|
حول "مغامرات
حنا المعافى حتى موته"
للشاعرة السورية–المكسيكية
إكرام أنطاكي
كمال جمال بك
أمين
سر جمعية الشعر
في
اتحاد الكتاب العرب
"الشعراء
إخوة"... تردَّدتْ هذه الجملة في أصداء روحي
وأنا أقلِّب صفحات المجموعة الشعرية اليتيمة
باللغة العربية للشاعرة السورية–المكسيكية
إكرام أنطاكي وهي تحلِّق في فضاء إنساني رحب
بجناحي الشعر والفلسفة لتسبر أغوار الكائن
الطيني بمجسَّات مرهفة وحادة وبعينيِّ طائر
حر. مغامرات
حنا المعافى حتى موته باكورة أعمال
الشاعرة أنطاكي. ولأنه اللحظة البكر في
رحلتها نحو استِكْناه مجاهيل الحقيقة فقد
أطلَّ بعفويته ليشير إلى المنابع الأولى التي
نهلتْ منها الشاعرة وإلى الآفاق المحتملة
بعده – كقطرة طلٍّ لها كينونتها الخاصة حين
تتربع على شفاه وردة، ولكن حلمها أن تكون قطرة
في نهر: ...
هل نخادع؟
نسمع
كلَّ الكلمات ليس
بضروري – الأفضل أن تجد كيف تتم الحركة
الكلمة
تتدحرج من حولنا الكلمة؟
يجب أن تأخذ منها وتبقى... بهذه
الروح التي تقبض على جمرة الشعر بين السابق
واللاحق، إدراكًا منها لصيرورة الحياة
والزمن، تُدخِلنا الشاعرة أنطاكي إلى عوالم
مجموعتها وتسحبنا عبر قوم الغابات القادمين
من بعيد جدًّا من كهوفهم المستديرة إلى فضاء
له حكاياته وأساطيره؛ أما واقعه المعيش فمؤلم
السيرة والأحداث وقاسٍ على بنيه، بحيث إن
منتهى رقَّته تكمن في موتهم! ولأنه كذلك كان
لا بدَّ من الشعر. ألم يقل روزنتال في الشعر
والحياة بعامة: ...
إن الحياة حين تفتقر إلى الشعر تصبح أقل جدارة
بأن تعاش... في
أحاديثها اللاحقة عبَّرت الشاعرة أنطاكي عن
عدم الرضا عن مجموعتها هذه، وكان خطابها
المعلن أنها تجاوزتها؛ أما خطابها المضمَر
فتلتقطه من المجموعة نفسها التي تنتمي إلى
فضاء حداثي نثري مشبع بالفلسفة، ما يقتضي
ترصُّد الرموز ورموز الرموز لتتشظَّى عبرها
الإشاراتُ والدلالات. بينما حلم الفلسفة، في
نضجها المعرفي، أن تكون شعرًا يحدس بداءة
العالم ويلامس الوجود من خلف زجاج شفاف. ولعل
الشاعر المكسيكي أوكتافيو باث خير من عبَّر
عن ذلك بأن عالم الشعر هو "برزخ بين علم
الآلهة وعالم البشر": ...
انتهى عند بدايته بحكم طبيب فقد الشهية: "أنت
أكثر براءة من أن تعيش" لكن
الدموع جمدت مع الوقت سقطت
كالبرد لمصلحة
واقعية قاسية الخطوط حنا
كان دون أرض تحكم – ابن اللدودة قاطع
طرق متوَّج – متهم بالسطو على العرش جعلوه
سجينًا حكموا
عليه بالقتل ثم
كلَّفوا الجلاد بفقء عينيه لأنهم
لم يحصِّلوا نورهما هكذا
– خلف المظاهر الشفافة للألم الصافي – وقع الحظ
كالصاعقة على رجل مملٍّ
كالعادة شبيه بالآخرين سمعنا
في صدى الضحكة المريرة صراخ الانتصار أو إعلان
تشاؤم كامل اللعنات
وآهات الانشراح في هذا المكان الأوحد تتعايش
بجدية على
تلك الحلبة تأتي فئران التاريخ وتذهب دون تخطيط
على ما يبدو قد
يكون المكوث فوق التل دون حركة أسلوبًا ناجحًا
في آخر الأمر سمينا
ذلك أبدية – أو بطء المحارب قلنا
إن الرجل–الملك ليس عليه أن يجري قلنا
على المصير أن يتكور ويتأقلم حول جسده في
ذلك الوقت المنتهي كان الجبناء وكلاب المال
يجرون على
الطرقات بسيولة عندما
أرادت الصراحة الكبرى التعبير عن نفسها رأى
الرجل الحالم من خلال شقوق قِناعه أن
الحرية ربما كانت أكبر تحت ثوب تنكُّرها... رحلت
إكرام أنطاكي عن عالمنا المرئي وبقيت الكلمة
التي أخذت منها نصيبها تستحثنا عبر الأسئلة
القلقة لنأخذ – وأيضًا نبقى. أخت
الشعر! أودِّعكِ في يوم تكريمكِ بنبعيك
اللذين نهلت منهما: بالشاعر العربي أبو
العلاء المعري وهو يقول:
وبالشاعر
الإسباني لوركا وهو يقول: ...
أودُّ أن أنام نوم التفاح أن
أهجر صخب المقابر أودُّ
أن أنام نوم ذلك الطفل الذي
أراد أن ينتزع قلبه فوق البحر الخضم لا
أريد ترداد أن الموتى لا يفقدون الدم فالفم
الفاني يظل يطلب الماء لا
أريد أن أعرف أيَّ عذاب يهبه العشب ولا
القمر بفم الأفعى يعمل
قبل الفجر أودُّ
أن أنام لحظة لحظة،
دقيقة، قرنًا، على
أن يعرف الجميع أني لم أمت وأن
على شفتيَّ حظيرة ذهب وأني
الرفيق الصغير للريح الغربية وأني
الظلُّ المديد لدموعي... *** *** ***
|
|
|