الماسونية - ديانة، وعلم، وفلسفة
جورج آدوم
لعلنا
لسنا بحاجة لكي نعلم ولا لمن يقول لنا إن ماسونية اليوم هي أبعد ما
تكون عن ماسونية الأمس كما كانت في تأسيسها الأصلي. وأعمالها الحالية
كلها ليست أكثر من تذكير بالمساررة القديمة في أسرار أوزيريس، وتلك
التي للدرويد (كهنة الطبيعة) القدماء، جاعلين منها مثلها مثل الديانات
كلها مؤسسة جرى تحديثها من زمن إلى زمن وفقًا لضرورات الظروف.
يكمن هدف الديانات كلها في روحنة الإنسان وجعله "السوبرمان" مفكر
وروحاني، ويتمتع بسلطة أعظم على التحكم بذاته، نافضًا عنه الجهل
والأنانية والخوف. فالوصول لـ"السوبرمان"، أو المعلم إنما هو الوصول
إلى مواجهة الرب. ومع الشعلة الإلهية، ومع اللهب المشتعل من عليقة على
جبل حوريب، والإصغاء للصوت الداخلي الذي يصرخ إليه قائلاً:
"اخلع حذاءك من قدميك، لأن الموضع الذي أنت واقف
عليه هو أرض مقدسة".
سرُّ النار في الماسونية قائم على أسطورة حيرام أبيف
Abiff
التي تخبرنا عن الدرجة الثالثة للأستاذ الماسوني.
إن أسطورة هذه الدرجة هي اقتباس مُحَوَّر لرواية رمزية، يخفي قناعها
الحقيقة الكبرى للمساررة الداخلية.
الأسطورة هي حقيقة مُقنَّعَة لأن الحقيقة العارية تجرح عيون الضعفاء،
وهؤلاء يعملون على تدميرها كما يحصل مع الحقائق الدينية كلها التي تم
كشفها لعامة الشعب.
الحقيقة العارية أدت إلى تسميم سقراط، وصلب الناصري، وأحرقت الحلاج،
وقتلت غاندي...
أسطورة الدرجة الثالثة هي حقيقة خفية. ويستطيع الأشخاص ذوو الإرادة
الطيبة أن يكتشفوا ويفكوا ختم حجابها، فيصلون إلى إدراكها بواسطة
الدراسة والإلهام والتنفس والتأمل، كما شرحنا في الفصول السابقة. ومن
دون هذه المقتضيات لا يستطيع أحد الوصول إلى أن يرفع حجاب إيزيس.
تحرض الأسطورة بطقسها المُبهَم الخيال أولاً، وعلى الفور تتحول إلى
حافز للتخيل الذي يقود إلى الحدس، ويفتح بوابة هيكل الحقيقة. إنه
لكذلك، فهو يمنحنا القدرة على اكتشاف الحقيقة لكي نستطيع الاستغراق في
جمالها.
ومعنى الأسطورة: يكمن حافزها في بناء الهيكل لكي يسكن فيه الإله
الباطني. ولكي يتمتع بحرية التجلي الكاملة.
الهيكل هو الجسد المُهيمَن عليه، والمثقف، والموجَّه من خلال أوامر
الروح التي هي الحقيقة والفضيلة.
هيكل سليمان هو نموذج لجسد الإنسان. والهيكل مثل الجسد الإنساني، يمتد
من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، الأمر الذي يعني أن
الإنسان هو عبارة عن وحدة غير منقسمة مثل الكون ذاته. رأسه الذي يرفعه
باتجاه العوالم العليا يتحول من خلال الحكمة الروحانية عند سليمان الذي
يرفع هيكلاً من أجل مجد المهندس الأعظم للكون الجواني.
حيرام - تقول الأسطورة: إن سليمان (في البرتغالية
Salomao
الأمر الذي يشير إلى المرادفة اللاتينية مجتمعة مع
المرادفة الإنكليزية أي
Sol Man
أي الرجل الشمسي) أراد أن يجعل من جسده معبدًا
لائقًا للإله الباطني أو المهندس الأعظم "الأنا الشمسي"، ولأجل أن يفعل
ذلك طلب من حيرام ملك صور (الوعي الأسمى، الشمس المرتفعة لأن حيرام
يعني الشمس أيضًا) معلمًا مهندسًا وورشة للعمل.
حيرام، الوعي الملك يبعث ويوصي إليه بحيرام أبيف (معلم بناء، وعي أسمى،
الشمس الروحية في الإنسان). وهذا الأخير كان ابنًا لأرملة. فالأمر
هكذا، ويتجلى في الطبيعة، ومن خلال الطبيعة كأم، إلا أنه لم يكن لدى
هذه الأم زوج البته.
حيرام أبيف، الشمس الآب الداخلي، يتميز كرئيس أعظم للعاملين (الذرات،
والخلايا، والجزيئات) من أجل بناء الهيكل. وهؤلاء العمال (الذرات)
الذين يدفعون الإنسان منذ حقب قديمة من أجل تكوين جسده-الهيكل في هذه
المدينة أي "أورشليم الداخلية - مدينة السلام". ولديهم درجات متفاوتة
من الإمكانية ومواهب ذرية مختلفة. إذًا، كان من الضروري تقسيمها وفقًا
لإمكانياتها (العليا، والمتوسطة، والدنيا) للتمكن من استغلال أفضل لعمل
كل واحد في الورشة كلها.
حيرام كعالم، عادل وعطوف، وزع العمل ضمن ثلاث فئات: المريدون (هم
العمال في العالم الأدنى للإنسان الذي يشتمل على جزء المعدة وحتى
الأسفل)، والرفاق (وهم عمال في العالم المتوسط أي في القفص الصدري)،
وأساتذة (وهم عمال في العالم الأسمى الذي هو الرأس). حيرام - الوعي
الأسمى - أعطى لكل واحد الطريقة التي تجعله يُعرِّف من خلالها على نفسه
أي بواسطة إشارات، ولمسات، وكلمات موافقة لها، وهكذا أعطاهم القدرة على
التأثير ببعضهم من خلال الحواس (الرؤية، واللمس، والسمع).
العمودان
بنى حيرام ونصب في الهيكل عمودين (الساقان) مجوفَّيْن من البرونز. وحدد
بأن المريدين (الذرات البناءة) يستلِمون راتبهم عند العمود الأول
(المنفعل واليساري) وعلى هذا النحو يكون شعورهم بالهناء، والرفاق
يتلقونه عند العمود الثاني (الفعال واليميني)، والأساتذة أي الذرات
العليا للدماغ والرأس عند "غرفة الوسط". فالعالم الداخلي هو مكان سري
حيث نعثر عليه داخل وفوق الاثنين.
ولكي تستطيع كل فئة من العمال الحصول على راتبها فما عليها إلا أن
تُعَرِّفَ على نفسها من خلال المجهود والعمل اللذين كرسوهما للقيام
بالعمل الموكل إليهم.
العمل الداخلي
تم توجيه العمل وتنفيذه بحكمة ونظام ودقة، وفقًا للأوامر المتلقاة من
وعي الحقيقة أو الوعي الأسمى، وأخذ العمل يتقدم ويرتفع بسرعة.
وعلى الرغم من أن عدد العمال الذين كان يراوِح ما بين الثمانين ألفًا،
والقيام بكل نوع من العمل فلم يكن يُسمَع أي صوت لمطرقة ولا أداة من
حديد (لواقع أن الهيكل-الجسد لم يتم بناؤه بأداة ولا بيد بشر). إنه
الصمت والسكينة في العالم الداخلي، مصدر كل عمل روحي.
هيكل المساررة
أثناء السنوات السبع وأكثر - وقت ضروري من أجل المساررة الداخلية
الكاملة، ومن أجل التمكن من بناء هيكل لائق بالرب (لأنه كل سبع سنوات
يجدد الجسد المادي كليًا ذراته، وخلاياه المكوَّنَة بسبب رغبة دنيا.
وبقوة الطرق والعمل من خلال إلهامات جديدة وتنفسات وأفكار) - وأثناء
هذا البناء، لم تمطر (فالأمر هكذا، لا أية فكرة، أو كلمة أو عمل سلبي
يستطيع منع النمو الداخلي) لأن الهيكل كان مغطَّى باستمرار.
وملِكَ أيضًا السلام والازدهار أثناء بناء الهيكل، لأن المُسارَر يفصل
ذاته عن الجميع الأمر الذي قد يشوش روحه بواسطة الإدراك وقوة الإرادة.
المعلمون الثلاثة
طلب سليمان المساعدة من حيرام ملك صور. وهذا ساعده أن أرسل إليه بحيرام
أبيف، المهندس. كان الثلاثة معلمي العمل يمثِّلون الحكمة والقوة
والجمال.
وهكذا أيضًا الجسد الإنساني الذي هو هيكل الرب، لديه في ذاته الثالوث
الإلهي وهو: القدرة (الآب)، والمعلم (الابن)، والحياة في حركة (الروح
القدس).
الجريمة
هذا الهيكل-الجسد، روعة الأعمار كلها، تم بناؤه وتوجيهه من خلال
القدرة، ومن خلال العلم، ومن خلال الجمال. وبالرغم من هذا، ففي العالَم
الأدنى للإنسان يوجد دائمًا بعض العيوب والرذائل التي تتسبب بارتكاب
أعمال وحشية غير لائقة. وهذه العيوب هي: الجهل، والخوف، والجشع. الجهل
هو عيب يجعل الإنسان يعتقد أنه يعرف، ولا يرغب أن يتعلم شيئًا. والخوف
يلغي إيمان الإنسان بإلهه الباطني وبمرشديه الروحيين. والجشع هو ابن
الأنانية الذي يطلب كل شيء لذاته، ومن دون استحقاق له.
إيه نعم، ثلاثة بنائين من فئة الرفقاء، يدَّعون لأنفسِهم استحقاقهم
أنهم لائقون بأن يكونوا من فئة الأساتذة، ويسعون للتوصل إلى ذلك بالقوة
كما يحصل مع الجهلة جميعهم، فقاموا بحبك مؤامرة لكي يستولوا بالعنف على
الكلمة المقدسة، وبالتالي يُعرِّفون أنفسهم على أنهم أساتذة. وثالوث
العيوب - الجهل، والخوف، والجشع - في الإنسان يدفعه دائمًا للحصول على
ما لا يستحقه من العالم الروحي والمادي.
هذه العيوب الثلاثة الرديئة ورفاق الإنسان الذين يهددون كل الفتوحات
والجهود الروحية تعاهدوا على اكتساب رضى عيوب أخرى، ورفاق داخل
الإنسان، خادعوا فأقنعوا التسعة رفاق معلمين. ولكن هؤلاء، وفي اللحظة
الأخيرة، تراجعوا بعدما اضطربوا بسبب فعل الندم.
أصبح المتواطئون الثلاثة وحيدين، وهم يدبرون الجريمة، فتوصلوا إلى حل
في أن يحصلوا على الكلمة بالقوة من حيرام نفسه (الإنسان الأدنى يسعى
دائمًا لإجبار قدس أقداسه على أن يخوله كل القدرات الإلهية بالقوة، ومن
دون استحقاق).
انتظر الثلاثة حيرام الذي لطيبته توقعوا إخافته.
اختاروا منتصف النهار على أنه الساعة الأكثر مؤاتاة، لأن حيرام كان
معتادًا في هذه الساعة على الزيارة والقيام بالإشراف على العمل، ويرفع
دعاءاته بينما كان الآخرون يستريحون. توجه الثلاثة إلى بوابات الهيكل
الثلاث، والتي تكون في تلك اللحظة مُقفَرَة، لأن العمال كلهم يكونون قد
خرجوا للاستراحة.
وعندما أنهى حيرام دعاءه وأراد عبور البوابة الجنوبية، هدده الرفيق
المقيم هناك بمسطرته ذات الأربعة والعشرين إنشًا طالبًا منه كلمة
وإشارة الأستاذ. بيد أن الأستاذ أجابه: "اعمل ووفقًا للعمل الذي تقوم
به تنال حصتك".
وقد رأى هذا الرفيق الجاهل عدم فائدة جهوده، فضربه بقوة بالمسطرة
(الأمر الذي يمثل اليوم بالأربعة والعشرين ساعة، ولكن لم يجر استغلالها
إطلاقًا، لأن الجهل يحاول دائمًا إعاقة العمل الإلهي الداخلي). وإذ رفع
الأستاذ ذراعه اليمنى لإبعاد الضربة المرتجة نحو حنجرته أصابت كتفه
اليمنى، شالَّةً الذراع (الإيجابي).
إذًا توجه الأستاذ إلى البوابة الغربية، وهناك طلب الرفيق الثاني كما
الأول، كلمة وإشارة الأستاذ فتلقى الإجابة نفسها: "اعمل ووفقًا للعمل
الذي تقوم به تنال حصتك!".
إذاك وجَّهَ هذا الرفيق ضربة قوية في الصدر بزاوية المهندس (الكوس)
الحديدي. فتوجه حيرام وهو نصف مغمي عليه، إلى البوابة الشرقية، وعند
هذه البوابة كان الثالث بانتظاره، وكان هو الأسوأ نية من بين الثلاثة،
الأنانية، وتلقى الإجابة السلبية نفسها، فوجه له ضربة قاتلة على الجبهة
بالمطرقة التي كان قد أخذها معه.
وعندما التقى الثلاثة مجددًا، أُثبِتَ لهم أنه ما من واحد منهم استطاع
الحصول على الكلمة والإشارة، فارتاعوا بسبب الجريمة العقيمة، ولم يكن
يجول في خاطرهم فكرة أخرى سوى إخفاء الجريمة، وإزالة آثارها. وهكذا ففي
المساء، أخذوا الضحية باتجاه الغرب وقاموا بإخفائها على قمة هضبة
بالقرب من مكان البناء.
(الرمزية أو الأسطورة تعلمنا أن المعلم الداخلي الذي يعمل داخليًا
دائمًا من أجل خير الإنسان، ومن أجل تقدمه الروحي والنفساني، تمت
مهاجمته من خلال العيوب الثلاثة، التي كانت في البدء خصائص أو سمات
ضرورية للإنسان. فالرغبة بالتقدم تحولت من خلال الفكر إلى جشع أناني.
والحب المتجاوز لذاته أصبح تعصبًا أحمقًا. ومن خلال الجشع والجهل
والتعصب فقد الإنسان إيمانه واستولى عليه الخوف).
تقتل هذه العيوب الثلاثة الإنسان، فالأنا الأسمى في الجهة الشرقية،
والشخصية في الجهة الغربية، والعقل في الجهة الجنوبية. وبعبارات أخرى:
المعلم الداخلي (الأستاذ)، الأنا الأسمى الذي هو الوعي، والشخصية أو
الأنا الفردية الذي هو الإرادة، والعقل أو الذكاء، فهؤلاء يمثلهم على
نحو خاص تلك الأعضاء التي تعرضت للضربة: الذراع، والصدر، والرأس.
البحث
عندما لم يظهَر حيرام "الأنا الأسمى" في مكان العمل ارتبك الجميع،
فتكهَّنوا بمصيبة.
انتهى اليوم، ولم يظهَر المهندس، وإذاك فالتسعة رفقاء الذين عارضوا
مسعى الأشرار الثلاثة، قرروا إفشاء ما حصل للأساتذة. فذهبوا إلى حضرة
سليمان، الذي بعد أن سمع تقرير الأساتذة الثلاثة والرفاق التسعة.
الأولون الذين شكلوا ثلاث مجموعات، كل واحدة منها اتحد الرفاق فيما
بينهم ضمنها أُمِروا بأن يتقصّوا أراضي ومناطق الشرق والغرب، وفي وضح
النهار في بحث عن المعلم الأكبر والمهندس حيرام أبيف، وعن الرفاق
الثلاثة للكلمة الضائعة التي حتى سليمان نفسه لم يكن يعرفها، والتي تم
فقدانها مع اختفاء حيرام.
وبحثوا عنه خلال ثلاثة أيام من غير فائدة، إلا أنه، وفي صبيحة اليوم
الرابع، وجدت واحدة من المجموعات التي كانت تتوجه إلى الغرب نفسها على
جبال لبنان لكي تعثر على مكان حيث تستطيع أن تمضي الليل، فسمعت إذاك
أصواتًا بشرية في مغارة. كانوا هم الرفاق الثلاثة القتلة. ورأى هؤلاء
الأخيرون الزوار يقومون بإشارات العقاب، وهي إشارات تم تبنيها فيما بعد
للدرجات الثلاث كواسطة للتعريف عن النفس.
هرب المجرمون الثلاثة من مخرج آخر للمغارة، وما من أحد فيما بعد استطاع
العثور على آثار أقدامهم.
وعندما دخلوا إلى القدس في ليلة اليوم السادس (بالقرب من المدينة) فإن
واحدًا من المسافرين الثلاثة جثم منهَكًا فوق تلة، فلاحظ إذاك أن
التراب قد تم تحريكه مؤخرًا وثمة رائحة نتنة لجثمان تصدر من هناك.
وبالشروع في الحفر توصلوا إلى جس الجثمان، لكن وبما أن المكان كان
مظلمًا لم يتجرأوا على الاستمرار في بحثهم. وأعادوا تغطية الجثمان
ووضعوا على التلة غصنًا من الطلح (الأقاقيا)
acacia،
صنف من الأشجار العادية ذات زهور وأوراق دائمة. وفي اليوم التالي،
عرضوا تقريرًا عن اكتشافهم إلى سليمان. وهذا الأخير، قام بالإشارة ولفظ
الكلمة، وهاتان الاثنتان أصبحتا تُستخدمان كإشارات للنجدة. وبالتالي
طلب إلى المعلمين التسعة التحقق فيما إذا كان الأمر يتعلق بالمعلم
الكبير حيرام، والبحث فيه عن إشارات التعرف التي تم تثبيتها من خلال
الكلمات التي تم لفظها في اللحظة التي تم فيها رفع الجثمان من القبر.
وهكذا فعلوا، وعند رؤيتهم للجبهة الدامية، ومغطاة بمئزر، وعلى الصدر
شارة الدرجة، قاموا بإشارة الذعر التي أصبحت هي إشارة التعرف في ما بين
الماسونيين.
معنى الأسطورة
مثل كل الأساطير والأمثال المختارة لكي تنقل حقيقة الأجيال السابقة،
فإن معناها متعدد.
ومع ذلك، فالأمر الوحيد الذي يهم المعلم الماسوني هو المعنى الداخلي
والشخصي أو الفردي.
حيرام هو الشمس، وهو الأنا الأسمى، وهو الروح الإلهي في داخل جسم
الإنسان، إنه مثال كل كائن يأتي إلى هذا العالم. وأخيرًا هو الإنسان؛
هذا الإنسان-الإله يتم العثور عليه بشكل دائم لسبب أن عقله موضوعي،
ومهدد بالجهل، وبالتعصب، وبالجشع. وهذه العيوب الثلاثة هي التي تهيمن
عليه وتحول دون تقدمه. ومع ذلك، فالإنسان يولد وهو مُجبَر على بناء
وقيادة هيكل الحياة، وجعله هيكل الإله الحي، أو النهوض به إلى مجد
المهندس الأعظم للكون، معبرًا عن عمله، والحكمة والقدرة والحب.
إلا أن ميولنا الدنيا وأهواءنا متربصة بنا دائمًا، وتقتل داخلنا صوت
الوعي، الصوت الداخلي، مرشدنا الوحيد. وعلى هذا النحو، يتم الاختبار في
داخلنا، رمزية "موت حيرام" أو نوم "الأنا الأسمى"، وهذا مثال رفيع يقود
حياتنا إلى نهاية أسمى.
عندما نستسلم إلى أهوائنا، وأعمالنا القائمة فإن تطورنا يتوقف بسبب
فقدان المرشد أو الأنا الأسمى.
لدى كل إنسان اثنتا عشرة موهبة من الروح كما رأينا في دراساتنا
السابقة، ومع ذلك فإن كل موهبة تتعارض مع عيب عدو، ابن جهله وخوفه.
فهؤلاء الاثني عشر رفيقًا الذين يعيشون داخل الإنسان والذين يرافقونه
في كل مكان هم أولئك الذين يعملون في كل لحظة من أجل خلاصه! ولكن
الأهواء الخسيسة المقابلة لهم ترمي أحجبة على مثالهم الذي يقع ميتًا
ويتم قبره، إنه الروح الكامن في المادة.
وهكذا نرى أن الجهل يريد احتلال مكان الحقيقة، ويريد التعصب أن يُمنَح
إليه كل إكرام، ويريد الجشع اغتصاب السلطة كلها من حيرام - مبدأ النور.
وهؤلاء أعداء الإنسان الثلاثة يبتغون الاستيلاء على كلمة القدرة التي
تخوِّلهم كل سلطة يتم بلوغها فقط من خلال التطور والمجهود الفردي، وليس
من خلال القوة. وسُمِّيَت بالنور المعلم الذي ينير العالم.
ليس ثمة موت ولا فقدان زمني لا يخدم ولا يكون سببًا لولادة جديدة. لا
يمكن تدمير ما هو أزلي وخالد، وإنما نقدم إليه الفرصة لولادة جديدة في
هيئة جديدة، ولكنها مضيئة كما يولد الروح في مساررته في الحقيقة
والفضيلة.
لا يمكن للأنا الأسمى أن يموت أبدًا، أيًا كانت الضربات التي بوسع
الأخطاء أن تطعنه بها، فهي تضر فقط هيئته الخارجية.
لقد قلنا إن القتلة الثلاثة هم الجهل الذي يحوِّل النشاط إلى تعصب،
والجشع الذي يلي الدراما الكونية للاتطور. إلا أن الأنا الأسمى في
الإنسان مع قدرة الإرادة بوسعه السيطرة على الرفاق - العيوب الثلاثة،
بواسطة المعلمين الثلاثة الذين ذهبوا في بحث عن حيرام، وهم: المعرفة،
والإيمان، والحب. وهذه السمات الثلاث العليا تتوصل إلى العثور وإيقاظ
وإنهاض هذا النور الداخلي من أجل أن يؤكد سيطرته على المادة وينيرها
لأن التطور يتبع اللاتطور.
الماسوني أو ابن النور هو المعلم الأعظم حيرام أبيف، إنه أيضًا ممثل
الشمس الذي يطوف اثني عشر برجًا زودياكًا، والذي يفسر الأسطورة
الماسونية أو الدراما السرانية. ففي انقلاب الربيع تدع الشمس الأنثوي
الحلو والمائي لبرج الحوت من أجل الدخول في ذلك الذي يميل للحرب
والحازم والبرج الناري للحمل أو آرس (إله الحرب عند اليونان)، حيث يمجد
قدرته. وشهور الشتاء الثلاثة هم الرفاق الثلاثة الذين قتلوا ودفنوا
الشمس في الظلمات، وفي البرد، إلا أن التسعة شهور أو المعلمين التسعة
أخذوا يمجدونه لكي يلمع مجددًا في حياة المادة.
أعداء الإنسان الثلاثة يخفون المبدأ المنير "تحت أنقاض الهيكل - الجسد"
من أجل دفنه في ليل النسيان فيتم إخفاؤه في الغرب. هكذا يكون، ففي
الجزء الأدنى من شخصيتنا أو مع العدد السري الذي هو خلق الإنسان
المتعاون مع الجزء الأدنى والأسفل من الجسم حيث تمكث الذرات الكثيفة
والخشنة والثقيلة. وهناك من الضرورة بمكان اكتشافها لكي تكون بعيدة عنا
بشكل نهائي. هو موجود حيث يتم العثور على المبدأ المنير مدفونًا إلا
أنه ليس ميتًا.
ونستطيع بعد هذا التطهير لقاء الإله الباطني مع الاثنتي عشرة موهبة
للروح (ممثلة بالمعلمين الثلاثة الذين أخذوا يبحثون عن القتلة وعن
الرفاق التسعة الذي ساعدوا في نهوض حيرام)، وهكذا يجري تفعيل القيامة.
المعلمون الثلاثة الأوائل هم: الإيمان والأمل والحب. أما التسعة
الباقون فهم: الإدراك، والمعرفة، والربط، والمحاكمة، والغيرية،
والذاكرة، والإرادة، والنظام، والضبط.
الكلمة المقدسة والضائعة بالموت الرمزي لحيرام أبيف لم يكن يملكها
سليمان ولا حيرام ملك صور. أكدنا أن كلمة الدرجة الأولى هي الإيمان
والثانية هي الأمل والثالثة يجب أن تكون المحبة أو الحب.
المعلمان الاثنان الأولان، يرمزان إلى الإيمان والأمل، لا يمكنهما
العثور على جثمان المعلم. فقط الثالث الذي هو الحب يستطيع العثور عليه.
أولى الموهبتان الاثنتان ليس لديهما القدرة ولا دافع الثالثة، المحبة
هي الوحيدة التي تستطيع فعل المعجزات.
يتوجَّب علينا غلبة الأنانية كلها، لكي نستطيع استخدام القوة الكلية
القدرة للحب. لا يستطيع الحب التعايش إطلاقًا مع الأنانية لأنها تقضي
دائمًا على الإيمان والأمل في دواخلنا.
إذن، فالكلمة المقدسة هي جوهر الإيمان والأمل والحب.
ملخص الأسطورة
الهيكل هو جسد الإنسان.
بناء الهيكل هو التطور والارتقاء بالجهود إلى نهاية أسمى من خلال معرفة
الحقيقة وممارسة الفضيلة.
هيكل سليمان هو رمز للجسد المادي، والقدس (مدينة السلام) هي العالم
الداخلي.
النقاط الأربعة الأساسية للهيكل في الجسد هي: الرأس الذي يتوافق مع
الشرق، وما أسفل البطن مع الغرب، والجانب الأيمن مع الجنوب، والأيسر مع
الشمال.
بناؤو الهيكل الثلاثة هم: سليمان الذي يمثل المعرفة، وحيرام ملك صور
القدرة، وحيرام أبيف العمل. الثلاثة يمثلون أيضًا الإيمان والأمل
والمحبة. النار والنور والمغناطيسية.
لدى العمال ثلاث درجات، وينقسمون إلى ثلاث فئات: المبتدئون، وهم يعملون
في الجزء الأدنى من الجسم والبطن، والرفاق يعملون في الجزء الأوسط
والصدر، والأساتذة يعملون في الجزء العلوي والرأس.
عمودا الهيكل الاثنان هما القطبان الاثنان، المنفعل والفعال الممثلان
بالساقين اليسرى واليمنى.
غرفة الوسط هي "المكان السري" أو العالم الداخلي للإنسان في القلب أو
الصدر.
تستلم كل مجموعة راتبها وفقًا لعملها وكلمتها المقدسة. يتلقى المبتدئون
راتبهم وفقًا لإيمانهم، والرفاق وفقًا لأملهم، والأساتذة وفقًا لحبهم.
وبالرغم من العدد الكبير للعمال داخل هذا الهيكل، فجميعهم كانوا يعملون
بصمت في عمل المهندس الأعظم، ولم يكن يُسمَع أي جلبة، لأن هذا الهيكل
لم يُبنَ بأيدٍ بشرية، ولا بأدوات مادية ومعدنية.
دام بناء الهيكل سبع سنوات لأن نتيجة المساررة الصحيحة والحقيقية يتم
الحصول عليها بعد سبع سنوات: والتي هي ضرورية من أجل تطهير الذرات
الدنيا، ومن أجل منح مكان للذرات العليا.
حيرام أبيف "ابن الأرملة" هو الروح، والشعلة الإلهية الكامنة في الجنس
الذي يولد ويتجلى في المادة أو المادة - الأم، من دون رغبة لحم. إنها
الأم العذراء دائمًا لأن "أنا أكون" يدخل ويخرج منها وهي تظل عذراء
دائمًا.
المكان المختار للبناء كان جبل موريا.
Moria
اسم يعني الكثير بالنسبة للماسونيين والغيبيين
لعلاقته مع المعلم الكبير موريا
Moria.
عند الاقتراب من لحظة الانتصار النهائية تستحوذ على المسارر الإغواءات
الثلاثة في صحراء المادة وهي الجهل والتعصب والجشع، أو الرفاق الثلاثة
الذين يريدون الحصول على راتب الأستاذ.
كان كل عيب مسلحًا بأداة. هاجم الجهل الجانب الأيمن - العاكس للقدرة
الإيجابية - بمسطرة من أربع وعشرين إنشًا، الأمر الذي يمثل اليوم
بأربعة وعشرين ساعة، ومع جرح يد حيرام أخرجها من العمل أو وسيلة العمل
أي اليد.
ضرب التعصب القلب بزاوية المهندس (الكوس) الذي هو رمز الإنسان الأدنى
المهيمِن عليه تعصبه. وزاوية المهندس هي الهيئة المادية، وهي المعرفة
العقلانية الضرورية للإنسان، ولكن هذا في معظم الأحوال ينسى الفرجار
الذي يمثل الحدس الإلهي. وعند ضرب القلب يقتل فيه التسامح والحب.
ضرب الجشع الرأس بالمطرقة ممثلاً في هذا الفعل الإرادة سيئة التوجه
وسيئة السيطرة.
وعندما يموت الوعي يعمل الثلاثة على إبعاد الواقع إلى النسيان فيتم
"دفن جسد المعلم".
ولكن الاثنتي عشرة موهبة للروح أو الاثني عشر معلمًا يبدأون البحث.
والثلاثة الأوائل هم الإيمان والأمل والمحبة. ويزيل أولاء بدورهم
العيوب الثلاثة. والتسعة الآخرون يمجدون النور الداخلي المدفون.
هذه الأسطورة هي واقع من الطبيعة. ينجزها المعلمون وأنجزوها دائمًا، كل
المعلمين ومخلصي البشرية مثل هرقل، وأوزيريس وميترا وتموز وشمشوم
وكريشنا ويسوع... لأن الأسطورة تم استخلاصها من الدراما الشمسية التي
تتكرر كل سنة في الطبيعة، وكل معلم عليه محاكاة النجاح في العالم
الأكبر (الكون) في حياته.
"اخلع حذاءك من قدميك، لأن الموضع الذي تقف فيه هو أرض مقدسة!".
قديمًا وعند اقتراب المبتدئ لتلقي المساررة في الهيكل كان عليه أن يخلع
حذاءه من قدميه. والماسونيون يقومون بخلع حذاء قدم واحدة. ولا يتوجب
عليهم أن يجلبوا معهم أكثر من ثياب خفيفة (بيضاء). وفي معهد السحرة
استخدموا فقط عباءة بيضاء على الجسد العاري، ومئزرًا يغطي أعضاءهم
التناسلية تحت العباءة. ومن أجل العبور من خلال هذا الطقس كان يتوجب
على المبتدئ أن يخضع لتدريب طويل على الصيام والتطهير ليس للجسم فقط بل
للعقل أيضًا (بهذه الطريقة يعود الإنسان إلى خالقه كما قد خرج منه أي
يكون طاهرًا ونقيًا).
الجسد هو هيكل الله الحي. يستطيع الله التجلي في هذا الجسد بواسطة
النفس التي هي نار ونور في الجنس في حضوره دائمًا في الهيكل المادي حيث
كان يتم الاحتفال بالمساررة فيمثل الجسد - الهيكل لـ "أنا أكون ذاك".
والاحتفالات هي استدعاءات تساعد في العثور على النار المقدسة والنور
الداخلي. كان هذا ما أراد يسوع قوله: "ملكوت الله في داخلكم... أنتم
هيكل للروح القدس...".
في مثَل الابن الشاطر (في الإنجيل) فهو قد ترك هيكله الداخلي وابتعد عن
النور، وتاه بسبب الظلمة في عجز وجهل فأصبح أعمى. والمبتدئ المحبَط
والممتلئ بالعذاب يتذكر (في مثَل ابن الشاطر) أنه يتساقط من مائدة أبيه
فتاتًا زائدًا عن وليمة المدعوين الكثُر. وإذاك يعود ويطرق باب هيكل
الإله الحي في مسعى لولادة جديدة. ولهذا السبب فالمبتدئ يدخل المحفَل
بعينين معصوبتين، ويسير في الظلمات ويطلب بحرارة أن ينتزعوا عنه
العصابة التي تخفي عن عينيه غير المساررتين الحقيقة الإلهية. فمن يبحث
عن النور الداخلي الحقيقي عليه أن يتعرَّىَ بشكل كامل من الأفكار
المكونة مسبقًا، ويعود طفلاً (مبتدئًا) للملكوت الداخلي، عاريًا مثلما
هو الأمر عند الولادة. وعندما يرى النور الإلهي داخل نفسه، ويشعر من
حيث تأتي طبيعته وينبوعه فيحقق الولادة الثانية أو ولادة المسيح في
القلب (المذود الإنساني).
يكتب يوحنا الرسول: "انظروا كم هي عظيمة محبة الآب التي منحنا إياها
حتى أننا أصبحنا نُدعى أبناء الله...".
"محبوبون الآن (ذلك أننا مساررون) فنحن أبناء الله مع أنه لم يتجلَّ ما
يجب أن نكون عليه. ولكننا ندرك بأنه عندما يتجلى سنكون مشابهين له،
لأننا نكون على النحو الذي نعاينه فيها". يسوع وتلاميذه فيما بعد كانوا
يظنون أن الكلمة "آب" كانت أكثر من لائقة للإشارة إلى "ينبوع الحب
الإلهي الذي هو الله".
بناء هيكل سليمان عبارة عن رمز، لأن كل مبتدئ عليه أن يكرس نفسه لبناء
هيكل الله الحي الذي هو جسده. هذا هو معنى هيكل سليمان، هيكل الشمس،
وهيكل الروح، وأنا أكون. ويجب أن يكون هذا الهيكل نقيًا جدًا ولائقًا
بذلك الذي يقطنه، لأنه ههنا يجب أن يكون المكان حيث تتم عبادة الله
بالروح والحق.
قال النبي "محمد": "لكل أمة كتاب". والشعب الغربي لديه "الكتاب
المقدس". فإذا ما تم أخذه على أنه تاريخ، فالكتاب المقدس عبارة عن كتاب
طفولي، ذلك أنه كما تُرجِمَ عن الأصل اليوناني، واللغة العبرانية فهو
مليء بالأخطاء إزاء العلم والمنطق وحتى إزاء الإيمان العقلاني نفسه.
لكن، وبالرغم من ذلك كله، فالغربيون حتى اليوم يوعزون إليه القداسة،
ولذلك يستمر الكتاب مقدسًا من خلال الإيمان بما فيه. فهو المجموعة التي
تحتوي على القانون المقدس. والكتاب المقدس بالنسبة للماسونيين هو كتاب
النور. وكل مرشح (الذي أفترض أنه مسيحي) سيتوجب عليه اتباع الطريق
المرسوم من خلال الكتاب المقدس من أجل بلوغ الاستنارة.
الدائرة المستخدمة من قِبَل الماسونيين والمدارس الأخرى والديانات
تعبِّر عن الأزلية، فالله ليس له بداية ولا نهاية.
الآب الذي هو نور وروح وحياة العالم. والشمس كمركز خارجي للإله
الحقيقي. الـ"أنا أكون" الذي هو نور في الإنسان. وهكذا يمكن الشعور بما
قاله هرمس: "هكذا كما في الأعلى يكون في الأسفل".
الماسونية اليوم هي انعكاس للأسرار القديمة وقائمة على أساس الثالوث
الذي يرمز إليه المثلث المتساوي الأضلاع.
كان الصمت أول شرط مهم بالنسبة للمبتدئ. كان شرطًا أساسيًا للتنسيب في
الأسرار. وكان القسَم والنذور يتم تنفيذها بمساعدة اليد اليمنى، لأنها
تمثل التحقيق، وهي شعار الإخلاص. وهذا ما تعنيه التحية باليد اليمنى.
فالإلهة فيداس
Fidas
أو الوفاء تُمَثَّل أحيانًا بيدين يمنتين.
في الأسرار القديمة كان يُستخدَم السيف مشهورًا، وموضوعًا على الحنجرة
من أجل تأكيد القسَم، للاستناد في هذه الوضعية على السماء والأرض
والبحر. لقد ورثت الماسونية السيف من الدرويد (كهنة الطبيعة) ومن
ديانات أخرى.
وانتزاع الحجاب عن عيني المبتدئ، لكي يرى النور هو رمز الاستنارة. إنه
نهاية الرحلة السرانية عبر ظلمة الجهل، إنه انتصار النور على الظلمات.
وطقس الاستقبال في الماسونية مكافئ للأسرار القديمة، التي كانت تُدعَى
فحص الذات أو الاختبارات الأربعة للمعمودية من أجل أن تحرق معمودية
"النار – النور" خبَثَ المعادن كلها وتضيء في الظلمة.
لدى الماسونية عدة درجات كالمساررة الحقيقية التي كان يتم تلقينها
تدريجيًا.
لا يمكن لأحد الوصول إلى المساررة وتلقين الأسرار قبل رؤيته وشعوره
بشعلة النار المقدسة في ذاته، لأنه "حيث لا يوجد نور فليس ثمة روح،
وبالتالي، فليس هناك خلود".
درجة المساررة الأخيرة قديمًا تقوم على تسليم الكلمة الضائعة...
ويتماهى حيرام مع أوزيريس، ومعنى كلتا المأساتين هو ذاته أي حياة روحية
جديدة وأن يتجدد روحيًا. فالتجدد الروحي لا يمكن إنجازه من دون وجود
النار الرجولية في الجسد التي يجب إشعالها والتضحية بها على المذبح
الباطني حيث تتحول إلى شعلة إلهية.
الشعلة هي روح الإنسان الواعية. وعند حين ممات الجسم تتحرر هذه الشعلة
بطريقة أنه مع موت حيرام وأوزيريس فالكلمة الضائعة لم تكن على جسد
المعلم حيرام وأيضًا الفالوس (القضيب) كان غائبًا عن جسد أوزيريس
خاصته. إذن فالكلمة الضائعة لديها علاقة حميمة مع النار - النور
والفالوس، لأنه من دون الفالوس (القضيب) لا يستطيع الرجل أن يكون
خلاقًا، ولأنه بالنسبة إليه فالتجدد الروحي مستحيل لكون الكمال مستحيل.
كانت أسرار أوزيريس تشكل الدرجة الثالثة الرفيعة المقام، وكان الإله
يُستبدَل من قبل المرشح مثلما هو الأمر مع حيرام في المساررة
الماسونية. وفي الديانة الشمسية، فالشمس هي الإله الآب، والقمر هي
الإلهة الأم إيزيس، وتيفون
Tifon
هو الشتاء. والقتلة الأشرار الثلاثة هم شهور الشتاء
الثلاثة. الشمس، وكريشنا، وأوزيريس، ويسوع، والمخلصون الآخرون الذين تم
قتلهم ثم نهضوا من بين الأموات. وعندما يبدأ الإله الشمس نار - نور
بنشر أشعته المليئة بالقوة الفعالة والولودة، تحتل القيامة مكانًا
عنده، مرسلاً الحياة إلى الأجسام كلها في الطبيعة. وعند الموت، تفقد
الشمس الفالوس أو الطاقة المحيية لكل كائن في زوجته الطبيعة (إيزيس).
إيزيس، زوجة وأم تبكي موت أوزيريس، وسيبيلي
Cibele
تتحسر على تغير أتيس
Atis.
وعشتار تبكي موت أدونيس الذي جرحه خنزير بري في أعضائه الذكورية. وفقد
أوزيريس الفالوس الذي جعل في البداية قيامته صعبة. وعلى الفور النار -
النور الشمس هو الفالوس المُخصِب للطبيعة التي تصبح حاملاً خلال الشتاء
والربيع والخريف، وتُعطَى الثمرة الابن في الصيف. كانت الشمس هي الآب،
ودُعِيَت أوزيريس، وكريشنا، وحيرام... الخ، وكانت الطبيعة الأم وفقًا
للأسرار التي منحتها أسماء إيزيس، وفينوس، وعشتار، ومريم...
ترجمة: نبيل سلامة
*** *** ***