بكِ وحدكِ، لا يفوتني الحائطُ الأخير
مؤمن سمير
أَسُدُّ شقَ الحائطِ
بكابوسي
أو بظلي الهائمِ في الغرفةِ.
بعظامِ الفَكِّ
أو بذكراكِ التي تشبهُ وردةَ
عتمةٍ
في قلبِ قديسٍ..
كلما غبتُ، تزدانُ الشقوقُ
وتَسْمُنُ وتصيرُ مراكبَ ورمالاً
وبالوناتٍ غليظةٍ كلما اقتربت الأعيادُ..
تأخذُ شُبْهَتي الأخيرةَ في ساحةِ الصَلْبِ
وتسوقُني من حَدْبَتي لآخرِ المدينةِ
حيثُ فتحةُ النَفَقِ
وحيثُ السحاباتُ المرتعشةُ..
سأَخرجُ
بعدَ خريطتيْنِ وذكرى
وأتنفسُ بعمقٍ
وأغمرُ وجهي في ماء البئرِ
وأقولُ أنا نَجوْتُ..
سأرجعُ
لتنكمشَ الشقوقُ
وتقولُ يَالَهَذِهِ الأجيال
تنسى سريعًا
وتقفزُ من هذا التلِّ لهذا التلِّ
تاركةً أجزاءَ من خصلات الشَعْرِ
كتميمةٍ للذئابِ الشاردةِ
أو لِهراواتِ الجنودِ..
يَالَهَذِهِ الصورِ المخفيةِ تحت مقعدِ
القرصانِ
وتحتَ لسانِهِ
وجوارَ أغانيهِ الحزينةِ قربَ الفجرِ..
لا أظنُ الفتحةَ تصيرُ اليومَ بركانًا
أو عَيْنًا شاردةً
أو سهمًا يلوِّحُ كالمجنونِ
ويلهثُ في حوْضِ الأميرةِ
ولا يبتسمُ أبدًا..
جدارنا طيِّعٌ يا سادة..
لَدِنٌ،
كعجينِ اللهِ
في الغرفةِ البعيدةِ..
لكنهُ اليومَ يئنُّ
بعدما كان يزأرُ كالضفدعِ
لأعلى
وأسفل..
وأنا أطيرُ لألحقَ بقعةً من السماءِ..
بقعةً أخيرةً وعجوزًا حتى..
سكنت الريحُ عشَّكَ يا مسكينُ..
وعيونُكَ المغرورةُ احتقنت
لما مرَّ الحكيمُ
وقال أسندُ جثتي
قبل وقوعِ الظهيرةِ
في ياقتي
المتسخةِ..
كلما فتحتُ ذراعيَّ
يهمهمُ: لا يفوتُ اليومَ في الحائطِ
شبحٌ..
ولا مساكينُ ولا ورود
.. ثم يحوشُ النومَ عني،
وعن الطَيْرِ والذكرياتِ والقوافلِ..
يغوصُ سنينَ
لِتَتْلَفَ ملامحَ الكنزِ
ويحولُ بيني
وبين شهقتكِ المتيقظةِ
في حقيبةِ السفرِ..
بين النهرِ القريبِ لساقيكِ
وبينَ ساحةِ الحربِ
الساحةُ الأليفةُ كلما تنادي
: يدي قصيرةٌ
ومغلولةٌ
فخذني يا أخي..
خذني ولا تخف..
*** *** ***
|
| |
|