شوك الأرض
دارين أحمد
شوك الأرض
من أي ثقب في القلب، خرج هذا الصوت المتهتك
هذا الحبل الذي يشد الشفتين فيُهيأ للناظر أنَّ القاتل يضحك
هذا الشمع على اليدين وهما تفتِّتان حكايا الخلايا.
ولكل خلية في جسد الضحية حكايتها
لكل قطرة دم بيت وشارع وعائلة
وهذا المنفيُّ من أرض الله يمكث كالغريب في ضيافتها
لا يقوى على النظر
لا يقوى على التنفس
إلا في ثقبه المخفي.
نهارًا وليلاً تجول الأفاعي
على هضبة خصبة
– سفحها ضحكٌ آخرٌ –
وتمد ألسنتها المعقَّمة لتلمسَ رأسي المفتوح
أعطيها خلاياه المعقَّمة أيضًا لتأكلها
فتضحك ضحكًا ثالثًا:
- "هل خدعكِ الله أم نسيت حبلك السري؟"
في خَدَري الملتف على الهضبة
أعيد الحياة حلقة حلقة لتكون سلسلة ملونة
لها شكل أفعى ثقيلة
وفي نهايتها يتشبَّث الحبُّ مثل كرة الحديد
ما يأسرنا هو هذا الثقل
ما يمتصنا مثل نحلة من ورد هذا العالم
ما يوقظ النهم في أحشائنا
ما يجمعنا فوق النهر جسرًا
هو هذا الثقل
ولا نسميه رعبًا منه
من مرآته المطوية على أعناقنا
فلحدِّ السكين طبيعةُ المرآة أيضًا.
وقد نقول لمْ نعلم أنَّ الليل إنْ ولى ولى النهار
أنَّ الظمأ إن كان على شكل ماء مالت أجسادنا عشقًا.
لم يحدِّدنا الزمان بشكله إلا كي نعوم على وجهه قناع لوتس.
يا مارقًا في القلب من ثقب خفيٍّ
هدئ روع وجودك
شوك الأرض مثل زهرها أخضر.
*
وجهك
أصطدم بوجهكَ في الشارع
يخرج شعثًا من انعكاسي على باب أخضر أحفظه جيدًا
فكل يوم أمرُّ أمامه يشق شفتيه قليلاً
ويزفر.
وجهكَ مثل قصة الثعبان
يتلوى بين الخير والشرِّ
يدوِّر الماء حتى أدوخ
وعندما أمدُّ أصابعي إليه
يقضمها ويجزر.
يلوِّح الطفل بوجهكَ في جزيرته البعيدة
في عريه وتلصص الآخرين الثقيل
في جوعه وانبساط أجساد النهم
حتى تمر موجة أسكنها الهمُّ بحره
فيدهشها الظلُّ – ظلُّ وجهكَ البربري –
على جسد الصغير
تحمله خفيفًا على يدها
وتترك وجهكَ يقضم الرمل ويصفر.
*
القناص
لا ينام القناص إلا عندما يكتمل القمر
عندما يخلع عنه رداءه البشري
ويقفز ذئبًا فوق الأسطحة
يختار زاوية دافئة بعيدة
يغمض عينه المليئة بالبشر
ويطوي أصابعه التي وشم الزناد عليها حنته الأبدية.
*
شاعر
كل ليلة يشرب كأسًا من نفسه
يكلِّم الليل عن عاشقات كثيرات
بعضهن عضضن الشعر ليلاً
قبل أن يصل إليه مكسور القوافي.
بعضهن غبن في القصص خلف الكلام
يقدن الحكايا سرًّا - أمهات صبايا كسرن الحرم.
بعضهن مشين ضجرًا
وألقين سلامًا على الروح المتعبة.
بعضهن عشن في الروح المتعبة
بنين مدنًا وقرى
حول واحته
وأحلن الجفاف ماء.
*** *** ***