|
الإدمان على
مورفين القوة يذكر
تزفيتان تودوروف في كتابه اكتشاف أمريكا
مذبحة مروعة حدثت في كاناو في كوبا، عندما بدأ
الإسبان في اجتياح أمريكا. تبدأ الحادثة بظرف
عرضي أثناء تناول طعام الإفطار في مجرى جاف
لأحد الأنهار، عندما تلفت نظرهم الأحجار
الصوانية المكتظة، مما ألهمهم فكرة شحذ
سيوفهم. وعند اقترابهم من إحدى القرى الهندية
راودتهم فكرة إبليسية: لماذا لا يتحققون من
حدة سيوفهم إن كانت قاطعة بالدرجة الملائمة.
وفجأة يستلُّ إسباني السيف، وسرعان ما يحذو
المائة الآخرون حذوه، ويشرعون في تمزيق أحشاء
أهل القرية، الذين كانوا يتأمَّلونهم بوداعة
وسلام. وفي دقائق معدودات لا يبقى على قيد
الحياة أحد. ولدى دخول الإسبان بيتاً كبيراً
مجاوراً هرب إليه من تبقَّى من أحياء، شرعوا
بقتل جميع من كان هناك ضرباً باليمين حتى سال
الدم في كل مكان، كما لو أنه قد جرى ذبح قطيع
من الأبقار. ومن بعض اللقطات من هذا الفيلم
الإسباني الذي يستوحي زخمه من مصارعة الثيران
أنه: "عندما نزل الشاب الهندي لمحه جندي
إسباني، فاستلَّ سيفاً قصيراً ووجَّهه إليه
كما لو كان يريد الاستمتاع بضربة في خصره
تُعرِّي أحشاءه. ويحمل الهندي المسكين أحشاءه
في يده، ويهرب من البيت راكضاً، ويقابل القسَّ الذي يحدثه
فوراً عن أمور الإيمان (بأية لغة؟)، بقدر ما كانت تسمح بذلك الحالة
المؤلمة، جاعلاً إياه يفهم أنه إذا كان يريد
أن يُعمَّد، فسوف يذهب إلى السماء ليحيا مع
الربِّ. والحال أن المسكين يجيب وهو يبكي
ويتأوَّه من الألم كما لو كان يهلك في اللهب
بأنه يريد ذلك. عندئذٍ عمَّده القسُّ ثم سقط
الهندي ميتاً على الأرض." هذه
القصة هي لون آخر من السادية التي ينخرط فيها
بعض الناس تحت عوامل سيكولوجية شتى ليس أقلها
الشعور أن "الآخر" لا يساوي شيئاً أكثر
من تجربة تافهة، في ظل بعد عن العيون، واختفاء
عنصر المساءلة والردع، وزهو القوة بامتلاك
السلاح. منذ الستينات يتناقش علماء النفس عن
هذا اللون من الانحراف، وكيف يحصل؟ وما هي
العناصر التي تتفاعل لتوليده؟ لقد ذهل العالم
النفسي الاجتماعي الأمريكي فيليب زيمباردو
من تحوُّل الناس العاديين في ألمانيا النازية
إلى قتلة ساديين. وعندما كانوا يُسألون: "كيف
فعلتم ما فعلتم؟" كان جوابهم بكل بساطة: "هكذا
كانت الأوامر ولم يكن علينا سوى تنفيذها." أحقاً
كانت الأوامر فقط، أم كان مرض "امتلاك
القوة" – عندما يسقط البعض ويعتلي ناصية
أقدارهم آخرون؟ هل القسوة والسادية سببها "خلل"
جيني أم خليط كيماوي من تفاعل التربية والوسط
الاجتماعي؟ لماذا تحدث كل هذه الوحشية في
السجون والحروب الأهلية؟ لماذا ينزل جندي إلى
قبو لجأت إليه خمسون امرأة يحتمين من حرب
أهلية دائرة، فيحصدهن بالرشاش، إلا واحدة
حمتها والدتها بجسدها فخبأتها تحتها، فبقيت
يومين تسبح في الدم ورائحة الجثث، لتبقى
الشاهدة الوحيدة تروي قصة الإنسان الوحش.
يقول ميشيل فوكو عن تاريخ الجنون إن
استئصال الرحم عند المرأة مازال في اللغة
الطبية يعني حتى اليوم "إزالة حالة
الهستيريا" hysterectomy.
لقد استأصلهن الجندي الهُمام بضربة واحدة ما
لها من فواق. تحت
تأثير أمثال هذه الصدمات التاريخية لم يرَ
الكاتب البلغاري، أستاذ السوربون، تودوروف
لردّ الاعتبار والتكفير عن الذنوب التي
اقتُرِفت مع فتح أمريكا أفضل من إهداء كتابه مسألة
الآخر إلى المرأة الهندية. فخلال الحرب أسر
القائد ألونسو لوبيث دي أبيلا هندية حسناء
كانت قد وعدت زوجها بأنها لن تكون لأحدٍ سواه.
وهكذا فإن أية محاولة للإقناع ما كان لها أن
تنجح في ثنيها عن الرحيل عن الحياة بدلاً من
أن تسمح لنفسها بأن يدنِّس جسدها رجل آخر.
وهذا هو السبب في أنهم قد ألقوا بها إلى
الكلاب الضارية المدرَّبة على تقطيع اللحم. يقول
زيمباردو إن الجلاد والضحية يقعان في حالة
انكسار "رافعة القوة"، فيختل توازنهما
النفسي معاً، ويتحول كلاهما إلى مريض نفسي psychopath.
وبالتالي، فإن كلاً من القتلة الساديين
المجرمين والمعذبين المتمردين تتم برمجتهم
في "نظام" مريض. يقول فولفجانج شول Wolfgang
Scholl من معهد هومبولدت Humboldt
في جامعة برلين: "إن هناك القليل من الأبحاث
التي عُنِيَت بعلاقات القوة ولم تأخذ بعدُ
أهميَّتها، على الرغم من تأثيرها في الحياة
اليومية." وفي التجربة التي أجراها
زيمباردو على السجانين والمسجونين في تجربة
ستانفورد الشهيرة لم يخرج المتطوعون من هذه
التجربة "البريئة" بدون أثر، بل بقوا إلى
وقت طويل تحت تأثير الصدمة وهم يستعرضون شريط
الوقائع حين تفنَّن السجانون في تعذيب
الضحايا. إن
تجربة زيمباردو لم تكرر منذ عام 1971 إلا على
شكل فيلم في ألمانيا في شهر مارس بعد ثلاثين
سنة. كذلك فإن "مالكي القوة" من الحكام
السياسيين ورؤساء الشركات ليسوا بهذه الدرجة
من الغباء حتى يفتحوا ملفاتهم السرية لعلماء
النفس ويخضعوا للسؤال، بحيث تكون مفاتيح
سيطرتهم تحت ضوء الوعي وموضع التحليل العلمي.
يعتبر عالم النفس السلوكي سكينِّر أن كل شيء
خفيٍّ مطوَّقٌ بالأسرار ويحتفظ بلون من
القدسية، وتتبخر كل الهالة من حوله حين معرفة
سرِّه ونقله إلى القانون العلمي: "إننا
نعترف بهذه العلاقة الغريبة بين التقدير وعدم
وضوح الظروف المسيطرة. ويختلف مدى التقدير
باختلاف ضخامة الظروف المضادة. فيتناسب
ثناؤنا على الولاء مع حدة الاضطهاد، وعلى
الكرم مع أهمية التضحيات، وعلى العزوبية مع
شدة انهماكنا في المتع الجنسية... ويستمر لاعب
الناي في العزف رغم وجود ذبابة تحوم حول أرنبة
أنفه، ونحاول ألا نعطس في المناسبات الوقورة،
ونأكل الطعام على مهل حين نشتهي أن نلتهمه
كالوحوش الكاسرة، ونمدُّ أيدينا بتؤدة وبدون
لهفة إلى المال الذي نشتهيه، ونفضِّل أن
نتعرض للحرق ونضع الصحن الحار ببطء بدل أن
نتخلص منه بسرعة لا تليق بهيبتنا. إننا نحاول
أن نكسب تقديراً عن طريق إخفاء التحكم أو
تغيير مظهره. أما العلم فيسعى بطبيعته لإيجاد
تفسير للسلوك أكثر كمالاً فهدفه تدمير
الخفايا والأسرار." ولذا كانت الذاكرة
الإنسانية مشبَعة بفكرة المعجزات. وجاء
الإسلام بحرص وإصرار لكسرها وإدخالها تحت
مفهوم "سنة الله"، ولبيان أن المعجزة لا
تخرج عن قانون سري مفعوله على شكل "نوعي".
وبهذا المفهوم يتعانق العلم والإيمان. ويشير
سبينوزا في كتابه اللاهوت والسياسة إلى
هذا الخطأ عن تصور المعجزة: "يوجد الله
بمقدار قهره للطبيعة. وهذا جهل بفكرة الله
والطبيعة على حدٍّ سواء... إن قوانين الطبيعة
الثابتة أعظم دليل على وجود الله، بل إن
المعجزة لا تحدث خارج الطبيعة بل داخلها، مع
أننا نصفها بأنها فوق طبيعية؛ وبذلك يؤدي
الإيمان بالمعجزات إلى الإلحاد. ولم يستطع
مدَّعي النبوة الكاذب إقناع الناس بنبوته مع
أنه أجرى المعجزات." يعتبر
كتاب مالكو القوة*
الذي كتبه عالم النفس الاجتماعي ديفيد كيبنيس
الذي صدر في منتصف السبعينات من أكثر الكتب
المدرسية التي تحلل وتصف على نحو تأسيسي "مظاهر
التحول في القوة". وكما يرى برتراند راسل في
كتابه القوة أنه إذا كانت القوة النووية
هي الأساس في عالم الفيزياء، فإن "السلطان"
هو الطاقة الأساسية في المجتمع. وكما كانت
للطاقة في الطبيعة مظاهر متحولة، كذلك
للسلطان في المجتمع مظاهر متحولة، مثل تحول
سلطان الكهنوت أو المال أو السياسة إلى شكل
آخر. وهو يعدد من مظاهر السلطان هذه ستة:
الكهنوت والملوك والعاري والثوري والاقتصادي
والسلطان على الرأي، أي آلة الإنفوميديا infomedia
بامتزاج الإعلام مع المعلومات، تماماً كما في
تحول الكهرباء إلى طاقة حركية أو حرارية أو
حتى انفجارية تدميرية. ويقابلها عمل الطغاة
في المجتمع الذين يدمرون ويفسدون في الأرض
ولا يصلحون. يقول
راسل: "السلطان هو المفهوم الجوهري في
العلوم الاجتماعية، تماماً كما أن الطاقة هو
المفهوم الجوهري في عالم الطبيعة. وللسلطان
كما للطاقة مظاهر شتى، منها الثراء، ومنها
التسلح، ومنها السلطات المدنية، والتأثير
على الرأي العام. ولا يمكن اعتبار أي من هذه
الأشكال تابعاً للآخر، كما أنه ليس ثمة شكل
واحد تُشتقُّ منه بقية الأشكال الأخرى.
فالسلطان كالطاقة يجب أن يُعتبَر متنقلاً من
أي شكل من أشكاله إلى الشكل الآخر. وعلى علم
الاجتماع أن يتحرَّى وضع القوانين التي
تنظِّم مثل هذا التحول أو التنقُّل."
وعندما يعلل راسل هذا العطش إلى القوة يرجعها
إلى طبيعة خاصة في الإنسان تفرقه عن الحيوان.
فثعبان البوا ينام بمجرد أن يزدرد فريسته،
فلا يتحرك إلا بشهية جديدة إلى الطعام. ولم
يكن ينقص كسرى العاهل الفارسي القناطير
المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة
والأنعام والحرث والزوجات الجميلات الناعمات
عندما قام بحملته المدمرة على اليونان. كما أن
سجلات عبد الناصر لم تُظهِر امتلاكه
المليارات في البنوك السويسرية خلافاً للنخب
الحاكمة الحالية، ولكنه، كما وصفه حسن
العشماوي، كان يريد: "أن يجلس على مكتب فيه
زرَّان كهربائيان، إذا ضغط على أحدهما قام
الشعب كله وإذا ضغط على الآخر جلس الشعب كله،
بدون أن يخرج على هذا الإجماع أحد، وأنه لذلك
يريد أن يطهِّر البلد من كل العصاة. قال له
صديق: "إن هذا هو حال الأرَجوزات لا الشعوب.
إنك لن تفرغ البلد من العصاة بل من الأحرار
لتحكم قطيعاً من أغنام أو عبيد."" يقول
راسل: "ربما تكتفي الحيوانات بالوجود
والتوالد، في حين يتشوق الناس إلى التوسع
والتمدد. ولا حدود لهذه الرغبات في هذا الصدد،
إلا ضمن إطار ما يحدده لها الخيال من حدود
ممكنة. فكل إنسان يودُّ أن يكون إلهاً إذا
أمكنه ذلك. وقليلون هم أولئك الذين يصمدون
أمام هذا الإغراء. ولو عُرِض على بوش حكم بلد
من العالم الثالث لانفرجت أساريره، وزعم أن
جده الرابع عشر من البلد، لأنه يعلم أنه سينفق
ملايين الدولارات بدون ضرائب ومراجعة
الكونجرس، وأنه لن يُسأل عما يفعل وهم
يُسألون، وأن الجماهير العمياء ستصفِّق له
إلى الأبد على عرش مضمون له ولذرِّيته من بعده.
يستعرض كيبنس في كتابه ثلاثة مظاهر رئيسية
لمالكي القوة: 1.
إضافة الانتصارات إلى
سجلِّه. وأما الكوارث فتبقى لمساعديه الحمقى
المقصرين. أما هو فلا يأتيه الباطل من بين
يديه ومن خلفه. 2.
وتحت تأثير خدر هيرويين
القوة التي تحقنها في وعيه الحاشية
المتملِّقة المستفيدة يدخل في روعه أنه هو
الأعلى وأن الإله صيَّر طينته جوهراً، ومن
غباره شاد كوناً آخر. فالناس حجر وهو معدن
نفيس من المريخ. وهذا يقود إلى "خطيئة
الخطايا"، أي الاعتقاد بمعصوميَّته
وتعاليه عن النقد ونزاهته من الخطأ؛ فهو
النقي، التقي، الطاهر، العالم، ليصل في
النهاية إلى ظاهرة الاستخفاف بالعباد. يصف
الله فرعون بأنه "استخفَّ قومه فأطاعوه
إنهم كانوا قوماً فاسقين". 3.
وفي النهاية يقع تحت إدمان
"مورفين القوة". فالمدمن يقع مع تعاطي
الهيرويين في قبضة الإدمان من جرعة واحدة.
والحاكم يقع في شعور التألُّه والعظمة مع
النَّفَس الأول من حشيش السلطة، فيترنَّح
بخمر السلطة اللذيذ. وإذا كانت أبخرة الحشيش
تعمي الرؤية وتقود إلى الهلوسة، فهذا هو مصير
الحكام بانفصالهم عن واقع شعوبهم. من
يسيطر على الآخرين يسجل لنفسه الانتصارات.
ومع أن رمسيس الثاني نصب لنفسه من التماثيل
أكثر من كل الـ 330 ملكاً، ومع أنه حكم مصر
وزوَّر الكثير فنسبه لنفسه، ولكن أكبر هزيمة
في تاريخه في وجه موسى عليه السلام لم يذكرها
بكلمة. وكل الهزائم العربية اعتُبِرت
انتصارات للأنظمة. هكذا يعلَّم طلاب المدارس
الذين يرضعون ثقافة الغلط ويعيشون محنة ثقافة
مزوَّرة. وعندما تحطَّم أسطول نابليون في
معركة أبو قير على يد البريطاني هوراشيو
نيلسون، ومعه أعظم تحفة فنية عسكرية (سفينة
الشرق)، عزا الكارثة إلى قائده برويه، لأن
نابليون كان مشغولاً بتسجيل انتصاراته عند
سفح الهرم على فرسان المماليك الذين انفصلوا
عن صيرورة التاريخ. وعندما
يريد نظام ما أن يضحي بأحد، فإنه يختار كبشاً
أملح، فيضربه في مقتل، ويكون في العادة من
الضعفاء المغفَّلين. أما "خِرَّاجات" و"أعشاش"
الفساد الفعلية فتبقى في حرز أمين. ويصف كيبنس
ذلك في فقرة خطيرة: "كلما ازدادت القوة في
يد أحدهم مال إلى اعتبار نفسه مهماً ومعصوماً
وأنه مسموح له بالتصرف لأن الآخرين تافهون."
وما حصل في تجربة ستانفورد في السجن وصلت إلى
هذه الحدود، فلم يعد السجانون ينادون على
السجين بالرقم بدون اسم وحسب، بل بألفاظ
التحقير والسباب في كل ما يقدِّسه ويعتقده. وفي
بعض الجيوش العربية استقبل المدرب فوجاً جاء
لتأدية خدمة العلم، ومنهم أطباء ومهندسون،
فكانت الكلمة الأولى لهم: "انسوا شهاداتكم
لأنها تحت حذائي هذا." لقد أظهرت التجارب أن
المسجونين يخسرون مع الوقت احترامهم لأنفسهم
وآدميتهم مقابل الانضباط، ويكون انتقام
النفس في هذه الإهانة العميقة رهيباً إذا
وقعت الواقعة. وبالمقابل، فإن مشاعر الاعتداد
بالنفس تتصاعد عند جبابرة القوة في وسط تحيط
بهم حاشية تعيش على التملق والمديح بما ليس
فيهم، بحيث يستولي عليهم في النهاية شعور
أنهم يتصرفون لأنهم "أفضل" الناس، وأن كل
ما يفعلونه صدق وعدل ومبرر. كذلك
أظهرت الدراسات أن أفظع الناس وأدعاهم أن
يخشاهم المرء هو أولئك الذين ينقصهم الحس
القيادي ليصبحوا في ليلة معتمة في مكان
الصدارة والقرار. يقول غيورج فيرتجن Joerg
Wirtgen، المسؤول عن تخريج
أطقم القيادات الإدارية في ألمانيا، حسبما
ورد في مجلة دير شبيغل الألمانية (العدد 11،
2001): "إنهم، بسبب ارتكاسهم الداخلي المملوء
بعدم الثقة بالنفس، فإنهم مع التسلُّط يصبحون
مع الوقت دوماً أكثر خبثاً وسُمِّيةً." ويروي
تاريخنا أن الحجَّاج جلس يوماً لقتل أصحاب
عبد الرحمن بن محمد الأشعث، فقام رجل منهم
فقال: "أصلح الله الأمير، إن لي عليك حقاً."
قال: "وما حقك؟" قال: "سبَّك عبد الرحمن
يوماً فرددت عليه." قال: "من يعلم ذلك؟"
قال: "أنشد الله رجلاً سمع بذلك إلا شهد به."
فقام رجل من الأسراء، فقال: "قد كان ذلك
أيها الأمير." فقال: "خَلُّوا عنه." ثم
قال للشاهد: "فما منعك أن تنكر كما أنكر؟"
قال: "لقديم بغضي إياك." فقال الحجاج: "ويُخلى
عنه لصدقه." إنها قصة مفزعة من تاريخنا
يُقتَل بها الإنسان على الكلمة، ويطلق سراحه
بكلمة، يخلِّدها تاريخنا على أنها من المآثر.
إنها نكبة بكل معيار، ولكن أكثر الناس لا
يعلمون. *** *** *** *
David Kipnis, The
Powerholders.
|
|
|