسه في فخّ البحث عن حلٍّ لها لأنه يدرك أنْ لا وجود لواقع آخر غير الذي يعيشه؛ فالقول بوجود واقع ما أفضل وجاهز ينبغي فقط بلوغه ليصبح كل شيء على ما يرام إنما هو مجرد إيديولوجيا، والإيديولوجيا دائمًا نتيجة. في حين أنّ عدم إدراك ذلك يدفع الإنسان إلى البحث عن حياة جديدة، حياة أخرى، دون أن يحاول إدراك الأسباب والعوامل التي خلقت هذه الفوضى في حياته، لذا فهو ينتقل من فوضى إلى فوضى، من صراع إلى صراع، وينتهي به المطاف إلى التناقض والضلال، فهو لا يبني رفضه للواقع على إدراك الأسباب الفعلية التي تجعل الواقع "رديئًا"، وإنما على ثنائية الألم واللذة. لذا؛ ففي الوقت الذي يظنّ فيه إنه يتحرّك نحو عالمٍ أفضل، هو يعيش وهم التقدم الذي قرره بؤسه، ويعيش الصراع الأبدي بين "ما هو كائن" و"ما يجب أن يكون" – هذا الصراع هو السبب الجوهري لفوضى العالم وبؤس الإنسان. تريد هذه المقالة أن توضح أمرًا، وهو حاجتنا – في هذا الشرق (الجنوب)- إلى عدم الوقوع في الحلقة المفرغة ذاتها التي لا تؤدّي إلاّ إلى "إعادة إنتاج التخلّف" (بتعبير العلاّمة الراحل علي الوردي). كما تريد التأكيد على حقيقة أنّ الإنسان هو المحور المركزي لأيّ عالم فيه شيء من الأمل، مع الإشارة إلى أنّ "الإنسان في الإنسان" لا يمكن له أن يتفتّح ويُبدع إن لم يتوفّر له محيط متعاون وغني ومنفتح يسمح له بالازدهار والنمو والتطور. الإنسان، المخلص لنفسه، لن يفكّر في تحرير الآخرين قبل أن يحرِّر نفسه من أوهام نفسه وأحابيل فكره – وهذا هو درب التفردن. *** *** ***
|
|
|