|
زهور الدكتور باخ
مقدمة: فقط إناء من الزجاج أو الكريستال الشفاف، مليء بماء نبعٍ نقي، ومغطى بزهور رطبة ومعرضة لأشعة الشمس لبضعة ساعات. أي شفاء تستطيع هذه الزهور أن تقدِّمه لنا بشكل فعلي، وهي أدوية محضَّرة بطريقة جد بسيطة في مختبَر الطبيعة؟ الماء، النار، التراب، والهواء: أية إكسيرات رائعة هذه التي تجلب في تركيبها المادي الزائد القوى غير الملموسة لهذه المكونات الأربعة المشكِّلة والمحوِّلة لكل ما نعرفه على مستوى الأرض؟ إكسيرات محضَّرة بزهور من نباتات برية في فضاءٍ من الزمن خاص جدًا كأوج إزهارها في صباحات سحرية وكيميائية حينما يُعثَر عليها ملآنَةٌ بالندى.
من كان هذا الرجل إدوارد باخ الذي ترَكَ منذ ما يقارب الثمانين عامًا مكانته من الوجاهة ورَغَد العيش، ومن طبيب ذائع الصيت حينما كان في لندن، لينطلق بحثًا عن طريقة ثورية للشفاء كان أساسها أزهارًا بسيطة؟ هذا الرجل، العالِم إدوارد باخ، ذو روح باحثٍ، عالِم أمراض، وطبيب تجانسي، وهو مشرَّبٌ بيقين وعزم بوسعنا القول عنهما أنهما صاعقان. كانت لديه الجرأة على رفض المعلوم والانطلاق للبحث عن الجوهري حقًا. من المؤكد أن الدكتور باخ كان متأثِّرًا بجذوره السلتية، ومعارفه الإسرارية، ولكن، كان الأمر توافقًا بين رحمته وإدراكه للألم الإنساني، وحبه العظيم للطبيعة في تعبيراتها المتنوعة، وإصراره على الشفاء الذاتي، وهذا ما قادَه بالتأكيد إلى خلق طريقة جديدة تمامًا للشفاء وتكوين رؤية جديدة للصحة. الصحة بالنسبة للدكتور باخ هي حقنا الفطري، وتعني أن نكون على انسجام مع طبيعتنا العليا، أو، بعبارة أخرى، أن تكون الشخصية متَّسقَة على خط واحد مع النفس، معبِّرةً بالتمام عن صفات أو فضائل النفس. عندما تقاوم الشخصية أو تلحُّ على القيام بخَيَارات ليست على اتساق في خطٍّ واحد مع نداءات النفس وصفاتنا العليا، فإن هذه الصفات تظل نائمة أو منسية أو ممنوعَة من الظهور. الطب الألوباثي هام حقًا مع كل موارده التكنولوجية لدرجة أنه يمكن اعتباره طبًا بطوليًا كما تقول باتريسيا كامينسكي Patricia Kaminski منتِجَة زهور كاليفورنيا. وهو بطولي لأنه يعتمد دائمًا على فعل خارجي (كالدواء، أو الجراحة..) فينقذنا من المرَض بل حتى من الموت. يعمل الطب التجانسي في نظامنا من خلال المماثلَة، فالدواء التجانسي يجلب في ذاته الخاصيات المماثلة للأعراض التي يُظهِرها الفرد المريض. تلمس خلاصات الزهور بشكل مباشر الصفات الباطنية والملازمَة لنفسنا. وتوقظ الزهور، وتُغْني، وتحصِّن، وتسهِّل طرق التعبير عن صفاتنا هذه أو عن الفضائل في حيواتنا من خلال شخصياتنا. بهذه الطريقة، كما كان يَفهَم الدكتور باخ، "يذوب الداء كما الثلج تحت أشعة الشمس" – عنون إدوارد باخ كتابه الاثنا عشر شافيًا أولاً بعنوان تعالَ إلى نور الشمس. ترك باخ في كتاباته وصفًا واضحًا جدًا لكيفية تحضير خلاصات زهوره، وما هي الأصناف النباتية النوعية التي استعملها، وحتى أيضًا أين يمكن العثور عليها، وفي أي وقت من العام تكون مزهِرَة. في نصِّه حرِّر نفسك، المكتوب سنة 1932، اقترح الدكتور باخ أن يكون بوسع الأشخاص تحضير خلاصات زهورهم الخاصة في الحقول. في أيامنا هذه تُحضَّر الزهور كما في زمن الدكتور باخ: يتم العثور على النبتة مزهِرَة، نامية في مكان حيث قوى العناصر تكون محفوظة وفعَّالَة. يُغطَّى بالزهور إناءٌ من الزجاج مليء بماء نبع نقي ويُترَك تحت أشعة الشمس في الساعات الأولى من الصباح. وعلى الفور قبل أن تبدأ الزهور بالذبول يجب أن تُخرَج من الإناء. ويجب أن يُضَاف إلى هذا الماء القدر نفسه من البراندي (كونياك العنب)، ومن هذا المستحضَر يمكن استعمال قطرة وحيدة لجعل الزجاجات جاهزة للاستعمال – نعثر عليها في صيدليات خاصة أو لدى المعالِجين بالزهور. في محاضرة قُدِّمَت في شباط 1931 بخصوص الزهور، قال الدكتور باخ: إن فعل هذه الخلاصات يرفع من اهتزازاتنا، ويفتح قنَوَات لاستقبال أنيتنا الروحية، غامرةً طبيعتنا بتلك الفضيلة التي نحتاج إليها لتحويل النقيصة التي تسبِّب عدم الانسجام. إكسيرات كهذه، هي مثل الموسيقا الأكثر جمالاً بوسعها أن ترتقي بطبيعتنا الحقيقية، جاعلة إيانا قريبين من نفوسِنا، وتجلب لنا من خلال ذلك السلام وتخفِّف عنا الألَم. وقال الدكتور باخ في مناسبةٍ أخرى: نسعى في الطبيعة بشكل واثق لكل ما نحتاج إليه كي نظل أحياءً: الهواء، النور، الغذاء، والماء... إلخ. كذلك هو مستبعَدٌ في المستوى الأعظَم أن يكون منسيًا أمر شفاء أمراضنا وآلامِنا، وهذا المستوى الأعظم يقدِّم لنا كل شيء. حياة الدكتور باخ
ولادته: وُلِدَ إدوارد باخ في يوم الرابع والعشرين من أيلول سنة 1886 في موسيلي Moseley بالقرب من بيرمينغهام في إنكلترا. واحتفَظَ منذ أن كان صغيرًا بحبٍّ خاصٍّ للطبيعة. كان حدسيًا جدًا، وأنيسًا، لكن تكوينه الجسماني كان ضعيفًا. والده: كان والده مالك مصنع لسبك البرونز في بيرمينغهام، في الفترة بين 1903 حتى 1906. وقد قرَّر باخ أن يتعلَّم السبك، ويعملَ في ذلك المصنَع كي يستطيع تغطية نفقات دروسه في ميدان الطب. وكان لتلك الفترة أهمية قصوى، لأنه استطاع ههنا الاتصال مع العمَّال، واستطاع ملاحظة صراعاتهم الانفعالية، وأمراضِهم الجسمانية، وحيواتهم. وهكذا انبثقَت رغبةٌ كبيرة جدًا في أن يكون بمقدوره مساعدتهم، الأمر الذي جعلَه يقرِّر أخيرًا أن يبدأ دراسته في كلية الطب. دراسته: في عام 1912 نجح باخ في امتحان University College Hospital في لندن حيث تخرَّج طبيبًا مختصًا في إصابات الحوادث سنة 1913. وعُيِّنَ معاونًا لقسم علم البكتيريا والمناعة. في تلك الفترة أدركَ العلاقة بين بعض من أنواع بكتيريا الأمعاء الإنسانية وظهور أمراض مزمنة، فبدأ دراسة وتحضير لقاحات مستعملاً عدة أنواع من البكتيريا. عملية جراحية خطيرة: عام 1917 أجريت لباخ عملية جراحية لاستئصال ورم خبيث في الطحال. وأُعلِمَ أن أمامه فقط ثلاثة شهور من الحياة، لكنه لم يترك نفسه تتهاوى، واعتقد أنه عندما يتوفَّر لدينا هدَفٌ قوي في الحياة، عندما نكرِّس أنفسنا لهذا الهدف بإرادة قوية وكاملة، فلا شيء يستطيع النيل منا. بدأ الشفاء يشكِّل جزءًا من حياته، وهكذا تعافى مكرِّسًا الجسد والنفس لاستقصاءاته.
عمله كطبيب في لندن: في عام 1918 حتى عام 1922 اشتغل باخ كعالِم في الأمراض والبكتيريا في لندن في مشفى الطب التجانسي Homeopathic Hspital حيث تعرَّف على مؤلَّف صموئيل هانمان مؤسِّس الطب التجانسي. وأدركَ أن ما كان يحدِّده على أنه تسمُّم معوي هو الأمر نفسه الذي كان هانمان يعتبره تسمُّمًا ذاتيًا. واندهش عندما أدرك أيضًا أن هانمان منذ مائة وخمسين عامًا كان مثله قد أشار إلى أهمية دور الشخصية في حصول المرض. إذاك وفَّقَ باخ هذه المبادئ مع معارفه الطبية التقليدية وطوَّر تصنيفات باخ السبعة المعروفة باسم الـ Nosódios (حقن فموية مكوَّنة من بكتيريات معوية تطهِّر مجرى الإمعاء بنتائج ممتازة وصولاً إلى الحالة الصحية السوية للمريض، وأيضًا هي حقن لحالات مزمنة صعبة كالتهاب المفاصل). وخلافًا للقيام بفحوصات بكتيرية لتحديد أية حقنة ينبغي استعمالها، كان يحلِّل حالات المريض الانفعالية. وعلى هذا النحو، كان يقرِّر أيَّة حقنة يجب استعمالها حاصلاً بذلك على نتائج ممتازة اتفاقًا مع الموقف الانفعالي لكل شخصية. نجاحه: بين عامي 1920 و1927 فتح باخ مختبرًا في Crescent Park، وعيادة في Harley – Street، ومستوصفًا أيضًا للناس الفقراء في Nottingham Place. كان لباخ في تلك الفترة إقرارٌ من قِبل الآخرين، ونجاح مهني، وكان مشهورًا ببحوثه واكتشافاته كتلك المعروفة باسم الـ Nosódios (وهي مستعملة حتى اليوم). إذًا كان باخ عالِمًا بكتيريًا ذائع الصيت، لكنه لم يكن راضيًا على الطب التقليدي، لأن هذا الأخير لم يكن يعالِج أسباب المرض بل الأعراض. كما أن باخ سعى إلى طريقة يستبدل فيها حقَنَه تلك التي كان يستعمِل فيها البكتيريات بمنهج أكثر طبيعية، سائغًا، ونقيًا، ربما يكون من خلال النباتات. رؤية: أخيرًا، في عام 1928 حصل على "رؤية". كان ذلك وهو يراقِب المدعوين على عشاء تذكاري، فأدرك أنهم يُصنَّفون في عدة أنماط متميزة. إذاك وَصَلَ إلى نتيجة مفادها أن كل فئة من هذه الأنماط تتفاعل مع المرض بطريقة متميزة. وعلى أثَر ذلك زار بلد الغال، وجلب معه نبتتين هما: الـ Mimulus والـ Impatiens. قام بتحضيرِهما بالطريقة نفسها التي كان يحضِّر فيها الحقن الفموية (طريقة تجانسية) ووضعَهما بناءً على تكوين شخصية مرضاه، حاصلاً بذلك على نتائج مُرْضِيَة للحال. في ذلك العام أضاف نبتةً أخرى تدعَى Clematis. ومع زهور باخ الثلاثة هذه كان على وشك تطوير نظام طبي جديد كليًا. تحول في حياته: في عام 1930 عندما كان باخ في أوج مهنته، وكان في الرابع والأربعين عامًا من عمره، وجد نفسه على نحوٍ مفاجئ يقرر ترك كل شيء ليكرِّسَ نفسه بشكل كامل لدراسة الأنماط المختلفة للشخصية الإنسانية، وللبحث عن نباتات نوعية شافية. إذاك باع عيادته ومختبره في لندن، وذهبَ ليقيم في بلد الغال، ورافقته معاونته Nora Weeks. في الغال، ومع مساعدة Weeks عثَرَ باخ على وحضَّر زهوره الجديدة، واكتشف أيضًا منهجًا جديدًا لتفعيل الخلاصات بالقدرة: وهو المنهج الشمسي. تكرسه لاكتشافاته: في هذا العام نفسه كتب باخ اشفِ نفسَك بنفسِك الذي نُشِرَ في عام 1931، وما زال يُنشَر منذ ذلك الحين. كان باخ يعالِج مرضاه بنجاح ومجانًا. انتقلَ في عام 1934 إلى Mount Vernon، إلى منزل صغير – حتى الآن يعتبر هذا المنزل مركز الدكتور إدوارد باخ Dr.Edward Bach Centre. صار الدكتور باخ يومًا بعد يوم أكثر حدسًا وحساسيةً إلى درجة أنه بوضعه فقط لتويج زهرة على لسانه كان يدرك على الفور بمَ تنفع هذه الزهرة، ذلك أنه كان يحس للحال بخاصياتها الشفائية. وعلى هذا النحو اكتشف الثمانية والثلاثين خلاصة، وخلق أيضًا الـ rescue. لم يكن يتقاضى مالاً لمعايناته الطبية، وكان يعيش من تبرُّعات زملاء آمنوا بجدوى عمله، ومن المرضى الذين يشكرونه على مداواته لهم وتحسُّنهم. عمِل باخ كثيرًا، وقدَّم المحاضرات، ودرَّب معاونين لكي يحافظوا على استمرارية عملِه. في عام 1936 كان مطمئنًا لإنجاز عمله كاملاً كليًا، وكان لديه اليقين أنه لم يكن ثمة حاجة لزهور باخ أخرى، فزهوره الثمانية والثلاثين كانت تغطي كل مظاهر الطبيعة الإنسانية، وكل الحالات العقلية السلبية التي كانت ترافق الأمراض. مهمتي قد نُفِّذَت: في العام نفسه، أي 1936، كتب الدكتور باخ للمتعاونين معه: إن مهمتي قد نُفِّذَت: رسالتي في هذا العالَم قد انتهَت. طلبَ أيضًا من زملائه Nora Weeks, Victor Bullen, Mary Tabor: ثمة لحظات مثل هذه، حيث أنتظر نداءً لا أدري من أين، وإذا أتى هذا النداء، كما يمكن حدوث ذلك في أية دقيقة، فأنا ألتمس منكم أنتم الثلاثة أن تتابعوا العمل الرائع الذي بدأناه. عمل يمكنه تحرير الناس، ويلغي قدرات المرض. وفاته: ست وعشرون يومًا بعد كتابة هذه الرسالة قام إدوارد باخ بعبوره إلى المستوى الأعظم. فقد وافته المنية في صبيحة السابع والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1936 على أثر سكتة قلبية أثناء نومه. ويقوم الآن مركز الدكتور باخ في Mount Vernon بشكل نشيط بالتعليم والمعاينات، وما زال يحضِّر المحاليل-الأم. وبهذه الطريقة فإن موروثه ومبادئه محفوظة. وكما قال الدكتور باخ: في أشياء الحياة البسيطة (في الأشياء البسيطة لأنها الأقرب إلى الحقيقة الكبرى) يمكن العثور على السعادة. ما قيل عنه: نسمع Nora Weeks تتكلم عن الدكتور باخ – وهي الأكثر تكرُّسًا له بين جميع معاونيه: كان لديه حس كبير بالدعابة، وكان يرضى بأشياء الحياة البسيطة. كان يطبخ، ويخيط، ويقوم باعداد الطاولة. وكانت لديه ألفة كبيرة مع النباتات والحيوانات، فقد كانت الطيور تحطُّ على المِعوَل بينما كان يقطِّع الأعشاب، كما كانت الكلاب الوحشية تأتي مع جرائها لتتناول الطعام من يديه، وإذا ما أخذ زهرة فهو لم يكن يعرف صفاتها الشفائية فحسب، بل أيضًا تاريخها. كان يتبع حدسه دائمًا، فأحيانًا كان يخرج فجأة دون اهتمام بما كان يفعل، وذلك طاعةً منه لصوته الداخلي. وذات مرة عندما كان يملي رسالة، غادر المنزل، وتوجَّه حالاً إلى رصيف الميناء حيث واجهَ رجلاً موشكًا على الانتحار. ومرة أخرى نهضَ عن طاولة الغداء، وتوجَّهَ بشكل مسرع إلى نهاية شاطئ حيث تواجه مع رجل يدخل البحر بثيابه. وفي هاتين المرتين أنقذ شخصين من الموت. وقال أشخاص كثيرون عند رؤيتهم له عن بُعْد أنهم كانوا يشعرون بتحسُّنٍ في حالتهم. وكان يجد نفسه محظوظًا لكونه قناة شفاء، رغم أن همَّه الأول كان العثور على زهور شافية يمكن تطبيقها من قِبَلِ الجميع، رغم عجزه عن نقل قدرته على الشفاء للآخرين. وبدون أن يقول كلمة، كان بمستطاعه وضع اليد على العضو المريض لمعتلٍّ في صحته، وكان يحدث لهذا الأخير تحسُّن آني. كما كان بإمكان باخ أيضًا، من خلال نظرة، الكشف عن المشاعر السلبية، والخوف الخفي، والاستياء، والحسد، وأيًا كانت المشكلة المختبئة خلف العذاب. وهكذا كان يحدِّد اسم الزهرة التي تخفِّف من عذابات المرضى. والأكثر أهمية أن الدكتور باخ كانت لديه براعة ودية في إظهار الشجاعة والحب والرحمة والفهم لمن يتألم. وتوصَّلَ إلى رؤية الطبيعة الحقيقية لكل شخص مظهرًا عظمتَه. كان يقول: "لا يخاف أطفال الله أبدًا"، وكان لصوته صفة تلهِم الثقة وتجعل الشخص يشعر بأنه أفضل حالاً، كما أدرك كيف أن أحدهم هو أفضل مما كان يحكُم على نفسه. فلسفته: قال باخ دائمًا بأنه عليك أن تتبع نداءك الداخلي، أو بعبارة أخرى، أن تشعر بالسعادة سواءً كنتِ ربَّةَ منزِل، أو كنتَ عازف بيانو، أو لاعب كرة قدم... إذ ما يجعلك سعيداً هو بالفعل ما يجب عليك أن تقوم به، بغضِّ النظر عما يفكر به الآخرون حيال خَيَارِكَ. ووفقًا لباخ، عندما نعطي أذانًا صاغية لتدخُّلات الآخرين في حيواتنا، فهذا ما يؤدي إلى نشوء المرض، ذلك لأننا لا نتبع إرادة نفسنا، وهكذا نجلب إلينا صراعًا داخليًا ينعكس على صحتنا. ينشئ عاملٌ آخر المرض في جهازنا العضوي، وهو عندما نتصرَّف بشكل معاكس لقوانين الوحدة، أو بعبارة أخرى، عندما نتصرَّف بقسوة ونسبِّب الأذى للآخرين. المرض بالنسبة لباخ هو نتيجة صراع ينشأ عندما ترفض الشخصية الإذعان لنداءات النفس، فتحصل حالة عدم انسجام بين الأنية الروحية أو العليا، وبين الشخصية الدنيا. يفيد المرض في جعلِنا نتوقف عن ممارسة أفعال خاطئة، إنه المنهج الأكثر فاعلية لجعل شخصيتنا تنسجم مع نفسنا. وكما قال باخ نفسه: إذا لم يكن الألم، فكيف لنا أن نعرف فعلاً بأن القسوة تجرح؟ وإذا لم يكن لدينا أية خسارة، فكيف لنا أن نستطيع فهم الألم الذي يسبِّبُه الحرمان؟ في الحقيقة، يتوجَّب علينا أن نتعلَّم دروسنا على المستوى العقلي، مخلِّصين أنفسنا من الألَم الجسماني. لكن كثيرين منا لا يتوصلون إلى ذلك. وهكذا يُرسَل لنا المرض للتسريع من تطورنا. بالرغم من أنه يمكن أن يبدو قاسيًا من وجهة نظرنا الضيقة، لكنه في الحقيقة من طبيعة خيِّرَة، إنه المنهج المُتبنى من قِبَل نفسنا الخاصة لتحملنا إلى طريق الفهم. أولاًَ من الضرورة بمكان أن نشفي العقل، ومن ثم الجسد، وبالتالي فالعمل الطبي مزدوَج: مساعدة المريض على تصحيح نقيصته الروحية، وإعطائه تلك الأدوية التي تساعده في إحداث هذا التصحيح على المستوى الفيزيقي. والعقل الأكثر سويةً سوف يحقِّق الشفاء بذاته. ومن أجل شرح أفضل لمنهج الشفاء من خلال الزهور يجب أن نتكلم قليلاً عن هانمان الذي كان من ألهَمَ باخ لخلق منظوماته الزهورية. وكما ذكرنا آنفًا، في سيرة باخ الخاصة، أن هانمان كان يعمل على أهمية الشخصيات في علاجهم، وكان هذا بالضبط ما أيقظ الاهتمام عند باخ. لم يكن هانمان يعطي الكثير من الانتباه لتفاصيل المرض، وإنما لعلاج الشخصية، ذلك أنه كان يدرك بأنه إذا ما كانت الطبيعتان العقلية والروحية على انسجام فالمرض سيختفي. بحث باخ عن هذا الانسجام مستخدمًا عقاقير، وأدوية، ونباتات كان هو نفسه يختارها، وكان بالإمكان تحويل فعلها من خلال تفعيلها بالقدرة، بطريقة أن الجوهر نفسه الذي أحدث أعراض المرض بإمكانه من خلال كمية مصغَّرَة أن يشفي تلك الأعراض، وذلك عندما تُحضَّر من خلال منهج خاص. بهذه الطريقة وُلِدَ قانون "المثيل يشفي المثيل"، أو أن المرض نفسه يشفي المرض. إنها النتيجة الطبيعية لعدم الانسجام بين أجسادنا وأنفسنا. فـ "المثيل يشفي المثيل" لأن المرض نفسه هو الذي يمنع ويتلافى استمرار أفعالنا السيئة، وفي الوقت نفسه يكون الدرس الذي يعلمنا تصحيح طريقتنا في الحياة ويناغِم حيواتنا مع توق أنفسنا. المرض إذن هو نتيجة فكر سيئ، وفعل سيئ، وينقطع عندما يجري تصحيح الفكر والفعل. وعندما نتعلَّم هذا الدرس لا تعود ثمة غاية من وجود المرض الذي يتلاشى بشكل تلقائي – على هذا النحو يُعرَّف "المثيل يشفي المثيل" لهانمان. عرَّف باخ، بكلماته الخاصة، المرَض كما يلي: المرض تصحيحي. فهو ليس انتقاميًا، ولا قاسيًا، وإنما هو الوسيلة المتبناة من قِبَل أنفسنا لكي تظهِرَ لنا أخطاءنا، وتمنعنا من اقتراف أخطاء أعظم أيضًا، ومن التسبُّب في أضرار أعظم، وتحملنا على الرجوع إلى طريق الحقيقة والنور، الذي ليس علينا أبدًا الابتعاد عنه. وعلى رغم تعاطف باخ مع هانمان، فقد كان يعتقد بأن منظومته لم تكن كاملة، وكان لديه اليقين أنه نفسه لو عاش زمنًا أطول، لكان بوسعه دون أدنى شك أن يكتشف نظام الشفاء الحقيقي الذي خلقَه باخ وأسماه "قانون الأضداد". ولكي نفهم بوضوح هذا القانون، سوف نستخدم كلمات باخ: إذا كان لمريض ما مشكلة عقلية، فسوف ينشأ صراع بين أنية الجسد، والأنية الروحية، الأمر الذي يؤدي إلى المرض. والمشكلة يمكن هزيمتها، والسم يمكن تخليص الجسم منه، لكن يظل هناك فراغ: قوة مضادة قد ذهبَت، تاركةً الفضاء الذي كانت تشغله فارغًا. المنهج الكامل لا يتألف من هزيمة التأثير المضاد، وإنما في تحويله إلى فضيلة معاكِسَة، ومن خلال هذه الفضيلة يُطرَد اللاكمال. هذا هو قانون الأضداد، الإيجابي والسلبي. على سبيل المثال: يعاني مريض من وجع، لأنه ثمة قسوة في طبيعته، فهو يستطيع إلغاء صفة كهذه قائلاً في ذاته بشكل متواصل: "لن أكون قاسيًا بعد اليوم"، ولكن هذا يعني جهادًا طويلاً وشاقًا، وإذا توصَّل إلى إلغاء القسوة، فسوف تظهر ثغرة، وفراغ. ومن جهة أخرى، يستطيع هذا المريض أن يركِّز نفسه في الجانب الإيجابي ليطوِّر التعاطف، وليغمر طبيعته بهذه الفضيلة، ويستبدِل القسوة بها بدون أي جهد، جاعلاً من عودتها أمرًا مستحيلاً. هكذا يعلِّم علم الشفاء الكامل ويساعد المريض في تطوير الفضيلة التي ستجعله مرة ودائمًا منيعًا أمام تلك الصفة المضادة التي يجب عليه إلغاءها في معركته الخاصة. * * * تراتبية الزهور سوف نرى لاحقًا تصنيف الزهور في سبع فئات، ولكن بوسعنا تقسيمها تراتبيًا واضعين في الدرجة الأولى الاثنا عشرة زهرة التي اكتشفها باخ وسمَّاها أيضًا بالاثني عشر شافيًا أو الاثنتي عشرة شخصية، ذلك أن باخ ركَّز فيها أنماط شخصيات الكائن الإنساني الأساسية، وهي: الاثنا عشر شخصية: Mimulus، Clematis، Impatiens، Gentian، Agrimony، Vervain، Cerato، Scleranthus، Rock Rose، Centaury، Water Violet، Chicory. السبعة مساعدين: Olive، Vine، Wild oat، Rock Water، Gorse، Heather، Oak المعاونون: Aspen، Hornbean Beech، Pine، Star of Bethlehem، Walnut، Cherry Plum، Chestnut Bud، Holly، Larch، Sweet Chestnut، White Chestnut، Crab Apple، Elm، Honeysuckle، Red Chestnut، Willow، Wild Rose. * * * زهور الدكتور باخ: الاثنا عشر شافيًا+Gorse 1. Impatiens: الصبر
من أجل أشخاص موهوبين بقدرة كبيرة، وسرعة خاطر كبيرة، ووعي لأهدافهم، لكنهم أيضًا متوترون وقلقون بشدة، ويشتعلون غضبًا بسهولة، ينقصهم الصبر، وهم غير متسامحين. تعلِّمهم زهرة الـ Impatiens الانتباه، وإبطاء سرعة إيقاعهم الداخلي، وفي وسع الشخص أن يصير أكثر استقبالاً للحظة التي تنبسِط، وتجلب معها قبول الآخر والوقت. 2. Mimulus: الشعور بالأمان في مواجهة تحديات الحياة
إن إساس انعدام الشعور بالأمان في مواجهة المجريات اليومية بكل مسائلها المتنوعة، هو الخوف من التجسُّد على الأرض. هذا الخوف أو انعدام الشعور بالأمان يضرُّ بقوى الظفيرة الشمسية، يضني التعبير التام للنفس، جاعلاً الشخص خجولاً وغير آمنٍ من نفسه ذاتها. تجلب زهرة الـ Mimulus القوة وغاية الأنا الأسمى، معيدةً نور الشجاعة والثقة بالحياة. 3. Clematis[1]: حضورٌ يَقِظ وتجسيم (جعل الأمر ملموسًا)
لأولئك الذين يعيشون في عالَم القمر، ويؤجلون أعمالَهم دائمًا. يفضِّلون حالات حلم اليقظة والأفكار التي لا يمكن بلوغها. تظل المواهب الحقيقية لهؤلاء الأشخاص في حالة مجمَّدَة. لديهم قدرة لا تُصدَّق على التخيُّل، لكنهم يقدِّمون الكثير من الوقت، ومن طاقتهم لهذا النشاط العقلي المشتَّت، وهم من لا يعيشون الانفعالات وفرح الحياة الجسدية. تساعد زهرة Clematis على أن تجلب للعالَم الفيزيقي مواهب النفس بشكل بنَّاء. 4. Agrimony[2]: نزاهة عاطفية
إن كبت الوجع ورفضه، والألم أو التشويش الانفعالي يمكن أن يكون أسوأ العذابات العقلية. أولئك الذين يحتاجون إلى Agrimony يبدون لنا سعداء في مرات كثيرة، ويمكنهم حتى أيضًا أن يكونوا شعبيين جدًا كونهم دائمًا في "قمة مزاجهم"، يعطون أهمية أكبر لحالات السلوك السطحية التي يضفي المجتمع عليها القيمة. تساعد زهرة Agrimony في التوقف عن إخفاء ما يعذِّب في الصميم، ففقط الوجع الذي نقبله بنزاهة بوسعنا تحويله. 5. Chicory[3]: حرية عاطفية
لأولئك الأشخاص الذين يميلون إلى التلاعب بعواطف الآخرين في سبيل حاجاتهم ورغباتهم الخاصة. وبشكل عام فهم يعبِّرون عن حبِّهم بطريقة تملُّكية، وهم متطلِّبون، ومحرومون جدًا. عندما يساعدون أحدًا، فهم ينتظرون دائمًا شيئًا في المقابل لا يُعبَّر عنه بشكل صريح. إنهم غير ناضجين عاطفيًا، وأنانيين. تفتح زهرة الـ Chicory الأقنية للتغذية الداخلية وتساعد الشخص على التعبير عن حب غيريٍّ بشكل حقيقي، ويستطيع من خلاله احترام حرية الآخرين. فليستفِد جميعنا من صورة هذه الزهرة، ونطلب منها أن تشفي طفلنا الداخلي. فلننفتِح للحظة من أجل استقبال الشفاء من زهرة الـ Chicory. 6. Vervain[4]: مثالية ومحبة راسختان بشكل جيد
إن المثالية وقوى المحبة الطبيعية لشخص تنحلُّ أحيانًا بسبب تعصُّبه. هذه الحاجة إلى إقناع الآخرين بأفكاره ومثالياته، وبطريقته الخاصة في رؤية الأشياء، ويمكن لذلك أن يخلِّف مشاكل جسمانية خطيرة من مصدر عصبي أو هضمي. تجلب زهرة الـ Vervain الاعتدال والإمكانية لحرارة النفس هذه أن يتمَّ التعبير عنها من خلال الجسم الفيزيقي بطريقة الإلهام خلافًا لمحاولة الإقناع. 7. Cerato[5]: ثقة في المعرفة الذاتية والتوجيه الداخلي
لأولئك الذين لا يثقون بأنفسهم، أو أنهم يتخذون القرارات "الأكثر مناسبة"، يعيشون منتظرين بأن يقول لهم الآخرون ما يجب عليهم فعله أو أي طريق عليهم اتباعه. الشخص الذي يحتاج إلى زهرة الـ Cerato يشعر بأن ذلك الذي يعتقد بمعرفته لا يفيد أو لا يُدرَج في حاجات اللحظة، وأن للآخرين دائمًا أفكار أكثر صحةً وملاءمةً. تعلِّم زهرة الـ Cerato إضفاء قيمة على الحكمة الفطرية، وتجلب الثقة بالذات، وتساعد على إعادة اعتبار الذات. 8. Scleranthus[6]: القرار والانطلاق من القلب
تعمل الزهور الخضراء دائماً في جوانب القلب. فعندما نتردد في القيام باختيار، ونظلُّ ننوس بين خَيَاريْن أو قطبين، فذلك لأننا نحاول استخدام المهارات العقلية فقط لكي نصل إلى قرار. فالعقل هو وسيلة مهمة في الحياة، ولكننا إذا كنا حاضرين في قلوبنا، فإن التمييز الحقيقي واختيار الأولويات يصير أكثر بساطة. 9. Water Violet[7]: فرح لمشاركي مواهبهم
للأشخاص الذين يميلون ليكونوا أكثر انسحابًا، ليس لأنهم خجولون، وإنما بسبب نوع من الازدراء. هم يشعرون بأنهم لا يحتاجون الآخرين، ولا يشعرون أيضًا أنهم مدفوعون للمشاركة في مواهبهم ومهاراتهم. ربما يشعرون أنهم الأفضل، والأكثر نبلاً، وتفوقًا على الآخَرين. تحمل زهرة الـ Water Violet الوعي بكم يؤخِّر هذا الموقف من تطور الشخص، وتساعده على إحياء اتصال خاص وشفوق مع العائلة الإنسانية. 10. Gentian[8]: ترقّب وثبات
تستطيع العقبات ومِحَن الحياة أن تخلِّف نقصانًا في الثقة بالنفس وتثبيطًا لهمة البعض منا. ذلك الذي يحتاج إلى زهرة Gentian يتعرَّض بسهولة لليأس أمام المشاكل، ويميل لرؤية العقبات كتوقفات لا يمكن التفوق عليها. إن زهرة الـ Gentian ترتقي وتوسِّع الترقُّب مساعِدةً من خلال هذه الأوضاع على تعلُّم الاستفادة من فرص النمو، فتتحوَّل الحيرة والارتيابية بشكل تدريجي إلى إيمان متعذر زعزعته. 11. Rock Rose[9]: شجاعة وطمأنينة أمام مواجهات التحديات الكبرى
تشير خلاصتها الزهرية إلى أوضاع قصوى حيث يكون الشخص في حالة تحدٍّ لتجاوز ذاته بنفسه. تنشِّط زهرة الـ Rock Rose قوة الشجاعة الشمسية لأولئك الذين يعيشون في رعب، وذعر، وحتى خوف من الموت. وهكذا تملؤنا بقوى الشجاعة وفي الوقت نفسه بالسلام الداخلي. 12. Centaury[10]: وعي واحترام لحاجاتك الخاصة حتى عندما تكون في عمل المهارة في التبرع والخدمة تحتاج أولاً إلى إحساس قوي ومشعٍّ بالأنا. وهذه الزهرة لأشخاص لديهم إكراه في الخدمة، وفي الوقت نفسه مهملون لحاجاتهم، وفي الحقيقة هم أيضًا ليسوا قادرين على إدراك حاجات الآخرين الحقيقية. تعلِّمنا زهرة الـ Centaury التصرف انطلاقًا من غاية داخلية قوية، قائلين كلا، وواضعين حدودًا عند الضرورة. Gorse[11] إيمان وأمل عندما نشعر بأننا مثبطو العزيمة ومتشائمون، ظانين أنه ما من طريقة أو مخرج، نميل في هذه الأحوال إلى نمط استسلامي مرضي، لا ثمرة قبول حقيقي بل نمط من الاكتئاب ينخر الوفرة الطبيعية. نتعلم من زهرة الـ Gorse إشعال النور واستعماله كشعاع قدير يضيء، ويحوِّل الظلام في داخلنا. وتجلب لنا الإيمان وتنمي الأمل والتفاؤل المهتز. * * * الفئات السبعة خلق باخ ثمانية وثلاثين دواءً زهوريًا، وقسَّمهم إلى سبع فئات: · من أجل معالجة الخوف. · من أجل علاج عدم القدرة على اتخاذ القرار. · من أجل علاج قلَّة الاهتمام بالظروف الحالية. · من أجل معالجة الشعور بالوحدة. · من أجل فرط الحساسية للتأثيرات والآراء. · من أجل مقاومة الشعور بالانحطاط أو اليأس. · من أجل معالجة القلق المفرِط إزاء حضور الآخرين الجيد. وهذا تفصيلها: 1. من أجل معالجة الخوف Rock Rose: معالجة الذعر، الرعب، الخوف إلى أقصى حد حتى درجة الشلل. Mimulus: معالجة الخوف من الأشياء المعروفة، والخجل. Cherry Plum: معالجة الخوف من فقدان السيطرة، ومن القيام بأشياء مريعة. Aspen: معالجة مخاوف الأشياء المجهولة، والقلق غير المُبَرر، والتخوُّف. Red Chestnut: معالجة القلق المفرِط، والخوف لما يمكن أن يحصل لأشخاص آخرين. 2. من أجل معالجة عدم القدرة على اتخاذ قرار Cerato: معالجة قلة الثقة بالنفس، أي من يطلب دائمًا تأكيد الآخرين من أجل اتخاذ قراراته. Scleranthus: معالجة التردد، أي من لديه صعوبة في اتخاذ قرار بين شيئين، ومن هو غير مستقر. Gentian: معالجة القنوط، التشاؤم، والاكتئاب بسبب معروف (زهرة الإيمان). Gorse: معالجة الانعدام كلي للأمل، التخلِّي عن الكفاح. Hornbeam: معالجة الكسل عند الصباح، وصعوبة النهوض في أول يوم من أسبوع العمل. من أجل أشخاص تعِبين، وغير مهتمين بمهامهم على الرغم أنهم ينفذونها بشكل كامل. Wild Oat: معالجة الحيرة إزاء المهنة التي عليه أن يختارها. انعدام وجود هدف للحياة. 3. من أجل علاج قلة الاهتمام بالظروف الحالية Clematis: من أجل الحالِمين، من يفكرون في المستقبل، دون أن يكونوا حاضرين في اللحظة، لا يعيرون انتباهًا لما يدور حولهم. Honeysuckle: للذين يعيشون في الماضي، مشتاقون، ومع تذكرات حيَّة. Wild Rose: معالجة البلادة، الخضوع للقدر، لمن يستسلِمون دون كفاح، راضخون، ومستكينون. Olive: معالجة نقصان الطاقة، والإنهاك العقلي والجسماني. White Chestnut: معالجة العذاب العقلي بسبب أفكار غير مرغوب فيها وملحَّة. Mustard: معالجة الميلانخولية (السوداوية)، والكآبة، والأحزان الدورية التي تذهب وتعود بدون سبب. Chestnut Bud: لأشخاص يعيشون مقترفين دائمًا الأخطاء نفسها، ولا يتوصَّلون إلى التعلُّم منها، أي من يعانون نقصانًا في المراقبة. 4. من أجل معالجة الشعور بالوحدة Water Violet: لمن هم محافظون، جديون، مكتفون بذواتهم، ولا يتدخَّلون في شؤون الآخرين. Impatiens: معالجة نفاد الصبر، وعدم التسامح، والنَزَق. Heather: لمن لا يريد البقاء وحيدًا، ولا يعرف الإصغاء. متمركز حول أناه، ومحروم. 5. من أجل الحساسية المفرِطَة للتأثيرات والآراء Agrimony: للذين يتألمون من العذاب الداخلي، متظاهرين بالفرح الخارجي. Centaury: للذين لا يعرفون أن يقولوا "لا"، مُستغَلُّون، ويَدَعون الآخرين يستغلونهم، "خنوعون". Walnut: زهرة الحماية أمام التغيرات والتأثيرات الخارجية. Holly: معالجة البغضاء، الحسد، الغيرة، وقلة الثقة بالنفس، والغضب. 6. من أجل مقاومة الشعور بالانحطاط واليأس Larch: معالجة الشعور بالدونية، وتقدير الذات المتدني، والنقصان في الثقة بالنفس. Pine: معالجة لوم الذات، والشعور بالذنب، وملامة الذات على أخطاء الآخرين، أي لمن يطلبون دائمًا الاعتذارات. Elm: لمن هو مُرهَق بسبب الإفراط في المسؤوليات والواجبات. Sweet Chestnut: معالجة الشعور باليأس، وعذاب النفس. Star of Bethlehem: تهدئ الأوضاع الرضِّيَّة (خاصة الصدمات النفسية). تواسي وتحمي. Willow: معالجة الاستياء، الحزن، الحقد، والمرارة. لمن لا يتوصَّل إلى قبول المصائب. Oak: لمن لا يتخلى أبدًا عن الكفاح، لا يسترخِ، ولا يرتاح حتى لو كانت متعبًا، لديه إحساس كبير بالواجب. Crab Apple: زهرة النظافة، إنها لأولئك الذين يشعرون بالقذارة، مع هوس مفرِط بالنظافة، وهم قلِقون حول مظهرهم، ويدينون أنفسَهم بأنفسِهم، وهم استكماليون. 7. من أجل معالجة القلق المفرِط إزاء حضور الآخرين الجيد Chicory: لمن هم أشخاص مراقبون يطالِبون بانتباه الآخرين، تملكيون، غيورون، ومتعلِّقون جدًا. Vervain: لمن هو متوتر، ومغتبط جدًا، ومتحمِّس، ويريد إقناع الآخرين أن يعملوا وفقًا لإرادته، متعصِّب. Vine: لمن لديه حاجة إلى السيطرة، مستبد، ديكتاتور، صارم، وقاسٍ أيضًا. Beech: لمن هو غير متسامح، نقدي، ينتقد ذاته، ويحكم على الآخرين، لكنه لا يقبل أن يُحكَم عليه، ويصرف بأسنانه بشكل طبيعي. Rock Water: لمن هم متصلِّبون، متطلِّبون من أنفسهم، استكماليون، صارمون، ويعدون أنفسهم مثالاً للآخرين. * * * مختارات من كتابات إدوارد باخ 1. قصة شجرة البلوط[12] ذات يوم، ليس بالبعيد جدًا، كان هناك رجلاً مستندًا إلى شجرة بلوط في حديقة Surrey القديمة، يصغي إلى ما كانت تفكر فيه. يبدو هذا ظريفًا جدًا، لكن، كما نعلم، الأشجار تفكر، وثمة أشخاص بوسعهم التقاط فكرها. كانت شجرة البلوط القديمة معمرة جدًا، وكانت تقول في نفسها: "كم أحسد تلك الأبقار التي تستطيع السير عبر الحقول، بينما أظل هنا. كل ما حولي رائع جدًا، وجميل جدًا، مع نور الشمس، والنسيم، والمطر، ورغم ذلك كله فأنا قابعة ومتجذِّرة هنا". بعد سنوات تحقق الرجل من أن زهور شجرة البلوط تملك قدرة كبيرة، قدرة على شفاء مرضى كثر، وهكذا قطف زهورها، وحوَّلَها إلى أدوية شَفَت عددًا لا يُحصَى من الناس. على أثر ذلك، في ظهيرة صيف حارة، استلقى الرجل إلى طَرَف حقل ذرةٍ صفراء، وكاد ينام عندما أصغى إلى شجرة تفكر. كانت الشجرة تتحدَّث مع نفسها، وتقول: "لم أعد أحسد الأبقار التي تسير عبر الحقول لأنه بوسعي الذهاب إلى جهات العالَم الأربعة، وشفاء المرضى". وللتو، نظر الرجل إلى أعلى فرأى أنها كانت شجرة بلوط. 2. قصة المسافرات ذات مرة، ودائمًا ذات مرة، بدأت ستة عشر مسافرة مسيرةً عبر الغابة. كل شيء في البداية كان على ما يرام، ولكن بعد مسافة ما، بدأت واحدة منهن، وتدعى Agrimony، بالقلق، وفكرت لعلهن ليسن في الطريق الصحيح. بعد قليل، وأثناء الظهيرة حين كن يذهبن متغلغلات في ظلال الغابة، بدأت Mimulus تشعر بالخوف من أن يكن قد ضللن الطريق. وعندما غابت الشمس ازدادت الظلال، وبدأت الجلبة الصوتية تتناهى إلى مسامعهن، كانت Rock Rose مذعورة، وفي حالة رعب. في منتصف الليل، عندما كان كل شيء مظلِمًا فقدت Grose الأمل وقالت: "لا أستطيع المتابعة. تابعن أنتن. لكنني سأظل هنا حتى يخفِّف الموت ألمي". من جانب آخر، وبالرغم من أن Oak شَعَرَت بأن كل شيء ضائع، وأنهن لن يرين ضوء الشمس ثانية أبدًا، فقد قالت بحماس: "سأكافح حتى النهاية". كان لدى Scleranthus أملاً، ولكنها أحيانًا كانت تتألم بسبب انعدام اليقين والتردُّد، فأولاً هي تريد اتباع طريق، وفي الحال تريد اتباع طريق آخر. كانت Clematis تتابع باطمئنان وصبر قلقةً قليلاً فقط بأن تستسلِم للنوم، أو أن تخرج من الغابة. أما Gentian الفرِحَة جدًا في الانطلاقة فقد وقَعَت في حالة من القنوط والكآبة. لم يكن لدى المسافرات الآخريات خوف البتة، وكن يردن المتابعة وأيضًا مساعدة رفاقهن. كانت Heather متأكدة أنها تعرف الطريق، وكانت تريد من الجميع أن يتبعَها. لم تكن Chicory تهتم بنهاية المسيرة، لكنها كانت حريصة جدًا، باحثة عن معرفة فيما إذا كانت رفيقاتها متعبات، ولديهن ما يكفي من الطعام. لم تثق Cerato كثيرًا بحكمها الخاص وأرادَت أن تجرِّب كل الطرق لكي تحصل على يقين أنها ليست على الطريق الخاطئ. كانت المغناجة Centaury تريد التخفيف من توتر الجميع، لدرجة أنها كانت مستعدة لحمل متاع الجميع. ولسوء الحظ فبالنسبة للصغيرة Centaury فقد كانت تحمل بشكل عام حمولة أولئك الأكثر قدرة على احتمالها، لأنهم هم الذين كانوا يطلبون الأعلى. كانت Rock Water، شديدة الاهتمام بالمساعدة، تكتئب قليلاً، لأن المجموعة كانت تنتقِد من يظن أنهم على خطأ، ولكن الـ Rock Water كانت تعرف الطريق. وأيضًا توجب على Vervian أن تعرف الطريق جيدًا، ورغم أنها بقيَت مشوشة بعض الشيء، فقد تابعت إلى الأمام من خلال الطريق الوحيد الذي يقودها إلى المخرج من الغابة. وأيضًا كانت Impatiens تعرف طريق البيت جيدًا، وكانت غير صبورة مع اللواتي يمشين ببطء. في حين كانت Water Violet قد مشت قبلاً في ذلك الطريق وأظهرَت كبرياءً خفيفًا، وقليلاً من الاحتقار دون أن تفهم الآخريات، فقد كانت تظن أنهن أدنى منها. في النهاية توصَّل الجميع إلى عبور الغابة. والآن يعلِّمن كأدلاء أولئك المسافرين الذين لم يقوموا بالرحلة فيما قبل، لأنهن يعرفنَ بأنه يوجد طريق، ولأنهن يعرفن أن ظلمة الغابة مكوَّنة فقط من خلال ظلال الليل، فيَسِرْنَ كالأبطال برباطة جأش، وكل واحدة من المسافرات الستة عشرة يعلِّم بطريقته الدرس، والمثال الضروري. تحرَّرت Agrimony من كل همومها. أما Mimulus فقد فقدَت الخوف، وتعد Rock Rose، في اللحظات الأكثر سوادًا، مثالاً للهدوء ورباطة الجأش والشجاعة.تحدثت Gorse، في تلك الليالي الأكثر عتمة، للمسافرين عن التقدم الذي يحرزونه عند ظهور شمس الصباح. تقاوِم Oak على نحو ثابت الريح الأكثر قوة، وتسير Scleranthus بيقين تام، وعينا Clematis مثبتتان في فرح الوصول، وما من صعوبة أو محنة تستطيع أن تثبط عزيمة Gentian. تعلم Heather أن كل مسافر يحتاج متابعة طريقه الخاص، وبطمأنينة تتابع إلى الأمام لإظهار أن هذا مقدور عليه. تريد Chicory دائمًا أن تمدَّ يد المساعدة، ولكن فقط عندما يُطلب منها ذلك. وتقوم بذلك بهدوء. وتعرف Cerato بشكل جيد جدًا الطرُقَ التي لا تقود إلى أي مكان. ودائمًا Centaury تبحث عن ذلك الأكثر ضعفًا، ويظن أن حمولته ثقيلة جدًا. وقفت Rock Water عن الاتهام وأمضت الوقت كله متشجعة. ولم تعد Vervain تقوم بمواعظ، وفقط تشير إلى الطريق بصمت. وتوقفت Impatiens عن العجَلة، ووضعَت نفسها بين الأخيرات للإبقاء على خطوتها. أما Water Violet فتظهر كملاك أكثر من كونها إنسانًا، تمر بين رفيقاتها كما النسيم العليل أو شعاع مجيد للشمس مباركةً الجميع. [1] هي زهرة الياسمين البري (القاموس الإلكتروني). (م) [2] هي زهرة الغافث (القاموس الإلكتروني). (م) [3] زهرة الهندباء (القاموس الإلكتروني). (م) [4] زهرة رِعْيُ الحمام (القاموس الإلكتروني). (م) [5] زهرة من القرنيات (القاموس الإلكتروني). (م) [6] زهرة خشيشة القناويل من فصيلة القرنفليات (القاموس الإلكتروني). (م) [7] زهرة زنبق الماء. (م) [8] زهرة الجنطيانا (القاموس الإلكتروني). (م) [9] زهرة الصخر. (م) [10] زهرة القنطور. (م) [11] زهرة رتم النبات أو جولق النبات (القاموس الإلكتروني). (م) [12] هي زهرة شجرة البلوط التي اكتشفها الدكتور باخ، وهو يتحدث هنا عن خبرته في اكتشافها.
|
|
|