|
الطبابة البديلة: منظور ياباني[1]
يتزايد استخدام الطبابة البديلة بسرعة. وتصنف منظمة الصحة العالمية65 - 80 % من خدمات الرعاية الصحية في العالم كـ "طب تقليدي". لذلك ومن وجهة نظر نسبة السكان، فإن الناس يستخدمون الطبابة البديلة أكثر من الطب الغربي الحديث. وعلى الرغم من أن كثيرًا من الانتباه قد انصب على الطبابة البديلة، ليس من قبل الأطباء فقط، بل أيضًا من قبل البحوث الطبية الأساسية، إلا أن البراهين العلمية على غالبية الطبابة البديلة ما تزال متفرقة. إن انبثاق الطبابة البديلة كتيار جديد في الطب يعتمد على إمكانية مراكمة براهين علمية دقيقة. لماذا أصبحت الطبابة البديلة شعبية إلى هذا الحد بين "المستهلكين"؟ أعتقد أن العوامل التالية مسؤولة عن ذلك: § الطبابة البديلة سهلة الفهم وأليفة. § الطبابة البديلة لطيفة، وذات آثار جانبية ضئيلة. § تساعد الطبابة البديلة على تحسين نوعية الحياة أو فعالية الحياة اليومية. § تساعد الطبابة البديلة على حفظ المرء لصحته. § الطب الغربي الحديث لا يتوافق تمامًا مع متطلبات المريض. § الميل نحو مقاربة طبية كلانية أكثر. § ارتفاع النفقات الطبية. في هذه النظرة الإجمالية، سأصف وأناقش الوضع الحالي للطبابة البديلة في اليابان. ينبغي أن تحظى الحالة في اليابان باهتمام أكبر، لأن اليابان فريدة باعتبارها بلدًا يتصاحب فيه الطب الغربي الحديث الأكثر تقدمًا مع الطب الآسيوي التقليدي. تصنيف الطبابة البديلة الطبابة البديلة، كما يعرِّفها المركز الوطني للطب البديل والمتمم في الولايات المتحدة، هي مجموعة متنوعة من منتجات وممارسات ومنظومات الرعاية الصحية والطبية والتي لا تعد حاليًا جزءًا من الطب الغربي الرسمي. ويصنف المركز علاجات الطبابة البديلة في خمسة أصناف أو مجالات (الجدول 1). في اليابان، يعد قسم من طب الشيخوخة (معالجة النمو الهرموني، الخ) وعقاقير أسلوب الحياة (أدوية الصلع والبدانة والعجز الجنسي، الخ) و"الطب البيئي"، مشمولاً جميعه في المعالجة بالطبابة البديلة. على سبيل المثال، إن تطوير أطعمة وظيفية تمتص الأكاسيد وتستحث الإطراح، أو تطوير مرشحات تقتنص الجذور الكيماوية الحرة الناشئة عن عادم الغازات في السيارات أو دخان السجائر، الخ، تُشمَّل أيضًا في صنف "الطب البيئي". يشمل ميدان الطبابة البديلة في اليابان أيضًا بعض أشكال العلاجات الطبية المتقدمة التي لا يتم إجراؤها على نطاق واسع حتى الآن كالعلاج المناعي للسرطان باستخدام مولدات- ضد antigens نوعية للأورام الخبيثة، إلخ. وحتى التلقيح في أنابيب الاختبار ثم نقل الجنين، وهو أحد أكثر التقنيات الطبية تقدمًا، كان يعد كطبابة بديلة في بداياته الأولى. لكنه الآن يستخدم على نطاق واسع في المشافي الرسمية، ولذلك يمكن القول أن بعض النماذج العلاجية في الطبابة البديلة قد تبناها العلاج الطبي الرسمي. لذلك فإن الطبابة البديلة في اليابان تحمل بعض دلالات الطب "التخومي". وفي اليابان، وخلافًا للبلدان الغربية، فإن قسمًا من طب الكامبو (طب الأعشاب الياباني) والوخز بالإبر مشمولان بالضمان الصحي العام. لذلك فإن مزاولي هذين النوعين سوف يعارضون ضمهم إلى الطبابة البديلة ويعدون أنفسهم بدلاً من ذلك ينتمون إلى الطب التقليدي الأصيل. لكن هذه العلاجات تصنف كطبابة بديلة في أوروبا والولايات المتحدة. ومن هنا، يختلف تعريف الطبابة البديلة قليلاً من بلد إلى بلد. جدول1: تصنيف علاجات الطبابة البديلة
تُعَد مواقف الأطباء اليابانيين تجاه الطبابة البديلة فريدة، وذلك وفق ما اكتشفته دراسة أجراها إيمانيشي وآخرون. فقد مارس 267 من المستجوبين شكلاً من الطب المتمم 73 %،والأكثر شيوعًا هو الكامبو 70 %. والمدهش في الأمر أن كل الأطباء تقريبًا الذين مارسوا الطب المتمم كانوا من مزاولي الكامبو 96 %، وبعض الأطباء 8 % مارسوا أشكالاً أخرى من الطب البديل من قبيل، تقويم العمود الفقري، المداواة بالعطور، الطب المثلي، العلاج بالينابيع المعدنية الصحية، الأيورفيدا، التنويم المغناطيسي، المداواة بالزهور، العلاج بمياه البحر، المداواة بالأعشاب، الكي كونغ، اليوغا، العلاج بالحمية، الإيحاء، التأمل، الفن، الصلاة. وهذه النتيجة مختلفة جدًا عن حالة الأطباء في بلدان أوروبا وأمريكا الشمالية. لذلك فإن الكامبو، وإلى حد بعيد، هو الأسلوب العلاجي الأكثر تكررًا في ممارسة الطبابة البديلة من قبل الأطباء أنفسهم. وأعتقد أن هذه الوضعية، أقصد تبني الكامبو من قبل كثير من الأطباء الذين تعلموا الطب الغربي، هي السمة الأكثر تميزًا للطبابة البديلة في اليابان. إن الوخز بالإبر، والوخز بالإبر الكهربائي، والكيّ، تمارس من قبل محترفي هذه الطرق بأكثر مما تمارَس من قبل الأطباء، لأنهم يحتاجون إلى تدريب متخصص، خلافًا للوصفات العلاجية لطب الكامبو. ففي اليابان، وبعد ثلاث سنوات من التعلم في مدرسة احترافية للوخز بالإبر، أو الكيّ أو المساج يستطيع المرء الحصول على ترخيص مزاولة المهنة بعد النجاح في امتحان على مستوى الدولة. لكن أساتذة الطب يُسمَح لهم إجراء أي من العلاجات المذكورة أعلاه حتى لو لم يقصدوا هذه المدارس. لكن، لا يتدرب فعليًا الكثير من أساتذة الطب على ممارسة هذه الأساليب العلاجية فهي تُترَك عادةً للمتخصصين. كانت رياضة الجودو شعبية جدًا منذ أقدم العصور. ولأن أذيات كالكسر والخلع كانت تتكرر بين مصارعي الجودو فقد طور ممارسو هذه الرياضة تقنيات تجبير فريدة عبر مئات السنين. ولذلك تعترف الحكومة بـ" تجبير" الجودو كمهنة شبه طبية متميزة. وكي يحصل المرء على ترخيص وطني لمزاولة تجبير الجودو عليه أن يتعلم مدة ثلاث سنوات بإشراف ممارسي تجبير الجودو المرخصين. وعلى العكس من ذلك، إن تقويم العمود الفقري وتقويم العظام الواسعي الانتشار في الولايات المتحدة لا تعترف بهما الحكومة اليابانية. والمرضى الذين يستخدمون الطبابة البديلة ليسوا حصريًا من البشر. فمؤخرًا، ارتفعت شعبية اقتناء الحيوانات الأليفة في اليابان. وبما أن الحيوان الأليف يعتبر عادة عضوًا في الأسرة، فإن المالك يهتم بأن يلقى حيوانه الأليف رعاية طبية جيدة بما في ذلك الأساليب العلاجية للطبابة البديلة. وكاستجابة لرغبات المالكين القوية، فإن العلاج بالطبابة البديلة من قبل الأطباء البيطريين في ازدياد، بما في ذلك الوخز بالإبر والمداواة بالعطور والمداواة بالأعشاب. ويحظى بأهمية متميزة الانتشار الواسع لمستحضرات الحمية، لذلك فإن كثيرًا من الشركات تبحث وتطور هذه المستحضرات لأجل الحيوانات. الشكل 1: مخطط طريقة البحث العلمي
صلاحية استخدام الأساليب التقليدية للطبابة البديلة: اقتراح عمومًا، أعتقد أن مجالات الطبابة البديلة ينبغي أن تُدرَس باستخدام طرائق البحث العلمي المتبعة في الطب الغربي الحديث. ولكن، بالنسبة للأساليب العلاجية التقليدية التي أصبحت مسبقًا جزءًا من نمط الحياة في أحد البلدان (أو إحدى الثقافات)، فإن إجراءات المصادقة عليها سوف تختلف نوعًا ما عما هو في الطب الغربي الحديث. يوضح الشكل 1 مخططًا مقترحًا لطريقة البحث في الأساليب العلاجية للطبابة البديلة التي استُعمِلَت دون اعتراف العلم الحديث. ينبغي أن تركز الخطوة الأولى على التجربة السريرية للجزم بالفعالية والنفع. بالطبع، قبل إجراء التجربة السريرية، من الضروري في الصيغة العلمية الحديثة إكمال اختبار الأمان، مثل اختبارات السمية التي تجرى على الحيوانات. فإذا كانت نتائج التجربة السريرية غير مرغوبة، فسوف نحتاج إلى بحوث أساسية لتحديد وشرح آلية فعل الأسلوب العلاجي. وفي أيامنا، يتلقى المرضى معظم الأساليب العلاجية للطبابة البديلة على نفقتهم الخاصة، لكن جزءًا منها ربما يمكنه أن يحظى بالموافقة الحكومية. وأود أن أُشير إلى أن هذا هو الترتيب المعاكس تمامًا عند إدخال وسيلة جديدة في الطب الغربي الحديث. في اليابان، ينجذب الآن المزيد من الأطباء للبحث في الطبابة البديلة، فيتصورون أنهم سوف يتعلمون طرقًا طبية جديدة تتميز بأنها عملية جدًا بالإضافة إلى كونها ذات أمان وكلفة مرتفعين. وأكثر من ذلك، ومن وجهة نظر الطب الأساسي، تقدم الطبابة البديلة فرصًا غير متوقعة لاكتشاف مواد جديدة مع آلياتها العلاجية. جدول 2: تاريخ الطبابة البديلة (اليابان والولايات المتحدة)
تاريخ الطبابة البديلة: مقارنة بين اليابان والولايات المتحدة أولاً، أود أن أنقل السبب الذي جعلني أدخل إلى هذا الحقل. ففي العام 1990 كنت أعمل طبيبًا للتوليد والأمراض النسائية في مشفى كيجو العام في شمال اليابان. وفي أحد الأيام، صادفت حالة مرضية خطيرة. وقد خططت لإجراء جراحة لمريضة أنثى عمرها 18 سنة تعاني من داء السَّعْدانة[3]condyloma acuminatum . وهذا مرض عسير بالنسبة للأطباء في هذا الاختصاص، فمن الصعب الشفاء التام منه، وحتى بعد الجراحة يظل المريض يشعر بالكثير من الألم. لذلك كانت مشاركتي في العملية بلا حماس. لكن في اليوم المقرر لإجراء العملية دهشت إذ رأيت أن الآفات قد اختفت تمامًا. وقد كانت هذه الآفات الناتجة عن المرض منتشرة من الأعضاء التناسلية الخارجية وصولاً إلى جدار المهبل! وسرعان ما توضح سبب شفاء المريضة التلقائي. فقد أعطتها جدتها نوعًا من الغذاء مكونًا من منتجات طبيعية متنوعة تحتوي بشكل رئيسي على بذور Coix (نوع من القمح) المختمرة. وقد تناولت البذور من جدتها وكانت واثقة من أنها سوف تفعل فعلها في المرض. كان هذا هو اتصالي الأول مع الطب الشعبي التقليدي الذي كان تأثيره فعالاً حتى أنه تفوق على جميع الأساليب العلاجية للطب الغربي، بما فيها الجراحة، التي تدربت عليها. ومنذ ذلك الوقت أصبحت مهتمًا بالطبابة البديلة، وأنا أستقصي الآن الجوانب الأساسية والفعالية السريرية لهذا الغذاء مع زملائي. يبين الجدول 2 تاريخ الطبابة البديلة في اليابان والولايات المتحدة. ففي العام 1990، وبعد الحادثة التي ذكرتها مباشرة، ولدت مجموعة بحثية صغيرة من الأطباء لأجل العمل في الطبابة البديلة في جامعة كانازاوا. وفي العام 1997، أسست هذه المجموعة الجمعية اليابانية للطب البديل والمتمم JCAM وأعضاؤها هم من الأطباء والممرضات وأطباء الأسنان والأطباء البيطريين وممارسي العلاج بالوخز بالإبر والمتخصصين في التغذية والصيادلة وباحثين في علوم أساسية متنوعة. وبعد تأسيس الجمعية نشأت جمعية أخرى هي الرابطة اليابانية للطب البديل والمتمم والتقليدي JACT، وكذلك استهلتْ عملَها بنجاح الجمعية اليابانية للطب المتكامل JIM. وتعد الرابطة اليابانية أكثر اهتمامًا في تشجيع التعاون بين الجمعيات الموجودة ذات الصلة بالطبابة البديلة والتقليدية من اهتمامها باستكشاف حقل الطبابة البديلة بحد ذاته. ويبين الجدول 3 الجمعيات اليابانية ذات الصلة بمجالات الطبابة البديلة، وأغلبها لا تجمعه حتى الآن لجنة عامة مشتركة. في العام1999 ، أنشئ في مقاطعة توياما المركز الوطني لبحوث الطب التقليدي. وتواصل البحث في الأيورفيدا (العلاج بالينابيع الحارة). وفي العام 2002، أنشئ قسم الطبابة البديلة في جامعة كانازاوا الوطنية. وآمل أن أقدم نشاط هذا القسم وتعليم الطبابة البديلة في عدد آخر من هذه المجلة سوف يركز على بحوث الطبابة البديلة في اليابان. في الولايات المتحدة، وكي يعبر الكونغرس عن الحاجة المتزايدة للبحث في الطبابة البديلة فقد أنشأ في العام 1992 مكتب الطب البديل OAM لدى المعاهد الوطنية للصحة. وكانت الاعتمادات المالية المخصصة للمكتب 2 مليون دولار في العام 1992و1993، ثم تنامت بثبات حتى وصلت إلى 12 مليون دولار في العام 1997. وفي العام 1998 أصبح المكتب يعرف بـ المركز الوطني للطب البديل والمتمم NCCAM. والآن، تفوق الاعتمادات المالية للمركز مبلغ 100 مليون دولار ينفقها على البحوث المتصلة بالطبابة البديلة، ويذهب قسم رئيسي من هذه البحوث نحو ميادين قبلت على نطاق واسع مسبقًا من قبل العلماء الرسميين، مثل مضادات الأكسدة أو تدابير الحمية. جدول 3: الجمعيات اليابانية في مجال الطبابة البديلة
الطبابة البديلة في الجمعية اليابانية للطب الغربي الحديث: يبين الجدول 4 الندوات والمحاضرات التي أقامتها الجمعيات اليابانية للطب الغربي الحديث في الفترة بين 2002 و2004، مظهرًا تغييرًا لافتًا في قبول الطبابة البديلة لدى هذه الجمعيات. في العام 1999، عقدت الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريري ASCO لقاءها السنوي الخامس والثلاثين. وقد تضمن هذا المؤتمر ندوة حول العلاجات البديلة والمتممة والعناية بالأورام. وبعد ثلاث سنوات عقدت الجمعية اليابانية لعلم الأورام السريري JSCO لقاءها السنوي الأربعين وقد تضمن ندوة بالعنوان ذاته. ظهر الطب البديل في مجلة الرابطة الطبية الأمريكية JAMA على الشكل التالي "صفحة مخصصة لمرضى الرابطة. خيارات بديلة: ما الذي يعنيه استخدام الطب غير الرسمي". وبعد خمس سنوات، ألقيت محاضرة عن الطبابة البديلة في الاجتماع العام السادس والعشرون للمؤتمر الطبي الياباني. وهذا أكبر مؤتمر طبي ويعقد كل أربع سنوات من قبل الرابطة الطبية اليابانية. لذلك، فإن الطبابة البديلة تدخل الآن إلى التيار الرئيسي للطب في اليابان. جدول 4: ندوات أو محاضرات عن الطبابة البديلة لدى جمعيات الطب الغربي الحديث
مواقف الحكومة اليابانية من مجالات الطبابة البديلة: على تعاكس حاد مع الولايات المتحدة، فإن موقف الحكومة اليابانية نحو الطبابة البديلة كان بطيئًا في تغيره. وهذا عائد جزئيًا لكون الحكومة قد اعترفت منذ مدة طويلة بأساليب علاجية طبية تقليدية، كالوخز بالإبر وطب الكامبو، كممارسة طبية مشروعة. ولكن في الوقت نفسه فإن البطء يبين أيضًا أن الحكومة لم تكن مهتمة كثيرًا في تقديم أية نواظم معيارية لأساليب الطبابة البديلة العلاجية المتنوعة. لكن مؤخرًا، تأسست هيئة استشارية في وزارة الصحة والعمل والرفاه وذلك بغرض التحقق من الطبابة البديلة في علاج السرطان. ويرأس هذه اللجنة الدكتور إي. هيودو من المركز الوطني للسرطان في شيكوكو. وقد قال "بأن هناك افتقار للبحث المنهجي الذي يهتم بالفعالية المبرهنة للطبابة البديلة. فكثير من المرضى يستخدمون الطبابة البديلة دون معلومات دقيقة كافية. وكثير من علماء الأورام يميلون لتجاهل استخدام الطبابة البديلة. فيجب أن تتحسن هذه الظروف بأقصى سرعة ممكنة". وفي العام 2002، قدم الدكتور هيودو وزملاؤه بيانات مسح للسرطان إلى ندوة الجمعية اليابانية لعلم الأورام السريري التي ذكرناها أعلاه (انظر الشكل 3). وهذه البداية تعبر عن وضعية الطبابة البديلة في اليابان حيث المشكلة الأكثر جوهرية، كما يتصورها كل من الحكومة والمجتمع الطبي، تتمثل في الاستخدام الواسع للأساليب العلاجية المتنوعة للطبابة البديلة بدون برهان علمي كافٍ، وذلك منذ قبل مرضى السرطان. الشكل 3: مسح للسرطان أجري من قبل وزارة الصحة والعمل والرفاه في اليابان.
الدكتور هيودو من المركز الوطني للسرطان في شيكوكو
مسح لمرضى السرطان ↓ من بين 750 من مرضى السرطان الذين دخلوا المشافي للمعالجة فإن 39.6 % منهم استخدموا نوعًا من الطبابة البديلة، والمدهش أن 89.1% من مستخدمي الطبابة البديلة قد استعملوا مستحضرات الحمية. وأكثر من ذلك، أصدرت اللجنة تقريرًا حول تصورات ومواقف الأخصائيين في علم الأورام السريري تجاه الطبابة البديلة. وقد أرسلتْ استبيانات إلى 2118 من هؤلاء الأخصائيين ووجدت أن أغلبيتهم (82 %) يعتقدون بأن منتجات الطبابة البديلة كانت غير مجدية ضد السرطان والسبب الرئيسي لهذا الاعتقاد كان الافتقار إلى معلومات موثوقة (كما ذكر ذلك 85 % من الأخصائيين). وفقط 13 % منهم سبق أن اختبروا تحسنًا مقبولا مرتبطًا بالطبابة البديلة لدى مرضاهم المصابين بالسرطان. وقد استمرت التصورات السلبية تجاه منتجات الطبابة البديلة بين أخصائيي علم الأورام السريري. فالافتقار إلى فعالية مبرهنة لمنتجات الطبابة البديلة، والقلق حول التفاعلات الدوائية مع العلاج المضاد للسرطان، يوحيان بالحاجة إلى كل من المعلومات الدقيقة حول منتجات الطبابة البديلة والاختبارات السريرية. ولوقت طويل، احتفظت صناعة المنتجات الصحية الطبيعية بنفسها بعيدة عن البحث الطبي وعن الممارسة الطبية السريرية، وركزت بدلاً من ذلك على أرباح السوق قصيرة الأجل المستمدة من الاحتفاظ بالعلاجات الغذائية والعشبية مستثناة من فحص الفعالية الذي تقوم به إدارة الدواء والغذاء FDA. لكن المقاربة الأكثر حكمة تكون في تعاون صناعة المنتجات الطبيعية مع البحوث الطبية، بما في ذلك إدارة الدواء والغذاء، بحيث يمكن تحذير المستهلكين وممارسي الطب حول الأذى المحتمل، وكذلك التأكيد على أن المنافع الصحية المزعومة موجودة حقًا. في العام 2003، تم تبني الطبابة البديلة ككلمة أساسية لدى "منحة المساعدة لأجل البحث العلمي" في وزارة التعليم والثقافة والرياضة والعلم والتكنولوجيا. ولأن اليابان ليس فيها بعد منظمة شبيهة بـ المركز القومي للطب البديل والمتمم NCCAM، فقد وجب على قسم الطبابة البديلة في جامعة كانازاوا، وهي جامعة وطنية، أن تلعب دورًا محوريًا يكافئ دور المركز. الأساليب المختلفة للطبابة البديلة المستخدمة في اليابان والولايات المتحدة: تزايد استخدام الطبابة البديلة في الولايات المتحدة من 33.8 % في العام 1990 إلى 42.1 % في العام 1997. وقد استخدمت الطبابة البديلة من قبل 20 - 50 % من السكان في عديد من البلدان الأوروبية و48.5 % في استراليا. وفي اليابان، استخدم 65.6 % من الراشدين الطبابة البديلة (الجدول 5). وأظهر مسح أجري بواسطة الهاتف أن النسبة المئوية للأشخاص الذين استخدموا واحدًا على الأقل من أساليب الطبابة البديلة في الشهور الاثنا عشر السابقة للمسح، هو أكبر من النسبة المئوية لأولئك الذين استخدموا الطب الغربي الرسمي (76 % مقابل 65 %). وفوق ذلك، في الولايات المتحدة لم يُخبر 61.5 % من مستخدمي الطبابة البديلة أطبائهم بينما النسبة في اليابان هي 78.9 %. جدول 5: انتشار الطبابة البديلة في الولايات المتحدة واليابان
جدول 6: نوع الطبابة البديلة في اليابان والولايات المتحدة
يبين الجدول 6 نموذج الطبابة البديلة المستخدم في الولايات المتحدة واليابان. ففي اليابان، إن مجال مستحضرات الحمية هو الأكثر أهمية يليه تقويم العظام، فالطب الصيني التقليدي (الكامبو)، ثم الأيورفيدا، فالحقول الكهرطيسية. وبالإضافة إلى هذه المجالات، يظن بأهمية الاستحمام بالينابيع الحارة وأدوية تحسين أسلوب الحياة والعلاج المضاد للشيخوخة والطب البيئي. ويجب أن نلاحظ أن هذا هو ترتيب أساليب الطبابة البديلة المطبقة من قبل المستخدمين أنفسهم. فكما ذكرت سابقًا، إن طب الكامبو هو إلى حد بعيد الأسلوب الأكثر تكرارًا في الاستخدام في الممارسة الطبية التي يقدمها الأطباء المرخصون. وكشف مسح أجري بواسطة الهاتف أن النسبة المئوية لاستخدام كل علاج من علاجات الطبابة البديلة هي كما يلي: المشروبات المنشطة والمغذية 43.1 %، مستحضرات الحمية43.1 %، الأدوات الصحية 21.5 %، الأعشاب 17.2 %، المساج 14.8 %، الكامبو الموصوف من قبل الأطباء 15 %، العلاج بالعطور 9.3 %، تقويم العمود الفقري أو تقويم العظام 7.1 %، الوخز بالإبر 6.7 %، الطب المثلي 0.3 %، علاجات أخرى 6.5 %. وعند سؤالهم عن أسباب استخدام الطبابة البديلة فقد أجاب 60.4 % من المستجوبين "إن الحالة لم تكن خطيرة إلى حد يسوغ استخدام الطب الغربي الرسمي"، في حين أن 49.3 % كانوا "يتوقعون تحسين صحتهم أو اتقاء المرض". والنفقات السنوية المتوسطة التي صرفها المستجوبون الألف على الطبابة البديلة كانت نصف ما صرفوه على الطب الغربي الرسمي (19080 ين مقابل 38360). وفقًا لهذه المعطيات، فإن الطبابة البديلة شعبية جدًا في اليابان، والأموال المصروفة لا يمكن إهمالها. وربما يندهش القارئ الغربي بحقيقة أن الشعب الياباني لا يولي اهتمامًا كبيرًا للنماذج "الروحانية" من الطبابة البديلة، كالتأمل والاسترخاء، كاهتمامه بالنماذج "المادية" كمستحضرات الحمية، وذلك مقارنة بالشعب الأمريكي. وأعتقد أن هذا الأمر يعكس بعض الاختلافات العميقة بين كلا الثقافتين. المكملات الغذائية في الولايات المتحدة واليابان: من بين ما تتضمنه المكملات الغذائية الشعبية في الولايات المتحدة ما يلي: الجينكوبيلوبا[6]، الإيكيناسيا[7]، الثوم، الجينسينغ[8]، فول الصويا، النخل المدوّر، نبتة القديس يوحنا، الناردين، الكوهوشك الأسود[9]، الشوك الحليبي، زهرة المساء، خلاصة بذور العنب، العنبية، الشاي الأخضر، البيكنوجينول[10]، الزنجبيل، الأقحوان، الدونغ كوا[11]. وفي اليابان، يعدّ نبات Aqaricus blazei المنتج الأكثر شعبية. ويتناول هذا الفطر كثيرون من مرضى السرطان. كما يتناولون أيضًا خميرة الجعة، العِكْبر، الحبوب، البنابا[12]، البرقوق الياباني، الكلوريلاّ[13]، عصير الخضار، الكولاجين، العسل الملكي، والتوت. تختلف هذه الأطعمة تمامًا عن مستحضرات الحمية الشعبية في الولايات المتحدة. على سبيل المثال، إن الدونغ كوا مستحضر غذائي في الولايات المتحدة بينما يصنف كدواء في اليابان. وهو أحد المكونات المستخدمة في طب الكامبو. ولمواجهة التيار الساحق من طلبات المستهلكين للمكملات الغذائية التي ذكرناها أعلاه، وضعت الحكومة اليابانية في العام 1993 نظامًا لضبط هذه المنتجات. يجب على منتجي هذه المكملات أن يقدموا بيانات تثبت فعاليتها إذا أرادوا بيعها كمكملات غذائية صحية، وهي تسمى الآن "المكملات الغذائية الصحية الخاصة" (توكوهو). فعلى سبيل المثال، تطرح شركة صيدلانية في السوق نوعًا من الشاي الأخضر يحتوي تراكيز عالية من الكاتشين Catechin الذي يزعمون أن لديهم الدليل على كونه يساعد المستهلكين على إنقاص السمنة (تخفيض الشحوم). عند نهاية عام 2003، قدر حجم السوق بحوالي 5 مليار دولار. إن المكملات الغذائية هي بالتأكيد واحدة من البضائع الاستهلاكية النادرة، إلى جانب الهواتف النقالة والكاميرات الرقمية، التي شهدت مبيعاتها نموًا استثنائيًا في الاقتصاد الياباني المتباطئ في العقد الأخير. ومن الواضح أن التقييم العلمي قد أصبح متطلبًا إلزاميًا وذلك لإرشاد المستهلكين (أو المرضى) كي يختاروا فقط تلك المنتجات ذات النفع الحقيقي لهم. كان غرضي من هذه المقالة وصف الوضع الفعلي للطبابة البديلة في اليابان. فقد أصبح استخدام الطبابة البديلة شائعًا على نحو متعاظم بين المواطنين اليابانيين. وعلى الرغم من أن المرضى يطلبون باستمرار نصيحة أطبائهم تجاه الطبابة البديلة، فثمة غياب لأدلة حول الفعالية أو الآثار الجانبية لكل المعالجات الخاصة تقريبًا. كما لا توجد أية إرشادات يعول عليها بحيث تساعد على التكامل بين أساليب الطبابة البديلة وأساليب العلاج الرسمية. ومع ذلك، فإن علماء وأطباء ممارسين شجعان يأخذون الأمر كتحدٍّ. وكما كان الفضاء الخارجي منطقة مجهولة بالنسبة للكائنات الإنسانية منذ العصور القديمة، فإن اتساع مجال الطبابة البديلة هو أيضًا وراء نطاق كل التوقعات. فهذا المجال يمتلئ باكتشافات جديدة ومذهلة، وسوف يزيد من رفاهية الناس. ترجمة: معين رومية *** *** *** [1] مصدر المقالة: eCAM, Vol.1 No. 2, 2004. Oxford Journals [2] يأتي تعبير Qi Gong من مقطعين: الأول هو Qi، ويعني الطاقة، التنفس، الهواء؛ والثاني هو Gong، ويعني الجهد، التمرين. ويتضمن هذا العلاج تمارين بدنية سكونية وحركية تتناغم مع حركات تنفسية. (المترجم) [3] ناميات ثؤلولية قرب الشرج والأعضاء التناسلية تنشأ عن السفلس أحيانًا. (المترجم) [4] مصطلح عام يشير إلى الطب التقليدي الشرق آسيوي بما فيه طب الكامبو. (المترجم) [5] المعالجة الانعكاسية reflexology: الضغط بطريقة معينة على النقاط الانعكاسية في الجسم بحيث يُحدث ذلك تأثيرًا علاجيًا في مناطق الجسم الأخرى. (المترجم) [6] الجينكوبيلوبا Ginko Biloba: شجر صيني مروحي الأوراق وأصفر الثمار. [7] الإيكيناسيا Echinacea: نبات شوكي. [8] الجينسينغ Ginseng: عشبة صينية. [9] الكوهوشك الأسود Black Cohosh: نبات عشبي يتراوح طوله بين متر ومتر ونصف وله أوراق كثة وجذمور طويل. [10] البيكنوجينول pycnogenol: مادة تستخلص من لحاء الصنوبريات وبذور العنب. [11] الدونغ كوا Dong quai: عشبة صينية تسمى حشيشة الملاك. (المترجم) [12] البنابا banaba: نبتة مورقة تكثر في الفلبين. [13] الكلوريلاّ Chlorella: نوع من الطحالب وحيد الخلية يتكاثر بسرعة هائلة لدى استنباته اصطناعيًا. (المترجم)
|
|
|