في العمل*

 

المهاتما غاندي

 

في إنجيل العمل من أجل القوت اليومي

خلق الله الإنسان لكي يعمل من أجل قوت يومه، وقال: الذين يأكلون ولا يعملون لصوص.

(الهند الفتاة، 13-10-1921، ص 325)

***

لقد علمت بالقانون القائل إنَّ على الإنسان أن يعمل لكي يأكل. وقد جاءتني أولاً من قراءة كتابات تولستوي حول الخبز والعمل. لكن، حتى قبل ذلك، بدأتُ بتقدير هذه الفكرة حين قرأت كتاب روسكين بمعزل عن الماضي. وكان أول من تناول هذا القانون الإلهي القائل بأن على الإنسان أن يحصل على خبزه بعمل يديه كان كاتبًا روسيًا يدعى بونداريف، الذي عرَّف به ودعى إليه تولستوي. من وجهة نظري، لقد تمَّ التعرُّض إلى نفس الموضوع في الفصل الثالث من الغيتا حيث نقل إلينا بأن الذي يأكل من دون تقديم أضحية إنما يأكل طعامًا مسروقًا. والأضحية هنا تعني الخبز الذي هو نتاج العمل.

(من يرفدا مندير، ص 35)

***

وصلنا بالمنطق أيضًا إلى نفس النتيجة. هل يحق لامرئٍ لا يعمل بذاته أن يأكل؟ "عليك أن تأكل خبزك بعرق جبينك" - هذا ما قاله الكتاب المقدس. ليس بوسع المليونير أن يستمر طويلاً، وسيصيبه الملل بسرعة، إن بقي طوال اليوم مستلقيًا على فراشه، لذا نراه يتمرَّن على الجوع الذي سيساعده على تأمين قوته. لو أنَّ كل واحد منا، سواء كان غنيًا أم فقيرًاً، تمرَّن على هذا، بأي شكل أو بأية طريقة، فلما لا يتمرَّن على التحصيل الإيجابي للطعام؟ لم يطلب أحد من المزارع أن يمارس تمارين رياضية، وأن ينمي عضلاته. لا بل أنه أكثر من تسع أعشار الإنسانية يعيش من فلاحة الأرض. كم كنا أسعد، وأكثر صحةً وسلامًا لو أن العشر المتبقي اتبع مثال الأكثرية الساحقة، على الأقل فيما يتعلق ببذل ما يكفي من الجهد لتحصيل خبزهم.

***

لم يخلق الله أكثر مما نحتاج إليه لتلبية احتياجاتنا الآنية، لذلك فحين يتملك الفرد أكثر مما يحتاج إليه يفقر جيرانه. وسبب مجاعة الناس في أصقاع متفرقة من الأرض أن الناس يستولون على أكثر مما يحتاجون إليه. ونحن بوسعنا استعمال هبات الطبيعة كما نشاء لكن، في كتب الطبيعة، يتساوى دائمًا ما يؤخذ وما يعطى. أمَّا في كتبنا فليس هناك أي توازن في أي من العمودين.

(تطبيق تعاليم الأشرام، ص ص 62 – 63)

***

كان العمل الذكي من أجل الخبز دائمًا أعلى أشكال الخدمة الاجتماعية، لكن كم سيكون أفضل لو أضاف الإنسان بجده الخاص شيئًا مفيدًا إلى ثروة البلد: أن "نكون" هو أن "نفعل".

وقد أضيفت صفة "الذكاء" إلى العمل لتبيان أنَّ العمل، لكي يكون خدمة استشارية، يجب أن تكون له هدف معين. وهذا يعني أن كل عامل يقدم خدمة اجتماعية، ويفعل هذا بطريقة ما. لكن المعنى هنا أكبر بكثير، لأن الشخص الذي يعمل للصالح العام يخدم المجتمع ويستحق الترقية. لهذا فإن العمل من أجل الخبز لا يختلف عن الخدمة الاجتماعية.

(هاريجان، 1-6-1935، ص 125)

***

لو عاش كل شخص من عرق جبينه لكانت الأرض جنة، ولما تطلبت مسألة استخدام الكفاءات الخاصة مراعاة متميزة. لو أن كل شخص عمل جسديًا من أجل تحصيل خبزه، فإن النتيجة ستكون أنَّ الشعراء والأطباء والمحامون إلخ... سيكتشفون أنَّ من واجبهم تقديم مؤهلاتهم من أجل خدمة الإنسانية دون مقابل، مما يجعل محصلة إخلاصهم المتجرد للواجب أفضل وأغنى بما لا يقاس.

(هاريجان، 2-3-1947، ص 47)

***

العودة إلى الريف تعني اعترافًا محددًا وطوعيًا بواجب العمل لتحصيل الخبز، وإن كانت لا تشكل ضمانًا. لكن الناقد يقول إنَّ "الملايين من أطفال الهند يعيشون اليوم في القرى ولكنهم، رغم هذا، يعيشون حياة تقارب المجاعة"، وهذا صحيح مع الأسف. ولو كان بمقدورهم لتهرَّبوا من العمل، ولجأوا حتى إلى أقرب مدينة تؤمن لهم احتياجاتهم.

يعتبر الخضوع الإلزامي لسيد ما حالة من حالات العبودية، بينما يعتبر الخضوع الاختياري للأب مفخرة لبنيه. كذلك يُولِّد الخضوع الإلزامي لقانون العمل من أجل الخبز الفقر والمرض والاستياء، لأنه حالة من حالات العبودية، في حين يفترض أن يجلب الخضوع الاختياري لها الرضا والصحة. والصحة هنا صحة حقيقية، وليست بعض القطع من الفضة والذهب.

(هاريجان، 29-6-1935، ص 156)

***

يعتبر الاقتصاد ذو العلاقة بالعمل من أجل الخبز طريقًا حيًا للحياة لأنه يعني أنه يجب على كل إنسان العمل بنفسه من أجل طعامه ولباسه. لو كان بوسعي إقناع الناس بقيمة وضرورة العمل من أجل الخبز، فلن تبقى أية حاجة للخبز واللباس. ولن أتردد في أن أقول للشعب، وبثقة، إنَّ عليهم أن يجوعوا، ويبقوا عراةً، إن كانوا لا يعملون في الحقل ولا يغزلون وينسجون.

(هاريجان، 7-9-1947)

***

لا يمكن لأيِّ عملٍ يُصنَع باسمه أن يكون صغيرًا لأنَّ لكل الأفعال، في هذه الحالة، الدرجة ذاتها من التقدير.

(الهند الفتاة، 25-11-1926، ص 414)

***

يجب أن نشعر بالخجل حين نستريح أو نتناول وجبة دسمة، طالما بقي هناك أي رجل أو امرأة بلا عمل أو طعام.

(الهند الفتاة، 6-10-1921، ص 314)

***

لا تسيئوا فهمي؛ فأنا لا أقلِّل من قيمة العمل الذهني، ولكن لا يغنيني أي مقدار من هذا العمل عن العمل الجسدي الذي على كلٍّ منا أن يقدِّمه لصالح الجميع. إذ قد يكون، وهو غالبًا كذلك، أسمى بما لا يقاس من العمل الجسدي. لكنه ليس ممكنًا، لا اليوم ولا غدًا، أن يحلَّ محله، حتى كغذاء فكري، والذي قيمته أعلى بكثير من تلك الحبوب التي نأكلها، وليس بوسعه البتة أن يحل محلها. بالفعل، ما كان ممكنًا للعقل أن يستمر من دون ما تنتجه الأرض.

(الهند الفتاة، 15-10-1925، ص ص 355 و356)

***

العمل ورأس المال

لقد قلت دومًا إنَّ الشيء المثالي بالنسبة لي هو أن يُكمل رأس المال والعمل بعضهما بعضًا، وأن يتعاونا بحيث يشكِّلا عائلة كبيرة تعيش في وحدة وتناغم، وعلى الرأسماليين ألا يهتموا فقط بالرفاه المادي للعاملين لديهم، بل أيضًا برعايتهم المعنوية تمامًا كما هم مسؤولون بموجب ذلك على الرفاه المادي للطبقات العاملة.

(الهند الفتاة، 20-8-1925، ص 285)

***

لا يمكن إلغاء استغلال الفقير بمجرد تدمير حفنة من أصحاب الملايين، وإنما بإزالة جهل الفقراء، وتعليمهم كيفية اللاتعاون مع مستغليهم، مما يساعد على تحويل المستغلين أنفسهم. حتى إني اقترحت بأن هذا سيؤدي، في نهاية المطاف، إلى أن يصبحوا شركاء متساوين. فرأسال المال بحدِّ ذاته ليس شرًا، إنما الشرُّ يكمن في سوء استعماله. كما أننا سنكون دائمًا بحاجة إلى رأسال المال بهذا الشكل أو ذاك.

(هاريجان، 28-7-1940، ص 219)

***

لا يوجد حقٌّ في العالم لا يفترض واجبًا يقابله. مالك الشيء لا يُفسد أبدًا ما يملكه. لذلك حين تعرف أن المطحنة مُلك لك بمقدار ما هي مُلك لأصاحبها، فإنك لن تُعطِّل أبدًا ملكيتك. ولن تقوم البتة بتدمير الثياب أو الآلات لمواجهة خلافك مع أصحاب المطاحن. قاتل، إن كان لا بدَّ من ذلك، على درب الاستقامة وسيكون الله معك. وأكرِّر أنه لا يوجد طريق ملكي يجعلك تحصل على حقوقك سوى تطهير الذات والمعاناة.

(الهند الفتاة، 4-8-1927، ص 248)

***

وسترى مرة أخرى، أن المطلوب القيام في إطار مخطط اللاعنف هذا لا يقل عن... ما هو مطلوب من الجندي العادي المسلح أن يقوم به من رأسه إلى أخمص قدميه. لأنه حين يسعى بلا شك إلى قتل وتدمير عدوه، فإنه يحمل حياته على كفه. ما يعني أني أريد من العمل أن ينسخ شجاعة الجندي دون أن ينسخ في الوقت نفسه جلافتها، وتحديدًا أن يقتله. لذلك أقترح عليك أن تنظر إلى ذلك العامل الذي يواجه خطر الموت وهو أعزل من السلاح، ولا حتى للدفاع عن نفسه، على أنه يتمتع بشجاعة أكبر من تلك التي يحملها رجل مسلح من رأسه إلى أخمص قدميه.

(الهند الفتاة، 14-1-1932)

***

حين سيعي العمل كرامته سيجد المال مكانه الصحيح، ما يعني أنه سيصبح مؤتمنًا عليه للعمل. لأن العمل أهم من المال.

(هاريجان، 19-10-1935، ص 285)

***

أنا لا أعارض تنظيم العمل لكني، ككل الأشياء، أريد لهذا التنظيم أن يكون على توازٍ مع الخطوط الهندية، أو إن شئتم مع خطوطي، والعامل الهندي يعرف هذا غريزيًا. أنا لا أنظر إلى رأس المال كعدوٍّ للعمل، وأرى أن تعاونهما ممكن جدًا. فتنظيم العمل الذي قمت به في جنوب أفريقيا وششانماران وأحمد أباد لم يكن ينطلق من روح العداء للرأسماليين، لأن مقاومة كل حالة، وبالدرجة المطلوبة، كانت ناجحة بالكامل.

(الهند الفتاة، 17-3-1927، ص 86)

***

لا أعتقد أنَّ من الضروري أن يكون هناك أي صدام بين رأس المال والعمل لأن كل منهما مستقل عن الآخر. لكن ما هو ضروري اليوم هو ألا يهيمن الرأسمالي على العامل، لأني أعتقد أن الأيدي العاملة في المطاحن تملك مطاحنها بمقدار ما يملكها حاملو الأسهم، وعندما سيعي أصحاب المطاحن أن الأيدي العاملة في مطاحنهم تملكها بمقدار ما هم يملكونها، فإن الخلاف بينهما سيزول.

(الهند الفتاة، 4-8-1927، ص 248)

***

لو أنَّ كل حق كان ينبثق من واجب تمَّ القيام به بشكل جيد لكان لا يعوض، ما يعني أني أستحق راتبي فقط حين أقوم به بشكل كامل، لأني حين آخذ راتبي من دون أن أقوم بعملي أصبح لصًا. فليس بوسعي المشاركة بإصرار مستمر على تحصيل الحقوق من دون الرجوع إلى تأدية الواجب الذي يجعل تلك الحقوق مستحقة.

(هاريجان، 30-11-1947، ص 448)

***

في الإضراب عن العمل

أعلم أنَّ الإضراب حق طبيعي للعمال من أجل تحصيل حقوقهم، لكن يجب النظر إليه كجريمة بمجرد ما يوافق الرأسماليون على مبدأ التحكيم.

(الهند الفتاة، 5-5-1920، ص 6)

***

شروط الإضراب الناجح سهلة، ولن يفشل الإضراب أبدًا إن تأمنت له الشروط التالية:

-       يجب أن تكون فكرة الإضراب عادلة.

-       يجب أن يتوفر، من حيث المبدأ، إجماع عملي بين المضربين.

-       يجب عدم استعمال العنف ضد الذين لم يُضربوا.

-       يجب أن يكون المضربون قادرين على الاعتماد على أنفسهم خلال فترة الإضراب، وألا يحتاجوا أي تمويل من النقابات. لهذا، عليهم إشغال أنفسهم بعمل مؤقت مفيد ومثمر.

لا يكون الإضراب هو الحل حين يتوفر ما يكفي من العمالة للحلول محل المضربين. في مثل هذه الحالة، وفي حال المعاملة السيئة أو الأجر غير العادل، يكون الحل هو الخضوع.

طبعًا كانت هناك إضرابات ناجحة لم تتأمن فيها مثل هذه الشروط، ما يدلُّ على أنَّ أصحاب العمل كانوا إما ضعفاء أو أنَّ ضميرهم كان مثقلاً. لكننا نخطىء جدًا حين نقلِّد الأمثلة السيئة؛ فالأسلم عدم نسخ أية أمثلة لا نعرف عنها كل شيء، بل علينا اتِّباع الشروط التي نعلم ونعترف بأنها أساسية للنجاح.

(الهند الفتاة، 16-2-1921، ص ص 52–53)

***

يفترض أن يكون الإضراب السلمي محصورًا بالذين يشملهم نفس التظلُّم الواجب تصحيحه. وهكذا، إن قام الصُّناع المنافسون من عمال تمبوكتو، المكتفون بما يحصلون عليه، بالإضراب تضامنًا مع عمال المطاحن الذين يحصلون على أجور متدنية، فإن إضراب الصنَّاع المنافسين سيكون نموذجًا عنفيًا لأن عليهم أن يساعدوا بطريقة أكثر فعالية كأن يسحبوا اعترافهم من أصحاب المطاحن في تيمبوكتو من دون أن يعرِّضوا أنفسهم لتهمة العنف.

لكن من الممكن تخيُّل مناسبات يكون فيها غير المظلومين بشكل مباشر مجبرين على إيقاف العمل، كأن يتم على سبيل المثال تحالف أصحاب المصانع المنافسة مع أصحاب المطاحن في تيمبوكتو، عندئذٍ، يكون واجبًا بوضوح على عمال المصانع المنافسة أن يتضامنوا مع عمال المطاحن. لكن ما اقترحته هو فقط من باب المثال، لأن من الواجب في النهاية أن تعطى كل حالة ما تستحقه من دراسة. لأنَّ العنف قوة خبيثة، ولأنه ليس من السهل تلمُّس وجوده دائمًا، وإن كنت تشعر به في نفس الوقت.

(الهند الفتاة، 18-11-1926، ص 400)

***

لن أشارك، في أي حال من الأحوال، وبغض النظر عن اللاعنف، في إضراب عام يهدف إلى الإستيلاء على السلطة.

(هاريجان، 28-7-1946، ص 237)

***

كيف يجب على رأس المال أن يتصرف تجاه الإضرابات العمالية؟ السؤال مطروح، وله الكثير من الأهمية في الأوقات الراهنة. إحدى الطرق هي تلك المسماة بالأمريكية، وهي عبارة عن إلغاء العمل عن طريق الغوغائية المنظمة. والجميع يتفق على اعتبار هذه الطريقة خاطئة ومدمرة. أما الطريقة الأخرى، الصحيحة والمحترمة، فهي تقتضي معاملة كل إضراب كما يستحق، وإعطاء العمل حقه، ليس وفقًا لما يرى رأس المال أنه حق له، إنما وفق ما يستحقه العمل كعمل ويراه الرأي العام المستنير حقًا.

مع تقدم الوقت، يصبح عالم العمل أكثر إلحاحًا في مطالبه التي تزداد كل يوم، وهو لا يتردد في اللجوء إلى العنف من أجل تحقيق هذه المطالب. وقد استعملت طرق جديدة لدعم تلك المطالب، حيث لا يتردد العمال في الإساءة إلى ممتلكات أصحاب العمل، وتخريب الآلات، والتعدي على الكبار في السن، وعلى النساء، الذين لم يلتحقوا بالإضراب، وقسرهم على استبعاد مفسدي الإضراب. في مثل هذه الظروف، كيف يجب أن يتصرف أرباب العمل؟

... نصيحتي لأرباب العمل هي أن يتعاملوا بكل طيبة خاطر مع العمال كملاك حقيقيين، وخاصةً فيما يتعلق بمشاكل يتوهمون أن أرباب العمل قد تسببوا بها، لا بل أن يذهبوا أبعد من ذلك بحيث يعتبروا أنَّ عليهم تقديم تربية صحيحة للمستخدمين، تربية توقظ الذكاء النائم في أعماقهم، وترحب بسرور بتلك القوة التي أعطيت لهم، والناجمة عن ذلك التضامن العمالي.

لا يمكن لأرباب العمل القيام بعملٍ نبيلٍ كهذا مثل بين ليلة وضحاها. وفي هذه الأثناء ماذا يجب على الذين يواجهون مطرقة المضربين أن يفعلوا؟ من دون تردد، تراني أنصح أصحاب العمل هؤلاء بأن عليهم المباشرة بتفضيل المضربين على أنفسهم، وأن يخلوا ممتلكاتهم ليس تحت التهديد، إنما لأن هذا صحيحًا، ولكي يظهروا حسن نواياهم، أن يقدِّموا لمستخدميهم مساعدة مهندسيهم وموظفيهم الأكفاء. وسرعان ما سيكتشف أرباب العمل أنهم لم يخسروا شيئًا في نهاية المطاف. حقًا، سينزع عملهم الصحيح سلاح معارضيهم، ويمنحهم مباركة عمالهم، لأنهم استخدموا رأسمالهم بشكل صحيح. وأنا لن أعتبر هذا العمل عمل خير بل هو استخدام ذكي للموارد من قبل الرأسماليين، وتعامل نزيه مع المستخدمين، الذين حوَّلوهم إلى شركاء حقيقيين.

(هاريجان، 31-3-1946، ص 60)

***

من يفلح الأرض

إن كان للمجتمع الهندي أن يتطور تطورًا حقيقيًا على دروب آمنة، فيجب على الطبقة الموسرة أن تعترف بأن للفقراء نفس الروح التي يملكونها، وأن ثروتهم لا تعطيهم حق التعالي على الفقراء. عليهم أن ينظروا إلى أنفسهم، تمامًا كما فعل النبلاء اليابانيون، كمؤتمنين يحافظون على ثروتهم لصالح الذين يحرسونهم، أي الفقراء. عندئذٍ، لن يأخذوا من عمَّالهم إلا عمولة بسيطة. أما الآن، فلا يوجد أي تناسب بين كل هذا البهرج غير الضروري والمبالغ فيه للطبقة الموسرة وبين البؤس المحيط والفقر الشديد والطاحن للفقراء، الذين يعيش الأغنياء في وسطهم... لو كان بوسع الطبقة الغنية أن تقرأ فقط مؤشرات الأزمنة، فتعيد النظر بمفاهيمها التي تعطيها حقًا إلهيًا في ممتلكاتها؛ فعندئذٍ، وخلال فترة قصيرة جدًا، ستتحول السبعمائة ألف كوم من الروث التي تفي اليوم بالغرض كقرى، إلى معابد للسلام والصحة والرفاهية.

لأني مقتنع بأنَّ الرأسمالي الهندي، إن اتَّبع مثال الساموراي الياباني، لن يخسر شيئًا وسيربح كل شيء. إذ ما من خيار آخر بين تخلي الرأسماليين عمَّا هو فائض لديهم، ما يعني السعادة للجميع من جهة، وبين الفوضى، إن لم يستفق الرأسمالي بسرعة، التي ستحصل على يد الملايين الجائعة، المتيقظة والجاهلة، فتغرق البلد بفوضى لا يمكن لكل القوة المسلحة التي بوسع الحكومة جلبها أن تتلافها. وأملي هو أن يكون بوسع الهند تلافي الكارثة.

(الهند الفتاة، 5-12-1929، ص 396)

***

الحلم الذي أتوق لتحقيقه ليس نهب الملكية الخاصة، وإنما حدُّ التمتع بها بحيث يكون بالإمكان تجنُّب الفقر الشديد وما ينتج عنه من غضب وتناقض بشع، كما هي عليه الحال اليوم، بين حياة ومحيط الغني والفقير. لأنَّ على الآخرين أن يشعروا بأنهم شركاء مُلاَّك الأراضي وليس عبيدهم. وأن يصبح العمل جميلاً إلى أقصى حد، ما يجنبنا حالات الابتزاز التي تحصل في كل المناسبات.

(الهند الفتاة، 2-11-1929، ص 384)

***

قرأت قبل سنوات قصيدة تصف الفلاح بأنه مَلك العالم. لو أنَّ الله كان العاطي فإنَّ المزارع هو ذراعه، فما الذي يجب أن نفعل لنفي الدين الذي علينا تجاهه، خاصةً وأننا نحيا من عرق جبينه؟

(هاريجان، 25-8-1946، ص 281)

***

الخيار الذي يسبق العمل

في قلب الصراع الدائر بين رأسال المال والعمل بوسعنا القول إنَّ الرأسماليين هم غالبًا في المربع الخطأ. أما عندما يتمكن العمل من تحقيق قوته بشكل كامل، فأنا أعرف أنَّ من الممكن أن يصبح أكثر طغيانًا من رأس المال. حيث يصبح متوجبًا على أصحاب المطاحن أن يعملوا وفق الشروط التي يمليها العمل، إن تمكن هذا الأخير من السيطرة على المخابرات. رغم أنَّ من الواضح أنَّ العمل لن يتمكن من ذلك، لأنه لو تمكن من ذلك فلن يعود عملاً بل سيصبح سيدًا. والرأسماليون لا يحاربون بقوة مالهم فقط، لكنهم يملكون أيضًا الذكاء والبراعة... لهذا انتشر فريق ثالث بين هذين الفريقين، وأصبح هذا الفريق صديقًا للعمال. وهناك حاجة لمثل هذا الفريق، شرط أن تكون صداقته للعمال خالية من الأغراض، لأنه غالبًا ما يستخدم العمال اليوم كرهينة، وبأكثر من طريقة. والفرصة هنا هي بين أيدي أولئك الذين يعملون في السياسة؛ فما الذي سيختارونه؟ مصالحهم الخاصة أم مصالح العمل والأمة؟ لأن العمل بحاجة ماسة إلى أصدقاء، وليس بوسعه الاستمرار من دون قيادة. ونوعية الأشخاص الذين سيقودون هي التي ستحدد شروط العمل. فالإضرابات وإيقاف العمل والتظاهر أشياء رائعة. هذا لا شك فيه. لكن ليس من الصعب استغلالها، لذلك يجب على العمال أن ينتظموا في نقابات، وأن لا يضربوا بأي شكل من دون موافقة هذه النقابات. كما يجب أن لا يباشَر بأي إضراب قبل التفاوض مع أصحاب المطاحن؛ فإذا لجأ هؤلاء إلى التحكيم، عندئذٍ يسود مبدأ مجلس الحكماء ("البانشايات"، بالسنسكريتية). وبمجرد أن يتم الاتفاق على المجلس، يتوجب أن تُقبل قراراته من قبل الطرفين على حدٍّ سواء، أيًّا كانت تلك القرارات.

(الهند الفتاة، 11-2-1920، ص ص 7و8)

ترجمة: أكرم أنطاكي

*** *** ***


 

horizontal rule

* الفصل الثامن من كتاب: كتابات وأقوال للمهاتما م. ك. غاندي، ترجمة أكرم أنطاكي، معابر للنشر، دمشق، 2009.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود