|
ما
أنتِ؟ ما أنتِ؟ كي
تكوني فراشةً سمراءَ زارتْ
قلبي فجأةً
واقتحمتْ ليلَه دون قرعِ الأبوابْ! ما أنتِ؟ كي
تعزفي على عودِه لحنَ الصباحِ وتَسقُطي
على زَهرِه نديةً
كغيمةِ أيلولَ الأولى كي
تفتحي كتابَه
وتقرئي بين السطورْ إنَّ
لهذا الوجدِ نسيمًا
وإنَّ لهذا النسيمِ لغةً لا
تنامُ وحيدةً بين الصفحاتِ الصفراءْ ما أنتِ؟ حتى
تتحولي بعدَ
الكأسِ الأولى إلى
احتمالِ رغبةٍ وقصيدةِ
حنينٍ جسديٍّ على فَمِ شاعرٍ يبوحُ باعترافِه
الأولِ لحبيبةٍ
لم تُخلَقْ بعدُ وبعدَ
الكأسِ العاشرةِ إلى
ملكةٍ ترفضُ الجلوسَ على عرشِها بعينين
حائرتينْ ما أنتِ؟ حتى
تمنعي هذا العشقَ من لقائِهْ وهذا
اللقاءَ من جنونِهْ تُلهِبين
جسدًا وتصرخين
فيه أنْ يَهدأ وهل
يَهدأ؟! إذ
تمسحينَ الدمعَ بالدمعِ وتخلعينَ
التاجَ وتمضينَ
بعيدًا بهذا العشقِِ إلى موتٍ بطيءٍ تكملينَ
به لوحةَ رحيلٍ
ينقصها مشهدُ حبيبٍ لم
يرفعْ يدَهُ معلنًا ابتداءَ الوداعْ ما أنتِ؟ كي
تكوني إغفاءةَ شوقٍ تتوسلُ حبًّا في زمنِ
الانتظارْ وحلمَ
طفلٍ يُنثَرُ على أوراقِ الشجرِ في وقتِ
الخريفِ كي
تَكتبي بيدٍ شريعةَ المطرِ وتُشعلي
باليدِ الأخرى دائرةً من نارْ وتدعيني
أشاركُكِ رقصةَ الموتِ على شَفتيكِ
الحَزينتينِ وتكسري
الصمتَ في لحظةِ سكونٍ إذ
تُحضرينَ كلَّ النجومِ في غير مِيعَادِها لتشهدَ
أنَّ في هذا الليلِ إعلانًا ألا
يَسْكُنَهُ جسدٌ إلا إذا اغتسلَ في الرغبةِ وألا
تَزورَهُ روحٌ حتى تَرى سقوطَها إعلانًا
أنَّ هذا الليلَ لنا لا
ينطفئُ فيه نجمٌ إلا خجلاً ولا
يُغادرُهُ قَمرٌ إلا نَشوانْ ما أنتِ؟
وما تفعلينْ؟ تُغيِّرينَ
النظامَ وتَقلبينَ المكانَ
ثم تهرُبينْ؟! لأجدَ
نفْسي على مَسرحٍ انكشفَتْ سِتارتُه أتمددُ
عاريًا والكونُ
يحدِّقُ بِيَ الزمنُ
المتجمدُ يُثقِلُ عليَّ بنظراتِه ويسألني
أنْ أطويَ صفحَتي في كتابِ الأساطيرِ ويسألني
أنْ أمشي وحدَتي في طريقٍ حائرةْ إلهي
حبيبتي رفقًا
بي
فأنا لا أعرفُ الطريقْ! إنْ
سألتُ القدَرَ قال لي:
هذا الرحيلُ صحراءٌ وأنتِ
بها تُصلَبينْ وإنْ
سألتُ القمرَ قال لي:
هذا العشقُ بحرٌ وأنتِ
به تَغرقينْ ما أنتِ؟
وما هذا الطريقْ؟ كلُّ
انحناءةٍ فيه حزنٌ كلُّ
استراحةٍ فراقْ وفي
كلِّ فَيْءٍ لسانٌ للوحدةِ وهذا الطريقُ
متاهةٌ أرضُها مائعةٌ
وجدرانُها من ظلامْ والسرُّ المدفونُ في آخره
ضائعٌ
منذ بكائك الأولِ على
بحرٍ لم تغرقي فيه إلا شَمسًا نَازفةْ أيُّ وَجْهٍ أمضي فيه؟
وأيَّ مِعطَفٍ أَلبسُ؟ أيُّ مَركبٍ يحملُني إليكِ؟
ومع أيِّ سربٍ أرحلُ؟ أيَّ احتمالٍ أعيشُ؟
ولأيِّ غربةٍ أتوجَّهُ؟ أيُّ دفءٍ سيحميني وبوصَلَتي
لا تَعملُ في البردِ وأشرعتي
لا تُرفَعُ في الصَّمتِ وقلبي
يَتوهُ في السؤالْ؟ ما أنتِ؟
وما تفعلينْ؟ لِمْ
تسألينَ الأسئلةَ
إنْ كنتِ لا تُجيبينْ؟! ولِمْ
تقرعينَ الكؤوسَ إنْ
كنتِ لا تَسكرينْ؟! بيروت،
6/3/2003 ***
*** ***
|
|
|