|
حول
ندوة "التأويل
والتحريف في النصوص المقدسة" أُقيمتْ في دير مار موسى الحبشي (شرق مدينة النبك بريف دمشق) ندوةٌ حول: "التأويل والتحريف في النصوص المقدسة" برعاية الأب پاولو دالوليو، رئيس الدير، وذلك يومي الثلاثاء 2 والأربعاء 3/8/2005، شارك فيها عددٌ من رجال الدين المسيحيين والمسلمين من مختلف الطوائف.
دير مار موسى الحبشي كانت كلمات الأب پاولو تحرك شيئًا ما في صخر قلبي، تشد ذهني الذي كثيرًا ما يشرد. مازالت كلماتُه عالقةً في الجو، تبحث عن قلب تدخله. مازال أبونا پاولو يتحدث، ومازالت هذه العبارات تتصادى في دخيلتي: - قد يحاول المسلم أن يُلْبِسَ المسيحي ثوبًا ضيقًا أو واسعًا عليه، فيقول المسيحي: "هذا ليس ثوبي، هذا ليس أنا." - أقرأ الكتاب المقدس عبر تاريخي المسيحي–الإسلامي، ويقرأ المسلمُ القرآنَ عبر تاريخه الإسلامي–المسيحي. - مصراني الشرقية الإيمانية التوحيدية الإنسانية تتقطع عندما أسمع بالتكفير الديني، عندما أسمع بتفجيرات تجري باسم الدين... نلتقي ونقْبَل بعضنا بعضًا، بينما يفجِّر أولادُنا أنفسَهم لأسباب دينية. فكيف نصل إليهم؟ - التحريف: هو تكبُّر وانعكاس للخطيئة على قراءة النص. إن مَن يقرأ النصَّ الديني بدافع الحسد أو التكبر أو الشهوات، فهو محرِّف، حتى لو قرأه متطابقًا مع معتقدات محيطه. - عندما أقوم بعملية التأويل، فإنني أمارسُ مسؤوليةَ الفهم، وأضطر إلى أن أهاجرَ من اعتقادي لكي أدخل في ميدان جديد، لكي أدخل في ضبابية الفهم، أي أهاجر إلى فهم أعلى، أهاجر بجهلي نحو المطلق. ولا أحد منا يفكِّر تفكيرًا مجردًا، بل داخل تقليد وتراكُم ثقافي. فتعالوا نهاجر إلى "كلمة سواء" (بحسب التعبير القرآني)، تعالوا نهاجر من "شهوة التحريف" إلى "فضيلة التأويل"، ليتغلب حبُّنا لله على جروحنا الداخلية. - عندما نطلب الفهم من أجل الفهم نقع في الجهل... من بين المداخلات مداخلَةُ السيد مهيب عيزوقي، من مؤسَّسة الآغا خان. ومما قال: - نعيش حالةَ تأويل مستمر، شئنا أم أبَينا. وما وجودُنا في هذا الدير إلا نتيجة تأويل لنصوصنا الدينية. - لكلِّ دين رؤيتان: رؤية مطلقة سماوية، ورؤية بشرية مصلحية (سياق). أي أنَّ هناك تأويلاً شخصيًّا (رؤية وعقيدة فردية)، وهناك المؤسَّسة الدينية – وكلاهما ضروري. تحدث المشكلة عندما تقوم المؤسَّسة الدينية بإلغاء الرؤية الفردية، فتكون بذلك قد اشتطَّتْ. - عندما نقرأ النصوصَ قراءةً أعمق، نرى وحدةً خلف النصوص. فمثلاً فكرةُ "الخطيئة الأصلية" يقابلها حديثُ "كلِّ ابن آدم خَطَّاء". أي أن هناك بذرة خطيئة، وهي العجز البشري أو بُعد الإنسان عن المطلق. القرآنُ "كلمة الله"، كما هو المسيح "كلمة الله". عملُ الصحابة الراشدين يقابله أعمالَ الرسل. - النبي محمد هو الحضور الإلهي على الأرض، هو مشروع الإله الذي لا يكتمل على الأرض، ويكتمل في السماء. نوَّه أحدُ الحضور إلى أن المشكلة ليست في التأويل، بل في اعتباري تأويلي أنا على أنه التأويل الوحيد والصحيح، مُلغيًا بذلك كلَّ تنوع – ومن هنا ننزلق إلى التحريف. وأكدتْ السيدة فكتوريا من إيطاليا على أنه يجب أن نعرف المراجع الرمزية المشترَكة، أو النماذج البدئية archetypes. كما قارنَتْ بين الفكرتين: "فاطمة أم أبيها" و"العذراءُ بنتُ ابنها". وأشار أحدُ الحضور إلى أن التأويلَ والتحريف ليس إلا مسألة سياسية، غايتُها إلغاء الآخَر أو السيطرة عليه، وأن أقربَ الناس بعضهم إلى بعض هم الناسُ الأمِّيون. وأوضح الشيخ محمود أبو الهدى الحسيني أن القرآن لم يَنْسِبْ إلى المسيحيين التحريف، بل قدَّم لهم عذرًا بأنهم رأوا المسيحَ نفسَه على الصليب: "شُبِّهَ لهم". إنما نَسَبَ التحريفَ إلى اليهود: "يحرِّفون الكلَمَ عن موضعه". وقال، نقلاً عن شيخه، إن أوَّل مَن أَوَّل هو الله تعالى عندما قال: "مرضْتُ فلم تعدنْي. قال: يا رب كيف أعودكَ وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمتَ أن عبدي فلانًا مَرِضَ فلم تَعُدْه؟ أما علمتَ أنكَ لو عدتَه لوجدْتَني عنده؟" (حديث قدسي) وقسَّم الشيخ أبو الهدى الفهمَ إلى ثلاث فئات، التفسير والتأويل والإشارة: - الإشارةُ هي انتقالٌ تام إلى معنى آخر غير مُراد، وكأن اللفظة قد فتحَتْ بابًا جديدًا لا علاقةَ له بالموضوع. - التأويل لا بدَّ أن يكون ضمن معايير المحتملات، وإلا أصبحَ إشارةً. - التفسير هو شرح للنص اعتمادًا على قواعد اللغة والسياق. هذا بعض مما علق في نفسي من تلك الندوة. فتحية للأب پاولو ولجميع العاملين في دير مار موسى الحبشي! *** *** ***
|
|
|