|
عام من معابر:
نجاح
وفشل
أكرم
أنطاكي
ديمتري
أفييرينوس
هو
ذا
عام كامل قد انقضى على الإصدار الأول من معابر
– والزمن يجري بتسارع بات محسوساً بما لا يدع
مجالاً للشك –، الأمر الذي يجعل لزاماً علينا
القيام بنوع من المراجعة الذاتية لمسارنا، ما
تضمَّن من نجاح وفشل، توخياً للتعديل المستمر
الذي لابد منه لكل مسعى بشري خاضع لقانون
العَرَض على مستوى وجودنا الأرضي. ففيمَ
نجحنا؟ -
نجحنا في أن نستمر عاماً
كاملاً، وأن نطور المجلة (من حيث مضمونها على
الأقل، وضمن حدود الإمكانات المتوفرة لدينا)،
وأن نكون الناطقين باسم "خطٍّ" إنساني
جديد–قديم، علمي وروحي معاً، لا يهادن في
الأخذ باللاعنف جواباً على حُمَّى العنف التي
تجتاح العالم، ويدعو إلى المحبة (على خطى
البوذا وسقراط والناصري والحلاج وغاندي
وسواهم) دواءً لأدواء الطائفية والتعصب
الأعمى والحقد المستشرية في أصقاع العالم
قاطبة، ويصرُّ على العمق الباطن للأديان
والفلسفات، القديم منها والحديث، المتمثِّل
في نواتها السِّرانية الأزلية – خطٍّ لا
يستبعد أي مسار فكري بما هو كذلك، بل يسعى إلى
لمِّ شمل كل ما هو إنساني، خيِّر، نقي، كريم،
في الثقافة العالمية، دون أن يهمل التطورات
الأخيرة في العلم الحديث، الذي تتلاقى مساعيه
وهواجسه الإبستمولوجية الجادة مع كشوف
الحكمة القديمة، على اختلاف مدارسها، دون أن
يعني ذلك التطابق أو التماثل. -
صار لنا قرَّاء: يُقدَّر عدد
الداخلين إلى الموقع وسطياً بحوالى 1500 كل شهر.
حقاً إن هذا الرقم مهمَل بالقياس إلى مواقع
أخرى تتمتع بـ"شعبية" واسعة على الشبكة،
لكنه رقم مهمٌّ بنظرنا لأننا وجدنا – وهذا
ليس مدعاة لأي فخر، لكنه تقرير لواقع – أن
موقع معابر وحيد من نوعه باللغة العربية،
كدورية ثقافية (بالمعنى الجدي العميق للكلمة)،
مجانية تماماً، لا يسعى القائمون عليها إلى
أية منفعة مادية، على المدى القصير أو الطويل. وفيمَ
فشلنا؟ -
فشلنا في إشراك القراء
وهيئة التحرير، كما كنَّا نحلم، في "حلمنا".
كنا نتمنى، مثلاً، أن تكون لأسرة التحرير
فاعلية أكبر مما هي عليه الآن، بينما ما زال
عبء العمل برمَّته واقعاً على "أقل من
ثلاثة" من أعضائها (الممتنِّين للجهود
المخلصة للأصدقاء الذين يساعدون في عملية
تنضيد النصوص العربية). كنا نتمنى أن يكون
نادي معابرنا أكثر "حيوية"، وأن يكون
شعار أعضائه الحوار الهادئ الرصين المترفِّع
عن أخذ الأمور على محمل شخصي أو المنافحة عن
"حقيقة" يبقى تحقيقها أمراً يخص نواة
الضمير. لقد بات عدد أعضاء النادي، بشقِّ
النفس، أربعين عضواً، تكلَّم منهم حوالى
العشرة بين الفينة والفينة، ثم ما لبثوا أن
صمتوا... ونحن حيارى الآن في كيفية حثِّهم على
الكلام من جديد! -
كنا نتمنَّى أيضاً أن
يخفِّف كرم بعض القراء "المقتدرين" شيئاً – ولو
بسيطاً – من الأعباء المادية
التي يتكبَّدها وحدهم "الأقل من ثلاثة"
من أسرة التحرير. -
كنا نتمنَّى أيضاً وأيضاً
أن نكون بمنجى من الطوارئ والظروف الشخصية
التي أدَّت إلى صدور هذا العدد متأخراً أكثر
من عشرة أيام عن الموعد الملتَزَم به أمام
القراء. وهذا التأخير، الذي نرجو من قرَّائنا
أن يجدوا لنا العذر فيه ويسامحونا عليه، لم
نغفره لأنفسنا إلا بصعوبة بالغة، ونَعِد الآن
ألا يتكرَّر. *** يترافق
صدور هذا العدد مع أحداث مروِّعة جرت وتجري
الآن في العالم، وتهزُّ وجدان كوكبنا الهشِّ
الصغير. وهي أحداث قد تستمر فترة قد تطول،
ولابد أن يكون لها من العواقب ما سوف تجرجره
البشرية وراءها قروناً طوالاً (ولا نظنُّنا
نبالغ في التقدير!). إن
عدم تناولنا لما جرى ويجري في هذه السطور
الافتتاحية تناولاً تحليلياً مباشراً ليس
منطلقُه عدم اكتراث (فليراجع القارئ في هذا
الإصدار باب "إضاءات")، بل إصرارنا على
أن تبقى معابر، فيما يتعدى كل الأوهام
والرغبات المستحيلة، واحة رجاء وأمل، ليس
بمعنى التفاؤل السطحي الفارغ الذي يزول بزوال
دواعيه، بل بمعنى الطاقة الإنسانية الفاعلة
نحو التحقُّق بإنسانيَّتنا الجوهرية. *** يقول
المعلِّم القوقازي ج. إ. غورجييف: "الأمل،
عندما يكون مقداماً، قوة. الأمل، يشوبه الشك،
جُبْن. الأمل، يشوبه الخوف، ضعف." فهل
يجوز لنا أملٌ ليس جُبْناً، وليس ضعفاً؟ ربما
ليس لنا من خيار إلاه... *** *** *** |
|
|