|
3 كتب في الذكاء الاصطناعي والإلكترونيات
في قلب الذهن: البحث الأمريكي عن الذكاء الاصطناعي[1] يتوجَّه كتابُ فرانك روز هذا إلى القارئ غير المختص الراغب في معرفة ما هو الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence (AI)، مجالاته، كيف وُلِدَ كعلم، وما هي أهم الأبحاث التي أُجرِيَتْ في كبريات المعاهد والجامعات الأمريكية في هذا الميدان. ويعرض المؤلِّف ذلك كلَّه في أسلوب قصصي شائق.
الذكاء الاصطناعي هو محاولة لـ"استنساخ" الفكر والسلوك الإنسانيين ومحاكاتهما آليًّا، وذلك بواسطة البرمجة والتقنيات الإلكترونية والميكانيكية المتطورة. يخصِّص المؤلِّف قسمًا من كتابه لعرض تلك الدراسات والنقاشات الدائرة بين العلماء والمفكرين والرامية إلى معرفة ما إذا كان الكومپيوتر يفهم – أو سيفهم – على غرار الإنسان. ففي نهاية أربعينيات القرن الفائت، طلع ألان تورنغ A. Turing باختباره الحاسم لذكاء الكومپيوتر. يقول: إذا استجوبنا الكومپيوتر ولم نستطع أن نميز بين أجوبته وأجوبة شخص ما فيمكن لنا عندئذٍ القول بأن الكومپيوتر ذكي. إلا أن محاكاة الفكر الإنساني بكلِّيته تعود إلى إمكانية ترجمة هذا الفكر كله وصياغته على شكل قواعد استنباطية، مكتوبة بلغة الكومپيوتر، بما يسمح لهذا الأخير باستخدامها وفهمها واستخلاص النتائج. والسؤال هو: هل إن التجربة الإنسانية كلَّها، من فكر ومنطق ومشاعر إلخ، تقبل الصياغة على شكل قواعد استنباطية؟ لعل من المدهش أن نجد أنه يصعب على الكومپيوتر القيام بأسهل الأعمال التي يقوم بها الإنسان، كالتعرف إلى شكل ما، في حين أن مردوده جيد جدًّا في الأعمال التي تتطلب من الإنسان جهدًا، كالطب والجيولوجيا. ويتساءل الباحث سيرل Searl: لا أحد يزعم أن محاكاة الكومپيوتر لحريق مع إنذار سوف تحرق المكان؛ ولا أحد يعتقد أن محاكاة المطر سوف تبلِّلنا. وبالتالي، لماذا يعتقد الناس أن محاكاة الكومپيوتر للفهم الإنساني تعني أنه يفهم فعلاً؟ وإذا لم يتمكن العلم من خلق كومپيوتر يماثلنا، هل سيتمكن من خلق كومپيوترات ذكية فعلاً، تكون، بالتالي، أولى "الكائنات" الذكية غير الحية؟ في كلِّ حال، لا شك أن السنوات المقبلة ستحفل بالإنجازات المدهشة والمشوقة في مجال الذكاء الاصطناعي. ***
الذكاء الاصطناعي: حل الإنسان والآلة للمسائل[2] مؤلِّف هذا الكتاب هو المرحوم جان لويس لوريير (ت. 25 آب 2005)، الأستاذ السابق في جامعة پيير وماري كوري (باريس 6) والباحث في المركز الوطني للبحث العلمي في فرنسا CNRS. يُعَد واحدًا من رواد الذكاء الاصطناعي في فرنسا، ولاسيما في مجالَي حلِّ المسائل وتمثيل المعارف؛ فمنظومته العامة لحلِّ المسائل Alice مازالت معتمَدة بعد 30 عامًا من وضعها، ومحرِّكه الاستنباطي Snark كان نقطة علام في تاريخ المنظومات ذات أساس القواعد. يتألف الكتاب من الدروس التي كان المؤلِّف يلقيها في هذا الموضوع على طلاب السنة الجامعية الرابعة، قبل أن يغادر التدريس ويعمل في الصناعة (دون أن يحول ذلك دون مواصلته أبحاثه). ويمكن لعدد أوسع من القراء الإفادة منه؛ فقد حرص المؤلِّف على استخدام أسلوب دقيق وبسيط في الوقت ذاته. يزوِّدنا المؤلِّف بكلِّ المعلومات الرياضية الألغورثمية اللازمة لممارسة فعالة للذكاء الصناعي. وهو يشرح لنا ما هي "المنظومات الخبيرة" وطريقة بنائها، وكذلك أساسيات "نظرية الألعاب". ولا تغيب عن دراسته أبحاثُ علماء النفس وعلماء الذكاء الاصطناعي الرامية إلى تحليل أداء الذهن الإنساني بغية محاكاته وإيجاد برامج وآلات "ذكية". كان هذا الكتاب لدى صدوره – ومازال – من المراجع الأساسية (في فرنسا على الأقل) للطلاب ولكلِّ مَن أراد دراسة الموضوع بشيء من العمق. ***
12 مفتاحًا للإلكترونيات[3] يشتمل هذا الكتاب على أحاديث بين ميشيل كامو، مدير مركز الاتصالات في غرنوبل، وبين إميل نويل، ضمن سلسلة أحاديث "12 مفتاحًا" التي أجراها الأخير لصالح إذاعة France Culture. ويقول ميشيل كامو إنه أسهل أن نكتب قائمة بالميادين التي لا تعتمد على الإلكترونيات من أن نكتب قائمة بتلك التي تعتمد عليها! إذ لم يعد هناك ميدان إلا والإلكترونيات أساس له، من الاتصالات، بأنواعها، إلى الراديو والتلفون والتلغراف والتلفزيون والرادار والسيارات والأجهزة المنزلية إلخ. فما هو، مثلاً، القاسم المشترك بين التلفون والغسالة؟ إنه استخدام الإلكترونيات. ويمكن إرجاع الإلكترونيات إلى مفاهيم بسيطة أساسية، تُعَد الركيزة اللازمة لهذا العلم التطبيقي. وينجح الكتاب، من خلال الأحاديث الإذاعية الـ12، في أن يعرض تلك المبادئ في بساطة أخاذة: الإلكترونيات هي مجموعة التقنيات التي تستخدم تغيرات المقادير الكهربائية كي تلتقط المعلومات وتنقلها وتستثمرها. لذا كان لا بدَّ من البدء مع - الإلكترون، كيف تم اكتشافه، ما هي خواصه في الخلاء (التي تسمح بصنع الديود والتريود والأنابيب المخلاة كافة، كما في التلفزيون) وخواصه في الأجسام الصلبة (النواقل، العوازل، المقاوِمات، أنصاف النواقل، إلخ)؟ - ما هي الإشارة الكهربائية، وكيف يمكن تعديلها لكي تحمل المعلومات المرغوبة؟ - ما هي الدارة الكهربائية التي تسمح بمرور هذه الإشارة؟ - ما هي الحقول الكهرمغنطيسية، وكيف يتم بثها وتوجيهها والتقاطها (راديو، تلفزيون، رادار، إلخ)؟ - ما هو الترانزستور، وما هي تطبيقاته، وكيف يُستخدَم في الكمپيوترات حتى تحقِّق التوابع المنطقية البسيطة؟ - ما هي الميكروإلكترونيات (الدارات التكاملية)؟ - ما علاقة هذه الميكروإلكترونيات في معالجة المعلومات (الكمپيوترات)؟ - كيف يتم صنع مخازن المعلومات (الذاكرات)؟ - ما هي الإلكترونيات الضوئية (استخدام الضوء والليزر في نقل المعلومات)؟ - ما هو الضجيج (التشويش، مصادره، آثاره، إلخ)؟ تدور هذه الأحاديث المبسَّطة جدًّا حول هذه المفاهيم الأساسية. وينجح هذا الكتاب الصغير في تزويد القارئ بنظرة شاملة إلى مبادئ الإلكترونيات دون إقحام معادلة رياضية واحدة! *** *** *** [1] Frank Rose, Into the Heart of the Mind: An American Quest for Artificial Intelligence, Harper & Row, 1984. [2] Jean-Louis Laurière, L’intelligence artificielle : résolution de problèmes par l’homme et la machine, Eyrolles, Paris, 1987, 473 pp. [3] 12 clés pour l’électronique, Entretiens de Michel Camus et Émile Noël, Belin/France Culture, Paris, 1986, 143 pp.
|
|
|