|
شكري بك... الجزء الأول "[...] ولا دينٌ يفرِّقنا من
نشيد "بلاد العرب أوطاني" (فخري البارودي) 1 لا
أكتم قارئي العزيز أن ما أشعر به اليوم،
بمناسبة الذكرى الواحدة بعد الستين لجلاء
القوات الفرنسية عن سورية، المصادِفة في السابع
عشر من نيسان 2007، هو مرارة ترافقها غُصَّة
في القلب – وخاصة حين أتأمل واقعنا، متفكرًا
في رجالات استقلالنا، في مثالياتهم وقيمهم،
في هذه الأيام التي غُيِّبَتْ فيها
المثالياتُ وسُخِّفَتِ القيم. وهذا
الواقع المخجل المرير هو الذي دفعني،
بالاتفاق وبالتعاون مع بعض الأصدقاء، إلى
التفكير بإحياء هذه الذكرى عبر تسليط حزمة
ضوء على عدد من رجالات الاستقلال، الذين كان
على رأسهم طبعًا شكري القوتلي. لكن هذا ليس
إلا جانبًا من القضية... لأننا
حين نعيد استعراض سيرته – أو لنقُلْ سيرتهم –،
فإننا سرعان ما نتبين أنهم، في التحليل
الأخير، كانوا بشرًا مثلنا، أخطأوا كما
أصابوا. كما أننا لا نستطيع إلا أن نربط
سلوكياتهم وأفعالهم بواقع البلاد وظروفها
آنذاك. فما نعيشه اليوم من أحوال هو أيضًا
نتيجة ومحصلة لذلك الواقع ولتلك الظروف؛
وهذه، حين نستعيدها ونتفكر فيها، تعيدنا،
بادئ ذي بدء، إلى ما كانت عليه بلادنا في... 2 نهايات القرن
التاسع عشر وبدايات القرن العشرين فسورية،
كما نعرفها اليوم، لم تكن قائمة بعد، بل كانت
بعضًا من "بلاد الشام" التي كانت كلها
جزءًا من الإمبراطورية العثمانية. وهذه
الإمبراطورية الشاسعة، التي كانت ذات يوم من
أقوى إمبراطوريات العالم، كانت تحتضر. ففي
أوروبا، آنذاك، كانوا يدعونها بـ"الرجل
المريض". وهذا
كان يعيش آنذاك حالة أزمة مستعصية وانحطاط،
من جهة، كما ومحاولاتٍ مستميتةً من جانب
نخبته الحاكمة للَّحاق بركب الحضارة
واستيعاب متطلبات الحداثة وإنقاذ ما يمكن
إنقاذه، من جهة أخرى. ونستعيد بعضًا من تلك
الأيام... ففي
بدايات القرن التاسع عشر، في العام 1808
تحديدًا، كان "سند الاتفاق" بين السلطان
ووُلاته المحلِّيين. وفي العام 1839، كان "فرمان
التنظيمات" أكثر المحاولات جدية لتحديث
الدولة والإدارة. ثم كان مرسوم إلغاء الرق في
العام 1847. وفي العام 1876، كان أول دستور للبلاد
من أجل إقامة نظام مَلَكي دستوري. وقد
أدت "التنظيمات" التي طبعت الحياة
السياسية والاجتماعية في مختلف أرجاء
الإمبراطورية آنذاك، ومن ضمنها طبعًا ولاية
دمشق، إلى بروز نُخَب محلِّية، ومن ضمنها
نخبة دمشقية تمثلت بعدد من الأُسَر الغنية
ذات النفوذ من الملاكين والتجار والموظفين،
التي كانت من بينها، طبعًا، أسرة القوتلي. وكتب
التاريخ تقول إنه في نهاية تلك الفترة،
تحديدًا في21 تشرين الأول 1891، في حي الشاغور
الشعبي في دمشق، ولد شكري القوتلي الذي... [...] بدأ [...] دراسته بتعلم القرآن
الكريم، ثم [تابعها] في مدرسة العازرية[1] [الآباء
العازريين]، ثم انتقل إلى مدرسة [مكتب]
عنبر، التي كانت أهم مدرسة في دمشق، فحصل فيها
على الشهادتين الإعدادية والثانوية، ثم
أوفدَه والدُه المرحوم محمود إلى الآستانة [إسطنبول]
لدراسة العلوم السياسية والإدارية [...]،
فتخرَّج منها عام 1913.[2] وهناك
في إسطنبول، اتصل شكري القوتلي بأعضاء "الجمعية
العربية الفتاة" التي انتسب إليها فور
عودته إلى دمشق، ثم أصبح عضوًا في حلقتها
الصغرى. فآنذاك
كانت تزدهر، في كلِّ مكان من تلك
الإمبراطورية المتداعية، مختلف أنواع
التنظيمات السياسية – القومية في غالبيتها –
التي ربطها الكثيرون في منطقتنا بمفهوم
الحداثة. وأهم تلك الجمعيات كانت "تركيا
الفتاة" واستطالاتها المسلَّحة. وهذه
الجمعية كانت تضم في بداياتها، على الرغم من
تفوق العنصر التركي فيها، أعضاء من مختلف
شعوب الإمبراطورية، جمعتْهم مفاهيمُ الحداثة
ووحَّدهم السعي إلى استعادة دستور 1876.
فالعودة إلى ذلك الدستور "اللبرالي" كان
هدف الثورة التي انطلقت من ثيسالونيكي في
العام 1908 وقادها ضباطٌ من تلك الجمعية. وقد
أعادت هذه الثورة الدستور الذي حُدَّت بموجبه
صلاحياتُ السلطان عبد الحميد الثاني، قبل أن
تطيح به نهائيًّا في العام 1909، مستبدلةً به
محمد الخامس. وتشكلت
وزارةُ محمود شوكت[3]
التي استمرت حتى بدايات الحرب العالمية
الأولى. وقد تميزت تلك الحقبة التي لم تدم
طويلاً بمنحاها اللبرالي الهادف إلى إقامة
نظام إصلاحي متعدد القوميات ذي طبيعة فدرالية.
لكن هذا المنحى "الأفضل" لم يُكتَب له
النجاح. فقد اندلعت الحرب، من جهة، وسيطر
القوميون الأتراك المتطرفون على السلطة، من
جهة أخرى. فكان حُكم "الثلاثي" طلعت
وجمال وأنور الذين، بقيادتهم، خسرت
الإمبراطورية الحرب العالمية التي خاضتْها
إلى جانب ألمانيا. ونتذكر أنه وقعت أيامئذٍ
مجازر وتجاوُزات لاإنسانية مروعة (كالمجزرة
الأرمنية مثلاً)، وكان انهيار الدولة العتيدة.
ونستعيد شريط الأحداث في المنطقة، حيث،
بالاتفاق مع البريطانيين، -
أعلن
الشريف حسين في 5 حزيران 1916 الثورة على
العثمانيين بهدف تحرير البلاد العربية. وكان
استسلام الحامية التركية في مكة لقواته في
التاسع من تموز 1916. ومن مكة، أعلن الشريف حسين
نفسه ملكًا على العرب. -
أما في 16
أيار من العام نفسه، فقد وقَّعت إنكلترا
وفرنسا، ممثلتين بوزيرَي خارجية كلٍّ منهما،
فرانسوا مارك سايكس وجورج پيكو، على اتفاقية
تقتسمان بموجبها مناطق النفوذ في الشرق
الأدنى الذي كان جزءًا من الإمبراطورية
العثمانية (اتفاقية سايكس–پيكو). -
وخلال شهري
نيسان وأيار من العام 1916 – وكانت الحرب في أوج
احتدامها – نفَّذ جمال باشا ("السفاح")
أحكامًا بالإعدام بعدد من الوجهاء العروبيين
في لبنان وسورية بتهمة الخيانة العظمى، وذلك
لصلاتهم بالفرنسيين (وحلفائهم الإنكليز)
الذين كانوا في حالة حرب مع الدولة العثمانية.
ونشير هنا، للمناسبة، إلى أنه إبان تلك
الفترة اعتُقل شكري القوتلي الذي كان عضوًا
في "الجمعية العربية الفتاة" المؤيدة
للثورة العربية، وعلى ما يقال: [...] تعرَّض للتعذيب في السجن [إبان
اعتقاله]. بل إنه حاول الانتحار على أن يفشي
بأية أسرار للأتراك.[4] -
أما في
الثاني من شهر تشرين الثاني 1917، فقد أبلغت
الحكومة البريطانية، ممثلةً بوزير خارجيتها
اللورد بلفور، "المنظمةَ الصهيونية"،
ممثلةً باللورد روتشيلد، زعيم الجالية
اليهودية في بريطانيا، وبحاييم وايزمان،
زعيم المنظمة، أنها "تنظر بعين العطف إلى
إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين" الواقعة
ضمن دائرة النفوذ البريطانية ("وعد بلفور"). -
وفي 3 تشرين
الأول 1918، دخلت القوات العربية المتحالفة مع
البريطانيين، بقيادة الأمير فيصل بن الحسين،
دمشق. -
وفي 20 تشرين
الأول، دخلت القوات الفرنسية مرفأ ومدينة
بيروت. -
وفي 26 تشرين
الأول، استولت القوات البريطانية، بقيادة
الجنرال ألِنبي، والقوات العربية، بقيادة
الأمير فيصل، على مدينة حلب. -
أما في 28
حزيران 1919، فكان توقيع "ميثاق فرساي"،
الذي كرس نتائج الحرب العالمية الأولى، وكان
إعلان تأسيس "عصبة الأمم". وتتسارع
الأحداث... -
ففي 8 تشرين
الأول 1919، عُيِّن الجنرال غورو "قنصلاً
عامًّا" لفرنسا في كلٍّ من سورية ولبنان،
وبدأت القوات الفرنسية باستلام مواقع القوات
البريطانية في لبنان والساحل السوري. -
وفي 9 كانون
الثاني 1920، تم توقيع اتفاق بين فيصل وكليمنصو
ينص على تأييد فرنسا لإقامة دولة مستقلة في
سورية، على أن ترتبط هذه الدولة بـ"علاقات
متميزة" معها. لكن... -
كليمنصو
سقط في 18 كانون الثاني في الانتخابات
الفرنسية. و... -
في 8 آذار 1920،
انتخب "المؤتمر السوري"، المنعقد في
دمشق، السيد هاشم الأتاسي رئيسًا له
بالإجماع، رافضًا الاتفاقية المبرَمة بين
فيصل وكليمنصو، معلنًا قيام سورية ضمن حدودها
الطبيعية دولةً مستقلة، سرعان ما بدأت بإصدار
عملتها الوطنية. -
وفي 14 تموز
1920، كان إنذار من الجنرال غورو إلى فيصل. و... -
في 24 تموز
1920، جرت معركة ميسلون التي هزم فيها
الفرنسيون الجيش الفيصلي بقيادة وزير
الحربية يوسف العظمة، ودخلت القوات الفرنسية
دمشق في 25 تموز. ونشير
إلى أنه... [...] مع انتصار الحلفاء وإقامة
الحكومة العربية في دمشق، أصبح شكري القوتلي
موظفًا في الإدارة المحلِّية، مع أنه كرَّس
معظم وقته للنشاطات القومية خارج إطار
الحكومة، بوصفه مسؤولاً في "حزب الاستقلال"
وعضوًا في فرع دمشق في "النادي العربي".[5] إلا
أنه، بعد دخول الفرنسيين، [...] اضطر إلى الفرار من سورية إثر
صدور حكم بإعدامه، فأقام في القاهرة، وخلال
الأعوام الخمسة التالية، أصبح بمثابة سفير
متجول للمؤتمر السوري–الفلسطيني، متنقلاً
بين الدول العربية وأوروبا. وفي أوروبا،
فضَّل برلين، حيث تعاون مع شكيب أرسلان في
حملات دعائية مناهضة للفرنسيين، مما دفع
الفرنسيين إلى تصنيفه وأرسلان وإحسان
الجابري بوصفهم أخطر السوريين في المنفى.
خلال هذه الفترة، كان القوتلي صلة الوصل
الرئيسية بين القوميين المنفيين في أوروبا
والمنظمات القومية في البلدان العربية.[6] وللمزيد
من التوضيح، نستعيد الأوضاع العامة في البلاد
وفي المنطقة آنذاك، فنتعمق بعض الشيء،
متفكِّرين في أوضاع... 3 سورية إبان
الانتداب الفرنسي: 1920-1946 ففي
أوائل تشرين الأول 1918، وصلت إلى ميناء
اللاذقية قادمةً من طرابلس أول وحدة عسكرية
فرنسية، وقامت بطرد حكومتها المؤقتة المؤيدة
لدمشق. ثم بدأت القوات الفرنسية تتقدم نحو
الداخل السوري، محاولةً بادىء ذي بدء السيطرة
على الجبال المطلَّة على الساحل والمعروفة بـ"جبال
العلويين". فكانت مقاومة للاحتلال و"حرب
عصابات" قادها الزعيم العلوي الشاب الشيخ
صالح العلي الذي كان يتلقَّى الدعم من
الحكومة الوطنية في دمشق، من جهة، كما
استفاد، كي يحقق بعض الانتصارات، من المعارك
التي كانت دائرة بين الأتراك والفرنسيين
للسيطرة على كيليكية، من جهة أخرى. لكن الظروف
تغيرت بعد سقوط العهد الفيصلي واتفاق
الفرنسيين والأتراك حول كيليكية في آذار 1921،
مما مكَّن الفرنسيين من إنهاء التمرد العلوي
بسرعة. وأيضًا... في
خريف 1919، في ريف مدينة حلب، نشبت حركةُ مقاومة
أخرى بقيادة العروبي (الكردي الأصل) إبراهيم
هنانو من حارم، الذي انضم إلى الجيش الفيصلي
إبان الثورة العربية، ثم إلى "الجمعية
العربية الفتاة"، وانتُخب في صيف 1919
مندوبًا للمؤتمر السوري. وقد استمرت ثورة
هنانو، التي كانت تتلقى بعض دعمها من تركيا
"الكمالية"، حتى خريف 1921. و... نتذكر
أنه في تلك الأيام، حين كانت فرنسا ترسم حدود
الدويلة العلوية، أعلن الجنرال غورو قيام
دويلة حلب في 1 أيلول 1920، وأبرم اتفاقًا مع
الزعماء الدروز حول استقلال الجبل في آذار 1921،
ثم أعلن قيام فدرالية الدويلات السورية في
أواخر تموز 1921. وفي
فلسطين، جنوب سورية الطبيعية، كان تصاعُد
الصدامات بين العرب واليهود خلال شهر أيار من
العام نفسه يستنفر مشاعر الشارع السوري ويزيد
من حنقه على الاحتلال. وهذه الأوضاع الملتهبة
كان لا بدَّ أن تولد مقاومةً في المدن
السورية، وخاصة في مدينة دمشق التي أضحت مركز
ثقل الحركة الوطنية بعدما قمع الفرنسيون ثورة
هنانو في حلب والشمال. ونلاحظ
هنا أنه في تلك الأعوام الأولى من الانتداب،
وخاصة في العامين 1920-1921، برزت الشخصية
القيادية والكاريزماتية للدكتور عبد الرحمن
الشهبندر[7]،
القوي بعلاقاته مع الهاشميين، ومن خلالهم،
بعلاقاته مع الإنكليز، المنافسين الرئيسيين
للفرنسيين، كما كانت له أيضًا بعض العلاقات،
التي تعود إلى أيام دراسته في "المدرسة
الپروتستانتية"[8]
في بيروت، مع الأمريكان الذين كانوا بدأوا
يطلون على المنطقة. والشهبندر، الذي يمكن وصف
طروحاته إجمالاً بالاعتدال النسبي، كان
أيضًا عضوًا في اللجنة التنفيذية للمؤتمر
السوري، كما كان معارضًا للاستيطان اليهودي
في فلسطين وداعيةً إلى جلاء الفرنسيين الكامل
عن سورية. والفرنسيون
في تلك الأيام كانوا يحاولون تثبيت أوضاعهم
في الداخل السوري، وخاصةً بعدما أقرت عصبة
الأمم في 9 أيلول 1922 انتدابهم على سورية
ولبنان. ونسجل عن تلك الأيام: -
حلول
الجنرال ويغان مكان الجنرال غورو "مندوبًا
ساميًا" لفرنسا في 9 أيار 1923. -
صدور مرسوم
تشكيل "المحاكم المختلطة" في سورية
ولبنان في 7 تموز 1923. -
اكتساح
اليسار للانتخابات الفرنسية في 11 أيار 1924،
وخاصةً... -
دخول قوات
عبد العزيز بن سعود إلى مكة في 13 تشرين الأول
1924 وطردها لقوات الشريف حسين. ونتوقف
هنا قليلاً... لأنه كان لفتح ابن سعود للحجاز
وحلوله محلَّ الهاشميين ملكًا على الجزيرة
العربية أعمق الأثر على بعضهم من الجناح
الأكثر راديكالية من الوطنيين السوريين
الذين كانوا يكنون مشاعر الكره للإنكليز،
وللهاشميين من خلالهم، ويدعون إلى استقلال
البلاد العربية ووحدتها. وعلى رأس هؤلاء كان
شكري القوتلي، الذي سرعان ما [...] احتل موقع الوسيط الرئيسي بين
ابن سعود، الذي أمدَّه بالأموال، وبين
المؤتمر السوري–الفلسطيني.[9] فتشكلت
"لجنة القدس"، التي أشرفت عليها
جماعتُه، وباتت تتلقى الأموال التي كان ابن
سعود يُمِد بها الثوارَ في فلسطين والوطنيين
في سورية. وكانت بداية ذلك الانشقاق الذي بدأ
يتفاقم في صفوف الحركة الوطنية السورية بين
الاتجاه الذي كان يمثِّله الشهبندر وذاك الذي
انتمى إليه شكري القوتلي، إن لم نقُلْ بين
الجناح الذي ظل وفيًّا للهاشميين، من جانب،
وبين الاتجاه الذي أصبح معاديًا لهم ووجد
سندًا له في السعوديين، من جانب آخر. وتتسارع
الأحداث... -
ففي الأول
من كانون الثاني 1925، أصدر الجنرال ويغان
مرسومًا بإنهاء الفدرالية السورية وتوحيد
دويلتَي دمشق وحلب في دولة سورية واحدة، مع
التأكيد على استقلالية المنطقة العلوية. و... -
أصبح صبحي
بركات رئيسًا للدولة السورية، ثم، في اليوم
الذي تلاه، أي في الثاني من كانون الثاني،
حَلَّ الجنرال سيراي محلَّ الجنرال ويغان
مفوضًا ساميًا لفرنسا على سورية ولبنان. -
وفي 18 تموز
1925، اندلعت "الثورة السورية الكبرى" في
جبل الدروز، حيث احتل الثوار بلدة صلخد في 20
تموز، وحاصروا مدينة السويداء مساء الـ21 من
الشهر نفسه. وفي أواخر تموز، ألحق الثوار
الدروز هزيمةً فادحةً بالقوات الفرنسية في
منطقة إزرع. وكان السبب المباشر لإشعال الثورة
اعتقال [الفرنسيين]
لثلاثة من الزعماء الدروز في 11 تموز 1925. إلا أن
الاستياء كان يتصاعد في جبل الدروز في
العامين السابقين.[10] وسرت
هذه الثورة في البلاد سريان النار في الهشيم،
فاتصل بها بعض الوطنيين الدمشقيين[11].
ولجأ الدكتور الشهبندر إلى مناطقها "المحرَّرة".
وفي 4 تشرين الأول، اندلع، بالتنسيق معها،
تمردٌ في مدينة حماه بقيادة فوزي القاوقجي،
وكذلك تمرد آخر في غوطة دمشق وفي بعض أحيائها
بقيادة الشيخ حسن الخراط. فكان قمع فرنسي شرس
لهذه الانتفاضة وقصف مدمِّر لبعض أحياء
المدينة التي تكبدت الكثير من الدمار وعددًا
كبيرًا من الضحايا. ثم بدأت الثورة في التراجع... -
فجَرَتْ في
شهر كانون الثاني 1926 انتخاباتٌ في عدد من
المدن السورية، ورفض الشيخ تاج تسلُّم السلطة. -
وخلال شهر
نيسان من العام نفسه، استعادت القواتُ
الفرنسية مدينة السويداء وبلدة مجدل شمس. -
وخلال شهر
حزيران، استعاد الجيش الفرنسي بلدة صلخد،
المعقل الرئيسي للثوار. وكانت تغيرات سياسية
في البلاد، حيث أصبح الداماد أحمد نامي باشا
رئيسًا للدولة، وحلَّ المدني پونسو مفوضًا
ساميًا بديلاً عن الجنرال سيراي. -
وخلال شهر
تموز، كان الفرنسيون "ينظِّفون" الغوطة
من "ثوارها". وأيضًا... كان
شكري القوتلي، المسؤول عن "لجنة القدس"،
وأصدقاؤه يجمعون خلال تلك الفترة الأموال
ويرعون تهريب السلاح للثوار، معتمدين أساسًا
على السعوديين. ونسجل هنا أنه في تلك الأيام
المترافقة مع انهيار الثورة تحديدًا، طفا على
السطح ذلك التناقض الذي أشرنا إليه سابقًا
بين منحيي الحركة الوطنية السورية. فـ طوال الفترة التي كان الثوار
السوريون يحققون فيها التقدم في كفاحهم،
أُبقِيَت المشاجرات الشخصية والنزاعات
السياسية بين اللجنة التنفيذية للمؤتمر
ولجنة القدس عند حدِّها الأدنى، بغية عدم
إيقاع الاضطراب في زخم الثورة. ولكن عندما
بدأت النكسات تلمُّ بالقوى الوطنية في ربيع
1926، وأخذ قادة الثوار يفرون إلى القدس
والقاهرة، لم يعد بالإمكان احتواءُ هذه
المشاجرات والنزاعات. فاتهمت فئة لطف الله–الشهبندر
(أي حزب الشعب) المسيطرة على لجنة القاهرة
التنفيذية لجنةَ القدس (التي كانت في هذا
الوقت قد اغتصبت الدور المالي للمؤتمر)
باستغلال علاقاتها، ولاسيما في الولايات
المتحدة والبرازيل، حيث تقطن جاليات كبيرة من
المهاجرين السوريين، في تحويل الأموال
المجموعة من أجل الثورة إلى القدس، باسم حزب
الاستقلال[12] [...] الذي
كان شكري القوتلي من زعمائه. فقد [...] أدى انهيار الثورة الكبرى إلى
حدوث الصدع النهائي في المؤتمر السوري–الفلسطيني
وإلى انقسام القيادة الوطنية السورية إلى
فئتين متناحرتين.[13] وأيضًا،
كان على الزعماء الوطنيين من كلا الاتجاهين،
الذين كان بعضهم موجودًا آنذاك في المنفى،
كالقوتلي والشهبندر، أن يتخلوا عن أساليبهم
القديمة، القائمة على المواجهة العنيفة
المباشرة مع المحتلين، وأن يلجأوا إلى تعبئة
الناس عن طريق العمل السياسي "اللاعنفي"
في شكل عام. ففي تلك الأيام، بعيدًا عن كلِّ
منطق دوغمائي، في وسعنا من هذا المنطلق أن
نتفهم جيدًا قراراتِ المؤتمر السوري[14]
الذي انعقد في بيروت خلال شهر تشرين الأول من
العام 1927 والذي لم يستبعد، من أجل التوصل إلى
الاستقلال، بعض أشكال "التعاون الإيجابي"
مع الفرنسيين. ومن
بين تلك الأشكال "الإيجابية" من
التعاون، كان قرار الاشتراك في الانتخابات
العامة للجمعية التنفيذية السورية التي جرت
في نيسان 1928 وسيطر فيها الاتجاه الوطني – هذه
الجمعية التي انعقدت في التاسع من آب 1928
وأقرَّت في دورة انعقادها الأولى دستورًا
وطنيًّا للبلاد بات يُعرَف بـ"دستور 1928".
عن هذا الدستور يحدثنا فيليپ خوري، يقول: جاء الدستور وثيقةً حديثةً ومصقولةً
لا تعكس فقط ما لدى واضعَيها الرئيسيَين،
فوزي الغزي وفايز الخوري، من ذهنين قانونيين
منسجمين بدقة، بل أيضًا النخبوية
الديموقراطية للكتلة الوطنية [التي
لم تكن، رسميًّا، قد تشكَّلت بعد[15]]. ثم
يحلِّل الكاتب نفسه، في عمق، مضمون هذا
الدستور الذي أكد على "المساواة بين جميع
أفراد الطوائف الدينية كافة"، فيشير إلى
أنه احتوى فعلاً [...] على ستِّ مواد كان مؤكَّدًا
أنها ستثير ما هو أكثر من الاستغراب في باريس.
فقد أعلنت تلك المواد أن سورية، بما فيها
لبنان وشرق الأردن وفلسطين، وحدة واحدة لا
تتجزأ، وأن الحكومة السورية ستنظِّم جيشها
الوطني، وأن رئيس الجمهورية يتمتع بصلاحية
عقد الاتفاقات واستقبال السفراء ومنح العفو
وإعلان الأحكام العرفية [...].[16] كما
نصت المادة 68 منه على أن يُنتخَب رئيس الجمهورية بالاقتراع
السرِّي، وبأكثرية أعضاء مجلس النواب
المطلقة، ويُكتفى بالأكثرية النسبية في دورة
الاقتراع الثالثة، وتدوم رئاسته خمس سنوات،
ولا تجوز إعادةُ انتخابه مرة ثانية إلا بعد
مرور خمس سنوات من انقضاء رئاسته.[17] ونشير
إلى أن هذه المادة كانت في منتهى الأهمية،
لأنها ستكون لها انعكاسات درامية لاحقة في
سورية، خاصة بعد الاستقلال. ونتابع... حيث
كان أنْ رفضت فرنسا تلك المواد الست، وطالبت
بتعديلها لتعارُضها مع صلاحيات الانتداب. لكن
أمام إصرار الجمعية التنفيذية على موقفها،
ورفضها إدخال أيِّ تعديل، قرَّر المفوض
السامي الفرنسي السيد پونسو، في 16 آب 1928،
إيقافَ الجمعية لمدة ثلاثة أشهر، ثم إيقافها
لمدة ثلاثة أشهر أخرى في 11 تشرين الأول، ثم
حلَّها في 5 آب 1929. إبان
تلك الفترة، بدأت الهيكلية التنظيمية للكتلة
الوطنية تتجسد واقعًا على الأرض. فكان مؤتمر
في حمص انعقد في حزيران 1932 وأسفرعن مكتب دائم
يتألف من سبعة أعضاء ينتخبهم مجلسُها الوطني،
ويديرون الشؤون اليومية للكتلة، ويؤلِّفون
قيادتها الفعلية، وهم السادة: هاشم الأتاسي (رئيسًا)، إبراهيم
هنانو (زعيمًا)، سعد الله الجابري (نائبًا
للرئيس)، فارس الخوري (عميدًا)، جميل مردم،
شكري القوتلي، وعبد الرحمن الكيالي. أما
المجلس الذي كان يُعقَد في مواعيد منتظمة،
فقد كان الهيئة التي تحدد توجُّه التنظيم
وتنتخب المكتب الدائم.[18] ونسجل
هنا الملاحظات التالية التي تنبَّه لها جيدًا
السيد فيليپ خوري في كتابه: أ.
لم تستطع
قيادة "الكتلة"، التي كانت تمثل النخبة
المثقفة جدًّا من أبناء المدن السورية[19]،
بسط نفوذها على المناطق الريفية والجبلية من
البلاد، وتحديدًا على مناطق العلويين وجبل
الدروز ومناطق الجزيرة – وهو أمر ستعاني منه
سورية لاحقًا، خاصة بعد الاستقلال. ب.
كان
المنافسان الرئيسيان للكتلة الوطنية
مجموعتين، أو لنقُلْ فئتين أساسيتين، هما: 1.
الطبقات
والفئات الواسعة الانتشار الموجودة دائمًا
في سورية، وخاصة في دمشق وعند العشائر،
الدائمة الاستعداد، من أجل مصالحها
المباشرة، للتعاون مع أية سلطة قائمة –
من
جهة؛ و 2.
منافسو "الكتلة
الوطنية" وأندادها الأكثر راديكالية من
القوميين الآخرين، الذين غالبًا ما كانت
طروحاتُهم أكثر راديكالية منها، كجماعة
الشهبندر و"عصبة العمل القومي" – من جهة
أخرى. ومن
أحداث تلك الأيام نسجل: -
الإضراب
الفعال الذي بدأ في دمشق في نيسان 1931
لمستخدَمي السكة الحديدية، ثم امتد منها إلى
بيروت. -
الانتخابات
التي جرت ما بين 30 كانون الأول 1931 و5 كانون
الثاني 1932 في المناطق السورية كافة، ماعدا
غوطة دمشق وحماه، والتي تم استكمالها في
انتخابات تكميلية في آذار 1932، فأسفرت عن فوز
لا يُستهان به للكتلة الوطنية، وجاءت ببرلمان
انتخب، لدى اجتماعه في 7 حزيران 1932، السيد
صبحي بركات رئيسًا له والسيدين علي العابد
رئيسًا للجمهورية وحقي العظم رئيسًا لوزارة
ضمَّتْ في صفوفها آنذاك اثنين من الكتلة
الوطنية[20]. -
ثم كانت
استقالة الوزيرين الوطنيين في أوائل أيار 1933،
وحلول دُه مارتيل مكان پونسو في 12 تشرين الأول
1933 وحلُّه للبرلمان السوري إثر صدامه مع
الوطنيين في 24 تشرين الثاني 1933 – الأمر الذي
أدى إلى... -
استقالة
وزارة حقي العظم وتشكيل الشيخ تاج الدين
الحسني للوزارة في 27 آذار 1934. ونتذكر
أنه بحلول عام 1933، كانت سورية غارقة في
مأزق الكساد. فبين عامي 1930 و1934 بلغ عدد
العاطلين عن العمل في المناطق الواقعة تحت
الانتداب الفرنسي 150,000 شخص، أي ما يوازي 15%-20%
من قوة العمل.[21] وفي
فترة 1934-1935، أججت عدةُ تطورات أخرى التوترَ
المتفاقم بين الفرنسيين والوطنيين السوريين.
وكانت من تلك التطورات مسألة هجرة الآشوريين
والكلدان الذين حاول حوالى 700 منهم، في 22 تموز
1933، عبور الحدود السورية هربًا مما كانوا
يتعرضون له من تنكيل في العراق، وكانت صدامات
على الحدود. وكانت
أيضًا انعكاسات محلِّية ناجمة عن تطور
الأوضاع في فلسطين، حيث كانت المنظمة
الصهيونية تشتري ما يتيسر لها من أراضٍ هناك،
كما في المناطق الحدودية بينها وبين سورية
ولبنان، وكان كبار الملاَّك، من سوريين
ولبنانيين، يبيعونها الأراضي. كما كانت
البضائع اليهودية، الأرخص والأجود صنعًا،
تغزو أسواق دمشق، فتضارب على البضائع السورية...
تراكمات وتفاعلات في العمق، سرعان ما أدت إلى
اندلاع أعمال شغب في دمشق. فـ... في 20 كانون الثاني/يناير 1936، [و]ردًّا
على إغلاق مكتب الكتلة الوطنية واعتقال فخري
البارودي وزعيم "الشباب الوطني" سيف
الدين المأمون، أغلقت الأسواق أبوابها،
واحتشد طلاب وشبان أحياء دمشق أمام منزل
البكري للإعداد لمسيرة إلى السرايا. بيد أن
التظاهرة، التي كان على رأسها البكري وجميل
مردم وشكري القوتلي، لم تتعدَّ نهاية شارع
البكري، حيث كان [طوق من الشرطة] مضروبًا،
حيث سرعان ما قمعتْها القوات الفرنسية. [كما]
جرت في اليوم ذاته [تظاهرات] في كلٍّ من
حلب وحمص.[22] ثم
كان إضرابٌ عام شامل دام 50 يومًا وأجبر فرنسا،
في نهاية المطاف، على التفاوض من أجل التوصل
إلى معاهدة تنص على استقلال سورية.
وقد
ضم الوفد السوري الذي ذهب إلى فرنسا في21 آذار
1936 للتفاوض [...] أربعة من قادة الكتلة الوطنية
هم هاشم الأتاسي وجميل مردم وسعد الله
الجابري وفارس الخوري. كما ضم [أيضًا]
وزيرين هما الأمير مصطفى الشهابي [...]
والسيد إدمون حمصي [...]. كما أُلحِقَ
بالوفد سكرتيران، هما المحاميان إدمون رباط
ونعيم الأنطاكي [...]، ثم عددٌ من
المستشارين السياسيين الشبان، كان منهم، في
بداية الصيف، زعيم الحزب الشيوعي السوري خالد
بكداش.[23] وقد
وُقِّعَت الاتفاقية في 10 أيلول 1936، عاد الوفد
بعده إلى دمشق التي وصلها في 29 أيلول وسط
مظاهر احتفالية عمَّتْ مختلف أنحاء البلاد.
وقد أيد شكري القوتلي عقد المعاهدة السورية–الفرنسية
لأنه [...] رأى إذ ذاك من واجبه الحؤول دون
قيام الراديكاليين السوريين الساخطين
بالتشويس على المفاوضات.[24]
-
وأُجريت
انتخاباتٌ عامة في 30 تشرين الثاني 1936، كان
الوطنيون هم أكبر المنتصرين فيها. -
وفي أوائل
كانون الأول، كان الإعلان عن ضم جبل الدروز
وجبال العلويين إلى الدولة السورية. -
وكان
اجتماع البرلمان السوري في 22 كانون الأول 1936
يتمخض عن انتخاب رئيس الكتلة الوطنية، السيد
هاشم الأتاسي، رئيسًا للجمهورية والسيد جميل
مردم (عميد الكتلة) رئيسًا للوزراء، ويُقر
بالإجماع المعاهدة الموقعة مع فرنسا. وقد
تولَّى شكري القوتلي في هذه الوزارة حقيبتَي
الدفاع والمال[25]. ونشير
هنا، للمناسبة، كشكل من أشكال الصراع في قلب
الكتلة الوطنية، إلى بروز أول خلاف علني
حادٍّ بين جميل مردم وشكري القوتلي، مما دفع
هذا الأخير إلى الاستقالة من الوزارة في مطلع
شباط 1938[26]. وقد
استمر حكم الكتلة الوطنية في ظل الانتداب،
حتى 8 تموز 1939، حين استقال الرئيس الأتاسي، أي
قبل شهرين من اندلاع الحرب العالمية الثانية
في الثاني من أيلول 1939. وظهرت إبان تلك
الحقبة، بشكل جلي، تمايزاتٌ عميقة وهامة بين
عدد من شخصيات الكتلة الوطنية وفروعها: كذلك
التناقض بين فرعيها في دمشق وحلب، وكذلك
التمايز بين شخصياتها القيادية الأساسية،
حيث كان الأتاسي أكثر "الكتلويين"
مثالية، وجميل مردم أدهاهم وأكثرهم ذرائعية،
بينما كان فارس الخوري وشكري القوتلي أكثرهم
"واقعية" في التعاطي السياسي. ونستعيد
بعضًا من الأحداث التي جرت خلال تلك الفترة... -
ففي نيسان
1936، اندلع إضرابٌ عام في فلسطين، ما لبث أن
تحول إلى ما يشبه الثورة، وكان اندفاع سوري
طبيعي لمؤازرة الفلسطينيين. فـ... [...]
حالما اندلعت الثورة، استخدم القوتلي موقعه
في الكتلة الوطنية ونفوذه المتنامي لدى عصبة
العمل القومي، التي كان يتودد إلى قادتها في
الوقت عينه، لجمع تبرعات مالية في دمشق وفي
مدن أخرى. وقد حوَّل تلك التبرعات سرًّا إلى
نبيه العظمة، المنفي إلى القدس، فقام هذا
الأخير بتسليمها إلى القيادة الفلسطينية، أي
اللجنة العربية العليا [...].[27]
[... و] طوال تولِّي القوتلي مسؤولية أنشطة
الكتلة في سورية، ظل هو ورفاقه الاستقلاليون
يُمِدون القيادةَ الوطنيةَ الفلسطينية
بالمساعدة بصورة مستمرة.[28] ونسجل
في هذا السياق خاصةً – وللمناسبة – موقفَه
السياسي المبدئي، لكن المرن والمنسجم مع موقف
الكتلة، حين قابل أحد المندوبين الذين
أرسلتْهم الوكالةُ اليهوديةُ للاتصال
بزعمائها[29].
فقد قابل مندوبها السيد إلياهو إپشتاين، بعد
أن اجتمع هذا الأخير بفخري البارودي. وقد [...] تولَّى شكري القوتلي تقديم
الردِّ السوري، بوصفه رئيسًا للكتلة الوطنية
بالوكالة[30].
وبفعل تأثُّره بعمق ما أبداه إپشتاين من تفهم
للحركة القومية العربية، استهلَّ ملاحظاتِه
بالقول: "إننا نتمنَّى بإخلاص أن نتمكن من
التوصل إلى تفاهم معكم من تلقاء أنفسنا، لا عن
طريق الحديد والنار." إلا أنه أبدى بعد ذلك
بعض الانتقادات تجاه التحليل الذي قدمه
إپشتاين، وعلَّق على مطالبة اليهود بفلسطين
بحجة ارتباطهم تاريخيًّا بها قبل 2000 عام،
وسأل قائلاً: "ماذا لو أننا [نحن العرب]
طالبنا بالأندلس بناءً على حجة مماثلة؟"
ومضى يقول: "إن ما يجعل المشكلة أكثر
تعقيدًا وحدَّة هو الجهل الذي تضعوننا فيه
لجهة التفسير والمعنى المحددين لـ[مصطلح]
وطن قومي." وسأل ما إذا كانت الوكالة
اليهودية تنوي "جعل فلسطين وطنًا قوميًّا
يهوديًّا أو إقامة وطن قومي يهودي في فلسطين.
إذا كان الأول هو المقصود، فإننا إذًا نعارضه
قطعيًّا، ولا سبيل إلى التوصل إلى تفاهم. لكن
إذا كان الثاني هو المقصود، فإننا عندئذٍ
مستعدون لإيجاد حلٍّ لمصلحة كلا الطرفين
المتبادلة."[31] وأيضًا
نسجل أنه إبان تلك الفترة حسمت نسبةُ القوى
على الأرض وتفاعلات المصالح الدولية، التي لم
تكن لصالح السوريين على الإطلاق، موضوعَ
ملكية لواء إسكندرون لصالح تركيا – الأمر
الذي أضرَّ كثيرًا بسمعة الكتلة الوطنية.
ونستعيد
– للذكرى – استعادةً موجزةً أحداثَ تلك
الأيام التي تقول إنه: أ.
في 29 أيار
1937، كان اتفاق فرنسي–تركي يثبِّت وضع اللواء
ويقر له نظامًا خاصًّا. و... ب.
في
29 تشرين الثاني 1937، بوشر بتطبيق هذا "النظام
الخاص". و... ت.
في
21 نيسان 1938، كان وصول لجنة من عصبة الأمم
للإشراف على الانتخابات المزمع إجراؤها هناك.
لكن... ث.
سرعان
ما أوقفت لجنةُ عصبة الأمم في 26 حزيران 1938
أعمالها في الإشراف على الانتخابات في
اللواء، وندد عرب الإسكندرون بالانتخابات
ووصفوها بـ"المزورة". و... ج.
في 5 تموز،
دخلت القوات التركية إلى سنجق إسكندرون
وأعلنت حالة الطوارئ. و... ح.
في 20 آب،
انتهت الانتخابات في اللواء بفوز الأتراك
بأغلبية 22 عضوًا من أصل أربعين في المجلس
المحلِّي، الذي سرعان ما انتخب في اجتماعه
الأول تركيًّا على رأس لواء إسكندرون الذي
بات يُعرَف بـ"هتاي". و... خ.
بحلول شهر
شباط 1939، أصبح "هتاي" جزءًا من تركيا. و... د.
في أواخر
حزيران 1939، رفع الفرنسيون رسميًّا سيطرتهم عن
السنجق. و"لقاء حقِّ الضم، وعدت الحكومةُ
التركيةُ بعدم السعي للحصول على المزيد من
الأراضي السورية وبأن تحترم الأراضي السورية"[32]... لأنه
في تلك الأيام كانت الكتلة الوطنية،
المعارِضة (كالشعب السوري كلِّه) لما يجري في
المنطقة ولسلخ اللواء عن جسمه السوري، عاجزةً
عن القيام بأيِّ عمل فعال لمنع اقتطاع هذا
الجزء من الوطن. فكانت استقالة الحكومة
الوطنية برئاسة جميل مردم في 19 شباط 1939.
وتشكلت حكومتا لطفي الحفار ونصوح البخاري
اللتان لم تعمِّرا طويلاً. وأخيرًا، كانت
استقالة رئيس الجمهورية هاشم الأتاسي في 4
تموز 1939. و... -
كانت "حكومة
المديرين" التي عيَّنها المفوض السامي
الفرنسي الجديد، السيد بيو، في الثامن من
تموز 1939. ونسجل
أنه إبان تلك الفترة القصيرة من حكمها في ظلِّ
الانتداب، واجهتْ الكتلةُ الوطنية "الحاكمة"
مشكلاتٍ أخرى كثيرة، كان على رأسها وأهمها: أ.
لم تستطع :الجبهة
الشعبية"، الحاكمة في فرنسا آنذاك، تأمين
مصادقة البرلمان الفرنسي على الاتفاقية. لذا
ماتت هذه "الاتفاقية" نهائيًّا بعيد
تصدُّع حكومة الجبهة الشعبية وسقوطها. و... ب.
استطاعت
الجهات المعادية للاتفاقية من الفرنسيين
حينذاك، ولو بشكل محدود، تسعير بعض النعرات
الطائفية (قلاقل في حلب بين المسلمين
والمسيحيين)، كما استطاعت تغذية بعض النزعات
الانفصالية والطائفية في بعض المناطق
السورية، كما في مناطق العلويين والدروز... [...]
وفي منطقة الجزيرة النائية، [حيث] تمردت
عشائر الأكراد ومسيحيون من سكان المدن،
بتحريض سرِّي من مسؤولين فرنسيين في المنطقة،
ضد تدخل الحكومة في شؤونهم.[33] وأيضًا... ت.
كانت
طبيعة السلطة التي أقامتها الكتلة الوطنية
"استبدادية" في شكل عام – وهذا ليس فقط
من حيث المضمون، بل أيضًا وخاصةً من حيث
البنية والشكل والمظهر. فكانت ظاهرة "القمصان
الحديدية": ذلك التنظيم شبه العسكري الذي
أنشأه فخري البارودي ورَعَتْه الكتلة
الوطنية كنواة مفترضة لجيش وطني مفترض،
المستوحى من الأشكال السائدة آنذاك
للتنظيمات الفاشية الأوروبية. وقد انتشر هذا
التنظيم في مختلف المدن السورية، وكان من
قياداته السيد منير العجلاني[34]. ونتابع
الأحداث على الساحة الدولية: في مطلع أيلول 1939، اجتازت الجيوش
الألمانية أراضي جارتها بولونيا، فقابلتْها
كل من فرنسا وبريطانيا بإعلان الحرب. وما لبثت
الجيوش الألمانية أن دخلت بلجيكا، ثم
تجاوزتْها إلى فرنسا التي انهارت قواتها
سريعًا أمام الهجوم الألماني الصاعق، فعقدت
الهدنة مع ألمانيا في 22 حزيران 1940، وأقامت
الماريشال پيتان رئيسًا لجمهوريتها، ونقلت
مركز حكومتها من باريس التي احتلها الألمان
إلى ڤيشي. ومنذ ذلك الحين، عُرِفَ أنصارُها
بـ"الڤيشيين"، يقابلهم "الديغوليون"،
أنصار الجنرال ديغول الذين رفضوا الهدنة مع
ألمانيا.[35] وبالطبع،
انعكس هذا التطور الدولي الهام على سورية
آنذاك. فـ... -
في 24 حزيران
1940، أقالت حكومة ڤيشي المفوض السامي بيو،
وعينت بدلاً منه الجنرال دانتز الذي باشر
مهماتِه في 19 كانون الأول 1940 مفوضًا ساميًا
على سورية ولبنان: [...]
وبعد أن أُعلِنَ تعيين الجنرال دانتز مفوضًا
ساميًا، رفع إليه الوطنيون السوريون،
برسائلهم العديدة، شكواهم من حكومة المديرين
ووصفوها بأنها قائمة رغم إدارة الشعب السوري.
وأعقبت هذه الشكوى اضطراباتٌ في مختلف أنحاء
سورية، وبدأت في إثرها زعامة شكري القوتلي،
على رأس الحزب الوطني القائم مقام الكتلة
الوطنية، [...][36] -
... بالبروز.
وخاصةً بعد أن تمَّ إبعاد أحد أهم خصومه
السياسيين، الدكتور عبد الرحمن الشهبندر،
الذي اغتيل في 7 تموز 1940. ونستعيد
أنه فور وقوع جريمة اغتيال الشهبندر سرت في
دمشق شائعةٌ مُفادها أن... [...] اغتيال الدكتور عبد الرحمن
الشهبندر [إنما كان] إثر مؤامرة دبَّرها
أكبر زعماء الكتلة الوطنية، شكري القوتلي
وجميل مردم ولطفي الحفار وسعد الله الجابري.
وقد اقتنع معظم الناس بصحة تلك الشائعات حين
بلغهم أن هؤلاء الزعماء الأربعة قد هربوا إلى
العراق [...] ...
وحين اعترف أحد المجرمين الذين تم اعتقالهم (أحمد
عصاصة) أمام التحقيق [...] بأنه هو الذي أقدم على قتل
الشهبندر لقاء مبلغ أربعمئة ليرة ذهبية
ستُدفَع إليه من قبل جميل مردم بك بواسطة أمين
سرِّه عاصم النائلي.[37] لكن
المحكمة التي سخرت من ادعاءات كهذه حكمت على
المجرمين بالإعدام. وقد فُسِّرتْ دوافعُهم
بأنها "غيرة دينية في غير محلِّها"[38].
فالشهبندر كان متهمًا من قبل بعض الأوساط
الإسلامية المتشددة بأنه "جاسوس لبريطانيا
وعدو للإسلام"[39].
وإذن فقد ساعد اغتيال الشهبندر... [...] في إعادة الكتلة الوطنية إلى
دائرة الضوء، لكن في ظلِّ قائد جديد. إذ إن
مردم بك والجابري والحفار كانوا في المنفى في
بغداد، وسمعة مردم شُوِّهت بشكل خاص بسبب
اغتيال الشهبندر. لذلك قُيِّض لشكري القوتلي،
بعد طول انتظار، أن يحاول الحصول على موقع
قيادة حركة الاستقلال الوطني.[40] -
وكانت أول
حكومة سورية خلال الفترة الڤيشية حكومة
مؤقتة برئاسة خالد العظم، الأقرب إلى "الحزب
الوطني". وقد استمرت حكومته من 3 نيسان حتى 12
أيلول 1941. و... -
خلال حكومة
العظم المؤقتة، دخلت القوات الحليفة
البريطانية والفرنسية–الحرة دمشق في 21
حزيران 1941. ومن دمشق، أعلن قائد القوات
الفرنسية الجنرال كاترو الاعتراف باستقلال
سورية. ثم... -
كان تكليف
كاترو، الذي أصبح مندوبًا ساميًا، للشيخ تاج
بترؤس الجمهورية في 12 أيلول 1941. وكانت الوزارة
التي ألَّفها السيد حسن الحكيم أقرب إلى
الوطنيين. -
وفي 27 أيلول
1941، أعلن كاترو استقلال سورية وأصدر، في 12
كانون الثاني 1942، قرارين إداريين اعتبر
بموجبهما منطقتَي جبل الدروز وجبال العلويين
جزئين متمِّمين للدولة السورية[41]،
مع استثناء سيطرة هذه الدولة كاملةً على
الجيش والشرطة والخدمات العامة[42]. -
ثم كانت
وزارة حسني البرازي في 17 نيسان 1942، فوزارة
جميل الألشي في 8 كانون الثاني 1943. و... -
في 16 كانون
الثاني، توفي الشيخ تاج الدين الحسني، وأصبح
بذلك منصب رئاسة الجمهورية شاغرًا. فـ... -
جرى تفاهم
بين المفوض السامي كاترو والكتلة الوطنية على
إنهاء حكومة الألشي وتشكيل حكومة مؤقتة
برئاسة عطا الأيوبي في 25 آذار 1943 لتشرف على
الاتخابات العامة[43].
و... [...]
كانت نتيجة هذه الانتخابات فوز الكتلة
الوطنية بأكثرية نيابية بارزة في دمشق وجميع
المحافظات.[44] -
وفي
مدينة حماه – لأول مرة – فاز المحامي
أكرم الحوراني في هذه الانتخابات ممثلاً عن
"حزب الشباب"[45]. -
وفي دمشق،
حيث فازت القائمة الوطنية برئاسة القوتلي
بالكامل، عبَّر هذا الأخير [...] بوضوح في خطاب انتصاره أمام جمع
في مسجد تنكز في آب 1943 عما لدى الكتلة الوطنية
من اعتزاز وثقة بالنفس [حيث قال]: "لقد
تجاوز البلد الآن إحدى المراحل التمهيدية نحو
الحياة الدستورية الحرة. والبرلمان يوشك الآن
على الالتئام. إن قلوبنا عامرة الآن بالسكينة
والفرح والثقة. فالشعب في جميع أقاليمه ومدنه
وقف جسمًا واحدًا إلى جانب الرجال الذين
عرفهم وعرفوه."[46] ثم
جاء "إقناع" فارس الخوري وشكري القوتلي
لهاشم الأتاسي بالتنحِّي عن ترشيح نفسه
للرئاسة لصالح شكري القوتلي بشكل يفتقد إلى
اللباقة[47]
مساهمةً إضافيةً في تعميق الشرخ القائم في
قلب الكتلة الوطنية – هذا الشرخ الذي تجلَّى
بعيد الاستقلال بأن أصبح هاشم الأتاسي
محسوبًا على "حزب الشعب" وقيادته
الحلبية المنشقة عن الكتلة الوطنية، التي
باتت تُعرَف بـ"الحزب الوطني" الذي أضحى
القوتلي رئيسه. و... -
في 17 آب 1943،
انتخب البرلمان شكري القوتلي رئيسًا
للجمهورية.
-
وفي جلسة
البرلمان نفسها، انتُخِبَ فارس الخوري
رئيسًا للمجلس النيابي. ثم كان في 19 آب تأليف
حكومة الكتلة الوطنية، برئاسة سعد الله
الجابري، التي ضمت السادة جميل مردم
للخارجية، لطفي الحفار للداخلية، خالد العظم
للمالية، عبد الرحمن كيالي للعدلية، نصوح
البخاري للدفاع الوطني والمعارف، توفيق
شامية للزراعة والتجارة، ومظهر رسلان
للأشغال العامة والتموين[48]. -
وتسلَّمت
الحكومة السورية "المصالح المشتركة" من
فرنسا في 23 كانون الأول 1943. -
وتشكلت
الوزارة الوطنية الثانية المصغرة برئاسة
فارس الخوري في 14 تشرين الأول من العام 1944. وقد
حلَّ سعد الله الجابري مكان فارس الخوري
رئيسًا لمجلس النواب[49]. -
لكن هذه
الوزارة لم تدم طويلاً. فسرعان ما استقالت في 5
نيسان 1945، وشكل فارس الخوري الوزارة من جديد.
وقد ضمت هذه الوزارة الوطنية الثالثة السادة
جميل مردم للخارجية والدفاع، سعيد الغزي
للعدل والإعاشة والتموين والإفتاء، صبري
العسلي للداخلية، نعيم الأنطاكي للمالية،
أحمد الشرباتي للمعارف ووكالة الاقتصاد
الوطني، وحكمت الحكيم للأشغال العامة[50]. -
أما في 22
آذار 1945، فكان من القاهرة إعلانُ تأسيس "الجامعة
العربية"، وكان انتساب سورية إلى "منظمة
الأمم المتحدة" كعضو مؤسِّس في حزيران 1945. -
وفي 18 أيار
1945، طلبت فرنسا من الحكومة السورية إقامة
قواعد عسكرية لها في البلاد، فجوبه طلبُها
برفض قطعيٍّ من قبل الحكومة والبرلمان
السوريين في26 أيار 1945. -
وفي 29 أيار،
وقع العدوان الفرنسي على دمشق عامة، وعلى
البرلمان خاصة، ليسفر عن العديد من الضحايا
والكثير من الدمار، وليكرس عمليًّا نهاية
الانتداب الفرنسي على سورية، التي حلَّتْ
فيها القوات البريطانية مكان القوات
الفرنسية وأجبرتْها على الانسحاب. فـ... [...]
خلال شهر تموز 1945، كانت فرنسا قد سلَّمتْ جميع
الثكنات العسكرية إلى الحكومة السورية،
وأصبح الجيش السوري بكامله تابعًا للحكم
الوطني.[51] -
وفي 14 نيسان
1946، كان جلاء آخر جندي فرنسي عن سورية. لكن،
قبل هذا، -
تشكلت
الوزارة الوطنية الرابعة برئاسة فارس الخوري
في 24 آب 1945. وقد جاءت هذه الوزارة مباشرة بعد
الاعتداء على البرلمان وعودة الوفد السوري من
سان فرانسسكو[52]. -
ثم كانت
الوزارة الوطنية الخامسة[53]
برئاسة سعد الله الجابري في 30 أيلول 1945. ونتابع
بإيجاز مسيرة سورية، ومن خلالها، مسيرة شكري
القوتلي بعد الاستقلال... (يتبع) * * * [1]
بحسب
السيد فيليپ خوري، في كتابه سورية
والانتداب الفرنسي (ص 282 من الطبعة
العربية التي سنعتمدها مرجعًا أساسيًّا في
هذا الجزء من البحث)، فإن شكري القوتلي درس
في مدرسة يسوعية. لكن الكاتب أميَل إلى ما
أورده عبد الله الخاني من أنه درس في "العازرية"
لأنه كان سكرتيره الخاص مدة طويلة، أولاً،
ولأن هذا ما أُكِّد له حين كان طالبًا في
المدرسة نفسها ما بين عامي 1957 و1963، ثانيًا. [2]
عبد الله فكري الخاني، جهاد
شكري القوتلي في سبيل الاستقلال والوحدة،
ص 22. [3]
استلم شوكت الوزارة العثمانية
أواخر نيسان 1909، وبقي على رأسها حتى
اغتياله في 21 حزيران 1913. [4]
فيليپ خوري، سورية والانتداب
الفرنسي، ص 283. [5]
المرجع نفسه، ص 283. [6]
المرجع نفسه والصفحة نفسها. [7]
زعيم جماعة "القبضة الحديدية"
و"حزب الشعب". [8]
التي أصبحت من بعدُ "جامعة
بيروت الأميركية". [9]
فيليپ خوري، سورية والانتداب
الفرنسي، ص 283. [10]
المرجع نفسه، ص 188. [11]
بحسب فيليپ خوري، المرجع نفسه،
كان هذا الوفد برئاسة نسيب البكري، وقد ضم
بين أعضائه الشيخ الأشمر من حي الميدان. [12]
فيليپ خوري، المرجع نفسه، ص 284. [13]
المرجع نفسه، ص 288. [14]
بحسب فيليپ خوري (المرجع نفسه، ص
296)، كان عدد المجتمعين 15، سبعة منهم
سيشكلون فيما بعد نواة "الكتلة الوطنية"،
وهم: إحسان الشريف، إبراهيم هنانو، عبد
الرحمن الكيالي، نجيب البرازي، عبد القادر
الكيلاني، مظهر أرسلان، وهاشم الأتاسي. [15]
العبارة بين معقوفتين من تدخلنا. [16]
فيليپ خوري، سورية والانتداب
الفرنسي، ص 385-386. [17]
عبد الله فكري الخاني، جهاد
شكري القوتلي في سبيل الاستقلال والوحدة،
ص 73. [18] ضم
المجلس في عضويته أيضًا: لطفي الحفار، نسيب
البكري، إحسان الشريف، عفيف الصلح، فخري
البارودي، مظهر رسلان، توفيق الشيشكلي،
نجيب البرازي، نجيب باقي زاده، جميل
إبراهيم باشا، حسن فؤاد إبراهيم باشا، عبد
القادر شريتح، عبد الوهاب هارون، أحمد
اللحام، محمد إسماعيل، ناظم القدسي، رشدي
الكيخيا، سعد الدين الجابري، فايز الخوري،
إسماعيل الكيخيا، عبد الوهاب الميسر، نوري
الفتيح، نعيم الأنطاكي، إدمون رباط، منير
الوفائي، ميخائيل ليان، أحمد خليل المدرس،
نجيب الريس، سليمان المعصراني، ومجد الدين
الأزهري، إضافة لأعضاء مشاركين من لبنان،
كرياض الصلح وعبد الرحمن بيهم وعبد الحميد
كرامي. [19]
معظمهم جامعيون و"أبناء
عائلات" في بلد كانت نسبة الأميين فيه
تقارب الـ80%. [20]
هما جميل مردم ومظهر رسلان. [21]
فيليپ خوري، سورية والانتداب الفرنسي،
ص 447. [22]
المرجع نفسه، ص 511. [23]
المرجع نفسه، ص 518-519. [24]
المرجع نفسه، ص 606. [25]
فيليپ خوري، سورية والانتداب
الفرنسي، ص 526. ونسجل هنا أنه في هذه
الوزارة تولَّى مردم، بالإضافة إلى رئاسة
الوزارة، حقيبة الاقتصاد الوطني، وسعد
الله الجابري حقيبتَي الخارجية والداخلية،
وعبد الرحمن الكيالي حقيبتَي العدلية
والمعارف. [26]
المرجع نفسه، ص 543. [27]
المرجع نفسه، ص 604. [28]
المرجع نفسه، ص 606. [29]
نقلاً عن فيليپ خوري، المرجع
نفسه، ص 607: "قام أعضاء من الوكالة
اليهودية بزيارات متعددة لقادة سوريين
وعرب آخرين في باريس ودمشق للوقوف على
مشكلة العلاقات العربية–اليهودية
وللاطلاع أكثر على القوى والتطورات
الداخلية في البلاد العربية. وكان من هؤلاء
الأعضاء حاييم وايزمان ودافيد بن غوريون
وموشي شرتوك (شتريت) وإلياهو إپشتاين. وكان
بين القادة الذين زارهم أعضاءُ الوكالة
عددٌ من قادة الكتلة الوطنية: جميل مردم،
شكري القوتلي، فخري البارودي، نسيب
البكري، فايز الخوري، لطفي الحفار. كما أن
الوكالة اليهودية تقربت من منفيين سوريين
ذوي نفوذ، أمثال الدكتور الشهبندر وشكيب
أرسلان وإحسان الجابري والزعيم الدرزي
سلطان الأطرش. [30]
كان زملاؤه من قادة الكتلة
الوطنية مازالوا يومذاك في فرنسا، إذ كان
اتفاق 1928 لم يوقَّع بعد. [31]
فيليپ خوري، سورية والانتداب الفرنسي،
ص 610، وذلك نقلاً عن محضر اللقاء مع الكتلة
الوطنية العربية في سورية (الحزب الوطني
العربي) في بلودان (قرب دمشق) في آب/أغسطس 1936. [32]
فيليپ خوري، سورية والانتداب الفرنسي،
ص 569. [33]
المرجع نفسه، ص 534. [34]
ونسجل هنا أن هذه الظاهرة،
وغيرها مما سنعرض له لاحقًا، قد تكون من
الأسباب التي دفعت الدكتور الشهبندر إلى
"[...] الانتقاد العنيف للوطنيين
الراديكاليين، مثل شكري القوتلي وشكيب
أرسلان، الذين وصفهم بالعاملين لمصالحهم
الشخصية وبالموالين للفاشية" (فيليپ
خوري، سورية والانتداب الفرنسي، ص 650). [35]
يوسف الحكيم، سورية والانتداب
الفرنسي، ذكريات 4، ص 314. [36]
المرجع نفسه، ص 315. [37]
المرجع نفسه، ص 308. [38]
على هذا الموضوع، يعلِّق القاضي
يوسف الحكيم في كتابه سورية والانتداب
الفرنسي (ص 313)، يقول: "معلوم أن رجال
السياسة، في كلِّ عصر ومصر، يدعمون سياستهم
بجميع وسائل الدعاية، فلا يتركون فرصة تمر
دون استغلالها، ولا يهمهم في الغالب عدل
القضاء والقدر كما يهمهم نجاح سياستهم في
الحال وفي المستقبل. فالغاية عندهم تبرِّر
الواسطة. ولكن كل هذه الفائدة التي جناها
الفرنسيون والوطنيون لم يكن مصدرها اغتيال
الزعيم الشهبندر؛ فكان ممكنًا الحصول
عليها دون هذا الاغتيال الذي نشأ عنه
انقسامٌ في الأمَّة السورية، وبصورة خاصة
بين الوطنيين العاملين في سبيل استقلال
وطنهم، على اختلاف تحزباتهم. أما تبرئة
زعماء الكتلة الوطنية من التآمر على
الجريمة، فلا تنفي وجود التآمر في بعضهم أو
في غيرهم، لأن إقدام القتلة على الجريمة
بعد مجيئهم إلى عيادة الدكتور متذرعين
بحيلة طلب الفحص والتداوي، والتحقيق
الجاري معهم بعد إلقاء القبض عليهم، لا
ينفيان سبق وجود المؤامرة، بل يؤيدان
وجودها واقترافها من عدوٍّ أو أعداء أو من
منتفع أو منتفعين من وقوعها." [39]
فيليپ خوري، سورية والانتداب الفرنسي،
ص 652. [40]
المرجع نفسه، ص 652. [41]
يوسف الحكيم، سورية والانتداب الفرنسي،
ص 322-323. [42]
فيليپ خوري، سورية والانتداب الفرنسي،
ص 656. [43]
ضمت الوزارة، إضافة إلى عطا
الأيوبي، رئيسًا للوزراء ووزيرًا للداخلية
والدفاع، كلاًّ من
مصطفى الشهابي، وزيرًا
للمالية والاقتصاد والإعاشة والتموين،
وفيضي الأتاسي، وزيرًا للعدلية والمعارف
والشؤون الاجتماعية، ونعيم الأنطاكي،
وزيرًا للخارجية والأشغال العامة. [44]
يوسف الحكيم، سورية والانتداب
الفرنسي، ص 326. [45]
مذكرات أكرم الحوراني،
ج 1، ص 263. [46]
فيليپ خوري، سورية والانتداب
الفرنسي، ص 665. [47]
يوسف الحكيم، سورية والانتداب
الفرنسي، ص 320-321. [48]
المرجع نفسه، ص 332. [49]
ضمت الوزارة في صفوفها، إضافة
إلى فارس الخوري، رئيسًا لمجلس الوزراء
ووزيرًا بالوكالة للمالية والمعارف، السيد
جميل مردم، وزيرًا للخارجية والدفاع
والاقتصاد الوطني، السيد خالد العظم،
وزيرًا للمالية والإعاشة والتموين، والسيد
عبد الرحمن كيالي، وزيرًا للعدل والأشغال
العامة بالإضافة إلى شؤون الإفتاء
والأوقاف (المرجع السابق نفسه، ص 336). [50]
المرجع نفسه، ص 327. [51] مذكرات
أكرم الحوراني،
ج 1، ص 430. [52]
ضمت في صفوفها كلاً من السادة
لطفي الحفار للداخلية، خالد العظم للدفاع
والمالية، صبري العسلي للعدلية، أحمد
الشرباتي للمعارف، حكمت الحكيم للأشغال
العامة، حسن جبارة للإعاشة والتموين،
وميخائيل ليان للخارجية (المرجع نفسه، ص 348،
ومذكرات أكرم الحوراني، ج 1، ص 436-437). [53]
ضمت في صفوفها، إضافة إلى السيد
سعد الله الجابري رئيسًا للوزراء
وللخارجية والدفاع، السادة نعيم الأنطاكي
للمالية والأشغال العامة، صبري العسلي
للعدلية والمعارف، حسن جبارة للاقتصاد
والإعاشة والتموين (المرجع نفسه، ص 349، ومذكرات
أكرم الحوراني، ج 1، ص 443). |
|
|