قيم خالدة
نيسان
2018
April
|
بالأمس
كنا نقول إن حياتنا كلها هي كفاح دائب. من لحظة مولدنا إلى وفاتنا، حياتنا هي
ساحة حرب. ويعجب المرء، ليس على نحو مجرد بل فعلي، هل يمكن لذلك النضال أن
ينتهي وهل يمكن للمرء أن يعيش بسلام تام ليس فقط داخليًا بل خارجيًا أيضًا. مع
أن الحقيقة الفعلية هي أنه ما مِن تفرقة بين داخلي وخارجي - الأمر هو في
الحقيقة حركة - فإنه يُنظر إلى هذه التفرقة على أنها موجودة، ليس فقط من جهة ما
هي العالم داخل الجلد وخارجه، بل أيضًا من جهة ما هي تفرقة بيني وبينك، بيننا
وبينهم، وبين الصديق والعدو وهلمجرا. إننا نرسم دائرة حول أنفسنا: دائرة حولي
ودائرة حولك. برسمنا الدائرة - أكانت دائرة أنا وأنت، أو دائرة الأسرة، أو
الأمة، صيغة الاعتقادات والعقائد الدينية، دائرة المعرفة التي يحوكها المرء حول
نفسه - فإن هذه الدوائر تفرِّق بيننا ولذلك تكون هذه التفرقة الدائبة التي
تُحدث العنف على نحو ثابت. لسنا نخرج خارج الدائرة البتة، لسنا ننظر خارجها
البتة. إننا نخشى مبارحة دائرتنا الصغيرة واكتشاف الدائرة، الحاجز، الذي حولنا.
وإنني أعتقد أن هاهنا منطلق العملية بأكملها، بنية الخوف وطبيعته. يشيد المرء
حوله حاجزًا، محيطًا بعالم خصوصي صُنع بعناية شديدة من صيغ ومفاهيم وكلمات
واعتقادات جازمة. ومن ثم يخشى المرء، الساكن داخل تلك الأسوار، الخروج خارجًا.
هذه التفرقة لا تولد فقط شتى صور السلوك العصابي، بل أيضًا قدرًا كبيرًا من
الصراع. ولو أننا هجرنا دائرة واحدة، سورًا واحدًا، فإننا نشيد سورًا آخر حول
أنفسنا. هاهنا، إذًا، هذه المقاومة الدائبة، الدائمة المشيدة بالمفاهيم، وإن
المرء ليعجب هل من الممكن البتة التجرد من كل تفرقة أيًّا تكن - إنهاء كل
التفرقات وبالتالي وضع نهاية لكل الصراعات.
|
| |
|