|
يا بحرُ
ابنة
ربة عمُّون تتمازَجُ
أطيافُ لغات، إنسانٌ، ريِحٌ، بحرٌ، بضوءٍ
مُغْتَسِلِ النَّدى يعبرُ
المسَاماتِ... ... في
كلِّ حبَّةِ رَمْلٍ تُعانِقُ قطرةَ مَائكَ هناك حكاية... في
كلِّ محارةٍ ناعسةٍ ملقَاةٍ
عَلى شطآنِك تتشَظَّى
لؤْلؤة... في
كلِّ نَفَسِ طائِرٍ مُهَاجِر شواردُ روح... على ثَغْرِ
شَفَقِ حنينٍ تتكوَّرُ ياقوتةٌ
متعَبة... ... مقلةُ
مُلتاعٍ ترنو، ترتمي
على شطآنك رعشةٌ
تُسْري في أوْصَالِكَ حِبْرَ
المتيَّمين الحالمينَ المتكسِّرين على
موجاتِك... وَشَمُوا
أجسادَهم بمَيْسِم مَلْحِك أقْلَعَتْ
شراعاتُهم صوبَ
المجهول... نهاراتُهم هواجسُ
الأرضِ اللَّجوج... ليلُهم وشوشةُ
النجومِ... بالأمسِ
ارتحلوا، اليومَ ما
عادوا، فامتزجتْ
حشرجةُ يأس بدمعِ
الفجيعة وهَجَعَتْ
ذاكرةٌ عابرة! ... يصبحُ
يمسي الغابرُ حاضرًا معرفتُك
لا تحتاجُ وقتًا فأنت
الزَّمن يا
بحرَ العتمة في شمسِ النَّهار يا
بحرَ النورِ في ظلمة الرُّوح... حسبتُ
أنَّ الريحَ تحملُ النسيان لكنَّنا
نلوكُ الماءَ وفي
العقلِ أشياءٌ أحلكُ وأَوْجَع ... أول
مرَّة يا بَحْر... كيف
عانقوك وغنَّوْا لك؟ كيف
أسرابُ النوارسِ ارتحلتْ إليك لهفة، ذاكرة
متوهجة أمَا
زلتَ تُسْكِنُ جوفَكَ أحلامَ المتعبين؟ ... يَقُولُون: إنَّ
أوَّلكَ دمعةٌ حائرة أرادتِ
الابتسام فما
وَجَدَتْ من الوَجْد سوى شفاهٍ
محترقات... صرتَ
بهديرِ أمواجِك غدَّارًا خائنا هدأتَ
قليلاً، فَصِرْتَ حَكيمًا عَاقِلا صَفَتْ
مياهُكَ، فَصِرْتَ طفلاً وديعا عندها – وعندها
فقط – بَكَتْ حورياتُ
المعنى وغَفَتْ
على شطآنِك نجمةُ الصَّبَاح... ... أيا
بحرُ... أنت
لا تضيقُ بالمراكب لا
يؤرقكَ فُضُولُ بَنَاتِ نَعْشِ أوَتَضِيْقُ
ذَرْعًا بهَمْهَماتي الطُّفولية! سأناجيك لأنَّك
وحدك تحضنُ
لَغْوَ الكائناتِ الليلية... معكَ
عقلي مُجنَّح فيكَ قلبي
يصيرُ غيمة... ذواتي سوسناتٌ
تتفتَّح في خافِقِ
المسافات... سأعدُّ
حباتِ قطراتِكَ لا
أبالي بانْهِمارِ الزَّمن تميدُ
كفِّي ذبذبةَ روح في
سلَّةِ الضَّوء صبرٌ عشقٌ عُرْيٌ وكثيرٌ
من الإصغاء... ينطقُ
الصَّمْت تصهلُ
القوافي مَلآنةً
برائحةِ الغَيْبِ تُرْبِكُ
اليَقِينَ تَخْلِطُ
رِتْمَ الشكِّ فتنجدلُ
فينا صَدَاقَةٌ
عَمِيقَة... ... موَّالٌ
ينزُّ في صدري كلمةُ
الله في قلبي غواياتُ
البَدْءِ بِألِفٍ تشتاقُ يَاءَهَا وهناك في سَرَابِ
البَرِّ إجاباتٌ
حمقاء... صرخاتٌ
تائهةٌ ببريقِ يقينٍ بالصدى
تتخثَّرُ كلمات تعاودُ
موجاتُك طَوْيَ عَصْفِ الرِّيح فيتعرَّى من
جديد وجعُ السؤال
– رغم
غُمُوضك لآلئ
نقيةٌ دانتْ لك بأعراسِ
النحيب، لا تتهشَّم زَمْجِرْ
يا بحر تحتَك
فوقَك نورٌ لا يراوغ أنا وأنت
صِنْوان نبوح نهمس نفرح نبكي نصرخ نغضب بكلماتٍ
رقراقةٍ بيضاء ... رغوةٌ
متدافعةُ الأبجديات تنبثقُ
من فيهنا فيرطِّبُ
حبرُك الأزرقُ صوتي هديرُك
يعانقُ صرختي لغتُك
تمسِّد لغتي نتماهى
– إنسانًا وسَدِرًا – حتى
ذروة سِدْرَةِ المنتهى تتفتحُ
في دمي بتلةُ شقائق
النُّعمان فتفتَّقُ
مجراتٌ نهمة سماءً
تاسعة... ... أعشقكَ
على امتدادِ المَدى أتلمسُّكَ
لَهِفَةً... أنبشُ
محاراتِك العتيقة بجذوةِ
نبيذٍ أعْتَق أخوضُ
الزَّبد لأكونَ
بشرًا وفي
أعماقِك بالبَرْقِ
والرَّعْش بأحاسيسي
الخائفة أنبش حقيقةَ
إنْسَانْ... ... يا
بحرُ بِمَائِكَ
تغتسلُ الرُّمُوزُ أساطيرُ
الجدَّات آهاتٌ تعانقُ
فيروزاتِكَ كلُّ
الجيادِ لا تعشقُ الصَّهِيلَ إلاَّ على هَديرِ
موجاتك لا
أحد يملكُ الزَّمن وحدَك من
لَيْلِ المسافاتِ الطَّويلة تُرمِّزُه آلافَ
المرات ترجِّعه بين الأصابع
يصيرُ قطرة تُطلقُ
الرُّوحُ خارطةَ حرائقِها أفقُ
الحكمةِ موجاتٌ أزمنتُها دائرة وللذَّاكرةِ
العابرة ماءاتٌ
محفوظة... ... فمَنْ
أنت، تثور تهدأ متى
شئت؟ مَنْ
أنت، تبوح تصمت أنَّى
شئت؟ ومَنْ
أنا – عالقةٌ ذاتُ عبور في
متاهاتِ ما تخلِّفُه من أسئلةٍ مختلجاتٍ حائراتٍ حَارِقات! مَنْ
أنْتَ؟! مَنْ
هو، هي، أنا؟! مَنْ
نحن؟ مَنْ
تُشْبه، ومَنْ
منَّا يُشْبِهُكَ،
يا بحر؟ ***
*** *** |
|
|