أزمة هوية أم أزمة إدراك؟

 

هفال يوسف

 

إنَّ الإنسان قد أشكل على الإنسان.

أبو حيَّان التوحيدي

 

لا يمكننا تناوُل موضوع الهوية بمعزلٍ عن جملة من المسائل المتداخلة والمتشابكة في تعقيد مدهش، لأنَّ تجاهل أيِّ عنصر منها يؤدي إلى قصور في الدراسة.

يتيح لنا المنظور الجديد إلى العالم، المنبثق عن التطور الهائل في حقول العلوم العملية، استعارة مقترب الشبكة، الذي يُرى من خلاله العالمُ كنسيج من العلاقات اللامتناهية، بحيث باتت الأولوية فيه تُعطى للـسيرورة–العلاقة، بدلاً من "البنية"، التي اعتُبِرَتْ، فيما سبق، أساسًا لأية منظومة فكرية، فغدا من المتعذر، بالتالي، التعامل مع الجزء إلا من خلال الكل. وهكذا فإنَّ رؤية كهذه تجعلنا أقرب إلى معرفة: لماذا نعيش في عالم من الهويات؟

الهوية، في هذه الحالة، لم تعد كيانًا جوهريًّا فحسب، وإنما، كذلك، علاقة مبنية على إدراك التمايز والاختلاف، أو كما يقول الياس مرقص: «علاقة ديالكتيكية بين الفكر والواقع في مجرى الصيرورة الاجتماعية». وتكون هذه العلاقة إما ذات منحى تعاوني تكافُلي، كتعبيرٍ عن سلوك إيكولوجي واعٍ، وإما ذات منحى تنافسي إقصائي، قوامه الصراع، كمسلك بيولوجي غرائزي.

أدَّتْ عملية التطور الشامل للحياة، في توجُّهٍ كونيٍّ نحو "مزيدٍ من التعقيد" (التعبير لتيار دُةْ شاردان) في التشابك البشري، إلى خلق مزيد من نقاط التماس بين الأفراد والجماعات – وربما يمكننا القول: إلى إلغاء كلِّ إمكانية للتقوقع، بل إلى تطوير حال التحادُد والتجاور إلى وضعٍ عام من التداخل والتعالُق يعمل، شيئًا فشيئًا، على اختراق ما يسمَّى بـ"الخصوصية" لصالح نزعة المُجانَسة الثقافية الكوسموبوليتية، مما يجبر الثقافات المحلِّية على أن «تعلن عن نفسها»، الأمر الذي يؤدِّي إلى تأجيج النزعات القومية والعرقية والدينية المحلِّية. يقول جيدنز: «إنَّ عملية إحياء النزاعات القومية المحلِّية وتزايد حدة الهويات القومية مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بتأثيرات العولمة».

تمارس العولمة تأثيرًا مفكِّكًا للثقافات المحلِّية، مهددةً بإلغاء الحدود الثقافية لصالح «ثقافة المساحات الكبيرة المتجاوزة للقوميات». مما يدفع بهذه الثقافات إلى التَمَتْرُس بدعوى الخصوصية، والانغلاق على الذات بدعوى التميُّز والصفاء والقدسية، والتغلغل عميقًا في التاريخ لتؤكِّد ثبات جذورها وقدرتها على البقاء، في محاولة مستميتة لنفي المستجدات والمتغيرات العالمية، الأمر الذي يؤدي إلى مزيدٍ من إقصاء الذات وإلى فقدان القدرة على المشاركة في بناء الثقافة الجديدة. وهذا ما يفضي إلى خلق استقطابات جديدة تغدو بؤرًا للصراع ومنابع للتطرف والرفض والأصولية في مختلف أشكالها: الدينية، القومية، العرقية، إلخ. ترفض الثقافات المحلِّية "التهجين الثقافي" الذي تبشِّر به عولمة الحداثة خوفًا من الذوبان في مجتمع التعدد الثقافي؛ ويأتي هذا الرفض من الثقافة المحلِّية الكبيرة المهيمنة على الثقافات "الصغيرة" لأنَّ التعددية تهدد سلطتها؛ ولهذا نراها تقف موقفًا عدائيًّا من الديموقراطية التي تضع الجميع على قدم المساواة، وتؤدي، بالتالي، إلى بناء كيانات تعددية، وصولاً إلى ما أسماه عزمي بشارة بـ"تعميم المواطَنة".

وبالتالي، يمكننا فهم لماذا تشكَّل تيار الرفض، في منطقتنا، من القوى القومية العربية، صاحبة السيادة السياسية، والقوى الأصولية الإسلامية، ذات السيادة العقائدية، ورأس المال المحلِّي، صاحب السيادة الاقتصادية. عن هذه الأقانيم الثلاثة للسيادة، التي تشكِّل معًا واقع الاستبداد الذي يدافع عن نفسه بطريقة تقليدية، يقول جيدنز: «إنَّ الدفاع عن التقليد بأسلوب تقليدي يعني التأكيد على الصدق الشعائري له – أعني انفصاله وخصوصيته – بينما يمثِّل الاتصال الأخلاقي والثقافي الركيزةَ الوحيدة التي ترتكز عليها نزعة المواطَنة العالمية الكوسموبوليتية».

ونحن نرى، فعلاً، أنَّ مختلف الأصوليات تنهج النهج ذاته في معرض دفاعها عن هويتها، ليس في الشرق فقط، بل وفي الغرب كذلك، حيث نلحظ نموَّ ظاهرة الانغلاق الثقافي حتى في أقدم الديموقراطيات. فقد لاحظ دومينيك فيدال أنَّ العديد من الشباب العرب في فرنسا «يعيدون بناء هويتهم داخل ديانتهم، فيرفضون أن يكونوا من الـBeurs [الجيل الثاني من العرب المهاجرين] ليتحوَّلوا مسلمين». ويمكننا كذلك الانتباه إلى الجانب الأصولي للحرب الأمريكية على العراق وأفغانستان، وحديث الرئيس الأمريكي الدائم عن "القيم الأمريكية"، وكذلك تزايد أعداد الفاشيين الجدد في أوروبا، كشكل من أشكال الأصولية العنيفة.

فإذا ما عدنا إلى الشرق الأوسط، نجد أنَّ الهوية القومية هي العامل الفيصل، اليوم، في تحديد الانتماء، وإلهاب المشاعر، وتجييش الجماهير. بل حتى التيارات الدينية والماركسية والليبرالية تتمتع بأبعاد قومية راسخة في منظوماتها الفكرية والبسيكولوجية وممارساتها السياسية. وعلى الرغم من أنَّ العقيدة القومية حديثة العهد نسبيًّا، إلا أنَّ القومية، كثقافة و"كآلة نفسية" (التعبير لأندرسون)، تتمتع بموقع محوري في البنيان النفسي للإنسان الشرق–أوسطي، بمختلف انتماءاته. يقول مايكل بيليج: «إنَّ الأمة "تُرفَع كراية" لنا كلَّ يوم، ونحن نميِّز، ونستخدم، ونلتمس الراحة من الرايات، والعملة الوطنية، والرموز القومية الأخرى لوظائفها المألوفة. كذلك يجري استخدام تعبير "نحن" we وus في الصحف اليومية لتذكِّرنا على نحو مطَّرد بأننا جزء من أمَّة، وأننا مختلفون عن الآخرين». ولهذا فالقومية ليست مجرَّد عقيدة، وإنَّما تعطي الإنسان شعورًا بالهوية والانتماء، وتساعده على إدراك أنَّ له مكانة، وأنَّه ليس مجرَّد فرد نكرة، إنما يشترك مع عدد كبير من البشر في جملة من المعطيات والمكوِّنات والأهداف والآمال التي تخلق لديه شعورًا بأنَّ له شخصية وكيانًا، لأنَّ «ثقافة ما تؤلِّف جسمًا معقَّدًا من المعايير والرموز والأساطير والصور التي تنفذ إلى الفرد في خصوصيته، وتُبَنْيِن الغرائز، وتوجِّه الانفعالات [...]. فهي تغذِّي الكائن نصف الواقعي ونصف الخيالي الذي يفرزه كلُّ فرد في داخل ذاته، ويتغلَّف به: الشخصية».

إلا أنَّ الأمَّة، في الوقت الذي تمنح فيه أبناءها شخصية موحَّدة وموحِّدة، فإنها تحرمه، في الآن ذاته، من كلِّ ما يمكن أن يُعَدَّ فرديًّا وخاصًّا به وحده. فالهوية الجماعية ترفض اختلاف الأفراد، وتلغي تمايزاتهم، وهي بذلك «نافية للواقع الفعلي، ونافية للحرية. هي جواهر وماهيات ومطلقات. هذه الصيغة تقيم الوثنية على الصعيد المعرفي، والاستبداد على الصعيد السياسي»، مما يدفع بالصراعات العرقية إلى حدود الإبادات الجماعية، كنتاج لحروب الهوية العمياء والكارثية، التي تطلق الوحش الغرائزي في الإنسان بشكلٍ لا حدَّ لهمجيته ضمن الهستيريا الجماعية، بحيث يصبح القاتل السفَّاح بطلاً قوميًّا ومخلِّصًا إلهيًّا.

في الصراعات القومية، يأتي ادِّعاء الحقِّ التاريخي في امتلاك الأرض الجغرافية في المرتبة الأولى من حيث الأسباب. ولهذا نجد أنَّ الأمم والجماعات الإثنية تقوم بتجنيد المؤرِّخين والكتَّاب والفنانين لتؤكِّد تاريخانية وجودها في بقعة جغرافية معينة، حتى لو عمدت، في سبيل ذلك، إلى تزييف التاريخ، لأنَّه لا وجود لأمَّة بدون "تاريخ" و"أرض تاريخية"؛ بالإضافة إلى البحث عن صفحات "مشرقة" تدعم نزعةٍ نرجسية تقوم على الفخر والاعتزاز القوميين، تكون قادرة على حشد "الجماهير" وراء الزعماء القوميين، للوصول إلى الأهداف القومية "المقدَّسة".

بذلك تحولت القومية إلى "عقيدة مدنية"، و«صنعت الأمَّة طقسًا مكتمل التكوين ومحبوكًا، يمكنه – عبر رموزه وأفعاله الجماهيرية – توجيه أفكار الناس وحاجاتهم». وبذلك استطاع الزعماء السياسيون استغلال الثقافة القومية، كظاهرة طبيعية، من أجل تحقيق غاياتهم السياسية في بناء دول عرقية وحكومات قومية، لنصل اليوم إلى إضفاء صفة القداسة على الحدود السياسية، وبناء مفهوم السيادة الدولتية كحقٍّ شرعي، يؤدي المساس به إلى حرب ضروس.

عملت القومية المهيمنة على جغرافية "الدولة–القومية" على تحويل السيادة الحكومية إلى سيادة ثقافية، فعمدت إلى سَلْب هويات الجماعات الإثنية الأخرى، وفَرْض هويتها عليها، فيما بات يُعرَف بـ"الحتمية القومية"، ففرضتْ لغتَها كلغة رسمية، ومنعتْ، في المقابل، لغات الأقليات، وكذلك فرض الرموز الممثلة لهويتها، بما في ذلك التراث والتقاليد، والأعياد القومية، بل وحتى الأزياء الشعبية. وعلى الرغم من أنَّ مصطلح "الشعب" يتضمن التعددية الأقوامية، إلا أنَّ القومية المهيمنة جيَّرتْه لإضفاء صفة عرقية عليه. ويمكننا ملاحظة هذا الخلط المصطلحي اللاعلمي في كتابات القوميين، على مختلف أجناسهم، لأنَّ «الموضوعية ليست داخلة في حساباتهم»، كما يقول أ. د. سميث. وراحت تتشكَّل صورة متخيَّلة للأمَّة تعمل على إنكار التمايزات داخلها، نافيةً، بذلك، أية مشروعية لوجود الهويات الأخرى، مما فتح الباب واسعًا أمام عمليات التطهير العرقي والإبادة الجماعية، كما لاحظنا بالأمس، واليوم، في يوغسلافيا السابقة والعراق ورواندا وغيرها.

وإذا كانت القومية ليست مجرَّد إيديولوجيا سياسية، بل «مجتمع مفترض، أو "مخلوق" سياسي حديث يتربَّع على شغاف القلوب من حيث الهوية السياسية والثقافية»، فإنَّ العولمة، كما سبق ذكره، تعمل على تفكيك الداخل والانفتاح على التعدد الخارجي؛ وهي تقوِّض بذلك «الصورة الوجدانية المتعالية للقومية»، ساعيةً إلى خلق هويات جديدة ضمن الواقع السياسي الجديد، تختلف عن، وتتناقض مع الهويات المفروضة من فوق.

كان لثورة الاتِّصالات وعولمة الاقتصاد فعلٌ صادمٌ للذاكرة الجماعية التي تشكِّل الهوية القومية: فقد أدَّت الأولى إلى تحطيم الحدود وإلغاء حالة الانغلاق الكسول ضمن أسوار النقاء العرقي والكيان الثقافي المزعوم، كاشفةً عن مدى المتخيَّل في التاريخ، المبني على خطِّية زمنية مبسِّطة لحركة المجتمعات؛ وعملت الثانية على تهديد السيادة القومية من خلال البُعد "العبرقومي" للنشاط الحياتي البشري، مفرزةً بذلك هويات فوق قومية، وخالقةً، في الآن ذاته، أنَسية جديدة قوامها المصير المشترك لكلِّ سكان المعمورة. وبذلك تعدَّتْ مسألة الأمن القومي حدود الدولة، كوهم سيادي، إلى حقيقة كونية ذات أبعاد وجودية وبيئية، تؤكِّد عالمية المصير الذاتي.

ولكن، على الرغم من الحديث عن انتهاء عصر القوميات في الشمال والغرب، نجد أنَّ المسألة القومية لا تزال هي القضية الأساسية في الحِراك السياسي في الجنوب والشرق. ومازالت الحقوق القومية بندًا أساسيًّا على جداول أعمال الحكومات والأحزاب السياسية.

لقد خلقت العولمة "سكيزوفرينيا" جماعية في العالم المتخلِّف، المجبَر على المشاركة في القيم العالمية الجديدة، والمرتبط، في الوقت نفسه، بولائه المحلِّي. ويمكننا ملاحظة هذا الفِصام في توجُّه الدول نحو لَبْرَلَة الاقتصاد، مع الاحتفاظ بمركزية السلطة السياسية، في تناقضٍ صارخ مع منطق الأمور. ولذلك نراها تعيش حالة من التخبُّط: فهي إما أن تتخلَّى عن سيادتها، وإما أن تلغي دورها في النظام العالمي الجديد. ونجد التناقض الآخر لدى الجماعات الإثنية، التي فتحت لها العولمة مجالاً للتعبير عن نفسها: فبدلاً من العمل على إنهاء هيمنة القومية الواحدة لبناء مجتمعات ديموقراطية تعددية، نراها تسير في النهج ذاته نحو بناء كيانات منفصلة، لن تلبث أن تكون مضطرة للتخلِّي عنها أمام تيار العولمة الجارف.

حالة الفصام هذه ناجمة عن وجود بُعدين للهوية: الأول تاريخي مبني على الذاكرة الجمعية، ويعبِّر عن جوهر ثابت ودائم؛ والآخر عملي، يقيم في الحاضر، ويتم من خلاله التعامل مع الواقع. ولذلك، في الوقت الذي تُجبِر فيه المتغيراتُ العالمية على التعامل معها ضمن معطيات آنية، نجد، من جهةٍ أخرى، أنَّ العامل النفسي للهوية التاريخية يلعب دورًا بارزًا في جرِّ الحركة إلى الوراء، ما يؤكِّد قول أحدهم: «إنَّ مجتمعاتنا تسير ورؤوسها إلى الخلف».

ولكن الأمر ليس بهذه البساطة. وكما يبدو، فإنَّ الأمم وُجِدتْ لتبقى، حيث يقول بيليج: «في عصرنا، يبدو كما لو أنَّ هالة ما تلازم الفكرة المتعلقة بالأمَّة ذاتها. فاغتصاب الأرض أسوأ بما لا يُقاس من اغتصاب الأمَّهات الفعليات؛ وموت أمَّة هو المأساة في اكتمالها، الأبعد غورًا بما لا يُقاس من موت اللحم».

لهذا، وإنْ كان هناك اتِّفاق عام، تقريبًا، في الأوساط الأكاديمية، على اقتراب موعد انحلال الدول وانتهاء عصر الأمم المتماثلة العناصر، فإنَّ المجتمعات تسير نحو بناء أمم متعددة القوميات. وقد بدأنا نلحظ هذا التوجُّه – وإن كان لا يزال محصورًا في نطاق ضيق – في العراق ومصر والسودان، مما يفتح الباب واسعًا على إعادة تشكيل الكيانات السياسية والحكومات السائدة وفق تعددية سياسية، كإسقاط طبيعي للتعددية الثقافية في مجتمع الدولة الوطنية، مما يعني تفكيك الروابط القديمة القائمة على الإلحاق القسري والضم التعسُّفي والإلغاء الجائر، كبداية لتأسيس اتحادات طوعية مصلحية قادرة على منح حقوق متساوية للجميع.

وهنا يجدر الانتباه إلى أنَّ تفكيك الهوية المهيمنة يعني، بالضرورة، تفجيرًا لمرجعيات الهوية، مما قد يقود إلى «نشر ثقافة هندسة شعوب، وتطهير إثني، وإبادة جماعية، وتهجير سكاني، أو في أقل الاحتمالات سوءًا، تؤدي إلى الدمج القسري». ولا مجال لتلافي ذلك إلا بإطلاق الحريات العامة، في خطوة متلازمة مع بناء المجتمعات المدنية، و«إعطاء الشرعية الكاملة لعملية بناء المعنى الذاتية»، ضمن إطار دولة القانون وحقوق المواطنين.

إلا أنَّ الواقع الحالي يفرض حيثياته ومفاعيله، ويخلق أنماطًا من الهوية بالغة التعقيد، مع تنامي الميل إلى التحرر من الانتماء إلى "القطيع المحلِّي"، للانتماء إلى "القطيع العالمي" الذي تخلقه وتدجِّنه وسائل الإعلام الجماهيرية، فيما يُعرَف اليوم بـ"الليبرالية الجديدة"؛ حيث، على الرغم من الدعوة لإحياء الأنية الفردية ككائن متميَّز في المجتمع، نجد أن المنحى يسير إلى خلق أفراد–ذئاب ضمن المجرى الهادر للتنافس الهمجي الذي يهدد الحياة برمَّتها، ويضع الجميع في مواجهةٍ أمام احتمالات باتت شبه مؤكَّدة لكوارث بيئية، ربما يكون أبسطها تعميم الفقر.

وفي الختام نقول: إنَّ الحديث عن أزمة هوية لا معنى له. فالأزمة الحقيقية تكمن في الإدراك، أو بالحري عدم إدراك حتمية المصير المشترك، وأننا لا نملك أية خيارات: فإما أن نتطور، وإما نحكم على أنفسنا بالفناء. والتطور المقصود هنا ليس التطور الآلوي التقني الذي يؤدي إلى خلق مزيد من إمكانات التدمير الذاتي، وإنما يعني إعادة اكتشاف المقدَّس كواقع ومنبع وعي الوجود في العالم، الذي يحرِّض «الاحترام المطلق للذوات الأُخَر المتحدة بالحياة المشتركة على الأرض الواحدة نفسها». لأنَّ الحياة، حين تفقد قدسيتها، يغدو العالم مكانًا لا معنى للعيش فيه، ويصبح الجنون ملاذًا أخيرًا لِمَنْ بقي "حيًّا".

*** *** ***

 

المصادر والمراجع (بتصرُّف)

-        تيلور، بيتر وكولن فلنت، الجغرافيا السياسية لعالمنا المعاصر، ج 2، بترجمة عبد السلام رضوان، وإسحق عبيد، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت، سلسلة "عالم المعرفة"، العدد 283، يوليو 2002.

-        الجباعي، جاد الكريم، حرية الآخر: نحو رؤية ديمقراطية للمسألة القومية، دار التنوير للدراسات والترجمة والطباعة والنشر والتوزيع، دمشق – أشرفية صحنايا، 1995. أو على موقع الإنترنت: http://hem.bredband.net.

-       جلال، دانا، "إشكالية الهوية". نقلاً عن: www.rezgar.com.

-        جيدنز، أنطوني، بعيدًا عن اليسار واليمين – مستقبل السياسات الراديكالية، بترجمة شوقي جلال، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – الكويت، سلسلة "عالم المعرفة"، العدد 286، أكتوبر 2002.

-       حرب، علي، "الهوية الصافية: العقل الإسلامي بين الانغلاق والانفتاح". نقلاً عن: www.sonsofi.org.

-        فيدال، دومينيك، "من هم هؤلاء الذين لا دين لهم؟" نقلاً عن: www.mondiploar.com.

-        مسرَّة، أنطوان، "أفضليات الفيدرالية الشخصية". نقلاً عن: www.hevgirtin.org.

-        موران، إدغار، روح الزمان – العُصاب، بترجمة أنطون حمصي، وزارة الثقافة – دمشق، سلسلة "دراسات فلسفية وفكرية" 20، 1995.

-        نيكولسكو، بَسَراب، العبرمناهجية – بيان، بتقديم أدونيس وترجمة ديمتري أفييرينوس، دار مكتبة إيزيس – دمشق، سلسلة "آفاق" 2، 2000.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود