سورية: مواجهة
التشظي!
تقرير يرصد آثار الأزمة السورية خلال العام 2015
المركز السوري
لبحوث السياسات
الملخص التنفيذي
للتقرير:
هذا التقرير هو الجزء الخامس من سلسلة التقارير، التي تهدف إلى متابعة
تطور الأزمة العامة والنزاع المسلَّح، في سورية، وتقييم آثارهما في
الحياة الاجتماعية والاقتصادية للسوريين. يغطي هذا التقرير عام 2015،
ويتضمن تحليل المركز السوري لبحوث السياسات وتقديراته، التي خلصت إلى
الآثار الاقتصادية:
-
ازداد تشظي الاقتصاد السوري، عام 2015، عما كان عليه في الأعوام
السابقة، جراء هيمنة قوى التسلط وقيامها ببناء كيانات اقتصادية
"مستقلة" خاصة بكل منها، وتحويل الموارد لخدمة مصالحها وأهدافها،
وتقديم الحوافز لأتباعها لضمان ولائهم، على حساب احتياجات الناس
وتطلعاتهم.
-
إن غياب الإطار الوطني للحوار، الذي يجمع كل السوريين لتجاوز الأزمة،
فاقم من حالة التشظي الاقتصادي والاجتماعي وعزز الاقتصادات القائمة على
العنف.
-
بات مستقبل النمو للاقتصاد السوري قاتمًا، في ظل الانهيار المتمادي
والتدمير الممنهج لمقوماته البشرية والمادية ومؤسساته، إضافة إلى تبديد
معظم الثروة الوطنية.
-
قُدِّر حجم الخسائر الاقتصادية منذ بداية النزاع حتى نهاية العام 2015
بنحو 254.7 مليار دولار أمريكي. وتتضمن هذه الخسائر خسارة الناتج
المحلي الإجمالي (64.1%)، وتضرر مخزون رأس المال (26.4%)، والإنفاق
العسكري الإضافي للحكومة (5.7%)، والإنفاق العسكري للمجموعات المسلحة
(2.3%)، والإنتاج غير الرسمي للنفط والغاز(1.5%). ويقدر مجموع الخسائر
الاقتصادية بما يعادل 468% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010
بالأسعار الثابتة.
-
يقدر حجم خسارة الناتج المحلي الإجمالي منذ بداية الأزمة بمبلغ 163.3
مليار دولار أمريكي، علمًا أن 49.7 مليار دولار أمريكي منها قد تكبدها
الاقتصاد في عام 2015 وحده. كما يُقدر حجم الانكماش في الناتج المحلي
الإجمالي بنسبة 4.7% في عام 2015 مقارنة بالعام السابق، إذ بلغ
الانكماش نسبة 7.9% في الربع الأول، و1.8% في الربع الثاني و6.2% في
الربع الثالث، ونسبة 4.4 % في الربع الرابع مقارنة بالأرباع المقابلة
لها في عام 2014.
-
يبين التركيب الهيكلي للناتج المحلي الإجمالي ارتفاع حصة القطاع
الزراعي من الناتج إلى 28.7% في عام 2015 مقارنة بما كانت عليه عام
2010، (17.4%). كما شهدت حصة الخدمات الحكومية من الناتج المحلي
الإجمالي تراجعًا يعكس تحولاً في السياسات الحكومية من محاولة تحفيز
الطلب في السوق المحلية إلى عملية تقليص للإنفاق العام غير العسكري.
-
تراجع متوسط إنفاق الأسرة إلى مستوى غير مسبوق عاكسًا المعاناة الشديدة
للأسر السورية، في جميع أنحاء البلاد. فقد انكمش الاستهلاك الخاص خلال
عام 2015 بنسبة 0.7% في الربع الأول، و0.9% في الربع الثاني، و3.3% في
الربع الثالث، و5.9% في الربع الرابع، مقارنة بالأرباع المقابلة لها في
عام 2014. وقد ترافق تراجع دخل الأفراد وبالتالي قدرتهم على تغطية
احتياجاتهم، مع ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك خلال عام 2015 بنحو 19.8%
في الربع الأول، و3.9% في الربع الثاني، واستمر هذا الاتجاه في النصف
الثاني من العام 2015 مع زيادة في مؤشر أسعار المستهلك تبلغ 23.2%
مقارنة بالنصف المقابل من عام 2014.
-
شهد عام 2015 تراجعًا كبيرًا في الاستهلاك العام بلغ 33.1% مقارنة بعام
2014، كما تراجعت حصته من الناتج المحلي الإجمالي من 46.5% في عام 2013
إلى 31.6% في عام 2015، الأمر الذي يعكس سياسات الحكومة في خفض الدعم،
الذي ساهم في زيادة أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية.
-
يُعرَّف الاستهلاك "شبه العام" بأنه فئة إنفاق جديدة، ليست عامة وليست
خاصة، تتم في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة والتي تسيطر عليها قوى
أمر واقع استحوذت على السلطة في هذه المناطق وتقوم بإنفاق استهلاكي على
الأجور والسلع والخدمات. وقد ارتفع نصيب هذا الاستهلاك من الناتج
المحلي الإجمالي من 2.1% في عام 2012 إلى 13.2% عام 2015 مما يعكس
تصاعد النزاع واشتراك أعداد أكبر من الفاعلين في المعارك الدائرة.
-
تضرر الاستثمار العام بشكل حاد خلال الأزمة، إذ أعطت الحكومة الأولوية
لتغطية الإنفاق العسكري ودفع الأجور العامة. وخلال العام 2015، انخفضت
الاستثمارات العامة بنسبة 15% في الربع الأول، و23% في الربع الثاني،
ونحو 36% في الربع الثالث، و35.7% في الربع الرابع مقارنة بالأرباع
المقابلة لها في عام 2014. وبلغ الاستثمار "شبه العام" نسبة ضئيلة
0.05% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2012، ثم ارتفعت هذه النسبة
إلى 0.24% عام 2013 وبلغت 0.42% عام 2014، ونحو 0.41% فقط في عام 2015.
-
تراجع الاستثمار الخاص في عام 2015 بنسبة 5% مقارنة بعام 2014، ليشكل
مع الاستثمار العام ما نسبته 9.2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا
أقل من المعدل الطبيعي للاهتلاك السنوي في مخزون رأس المال، الأمر الذي
أدى إلى صافي استثمار سلبي في عام 2015.
-
انخفضت الصادرات في عام 2015 بنسبة 20.9%، و27.3%، و33.0%، و35.7% في
الربع الأول والثاني والثالث والرابع على التوالي مقارنة بالأرباع
المقابلة من العام 2014. كما انكمشت الواردات بنسبة 29% مقارنة بما
كانت عليه العام 2014 وذلك بسبب التراجع في الطلب الفعال، إضافة إلى
الانخفاض الكبير في قيمة العملة المحلية، ومع ذلك بقي العجز التجاري
ضخمًا في عام 2015 إذ بلغ 27.6% من الناتج المحلي الإجمالي. الأمر الذي
وضع الاقتصاد السوري في حالة من الانكشاف واستهلاك للاحتياطيات
الأجنبية، وبالتالي تراكم عبء الديون الملقاة على كاهل الأجيال
القادمة.
-
تراجع عجز الموازنة من 41.2% في عام 2014 إلى 28.1% في عام 2015 مما
يعكس استراتيجية الحكومة في زيادة الإيرادات العامة من خلال تطبيق
سياسة "ترشيد الدعم" التي خَفَّضت الدعم تخفيضًا كبيرًا. إلا أن هذه
الاستراتيجية أضرَّت بالاقتصاد وأسهمت في تعميق الركود، لأنها رفعت من
تكلفة الإنتاج المحلي وزادت الضغوط التضخمية، فساهمت خلال هذه المرحلة
إلى تراجع قيمة العملة المحلية.
-
ارتفع معدل البطالة من 14.9% في عام 2011 إلى 52.9% في نهاية عام ،2015
فبلغ عدد العاطلين عن العمل 2.91 مليون شخص، منهم 2.7 مليون فقدوا
عملهم خلال الأزمة، مما أدى لفقدان المصدر الرئيسي لدخل 13.8 مليون
شخص. ومن المؤسف أن بعض فرص العمل نتجت من التوسُّع في اقتصاديات
العنف، التي يُقدر أنها وظفت حوالى 17% من السكان النشيطين اقتصاديًا.
*** *** ***