|
العقل والبرهان في القرآن قراءة العقل لكلام الله
يمثل كتاب الدكتور عدنان دياب، الصادر ضمن سلسلة "تجديد الفكر الإسلامي"، محاولةً لفهم حقيقيٍّ للقرآن وللدين، مختلفةً عما اعتاد الناس عليه، في محاولة لفتح باب كان يجب أن يُفتَح منذ زمن طويل.
يرى المؤلف أن لا شيء مقدس كالحقيقة، وأن لا حقيقة خارج العلم المادي ونظام العقل في الطبيعة، وأن لا همَّ ولا مهمة أعظم من كشف التزوير وفضح التعدي على دين الله. فالدين الذي هو "كلام الله" (القرآن) لا يهاب دخول العقل والعلم عليه، بل هو على العكس من ذلك، لأن الله أنزله ليحاور به عقول الناس، وهو لا يرضى بما دون إرضاء العقول. ويذهب المؤلِّف، في مقدمته، إلى أن [...] تردِّي حالنا ناتج عن تسلُّط عقول قَبَلية جاهلية متخلفة على الدين وعلى المجتمع وعلى نفوس الناس، وعن تزوير للدين بالابتداع فيه، عقيدةً وشريعةً وعباداتٍ وتفسيرًا وتأويلاً. لقد آن الأوان للخروج من شرنقة الجهل والتحجر والعقل المتخلف بالنقل والاجترار لما قال فلان، ونقل فلان عن فلان عن علان، وما يردِّد الجهالُ من خرافات جاهلية وأساطير وهمية يفسِّرون ويأوِّلون بها الدين، ويتبعهم في هذيانهم هذا – وللأسف – كثيرٌ من المتعلمين. ويضيف: فالإسلام ليس، كما يظن ويدعي الكثيرون، شكلانيات طقوسية ومظهريات عبادية، وتستُّر في ارتكاب المعاصي وأمل بشفاعة تنقذ المنافقين والكذابين من النار. كما أنه ليس لباسًا معينًا، ولا ترديد ببغائي للأدعية، ولا مسكنة وتمثيل كاذب للتقى والورع، ولا طهور وتطويل ذقون للرجال ولا حجاب للنساء. لقد أتى الإسلام ليهدي الناس وليعلِّمهم بأن العقل والحس السليم شرط للحرية التي هي شرط للمسؤولية، وأن العقل شرط للتكليف، وأن الحرية والمسؤولية شرط لصحة الاعتقاد ولحساب الأعمال. اتبع المؤلف في التعامل مع النص القرآني المقاربةَ العقلية له بالتحليل اللغوي وبالتفسير القرآني للقرآن بهدف الكشف عن المعنى الحقيقي للكلمات وللآيات وللسور، بما لا يتناقض مع منطق العقل ومع الواقع والحقائق العلمية المادية. فالتفسير والتأويل القرآني جهد لغوي ومعقولية مادية ومنطقية. تطرَّق الكتاب في أبوابه الاثني عشر إلى مواضيع أساسية، كـ"اللغة العالمية" الموجودة في آيات الخلق القرآنية التي يكمن إعجاز القرآن فيها، وعَرَضَ معنى "الدعوة" و"الهجرة". واستعرض في الباب الثالث موضوع الثقافة ومدلول معاني كلمتَي "الأمية" و"الأميين". وتطرق في الباب الرابع إلى موضوع "الروح"، ليبرهن بالآيات القرآنية بأن لا وجود لشيء اسمه "روح"، إذا التبس بالمادة أحياها، وإذا زال عنها ماتت وعادت جمادًا. وفي الباب الخامس، كشف عن معاني "التفسير" و"التأويل" و"التشابه" وعما هي "المتشابهات". وعالج الباب السادس موضوع عذاب القبر. أما في البابين السابع والثامن، فتطرق إلى موضوع السنَّة وموضوع عصمة الأنبياء. وفي الباب التاسع، تطرق إلى الشفاعة، ومن ضمن الموضوع معاني "الشرك" و"الكفر"، مستخلصًا في النهاية أن لا شفاعة لأحد غير الله. وفي الباب العاشر، عالج مواضيع عجز المفسرون عنها حتى الآن، وهي "العرش" و"الاستواء" و"الكرسي". وفي الباب الحادي عشر، فسَّر قصة آدم ومعنى "الصلصال" و"الحمأ المسنون" و"نار السموم" ومعنى كلمة "خليفة" ومعنى الغواية. وفي الباب الثاني عشر، فسَّر معنى "أهل البيت" ومَن هم المعنيين به، الذي لا يمت إلى ما يذهب إليه المفسرون والمسلمون عامة، شيعتهم وسنَّتهم. وتطرق بعد ذلك إلى قضية الرجم، ليبين أنه ليس من "حدود" لله في القرآن، وإلى بدعة القضاء عن الأموات. وختم الكتاب بتفسير معنى "آمين". *** *** ***
|
|
|