الحراك الثوري يتجاوز الجميع

 

علي حرب

 

ما يجري اليوم في العالم العربي هو الحدث العالمي بامتياز، ولكن بمعنى مختلف وقصد مغاير أو اتجاه معاكس. فما أكثر ما شغل العرب الدنيا بقضاياهم ومشكلاتهم على وجوه السلب والعقم والعجز. مع الثورات الجارية تتغير الصورة وتنقلب المعادلة: فالمجتمعات العربية التي كانت سجينة أنظمة الاستبداد والفساد، أو فريسة منظمات الإرهاب، أخذت تستعيد مبادرتها لكي تمارس الفاعلية والحضور، على المسرح الكوني، على نحو إيجابي وخلاَّق وبصورة غير محسوبة بقدر ما هي مفاجئة.

على هذا النحو ينبجس الحدث عمومًا. إنه يقلب العلاقة بين الممكن والممتنع، ليُطلق الطاقات ويفتق القدرات. وهذا شأن الحدث الثوري بمفاعيله وآثاره وتداعياته. بعده لا تعود الأمور كما كانت قبله، إذ معه تتغير دلالات الأشياء وعلاقات القوة، بقدر ما تتغير أدوات التحليل واستراتيجيات الفعل والتأثير.

أيًّا يكن، لا رجوع بعد الحدث إلى ما وراءه، إلا على نحو أسوأ وأخطر وأرهب. لذا فما يخلقه الحراك الشعبي على أرض الواقع يتجاوز ثنائية الأنظمة والمعارضة معًا، إذ هو يُفقد أنظمة الاستبداد مشروعيتها، كما يتخطى المعارضة التي باتت وراءه، بل متخلفة عنه بنخبها وكتَّابها وبياناتها ورسائلها.

وإذا كان الحدث يحصل بصورة غير منتظرة، ولا متوقعة، فإنه يشكل حقلاً للتأويل والتفسير لا ينضب، بقدر ما يستدرجنا إلى الكلام، المرة بعد المرة، بأبعاده المتعددة واحتمالاته الغنية، بمستوياته المتداخلة ومساراته المفتوحة.

القراءة والنبوءة

أبدأ بمسألة التنبؤ بالحدث الثوري. هناك من أكد أنه توقع ثورة يناير في مصر، مشيرًا بذلك إلى الناقد الإسباني خوان غويتسيلو. وأنا لست مع هذا الزعم، لأنني اعتبر أن الحدث لا يمكن التنبؤ به، لأنه يحصل بصورة غير متوقعة، وإلا فقد أهمَّ ما يميزه: فرادته. غب هذا المعنى، فالحدث لا يتكرر بقدر ما يجري بصورة لا سابق لها.

قد يُقال، أحيانًا، إن الوضع سيؤول إلى الانفجار، أو سيولِّد ثورة، عندما تصبح الأحوال في بلد من البلدان لا تُطاق أو إذا بلغت درجة الانسداد. لكن مثل هذا الكلام لا يغني ولا يفيد. لأن المهم كيفية حصول الثورة: شكلها، نمطها، نماذجها، قواها، آلياتها.

بالطبع، للحدث الثوري سياقه العالمي وفضاؤه العقلي وقواه الحيَّة وأدواته الفعالة... وأنا تحدثتُ، من جهتي، عن ظهور فاعل جديد تحت مسميات الإنسان الرقمي والأنا التواصلية، كما تحدثت عن الدخول في عصر القوة الناعمة أو عن الحاجة إلى ثورة ناعمة، كما أشار بعض الكتَّاب الذين علَّقوا على كتابي ثورات القوى الناعمة في العالم العربي.

مع ذلك، لا أدعي أنني تنبأتُ بالثورات الراهنة التي فاجأتني، كما فاجأت غيري. فأنا لست داعية ثورة، وإنْ كنتُ فرحتُ بما حدث، لأن مهمتي الأولى هي أن أقرأ المجريات، في ضوء التحولات والتحديات، أو على وقع الأزمات والإخفاقات، انطلاقًا من حقل عملي وبأدوات اختصاصي من شبكات الفهم وصيغ العقلنة وقواعد المداولة.

الواقع الفائق

من هذا المنطلق تعاملتُ مع ثورة الاتصالات والمعلومات، ببعديها التقني والرقمي. حاولتُ قراءة ما يحدث، إذ مع هذه الثورة تغيَّر مشهد العالم بأدواته ومفاهيمه وقيَمه وقواه، بقدر ما تغيَّرت علاقة الإنسان بمختلف مفردات وجوده.

من وجوه ذلك تغيُّر العلاقة بالواقع. فمع الدخول في العصر الرقمي والزمن الآني والإنتاج الالكتروني والمجتمع الإعلامي، تشكَّل واقع جديد، أثيري، افتراضي، ميديائي. هذا الواقع الفائق، الذي جرى معه تسريع الواقع وتكثيفه ومضاعفته، بات "أشد واقعية من الواقع نفسه"، إذ لم يعد في الإمكان إدارة الأشياء وتسيير الأعمال من دون استخدام أدواته وشبكاته التي تتيح نقل العلامات والرموز والمعطيات، بسرعة البرق والفكر، من مكان إلى آخر في أرجاء الكرة الأرضية (راجع كتابي: حديث النهايات، 2000).

في هذا شاهد حيٌّ وراهن، من عصر العولمة والصورة، على أن علاقتنا بالحقيقة تتعدَّى منطق التطابق والتيقُّن، كما تتعدَّى إرادة القبض والتحكُّم. فنحن، فيما نحاول إدراك ماهية الواقع أو إدارته، إنما نشتغل عليه ونقوم بتحويل بنيته أو مشهده، بخلق وقائع جديدة، بما ننتجه ونصنعه أو نبنيه، سواء تعلَّق الأمر بصورة أو لغة أو معادلة أو مؤسسة أو أداة أو سلعة أو ماركة. هكذا، فكل واقعة جديدة، في أيِّ مجالٍ وعلى أي صعيد، إنما تُحدث تغييرًا في علاقتنا بالواقع، بصورة من الصور، خفيَّة أو ظاهرة، خفيفة أو قوية، صامتة أو عاصفة. ولذا، فالرهان هو التعامل مع الواقع بلغة الخلق والتحويل.

الفاعل الميديائي

هكذا لم أخشَ من العولمة على حداثتي وهويتي وعقائدي. لم أتعامل معها بصورة سلبية أو طفولية أو عدائية، كما فعل مثقفون غربيون وعرب. إنما حاولتُ أن أقرأ ما يحدث، وتعاملتُ مع الوقائع بوصفها معطى جديدًا شكَّل تحديًا، بقدر ما شكَّل إمكانًا وفرصة في الوقت نفسه. إذ مع العولمة فُتحت إمكانات هائلة للوجود والحياة، للنظر والعمل.

من هنا كان نقدي لتشومسكي وبورديو وجيجك وأمثالهم أو أتباعهم من المثقفين العرب الذين شنُّوا الهجوم على العولمة بحداثتها الفائقة وليبيراليتها الجديدة، لكي يتعاموا عن مجمل الفتوحات والثورات والانعطافات التي تصنع العالم المعاصر والواقع الكوني الناشئ. لكنهم خسروا الرهان، بقدر ما كانت قراءتهم للتحولات قاصرة أو عقيمة أو غير مجدية. ولا عجب. فلا صدقية ولا فاعلية لمن ينفي ما يحدث أو يقفز فوق ما هو راهن.

وإذا كانت المتغيرات العالمية أسفرت عن ولادة قوى جديدة يجسِّدها فاعل من نمط جديد يخلق وقائع تؤثر على نحوٍ حاسم في مجرى الأشياء ونظام العالم، فإن هذا الفاعل، بنموذجه الميديائي، هو الذي ساهم في تفجير الثورات العربية الراهنة، ومن حيث لم نحتسب جميعًا. إذ كلنا فوجئنا وصدمنا.

هكذا، فالحدث لم تصنعه الإيديولوجيات والنخب والأحزاب. لم يأتِ من الفلسفات العلمانية ولا من النصوص الدينية، لم يأتِ من المراجع العقائدية لسيد قطب أو الخميني حول الحاكمية الإلهية أو الحكومة الإسلامية، كما لم يأتِ من المرجعيات الإيديولوجية لطيب تيزيني ونصر حامد أبو زيد حول الثورة والتغيير والتقدُّم والنهضة. إنه ثمرة العولمة بحداثتها الفائقة، وقواها الناعمة، وهوياتها العابرة، وأزمنتها المتسارعة، وسواها من المعطيات الجديدة التي خلقت إمكانات لا سابق لها، على المستوى الكوكبي، للتواصل والانتقال والتبادل والتفاعل.

من هنا فأنا لا أقول إن ربيع دمشق هو رائد الثورات العربية الجارية. قد يكون هناك شبه بينه وبينها في الشعارات الجديدة التي طرحت كالشفافية والتعددية والمجتمع المدني، وسواها من شعارات الموجات الحداثية الجديدة. لكن ربيع دمشق ينتمي إلى عصر المثقف النخبوي بإيديولوجياته وثوراته وبياناته. أما الثورات الجارية فهي ابنة العصر الرقمي بفاعله الميديائي، ونصوصه الفائقة، وصحائفه الأثيرية، وشبكاته العنقودية. بالطبع، للثورة ذاكرتها ومناهلها، ولكن لا رائد لها، إذ معها يتمُّ فتح الجديد والمختلف والمثير من الأزمنة والآفاق والعوالم، وارتيادها.

نماذج جديدة

لنتأمل ما فعله الناشطون الجدد في الساحات والميادين: لقد قدَّموا نموذجًا في العمل السياسي، الديموقراطي والمدني، لا علاقة له بالنماذج القديمة، من حيث المفهوم والمضمون.

هذا ما فاجأتنا به التظاهرات في ميدان التحرير في القاهرة، حيث اتسعت القلوب وتشابكت الأيدي، بين مسلم وقبطي، في مواجهة القوى المضادة التي تسعى إلى استغلال التنوع الديني لتحويله فتنًا طائفية. في اليمن مورست هوية عابرة للقبائل والأحزاب على سبيل الشراكة بين الرجال والنساء.

في سوريا قدَّم المتظاهرون شاهدًا بليغًا. إذ للمرة الأولى تسير تظاهرة في بلد عربي، تحت شعار مكتوب باللغة الكردية، كما في يوم "جمعة أزادي" (جمعة الحرية)؛ وللمرة الأولى أيضًا تخرج تظاهرات من المساجد تحت شعار مسيحي، كما حصل يوم تظاهرة "الجمعة العظيمة".

هكذا، فقد أحدث الناشطون الجدد خرقًا عجز عن إحداثه أساطين الفكر القومي الذين عجزوا عن توحيد حيٍّ في مدينة، أو منظِّرو الفكر العلماني الذين تعاملوا مع العلمانية على نحو لاهوتي، لكي تقوى العصبيات الطائفية والقوى الدينية.

في هذا المعنى، لا يشبه المنتفضون الجدد النماذج الإيديولوجية والنضالية التي ترجم أصحابها الشعارات بأضدادها، وشكَّلوا الوجه الآخر لأنظمة الطغيان والفساد. هم أقرب إلى النماذج التي جسَّدها طه حسين ونظراؤه في العصر العربي الليبيرالي، أو أقرب إلى السياسي اللبناني ريمون إده في العهد الديموقراطي الموروث عن فرنسا. بالتأكيد، هم يشبهون بوعيهم المدني الشاعر اللبناني رشيد سليم الخوري الذي كان يقول: "أنت أخي آآمنت بالله أم بالحجرِ". ويؤمل أن يكونوا في محاربتهم النزعة العنصرية، من أي نوع كان، على خطى نلسون مانديلا الذي حيّا الثورة في تونس ومصر أثناء الاحتفال ببلوغه عامه الثالث والتسعين.

فتح الآفاق المسدودة

غير أن تجاوز ما سبق، مع الفاعلين الجدد من الناشطين الذين فجَّروا الانتفاضات، لا يعني إلغاء المعارضة التقليدية بنخبها الثقافية وتجمعاتها السياسية، كما لا يعني شطب نضالاتها الطويلة ومقاوماتها العنيدة والمستمرة ضد الأنظمة القائمة، سيما من جانب أشخاص ذاقوا مرارة الاعتقال والسجن والتعذيب.

بالعكس. الثورة، كحدث يجعل المستحيل ممكنًا، فتحت، أمام عموم الناس، إمكانات هائلة للتحرُّك والعمل، في الفضاء العمومي، كما فتحت الآفاق المسدودة أمام المعارضة، على نحو أتاح لها أن تخرج من عجزها، لتفعل ما لم يكن في مقدورها أن تفعله من قبل. الدليل هو مؤتمرات التحاور والتشاور التي انعقدت في دمشق، وضمَّت وجوهًا بارزة من المعارضة الثقافية والسياسية.

صحيح أن هذه الاجتماعات تمَّت بموافقة السلطة السياسية أو تحت إشرافها. لكن ذلك ما كان ممكنًا من قبل، إذ كان يمنع على المعارضة أن تعقد اجتماعًا، ولو كان يتعلق بندوة حول العلمانية.

هكذا، فما كان في وسع مفكرين وأقطاب معارضين أن ينتقدوا النظام ويطالبوا بـ"تفكيك الدولة الأمنية"، في اجتماع علني، وأن يُنقل رأيهم عبر الشاشة بوجود نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع. بل ما كان في وسع نائب الرئيس نفسه، قبل ذلك، أن يدلي برأي يعرب فيه عن أمله بأن "يفي الرئيس الأسد بما وعد به على صعيد التطبيق للقوانين". ولا كان في إمكانه أن يتجنَّب الكلام على المؤامرة والمندسين والسلفيين ليعترف بالحاجة إلى الحوار وإلى قيام مجتمع تعددي ديموقراطي، من دونه لن تحصد سوريا سوى "الدمار الذاتي".

الرسائل الفائتة

هذا المعطى الثوري هو ما يقفز عنه كبار الكتَّاب ونجوم الثقافة، لعلَّة مضاعفة، الأولى نخبويتهم المتعالية التي تحول بينهم وبين رؤية ما يجري على أرض الحراك الشعبي: كيف تنعقد الصلات والروابط بين المنتفضين على أسس جديدة، مدنية، تواصلية؟ كيف تتشكَّل الهويات العابرة للأطر التقليدية والعصبيات الأهلية؟

الثانية، مفهوم ماورائي للثورة فقد صدقيته وولَّى زمنه، قوامه أن مفهوم الشيء أو الحدث سابق على وجوده أو حصوله. لذا فقد حكموا بأن ما نشهده ليست ثورة، ولا هي تمتُّ إلى المجتمع المدني. هذا في حين أن ما نحن في صدده هو حدث ثوري يشكل خبرة فذة تحتاج إلى من يصوغ لها مفهوماتها. وهذا معنى القول إن الحدث يتجاوز صانعيه. في هذا المعنى فالثورة هي صيرورة مفهومها، بقدر ما هي تجربة وجودية تتسم بالغنى والفرادة والأصالة، وبقدر ما يشكِّل المفهوم أسلوب حياة وشكلاً من أشكال التواصل.

لذا، من العسف أن نساوي بين المنتفضين لحريتهم وبين أنظمة تأسست على مصادرة الحريات. من المفارقات الفاضحة أن نرفع شعار التعدُّدية ونعلن أننا ضد منطق الإقصاء، فيما نحاول إقصاء من ينخرطون، في الميدان، في تجارب تكسر منطق التطرف الديني والتعصُّب المذهبي. إننا، إذ نفعل ذلك، نشكِّل الوجه الآخر لأنظمة قامت أصلاً على ممارسة الإقصاء بمختلف وجوهه السياسية والمذهبية والعشائرية.

لنتواضع بالتخفُّف من نرجسيتنا ومركزيتنا. ما عاد المثقف بعد كل هذا الإخفاق يملك الصدقية في إلقاء الدروس على الأجيال الجديدة، أو في توجيه الرسائل المفتوحة التي فات أوانها. لقد فقد دوره النبوي الرسولي، بعدما انقلبت الموازين، ولم يعد في وسع الشاعر أو الكاتب أو الفيلسوف أو الفنان أن يلعب دور الأستاذ والمعلم والشيخ في مسائل الحرية والديموقراطية والمجتمع المدني، في حين هناك أناس يغامرون بحياتهم لكي تنعم الشعوب العربية بهذه اللحظة الفردوسية الاستثنائية، كما تتمثل في فكِّ الكمَّاشات الممسكة بالخناق، ولكي تنخرط من ثم في ما تحتاج إليه قضية الحريات الديموقراطية من التأسيس والبناء أو التطوير والتعزيز، سواء على صعيد المبادئ والمعايير والقوانين، أو على صعيد المفاهيم والقيم المتعلِّقة بالثقافة النقدية والوعي المضاد بالذات، إذ ذلك هو الذي يتيح للواحد أن يتعامل مع الآخر كشريك لا كضد. فالحرية، في هذا المعنى، هي قدرة المرء على ممارسة سلطة أو دور وفاعلية، لكنها أمانة ومسؤولية في الوقت نفسه، بقدر ما تعني احترام حرية الآخر. إنها ثقافة وبناء بقدر ما هي صناعة وتحويل.

هذه هي المشكلة، وليست في مكان آخر: ثمة فاعل جديد يخلق حراكًا ويصنع واقعًا، على نحو يتجاوز أنظمة الاستبداد ومعارضيها من النخب السياسية والثقافية على السواء. ثمَّة مَن يفتح لنا أفقًا لكي نشارك في بناء عالمنا وقيادة مصائرنا، لكننا نخشى منه، بل نتهمه بما نحن نتورط فيه أو بما لم نتحرر منه، إلا إذا كنا نعرف ونناقض ما ننظِّر له أو ندعو إليه.

أيًّا يكن، فإن الثورة كحدث خارق، قد أحدثت تغييرًا جذريًا في المشهد. ولذا، فقد شكَّلت تجاوزًا لمرحلة، وافتتاح أخرى، لكي تشكِّل نقلة نوعية في العمل السياسي والحراك الاجتماعي.

المستحيل ممكنًا

خلاصة القول، إن التغيير الذي انتظرناه طويلاً، والذي "هرمنا" ونحن نتظره، كما عبَّر ذلك التونسي أبلغ تعبير، لم يصنعه نبيٌّ مبشِّر أو فيلسوف منظِّر يشخِّص للأمة أمراضها ويقدِّم لها العلاجات الشافية. ولم يأتِ لا من الفلاسفة الخائفين من العولمة، ولا من الأنبياء الجدد من دعاة العودة لتطبيق الشريعة تحت شعار "الإسلام هو الحل".

لقد أتى من حيث لم نكن ننتظر، لأن من صنعوه استطاعوا الإتيان بما عجزنا عنه، لكي يكشفوا عن جهلنا وقصورنا.

آية ذلك أن الناشطين في الميادين لم يفكروا في احتذاء نماذج مسبقة أو جاهزة تشلُّ الطاقة الحية أو تعطل المبادرة الخلاقة، بل ابتكروا صيغهم واجترحوا أساليبهم في العمل والتوسط والتدخل، بقدر ما جسدوا نمطًا جديدًا في التفكير والتخيل والاحساس والتعبير والتدبير، الأمر الذي أتاح لهم تجاوز الحدود وخرق الشروط وكسر القوالب. من هنا تمكَّن الواحد منهم أن يرى ما لم يكن يراه من الواقع، بقدر ما يكتشف ما كان يجهله من نفسه؛ كما استطاع أن يجرؤ على ما لم يكن يجرؤ عليه، بقدر ما يفعل أكثر مما كان يظنُّ أنه يقدر على القيام به.

*** *** ***

النهار

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود