|
الهواء
معن
عبد السلام
I بارداً كحدأة ينزلُ يهطلُ ماراً بالأفاعي الحُمْرِ ماراً
بالسراب المحمَّصِ وبخطوطِ الطولِ ماراً بالبحار ... II كيف يجيءُ، كيف يذهبُ خلف المناشفِ الرطبةِ
يختبئُ خلف الخيطِ المُحْدَوْدِبِ على طاولةٍ حمراءَ مبقَّعة يسيلُ بارتشافِ زمنٍ،
يطقطقُ المكانَ، يزيحُه ماراً بلا
مكنسةٍ سوداءَ من دون أزيز رياح قد يكونُ عنبةً جفَّت بعد
غربة قد يكون مصيدةَ قمرٍ في وادٍ
قريبٍ قد يكون دعابةً سخيفة، لكنه حارقٌ كالموت ... III يلدغُ النائمَ يحملُ الأحلامَ يشدُّها إلى الأمام وإلى الخلفِ يطويها مرهقاً كأنه لاوعيٌ كأنه مخملٌ على أيدي
الأرائكِ كأنه هواءٌ يُنضِجُ صدرَ
الفستقِ يُعرِّيه ... IV يمدُّ يدَه لعلَّه يطالُ
الكرةَ الهاربةَ لعله يُفرِحُ الصبيَّ يتزحلقُ، يقعُ أرضاً يستطيلُ، ويستطيلُ يصيرُ رصيفاً بلا نهاية يصير توقاً طويلاً ... V يصيحُ الديكُ المشاعرُ تئزُّ، تحتارُ يختلجُ الصدرُ، تتنبَّه
الرؤيا هواءٌ يعبرُ تأوُّهٌ يطفو ... *** *** *** هل خوفُه أن لا يعودوا؟ هل كانوا شعراء؟ هل كانوا أطفالاً بلِحى؟ تمدَّد الرصيفَ منصِتاً لعل خطواتِهم تلك لعل رقصَهم المجنونَ لعل خوفَهم وسقوطَهم أحياءَ لعلهم يأتون الليلة ... *** سيلاً يحكي عمودَ النورِ يروي مطراً ذهبياً يضحكُ الرصيف، يضحكُ،
ويضحكْ حتى تنفرجَ بلاطاتُه عن عشبٍ
نديٍّ ... *** جدرانٌ أربعة أربعةُ وجوهٍ صفراءَ أربعةُ حظوظٍ وسجون خلتُ أني وحيدٌ، فرحتُ أرسم
كوخاً ومدفأة رسمتُ فتاةً ورسمتُ شجرةً
يانعة ثم رسمتُ قارباً بمجدافين
كبيرين –
آه...
ما أكبرهما المجدافان! – ورحتُ أجدِّف، أجدِّف،
أجدِّفْ ... *** الجدرانُ لا تطلبُ الصدى الصدى يطلبها يرتدُّ غيمةً خضراءَ يرتدُّ نجماً يَمْرُق أفقَ
الذاكرة مشبكاً يرنُّ على حبالِ
الصقيعِ البعيد يَنْدَه الأسماءَ، يَنْدَه
الأرقامَ والخرافْ ويرتدُّ صدى ثَلَّجه الخوفْ
... *** *** ***
|
|
|